“أسرار صادمة” في حياة ترامب تكشف عنها ابنة شقيقه
وفقا للكاتب والممثل البريطاني آلان بينيت؛ يوجد “لكل عائلة في العالم سر؛ يتمثل – للمفارقة – في اعتقاد هذه العائلة، بأنها تختلف عما سواها من عائلات”. وبالطبع، لا تحب أي من هذه العائلات، أن يكشف أحد أفرادها النقاب، عما تخفيه من أسرار.
وفي الآونة الأخيرة، أصبحت ماري ترامب، واحدة ممن قرروا الإقدام على إماطة اللثام عن هذا النوع من الأسرار، لكن عن عائلة لا تشبه بالفعل سواها، وهي “آل ترامب”. وبفضل ذلك، صارت ماري واحدة من أصحاب أكثر الكتب مبيعا على مر العصور، عندما بيع من كتابها عن هذه العائلة، والذي يحمل اسم “أكثر من اللازم لكنه لا يكفي أبدا: كيف خلقت أسرتي الرجل الأكثر خطورة في العالم؟”، قرابة مليون نسخة في اليوم الأول لصدوره.
وربما لا يبدو ذلك مفاجئا، في ضوء أن الكتاب يبدو ترياقا أدبيا ذا طابع منعش، فهو عبارة عن تنقيب أجرته تلك السيدة المتخصصة في علم النفس الإكلينيكي، في ثنايا شخصية الرئيس الأمريكي، لتبحث كيف تشوهت هذه الشخصية، على يد أب لا يعرف الحب أو العطف، كان يقود أسرة تربط بين أفرادها علاقات مسمومة.
وقد لجأت أسرة ترامب إلى القضاء لإلزام ماري، بعدم إصدار الكتاب، بدعوى أنه سبق لها توقيع اتفاق “عدم إفشاء أسرار”، كان قد تم التوصل إليه في إطار دعوى قضائية سابقة.
لكن القضاة الأمريكيين رفضوا هذه الحجة، ما جعل بوسع العالم بأسره، مطالعة اتهامات ماري النابضة بالحيوية لترامب، من قبيل أنه “استأجر” شخصا، لكي يخوض بدلا منه اختبار القبول في الجامعة، وأنه حاول – بشكل ينطوي على احتيال – حرمان أشقائه من إرثهم. بجانب ذلك، تتضمن المذكرات تفاصيل صغيرة ذات معانٍ لا يُستهان بها، مثل إقدام ترامب وزوجته السابقة إيفانا، على أن يهديا ماري بمناسبة حلول أعياد الميلاد، سلة طعام كان قد سبق لهما تلقيها كهدية هما نفسيهما، لكن بعد أن أخذا من بين محتوياتها علبة من الكافيار!.
وقد نفى ترامب كل هذه الاتهامات. وفي تغريدة نشرها على حسابه على موقع تويتر بعد أيام قليلة من نشر الكتاب؛ وصف الرئيس الأمريكي ابنة شقيقه بأنها “مشوشة”، وقال إنه “لم يكن بوسع والديْه تحملها!”.
في كل الأحوال، يختلف هذا الكتاب، عن سواه من سيل الأعمال التي نُشِرَت عن ترامب في السنوات الأخيرة، في أنه ذو طابع شخصي حميم بشدة، ما قد يجعل بعض قرائه، يخْبُرون إحساسا جديدا بالكامل بعد مطالعته؛ ألا وهو الإشفاق على هذا الرجل القابع في البيت الأبيض.
لكن ماري ترامب ليست بأي حال، أول من يُنبذ من عائلة ما إثر كشفه تفاصيل حميمة للغاية عن أفرادها.
فبالرغم من التكتم الشديد الذي كان يفرضه الكاتب الأمريكي الراحل جيروم ديفيد سالينجر على حياته الخاصة، لم يمنع ذلك من أن تنشر ابنته مارغريت في عام 2000 مذكراتها “دريم كاتشر” (حارس الحلم)، التي تضمنت تفاصيل شخصية لافتة للغاية، من بينها أن سعي والدها للوصول إلى مرحلة من “التنوير” عبر انتمائه إلى طوائف دينية غريبة الأطوار، دفعه لشرب بوله.
