موسم الحج 2020: من حارسة أحذية إلى واحدة من المطوفات الرائدات
[ad_1]
تجهش شادية بنت غزالي جنبي بالبكاء وهي تحكي عن فراغ الحرم المكي من زاوره المعتادين وتقول إنها وفريق المرشدات الذي تقوده يشعرن بحزن شديد لاسيما وأنهن جميعا سيحرمن من خدمة الحجيج هذا العام بسبب قيود الدخول والخروج لمناطق المشاعر المقدسة وتقليل أعداد العاملين في هذا المجال كأحد إجراءات الوقاية من وباء كورونا.
“حاسين بغصة في الحلق… اليوم نحن غير موجودين لعدم وجود حجاج” تقول شادية التي قضت اثنين وستين عاماً من عمرها في خدمة الحجيج ومنذ كانت طفلة في السابعة”.
شادية.. بنت الجوهرتين
يطلق عليها أقاربها وزميلاتها “بنت الجوهرتين” فوالداها كانا من شيوخ مهنة الطوافة ( إرشاد الحجيج واستضافتهم ) ومن أوائل العائلات التي تخصصت في تنظيم رحلات الحجيج وورثت هي عنهما المهنة وأتقنتها.
تحكي شادية لبي بي سي إن أول أدوارها في هذا المجال كان حراسة “نعال” الحجيج أثناء أدائهم لمناسك الحج.
بعد ذلك انضمت شادية لفريق المطوفات وسافرت لبلدان عديدة في جنوب شرق أسيا للتعاقد على رحلات الحج من هناك.
تقول إنها كانت تسافر بالسفن لمدة 15 يومياً أو أكثر في الرحلة الواحدة وقبل دخول الطائرات مجال نقل الحجاج من وإلى السعودية.
اعتادت أن ترافق الحجيج من النساء والشيوخ من نقطة الوصول في ميناء جدة وحتى المغادرة مرورا بالمسكن وأداء المناسك في المشاعر المختلفة خلال تلك الفترات الطويلة.
تتحدث هي ست لغات وتقول إن والدتها كانت تتقن ست عشرة لهجة ولغة بخلاف العربية.
“كانت رحلة الحج في تلك السنوات البعيدة تستغرق ثلاثة أشهر كاملة بدءا من نهاية رمضان وانتهاء بذي الحجة. وخلال تلك الفترة كنا نقوم على أمر الحجاج بكل إتقان وتفان… أما الآن ومع تطور وسائل المواصلات والطيران صارت الرحلة أسبوعين وأقصر بل وأسبوعا للحج السياحي”.
من الطوافة إلى الكشافة
تضيف أن العائلة كانت تستقبل الحجيج المتعاقدين معهم في بيوتها وكان عددها بالعشرات “وكانت خالاتي وعماتي يقمن بالطبخ ومهام الرعاية الأخرى” لكن الأمور اختلفت بعد تدشين مكتب الطوافة الرسمي”.
منذ ذلك الحين تولت مهام الطوافة شركات ومؤسسات بدلاً من الأفرادا والأسر.
الآن الحجاج بمئات الآلاف ولا يسعهم منازل وأنما فنادق بتجهيزات خاصة معروفة. بعدما صار عملها يقتصر على الإشراف والتنسيق في مؤسسة طوافة، عملت شادية مستشارة أسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية وعندما تقاعدت عملت قائدة مرشدات متطوعات في مكة.
تقول شادية: “أنا وفريقي مسؤولات عن السيداتكبيرات السن في الحرم المكي بمساعدة متطوعات طبيبات.نحن مطوفات ومرشدات في الوقت ذاته… نساعد كبار السن ونقود العربات الكهربائية للعون والإغاثة والإرشاد والتوجيه”.
لحظات لا تنسى
تحكي شادية عن ذكريات طيبة لا تزال في ذهنها منها أنها حضرت ولادة حاجة لمولودة في مشعر منى وسمتها والدتها “منى” وتكرر الأمر في مشعر عرفة مع حاجة أخرى وسمي المولود “عرفة”.
تقول شادية “كنت أساعد والدتي التي كانت تقوم بدور المطوفة والداية (المولدة) في آن واحد لأنه لم تكن هناك طبيبات توليد في ذلك الحين والمكان”.
لكن تفشي وباء كورونا في السعودية منذ مارس/آذار الماضي دفع السلطات لتقييد عمل المتطوعين في المشاعر المقدسة سيما بعد إلغاء موسم العمرة ثم قصر موسم الحج هذا العام على حجاج الداخل.
تشكو شادية من طول فترة الجلوس في المنزل “نحن في مكة مسموح لنا نخرج لكن أنا من 6 أشهر في البيت ولا أخرج بسبب كورونا ومخاوف الإصابة”.
لحظات صعبة
من الحوادث التي تتذكرها أيضا ما وقع في عام 2009 من تدافع أودى بحياة العديد من الحجيج في ذروة موسم الحج.
تقول “كنت متطوعة وكان موقفا صعبا جدا لدرجة أننا كنا ننام وقوفا من التعب. كنا نعمل مطوفات ومترجمات أيضا في مستشفى الطوارئ في منى. كان مطلوبا منا التعرف على هوية الجثث وتعريف ذويها بها لنقلها إلى مثواها الأخير… كان الأمر مؤلما للغاية”.
تقوم شادية حاليا بتدريب فريقها من المرشدات عن بعد بتقنية زووم وتقول إنها تنصحهن بزراعة منازلهم بالخضروات كوسيلة مفيدة لقضاء وقت الفراغ.
قيود وخبر سار
وكانت المملكة قررت في يونيو / حزيران الماضي قصر موسم الحج هذا العام على السعوديين والأجانب في السعودية وبحد أقصى عشرة آلاف حاج في إطار إجراءات المملكة لمنع تفشي العدوى بين الزوار ولعدم توفر لقاح للمرض.
وقررت المملكة تطبيق إجراءات تباعد صارمة في كل المشاعر المقدسة وفي كل الأوقات أثناء ممارسة الشعائر أهمها التباعد الكافي بين كل حاج وآخر في الطواف والسعي ورمي الجمرات وغيرها وكذلك في الحافلات والمسكن وغيرها، مع إلزام الجميع من الحجاج والعاملين وضع الكمامات الواقية في كل الأوقات وكل الأماكن المشتركة.
ومن الأخبار السارة لشادية التي تلقتها أثناء إعداد هذا التقرير أنه تم اختيار ابن لها ليشارك في خدمة الحجيج كمتطوع هذا العام الذي تقرر فيه تقليص عدد الحجيج جراء كورونا.
[ad_2]
Source link