الاتفاق بين إسرائيل والإمارات: “صفحة جديدة” في العلاقات مع دول الخليج
[ad_1]
“تاريخي”، “إنجاز”، “تغيير لقواعد اللعبة”، “خيانة”، صفات كثيرة أُطلقت على الإعلان المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل.
فبعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 ومعاهدة مماثلة مع الأردن عام 1994، أصبحت الإمارات الدولة العربية الثالثة التي تطبع العلاقات مع إسرائيل. وهي أيضا الدولة الأولى بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تفعل ذلك وسط توقعات على نطاق واسع بأن تحذو حذو الإمارات دول عربية أخرى بينها سلطنة عمان، والبحرين، وربما المغرب.
وكانت هناك اتصالات سرية بين الإمارات وإسرائيل منذ أعوام، لكن ظلت تفاصيل وتوقيت هذا التطبيع سرا حتى اللحظة الأخيرة.
ولم تكن هناك مشاورات بين وزير خارجية الإمارات ونظرائه في دول الجوار. وكان الأمر برمته مفاجأة للجميع تقريبا، وكانت المفاجأة الأكبر للفلسطينيين الذين وصفوا الاتفاق بأنه “طعنة في الظهر”، إذ لا يزالون بعيدا عن الحصول على دولة خاصة بهم وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم.
وقال إيميل حكيم، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: “بالنسبة للفلسطينيين، لم يستفيدوا بأي شيء”.
لكن بالنسبة لمحمد بن زايد، ولي عهد الإمارات، يُعد إعلان التطبيع مقامرة محفوفة بالمخاطر، لكنها تحقق صالحه في نهاية الأمر.
وعن المخاطر التي تنطوي عليها ذلك، قد تتراجع شعبية الإمارات إلى حدٍ بعيدٍ في العالم العربي، إذ وصفت الصفقة على مواقع التواصل الاجتماعي “بالبيع”. وحال تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن وعده بتعليق ضم أجزاء من الضفة الغربية، فسوف تكون الإمارات في موقف حرج للغاية، مما قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق بأكمله.
لكن مثل هذا التحرك قد يلقى معارضة من قبل البيت الأبيض في الوقت الذي لا يتم فيه التسامح مع الاحتجاجات الشعبية في دول الخليج.
وقال حكيم: “على المدى القصير، تتراجع فرص تعرض الإمارات لصعوبات، وأرجح أن هذا الاتفاق لن يمس استقرار النظام الحاكم هناك. ويعكس الاتفاق تغير الظروف الجيوسياسية في المنطقة، كما يظهر النوايا الحسنة للإمارات أمام الولايات المتحدة في وقت شُوهت فيه صورتها بسبب التدخل في اليمن”.
فما الذي وراء هذا الاتفاق إذن؟ وما الذي يحققه لهذه الدولة الخليجية؟
باختصار: مكسب استراتيجي وتكنولوجي.
هناك انعدام ثقة من جانب الإمارات والبحرين والسعودية، بل ومخاوف، إزاء سياسات إيران.
وعندما ينظر زعماء الخليج إلى الخريطة، يرون كيف تقدم الوجود الاستراتيجي بسرعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط رغم المعوقات التي تواجهها هذه الدولة بسبب العقوبات، وذلك منذ الإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
وكانت إيران حتى وقت قريب مقيدة بحدودها، لكن الآن أصبح لها ميليشيات موالية في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن. كما تشارك إسرائيل دول الخليج في المخاوف حيال توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة في ما يتعلق بالبرنامج النووي السري لإيران.
وهناك أيضا ما يُعرف “بالإسلام السياسي”، الذي غالبا ما تجسده جماعة الإخوان المسلمين. ويرى حكام الخليج في ذلك تهديدا وجوديا لهم. لذلك لا يوجد من يكره الإخوان المسلمين أكثر من ولي عهد الإمارات، وهو ما يدفعه إلى دعم الفصائل المعادية للجماعة في ليبيا بينما يرى بن زايد أن هناك تعارض مصالح بين بلاده والحكومة الإسلامية في تركيا.