وأنه كان يجلس في بعض الأوقات داخل صندوق مبطن بالمعادن، لتجميع ما يُعرف بـ “طاقة الأورغون”، التي يصفها البعض بأنها “الطاقة الباطنية أو قوة الحياة العالمية الافتراضية”.
كما تحدثت مارغريت في المذكرات، عن اتباع سالينجر نظاما غذائيا، حوّله إلى “ظل بائس سقيم أخضر اللون”. وأشارت إلى أن والدها، الذي توفي عن عمر 91 عاما، كان يقوم بكل ذلك أملا في البقاء على قيد الحياة حتى 120 سنة من العمر.
وكما حدث مع ما جاء في كتاب ابنة شقيق ترامب، قوبلت الادعاءات التي وردت في مذكرات مارغريت بالنفي أيضا.
لكن ما ذكرته ابنة الكاتب الأمريكي في مذكراتها، اكتسب قدرا من المعقولية والمصداقية، لدى من تأملوا طبيعة الكتابات الأخيرة لسالينجر، وبالأخص قصتيْه الطويلتيْن: “زوي” التي وصفها الناقد الأمريكي جورج ستاينر بأنها “نص لا ملامح له، يحفل بالانغماس في الذات، و”سيمور: مقدمة عنه”، التي بدت لقرائها في بعض الأوقات، كما لو كانت فهرسا مُرسلا بالبريد، يسرد “الخيارات الروحية”، التي تبناها سالينجر ذاته طيلة حياته.
ولم يرد الكاتب الأمريكي الراحل بنفسه علنا على ما ورد في “حارس الحلم”، لكن المرء ليس بحاجة للتحلي بالكثير من الذكاء، لتوقع رد فعله على ما نشرته ابنته، إذا كان ممن قرأوا روايته الشهيرة “ذا كاتشر إن ذا ري” (الحارس في حقل الشوفان). فقد كتب سالينجر على لسان بطل العمل هولدن كولفيلد، أن والديْه “كانا يوشكان على الإصابة بنزيف مزدوج (في المخ) لكل منهما، إذا ما كشفتُ عن أي أمر شخصي يخصهما. إنهما حساسان للغاية بشأن أي شيء من هذا القبيل”.
ولم تقتصر مشكلات آل سالينجر على ما كشفته مارغريت فحسب، فقد نشبت سجالات علنية بينها وبين شقيقها ماثيو، على صفحات الجرائد والكتب، وخلال بعض المقابلات كذلك، وهو ما لم يكن ليُسعد والدهما بالطبع. وفي أحد هذه السجالات، قال ماثيو إن شقيقته كانت تشكل أحيانا “الكيان الوحيد المخيف، الذي أتذكر وجوده في المنزل” ووصفها بأنها “بائسة وفي حال يُرثى له”، لترد عليه مارغريت بالقول: “آمل – ولمصلحته – في أن يجري نوعا من أنواع المراجعة لنفسه، ويعيد تنظيم أموره”.
“من شابهت أمها فما ظلمت”!
غير أن سالينجر، لم يكن الشخصية العامة الوحيدة، التي اكتشفت أن إنجاب طفل جاحد، يمثل أحد المخاطر التي تُحدق بالمشاهير. ففي عام 1985، نُشِرَت مذكرات بي دي. هايمان، كريمة الممثلة الأمريكية الشهيرة المولعة بالمشاكسات بيتي ديفيز. وصدرت هذه المذكرات بالتزامن مع الاحتفال بعيد الأم، وحملت عنوان “ماي ماذرز كيبر” (حارسة أمي). وللتعرف على الصورة التي رسمتها هايمان لأمها في المذكرات، ربما تكفي الإشارة إلى ما كتبه أحد مراجعي الكتاب، من أنه تضمن تصوير الممثلة الأمريكية الشهيرة – التي كانت تتعافى وقتذاك من الإصابة بسكتة دماغية – على أنها “فظة لَعَّانة، مهووسة بنفسها، مفرطة في شرب الخمر.. تسحق كل شخص تصادفه خلال مسيرتها المهنية”.
