كيف تفكر بطريقة علمية تساعدك على تحقيق جميع أهدافك؟
[ad_1]
إذا كنت مهتما بالقراءة عن أسرار النجاح، لا شك أنك صادفت مقولة توماس إديسون الشهيرة “العبقرية هي واحد في المئة إلهام و99 في المئة جهد شاق وعرق”.
ويقال إنه عندما اخترع المصباح الكهربائي، توصل إلى الفتيل المناسب الذي يضيء دون أن يحترق على الفور بعد 3000 محاولة فاشلة. وقد نستلهم من هذه القصة أن القدرات الإبداعية الفطرية كثيرا ما تكون أقل أهمية من التصميم والإصرار.
ورغم أهمية الشغف والمثابرة لتحقيق الأهداف طويلة الأجل، فهناك عملية استراتيجية كان إديسون يطبقها لتحقيق أهدافه. إذ لم ينتقل إديسون من محاولة فاشلة لأخرى عشوائيا، بل كان يعدل تصميماته ويحسن أفكاره ليصل إلى التصميم المثالي.
وذكر إديسون في حديث لمجلة هاربر عام 1890: “أصيغ عادة نظرية وأشرع في رسمها على الورق حتى تظهر عيوبها وأرى أنها لا جدوى منها، فأصرف النظر عنها على الفور وأطور نظرية غيرها”. لكن في كل خطوة، يتخذ إديسون قرارات ذكية متلافيا العيوب التي اكتشفها في التصميمات السابقة ومستفيدا من النجاحات الطفيفة التي تحققت فيها.
ربما لا تكون مخترعا تحاول تطوير جهازا جديدا، لكن دراسة جديدة نشرت في دورية “وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم” تشير إلى أن هذه الطريقة في التفكير قد يستفيد منها أي شخص لتحقيق أهدافه أيا كانت.
وتناولت الدراسة إحدى السمات التي يتصف بها بعض الناس وهي “العقلية الاستراتيجية” أو القدرة على استخدام التفكير الاستراتيجي في مواجهة التحديات.
وتنطوي العقلية الاستراتيجية على الميل لتحليل وتحسين الطريقة التي نستخدمها لحل المشاكل التي تواجهنا. وفي الوقت الذي يخط فيه البعض لأنفسهم مسارا معقدا ومتشابكا ويصرون على انتهاجه للنهاية، فإن أصحاب العقلية الاستراتيجية يبحثون دائما عن طرق مختصرة وأكثر فعالية نحو الهدف.
وتقول باتريشيا تشين، من جامعة سنغافورة الوطنية، إن هذه الطريقة في التفكير تساعدهم على توجيه جهودهم بكفاءة دون هدرها. وقد أثبت بحث جديد أجرته تشين أن نجاح المرء أو فشله مرهون بطريقة التفكير.
واستنتدت نتائج تشين إلى مجموعة ضخمة من الأبحاث عن مهارات التفكير فوق المعرفي أو ما يسمى باستراتيجيات ما وراء المعرفة، أي وعي المرء بعلميات التفكير التي تدور في ذهنه وإدراكها. وتتضمن استراتيجيات التفكير فوق المعرفي مراقبة التقدم الذي تحرزه في سبيل تحقيق أهدافك، وإدراك عيوبك ومواطن الخلل التي تحتاج أن تحسنها، ثم تضع خطوات للتغلب على هذه التحديات.
ولنفترض مثلا أنك مغترب تحاول تعلم اللغة الفرنسية، فإذا استخدمت مهارات التفكير فوق المعرفي عند تعلم الكلمات الجديدة ستدرك أن الاختبار الذاتي سيسهم في زيادة حصيلتك اللغوية أكثر من قراءة قائمة المفردات. وقد تجد صعوبة في متابعة الحوارات الفرنسية وتقرر في المقابل أن تقضي وقتا أطول في مشاهدة الأفلام الفرنسية لتنمية الحس اللغوي، بدلا من أن تحاول عبثا أن تركز على قواعد اللغة.
وقد تضع لنفسك تحديات تزداد صعوبة مع الوقت، مثل تبادل أحاديث مع الناطقين بالفرنسية في موضوعات معقدة حتى تتقن اللغة الفرنسية.