وفي الواقع، أدى ذلك إلى وضع الملامح الرئيسية لشراكة غير رسمية بين الحكومات المحافظة في منطقة الشرق الأوسط، وحجزت إسرائيل مقعدا، بفضل قدراتها المخابراتية الفائقة.
كما أن هناك جانب التكنولوجيا، ومن بين ذلك التكنولوجيا الحيوية، والرعاية الصحية، والدفاع، والمراقبة الإلكترونية. وهنا تُعد الإمارات خير مثال على ذلك، إذ اشترت من إسرائيل منذ عدة سنوات برامج تجسس لمراقبة مواطنيها. ولدى أبو ظبي أموال طائلة، إذ تمتلك احتياطيات نفطية هائلة مع وصول نصيب الفرد من الدخل الوطني هناك حوالي 40 ألف دولار. كما أن لهذه الدولة الخليجية تطلعات دولية، وما هو أبعد من ذلك، إذ أنها أول دولة عربية ترسل بعثة إلى المريخ.
ومن المعروف أن إسرائيل هي الدولة الأكثر تقدما في مجال التكنولوجيا في الشرق الأوسط، وهي المكانة التي وصلت إليها اعتمادا على الاختراعات الرائدة التي تقدمها. وحال إتمام اتفاق التطبيع، قد تنتقل الإمارات إلى مستوى جديد من الازدهار والوجاهة الدولية في نفس الوقت الذي توفر فيه المزيد من الوظائف لمواطنيها.
وتعود مبادرات إسرائيل لإقامة علاقات مع دول منطقة الخليج إلى عقد التسعينيات من القرن العشرين. ففي عام 1995، وقبل مقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحق رابين على يد يهودي متطرف، أرسل رابين وزير خارجيته شيمون بيريز في زيارة رسمية إلى سلطنة عمان وقطر.
كما افتتحت مكاتب تجارية إسرائيلية في عاصمتي هاتين الدولتين بتمثيل منخفض. وأتذكر أنني أجريت اتصالا بأحد هذه المكاتب للحصول على تصريحات، فأجابني الممثل الإسرائيلي – من دون قصد – بالتحية العبرية، لكنه تدارك الأمر بسرعة وألقى تحية الإسلام باللغة العربية “السلام عليكم”.
لكن هذه المبادرة ذات الطابع التجاري راحت طي النسيان بقدوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى السلطة، ودخول إسرائيل الأراضي اللبنانية، وقيام الانتفاضة الفلسطينية. لكن الآونة الأخيرة شهدت تقدما سريعا في العلاقات الدبلوماسية بين دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل بعد أن تحولت المخاوف حيال إيران إلى الشاغل الأكبر لدى المنطقة.
وقد تسير البحرين، وعمان، وقطر، على خطى الإمارات إذا لم يعترض شيء طريق الاتفاق الذي تم الإعلان عنه هذا الشهر.
أما السعودية، فقد يستغرق منها الأمر وقتا أطول. ففي 2002، كانت الرياض هي التي طرحت خطة للسلام خلال القمة العربية التي انعقدت في بيروت عام 2002، والتي عرضت على إسرائيل الاعتراف الكامل بوجودها مقابل العودة إلى حدود ما قبل عام 1967.
ووضعت هذه الخطة المقترحة رئيس الوزراء الإسرائيلي حينئذ أرييل شارون في مأزق، لكن حماس نفذت تفجيرات بعد أيام من الطرح السعودي، مما أدى إلى توقف المحادثات. واليوم أصبح الشرق الأوسط مكانا مختلفا تماما، وما كان من المستحيل مجرد التفكير فيه، أصبح واقعا في الوقت الراهن.
وقال مسؤول إماراتي: “خمن ما هي الكلمات التي كانت أكثر بحثا عبر الإنترنت في الإمارات بعد الإعلان عن الاتفاق مباشرة. كانت ‘الفنادق في إسرائيل’ ، الناس لا تطيق صبرا على زيارتها”.
[ad_2]
Source link