كما قالت هايمان في مذكراتها إن أمها ادعت أنها أقدمت على الانتحار أكثر من مرة، عبر التظاهر بتناول جرعات زائدة من العقاقير أمام أعين أطفالها، قبل أن تحبس نفسها طوال الليل في غرفة نومها. وبحسب المذكرات، كانت ديفيز تخرج من غرفتها في الصباح التالي قائلة لأطفالها: “آمل أن تكونوا قد تعلمتم درسا من ذلك”! ومع ذلك، فبوسع المرء القول إن الادعاءات التي تضمنتها مذكرات هايمان كانت على الأقل؛ أقل إثارة من تلك التي لاقتها الممثلة الأمريكية أيضا جوان كراوفورد، ضمن مذكرات ابنتها التي نٌشِرَت عام 1978، وحملت اسم “أمي الأعز”.
وربما كانت مذكرات هايمان، انتقاما متأخرا من سخرية والدتها منها، في مقابلة كانت قد أجرتها قبل سنوات من نشر هذا الكتاب، واتهمت فيها ابنتها ضمنيا بالافتقار إلى أي موهبة، قائلة: “الموهبة تخطت جيلا ما، على ما أعتقد”. لكن المذكرات تشير – على ما يبدو – أن الابنة لم تخل من موهبة بدورها.
على أي حال، لم تتقبل ديفيز ما ورد في “حارسة أمي” ببساطة، ووصفت المذكرات في أحد البرامج بأنها “كارثة لا تقل في وطأتها، عن وطأة الإصابة بسكتة دماغية”.
واختارت الممثلة الراحلة أن ترد على مذكرات ابنتها، في خطاب أوردته في ختام مذكراتها هي نفسها. وتشي الصيغة الفاترة بشدة لافتتاحية الخطاب، بأن هدفه لم يكن تصالحيا البتة. فقد استهلته ديفيز بالقول “عزيزتي هايمان” مُستخدمة الاسم الثاني لابنتها لا الأول. كما قالت فيه: “مما لا شك فيه أن لديك إمكانيات كبيرة ككاتبة وروائية”، في إشارة منها إلى أن ما ورد في مذكرات الابنة كان محض خيال.
لكن المخاطر قد تكون أكبر في واقع الأمر، إذا كان الابن الذي اختار كشف أسرار عائلته، يحترف الكتابة من الأصلٍ. ومن بين المؤمنين بهذه الرؤية الشاعر البولندي تشيسلاف ميلوش، الذي يقول “عندما يولد كاتب في عائلة ما يُحكم عليها بالفناء”.
وربما يصدق ذلك، على ما حدث مع المؤلف والشاعر والمخرج الفرنسي المثير للجدل ميشال توما، الذي يكتب تحت اسم ميشيل ويلبك. فشخصية هذا الرجل تشكلت – مثله مثل دونالد ترامب – بفعل إهمال ذويه، فقد تركته أمه لوالدتها، كي يتسنى لها السفر والترحال متى شاءت. وفي روايته الثانية “أتومايزد” (التفتيت)، يختار ويلبك ابتكار ما يبدو نسخة روائية من شخصية أمه.
ولكيلا يساور أحد أي شكوك في هذا الشأن، أطلق اسم أمه على هذه الشخصية، التي ظهرت في صورة سيدة أنانية مهووسة بالجنس، تهجر ابنها وتتركه دون رعاية، وتنتمي إلى من يُعرفون بـ”الهيبز” أو “الهيبيين”.
وفي أحد مقاطع الرواية، يقول البطل لأمه المحتضرة :”سأتيقن من أنهم سيحرقونك، وسأضع ما يتبقى منك في جُرة صغيرة، وسأبول على رمادك عندما أستيقظ في كل صباح”.
لكن والدة ويلبك، لوسي سيكالدي، ردت بنشر كتاب في عام 2008، يحمل عنوان “ذا إنوسينت” (البريئة) . وخلال حملة ترويجها للكتاب، لم تكبح لوسي جماح نفسها أو تخفي رأيها في ابنها، إذ وصفته بأنه “كاذب، ومحتال، ويعيش عالة على غيره”.
