نهضة مصر أم مصر تنهض: جدل حول التباين بين التمثالين يمتد لنقاش حول الواقع المصري
[ad_1]
لا يخفي المصريون فخرهم بالآثار والتماثيل المترامية في ميادين مدنهم الكبيرة والأثرية، فهم يعتبرونها خير شاهد على عظمة تاريخهم.
وفي كل مرة يٌكشف فيها الستار عن تمثال جديد، تنبري أقلام المثقفين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في تقييمه وإبراز مكامن الجمال والنقص فيه.
وعادة ما تنتهي تلك النقاشات والتعليقات بمقارنة بين التمثال الجديد وغيره من النصب التاريخية، وهو ما حدث مع تمثال “مصر تنهض” الذي استوقف اهتمام فنانين تشكيلين ومغردين على حد سواء.
انتقادات لتمثال “مصر تنهض”
انطلق النقاش والجدل حول التمثال، بعدما نشر النحات أحمد عبد الكريم عبدالنبي صورة على صفحته الشخصية لتمثال في طور الإنجاز.
وتظهر الصور المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تمثالا أبيض يحاكي شكل امرأة بزي فرعوني أو فلاحة بثوب تقليدي، في حين بدا رأسها ملتويا وبطنها منفوخا.
ويبدو أن النحات أراد من خلال تمثال المرأة أن يرمز إلى مصر، إلا أن عمله قوبل بانتقادات واسعة وسخرية عارمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
فقد تهكم مغردون على شكل التمثال واستنكروا تسميته بـ”مصر تنهض”.
وقارنوه بتمثال “نهضة مصر” الذي شيده الفنان الراحل محمود مختار في عام 1920، قائلين إن “الفرق بينهما لخص حالة الانحدار التي تعيشها مصر في مختلف المجالات”.
فعلق أحدهم :”الحقيقة هذا التمثال معبّر جدا عن حال مصر بصورة كبيرة، مصر الواقع، مش مصر الموجودة في الخيال والأشعار والأغاني”.
وأهاب البعض بوزارة الثقافة والمهتمين بالشأن الفني التدخل لإيقاف ما سموه بالمهزلة الفنية”.
النحات يوضح
من جهته، حذف النحات منشوره الأصلي عقب الانتقادات التي طالته.
وقال في مقطع فيديو إن “التمثال لا علاقة له بوزارة الثقافة أو المجلس الأعلى للثقافة، وهو اجتهاد شخصي منه”،
وتابع أن العمل به بعض الأخطاء الفنية المتعلقة بالنسب والكتل، لكنها أخطاء واردة لعدم اكتمال التمثال” مضيفا بأنه لم يسع إلى محاكاة تمثال “نهضة مصر” لأن فكرته مختلفة تماما”.
وأشار النحات إلى أن فكرة التمثال تصور سيدة تتحرر من القيود، وتنهض من بين الركام.
وأعرب الفنان عن حزنه الشديد من الهجوم الذي تعرض له قائلا “هناك فرق كبير بين النقد والإهانة”.
وأكد عزمه على استكمال التمثال “حتى يخرج بشكل لائق”.
“تماثيل مشوهة”
وبينما أعلن البعض مساندتهم للفنان مستنكرين “حملة التنمر” التي استهدفته، استمر آخرون في نقده وراحوا يرصدون مجموعة تماثيل يقولون إنها مليئة بالتشوهات ولا تستدعي سوى الحسرة والسخرية.
ففيعام 2015 صدم مواطنون في مدينة أسوان بتماثيل يرمز للكاتب الشهير عباس محمود العقاد و في القاهرة بتمثال للموسيقار محمد عبد الوهاب.
وتكرر المشهد ذاته في 2016، عندما صدم مواطنون في محافظة المنيا بتمثال للملكة نفرتيتي يتخلف تماما عن الصورة المعروفة للتمثال الأصلي للملكة الفرعونية.
وقد تحول التمثال آنذاك إلى قضية رأي عام مما دفع الحكومة للتدخل وتكليف فنان تشكيلي بإعادة نحته.
تمثال “نهضة مصر” وثورة 1919
ما إن تطأ قدمك القاهرة الخديوية حتى تعترضك واجهات بنايات فخمة يميزها طابع البروك الأوروبي، وستصادفك تماثيل ترمز لأعلام وحقب مختلفة من تاريخ مصر الثري.
وعندما تحث الخطى نحو “جامعة القاهرة”، أحد أهم صروح المعمارية في مصر الحديثة، فلا بد أن يقع نظرك على تمثال “نهضة مصر”.
يجسد التمثال فتاة مصرية تقف شامخة بجانب تمثال لأبي الهول وتضع يدها اليمنى على رأسه فيما تضع كف يدها اليسرى على جبينها وكأنها تستشرف المستقبل.
شيد ذلك التمثال بأنامل محلية خالصة، فهو للفنان الراحل محمود مختار الذي يعد أبرز نحاتي مصر في القرن العشرين.
ينتمي مختار إلى جيل النهضة الذي برزت فيه كوكبة من ألمع الفنانين والكتاب والسياسيين، فأبدع كغيره من أبناء جيله في إخراج تحف وأعمال أبهرت العالم.
ويعتبر تمثال “نهضة مصر” المصنوع من حجر الجرانيت، أبرز أعماله وأشهرها على الإطلاق.
اكتسب التمثال قيمة رمزية، إذ يعد أبلغ تعبير عن آمال وتطلعات المصريين عقب ثورة 1919.
ففي تلك السنة اندلعت سلسلة مظاهرات بقيادة حزب الوفد، الذي كان يرأسه سعد زغلول، احتجاجا على الاحتلال البريطاني وسياسات الأسرة الحاكمة.
فجاء تمثال النهضة ليجسد ثورة الشعب التي مثلها النحات في هيئة فلاحة مصرية وكأنه ينتفض بهذا التمثال على توجهات الأسرة الملكية التي اكتفت ببناء تماثيل تمجد أبناءها وأصحاب الطبقة المخملية، وفق ما ذكرته تعليقات البعض.
[ad_2]
Source link