وتقول جين لوي بيرغر، من المعهد السويسري الفيدرالي للتدريب والتعليم الحرفي في مدينة لوزان، وأعدت دراسة لقياس التفكير فوق المعرفي، إن استراتيجيات التفكير فوق المعرفي كانت مؤشرا على النجاح حتى بعد استبعاد تأثير معدل الذكاء.
وقد برهنت أبحاث سابقة على أهمية مهارات التفكير فوق المعرفي في مجالات عديدة، لكن تشين كانت تركز في دراستها على أنماط التفكير التي تميز بعض الناس عن غيرهم في مختلف المجالات، وهل يميل بعض الناس لتطبيق استراتيجيات التفكير فوق المعرفي في جميع الأهداف التي يريدون تحقيقها أم لا. وهل يمكن أن يتعلم الناس مهارات التفكير الاستراتيجي؟
وللإجابة على هذه التساؤلات، وضعت تشين وفريقها استبيانا لاختبار قدرة الشخص على استخدام مهارات التفكير الاستراتيجي، وبإمكانك تجربته أيضا وتقييم إجاباتك على هذه الأسئلة وفقا لدرجات من 1 (لم يحدث أبدا) إلى 5 (دائما).
- عندما تتعثر في شيء ما، كم مرة تسأل نفسك “ما الذي يمكن أن أفعله لأساعد نفسي؟”
- كلما شعرت أنك لا تحزر تقدما، كم مرة تسأل نفسك: “هل ثمة طريقة أفضل لإنجاز هذه المهمة؟”
- كلما شعرت أن صبرك أخذ ينفد بعد أن عجزت عن حل المشكلة، كم مرة تسأل نفسك: “كيف يمكن أن أحلها بطريقة أفضل؟”
- عندما تشعر أن المشكلة التي تواجهك تفوق قدرتك على حلها، كم مرة تسأل نفسك: “ما الذي يمكن أن أفعله لأحسن مهاراتي حتى أتمكن من التغلب عليها؟”
- عندما تواجه صعوبات في شيء ما، كم مرة تسأل نفسك: “ما الذي يمكن أن أفعله لأساعد نفسي؟”
- عندما تواجه شيئا عسيرا، كم مرة تسأل نفسك: “كيف أحسن من نفسي في هذا المجال؟”
وكلما زادت الدرجات التي تحرزها، زادت قدرتك على استخدام التفكير الاستراتيجي.
وأجرت تشين تجربة أولية، طلبت خلالها من 365 طالبا استكمال الاستبيان. وكما توقعت، تنبأت درجاتهم بقدرتهم على استخدام استراتيجيات التعلم المختلفة في التفكير على مدى الفصل الدراسي اللاحق، ومن ثم تنبأت أيضا بدرجاتهم في مختلف المواد.
وأجرت تشين اختبارا آخر لتقييم تأثير التفكير الاستراتيجي على السعي لتحقيق الأهداف في مجالات مختلفة. إذ راقبت مجموعة من 356 مشاركا يتعلمون مهارة دراسية أو مهنية جديدة، مثل تعلم لغة الكمبيوتر، ويضعون أهدافا صحية أو خاصة باللياقة البدنية، مثل إنقاص الوزن.
ولاحظت تشين أن العقلية الاستراتيجية تنبئ بالقدرة على استخدام مهارات التفكير فوق المعرفي، مثل تقييم المشارك للتقدم الذي يحرزه من وقت لآخر وبانتظام. وكلما واظب المشارك على استخدام هذه المهارات في التفكير زادت فرصه في تحقيق أهدافه العلمية والصحية.
ولاحظ الفريق أن بعض الناس أكثر حرصا على تحسين وتطوير الطرق التي يتبعونها لتحقيق أهدافهم مهما اختلفت طبيعة هذه الأهداف، ومن الواضح أن ذلك يزيد فرصهم في النجاح بشكل عام.
وفي التجربة الأخيرة، اختبر الفريق إمكانية تعليم المشاركين التفكير بطرق استراتيجية، وتأثير ذلك على سلوكياتهم عند مواجهة تحد جديد.