وزادت بالقول إنها كانت تريد ضربه على وجهه، وأن تخلع له أسنانه. أما أكثر الإهانات التي وجهتها لابنها قسوة على الإطلاق، فقد تمثلت في وصفها لأعماله بأنها “أدب غبي.. وهراء لم أكن لأطالعه لو لم يكن المؤلف ابني”.
ويتسم الشقاق القائم بين الاثنين، بأنه من بين هذه الخلافات، التي ربما لن تنتهي أبدا. فحتى عام 2017، كان ويلبك لا يزال يشكو من أن “أمي لا تحبني بما فيه الكفاية”. من جهة أخرى، فقد يَخْلُص، من يتأمل العلاقة الشائكة التي تربط بينهما؛ أنه لا توجد في نهاية المطاف، اختلافات تُذكر بين شخصيتيهما.
ورغم أن “الحرب” التي دارت بين آل ويلبك، نجمت عن مشكلة محورية شابت العلاقة بين أم وابنها، في مرحلة مبكرة من حياته؛ فإن هناك خلافات عائلية أخرى، اندلعت لأسباب أقل شأنا من ذلك بكثير. مثال على ذلك، المشكلة التي نشبت بين الروائيتيْن الشقيقتيْن اللامعتيْن أنتونيا سوزان بايَت ومارغريت دريبل، لسبب قد يُذكِرّنا بالمتاعب التي يواجهها المحامون في قضايا الأحوال الشخصية، عندما تنهار في اللحظات الأخيرة ترتيبات الانفصال التي عكفوا على إعدادها، بسبب اختلاف الشريكيْن، على هوية من سيحتفظ منهما، بمجموعة الملاعق المفضلة لديهما معا.
فمحور الخلاف بالنسبة لهاتيْن الأديبتيْن البريطانيتيْن، كان يتمثل في “طقم شاي” لعبة كانا يلهوان بها خلال طفولتهما. ونشبت المشكلة حوله، عندما عارضت بايَت أن تتحدث شقيقتها دريبل عنه في أحد كتبها، وذلك لأنها كانت تريد أن يكون لها هي قصب السبق، في تناول هذا الموضوع. وقد عقبّت دريبل على رد فعل شقيقتها في هذا الشأن بالقول: “شعرتْ كما لو كنت قد استوليتُ على شيء لا يخصني”.
على أي حال، كانت العلاقة بين الشقيقتيْن، تتسم بالفتور منذ أن شبتا عن الطوق، وذلك بفعل روح منافسة ضارية، زرعتها والدتهما فيهما. وفي إحدى المرات، حاولت بايَت إذابة الجليد الذي يكسو العلاقة مع شقيقتها، من خلال إرسال نسخة من روايتها الثانية “ذا غيم” (اللعبة) لها، وقد نقشت عليها اعتذارا كذلك. لكن دريبل قالت إنها وجدت أن الكتاب يتصف بـ “عدم مراعاة الآخرين، ولا ينطوي على تعاطف معهم”.
في المقابل، اعترضت بايَت على الطريقة التي صوّرت بها دريبل والدتهما، في روايتها “ذا بيبريد موث”، قائلة: “كنت أفضل ألا يقرأ الناس الصورة التي قدمها شخص ما (آخر) لوالدتي”. ولعل استخدام بايَت لمفردة “والدتي”، بكل ما لها من وقع صارم في هذا السياق، وكأن بايَت تحتكر من خلالها أمهما لها وحدها؛ يكشف عن أن الصدع بين الشقيقتيْن “لا يمكن رأبه” كما قالت دريبل نفسها عام 2011.
علاوة على ذلك، ثمة نماذج أخرى، لكُتّاب افتعلوا خلافات عائلية دون وجود عائلة من الأصل، مثلما فعل الكاتب والروائي الأمريكي ترومان كابوتي، الذي يُعرف على الساحة الأدبية بالنجاح الخرافي الذي حققته روايتاه “بريكفاست أت تيفانيز” (الإفطار عند تيفاني) و”إن كولد بلَد” (بدم بارد). ففي عام 1975، بدأ كابوتي نشر مذكرات تتضمن وقائع ذات طابع روائي مُتخيل بشأن “عائلته البديلة”، والتي تتمثل في أصدقائه الأثرياء مثله، الذين يجوبون العالم معه، لحضور مناسبات اجتماعية، يصعب على عامة الناس المشاركة فيها، لافتقارهم للأموال اللازمة لذلك.