في البداية قرأت مجموعة من المشاركين مقالة عن مفهوم العقلية الاستراتيجية، وطلب منهم الباحثون تلخيصها لنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. ثم كلف الباحثون جميع المشاركين بمهمة أخرى في المختبر تتمثل في فصل الزلال عن الصفار بكفاءة وبحرص قدر الإمكان، وفي حالة تسرب جزء من الصفار في طبق الزلال، يتعرض المشاركون للعقاب.
وتقول تشين عن اختيار هذه المهمة: “كنا نريد مهمة غير مألوفة وصعبة على معظم المشاركين، ولها مؤشرات واضحة للأداء، ويمكن تنفيذها بطرق مختلفة”.
ولا توجد طريقة واحدة صحيحة لفصل الزلال عن الصفار، فبإمكان المشاركين تصفية الزلال بأصابعهم أو عمل ثقب في قشرة البيضة لينزل منها الزلال، وكان على المشاركين أن يبحثوا عن الطريقة الأفضل التي تناسبهم. وتقول تشين: “نفذ المشاركون هذه المهمة بطرق متنوعة وخلاقة”.
ولاحظ الباحثون أن المشاركين الذين قرأوا المقالة عن العقلية الاستراتيجية كانوا أكثر فضولا وأكثر استغراقا في التفكير، ويستغلون الفرص لاستكشاف طرق مختلفة ويغيرون سلوكياتهم وفقا لها. ولهذا كان أداؤهم أفضل من أداء المجموعة التي لم تقرأ المقالة بمراحل.
العزيمةالحقيقية
ودرست تشين أيضا علاقة التفكير الاستراتيجي بسمات أخرى، مثل العزيمة والمثابرة، التي سلطت عليها الأضواء مؤخرا، وعرفت بأنها المرادف لقوة الشغف والإصرار. وتقاس قوة العزيمة بتقييم الشخص لعبارات من قبيل “العثرات لا تثبط عزيمتي”.
ورغم أهمية الإرادة والعزيمة لتحقيق الأهداف في الحياة، لم تجد تشين علاقة بينها وبين التفكير الاستراتيجي، فكل منهما يسهم بنصيب مستقل في النجاح.
وتقول أنجيلا داكوورث، عالمة النفس بجامعة بنسلفانيا التي تقود الأبحاث عن قوة العزيمة: “أرى أن العزيمة هي أن يكرس المرء نفسه لغاية طويلة الأجل ولا تثنيه العثرات عن تحقيقها، أما التفكير الاستراتيجي فهو البحث الدائم عن طرق أكثر كفاءة وفعالية لتحقيق أي هدف طويل أو قصير الأجل”.
وترى داكوورث أن العزيمة والتفكير الاستراتيجي يكملان بعضهما البعض، فإذا كنت مثابرا لكنك لا تستخدم أساليب جديدة ومختلفة لبلوغ هدفك طويل الأجل، قد لا تكلل جهودك بالنجاح.
ويدرس الباحثون كيفية الاستفادة من التفكير الاستراتيجي في مجالات مختلفة. وتقول تشين إن ما نعرفه الآن أن البالغين تتفاوت قدرتهم على استخدام مهارات التفكير الاستراتيجي وأن هذه المهارات من الممكن أن تكتسب بالتعلم.
ولا يزال الباحثون يدرسون أفضل الطرق لتدريس مهارات التفكير الاستراتيجي. وتقترح تشين تدريس مهارات التفكير الاستراتيجي والتفكير فوق المعرفي في المدارس، لأن البدء من سن صغيرة قد يساعد الناس على تغيير طرق التفكير على المدى الطويل.
وبغض النظر عن مزايا التفكير الاستراتيجي، فإن أبحاث تشين تذكرنا بأن الطرق التي نستخدمها لحل مشاكلنا قد لا تكون بالضرورة هي الطرق المثلى، وربما نحتاج، كشأن إديسون، أن نبحث دائما عن طرق لتحسين المهارات والأساليب التي نستخدمها. وربما يوفر علينا التفكير الاستراتيجي الكثير من المجهود والعرق والدموع.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Worklife
[ad_2]
Source link