وحملت تلك المذكرات، التي نُشِرَت في مجلة “إسكواير”، عنوان “دعوات مستجابة”. وكان ما ورد فيها، لا يعدو ثرثرة محضة، حول النظافة الشخصية لهؤلاء الأصدقاء و”إنجازاتهم” في غرف النوم! وقد ظن كابوتي أن نشره لهذه التفاصيل سيمر مرور الكرام. وقال في هذا الصدد عن أصدقائه: “إنهم أغبياء بشدة، ولن يعرفوا أنهم هم المعنيون بما كُتِبَ”. لكنهم عَرِفوا وانتقموا كذلك. إذ قاطعوه بشكل كامل، ما جعل هاتفه يتوقف عن الرنين تماما. أما هو فقد واصل التردد على الأماكن نفسها، التي كان يتناول فيها الغداء مع رفاقه في السابق، أملا في نيل المغفرة ممن شعروا بأنه خانهم. لكن ذلك لم يحدث. فكما قالت صديقة ورد ذكرها في المذكرات: “لم ننظر إلى وجهه ثانية، بعد ذلك على الإطلاق”.
وقد فُرِضَت هذه العزلة على كابوتي، في مرحلة كانت قد انحسرت عنه فيها الشهرة والتوهج الأدبي. ولذا بدا ما حدث، وكأنه كلمة النهاية له ولمسيرته. وفي تلك الفترة، وصف الروائي جون نولز وضع كابوتي بالقول: “لم تكن له أي مكانة من الناحية الاجتماعية. ولم تكن له عائلة. كان أشبه بنقش مزخرف ليس إلا. ولم يكن لديه ما يمكن أن يستند إليه أو يعتمد عليه، لمواجهة هذا الموقف”.
ومنذ ذلك الحين، لم يستطع كابوتي – اللامع والناجح سابقا – أن يُكمل أي كتاب أو رواية، وانهمك بشكل متزايد في احتساء الخمور وتعاطي المخدرات، قبل أن يفارق الحياة عام 1984، أي بعد تسع سنوات فحسب من فرض تلك العزلة عليه؛ متأثرا بالإصابة بمرض في الكبد، وكذلك جراء معاناته من تسمم دوائي، إثر تعاطيه جرعة زائدة من العقاقير.
ورغم أن أفول نجم كابوتي على هذه الشاكلة، يبدو أمرا مأساويا بشكل خاص، فإن ذلك لا ينفي أن طابعا حزينا كئيبا، يكسو كل الخلافات العائلية التي تحدثنا عنها في السطور السابقة، حتى تلك الأكثر حدة منها، من قبيل ما نشب بين ويلبك ووالدته. ففي ذات مرة، قال صحفي أجرى مقابلة مع هذه السيدة حول الكتاب الذي هاجمت فيه ابنها، إنه كان “من الواضح بشكل مؤلم” أن كتابا مثل هذا شكّل “أسلوبها في السعي للتواصل مع نجلها” والوقوف إلى جواره.
في نهاية المطاف، يمكن القول إن كل التجارب التي تناولناها في هذه السطور، هي لأشخاص آثروا أن يرووا حكايات وقصص الآخرين، لا قصصهم هم أنفسهم، وضحوا بحياتهم العائلية، لكي ينعموا بالمتعة، التي يحظى بها أي كاتب، عندما يُنشر عمله ويخرج إلى النور.
لكن اللافت أن ذلك لم يبعث في نفوسهم السعادة والبهجة، في غالبية الحالات على ما يبدو. فهل حصل أولئك الأشخاص على مبتغاهم؟ لنقتبس هنا في الختام عبارة للأم تريزا، استعار منها كابوتي عنوان عمله الفضائحي، وتقول فيها: “تُذرف خلال الدعوات المُستجابة، دموع أكثر من تلك التي تتساقط، أثناء ترديد نظيرتها، التي لم يُستجب لها”.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Culture
[ad_2]