أخبار عربية

فيروس كورونا: كيف تغيرت شخصياتنا بسبب إجراءات الإغلاق؟

[ad_1]

أربك الوباء النمط المعتاد لحياة البشر بشدة، وهو ما قد يقود بمرور الوقت إلى بلورة أفكار جديدة، حول ماهية ما يجدر بنا اعتباره طبيعيا أو معتادا

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

أربك الوباء النمط المعتاد لحياة البشر بشدة، وهو ما قد يقود بمرور الوقت إلى بلورة أفكار جديدة، حول ماهية ما يجدر بنا اعتباره طبيعيا أو معتادا

لم يكن ما جرى خلال فترة الإغلاق الناجمة عن تفشي وباء كورونا واحدا بالنسبة للجميع. فلكل منّا تجربته في هذا الصدد. فالبعض اضطروا للحياة بمفردهم في عزلة كاملة لشهور متصلة، فيما أُرْغِمَ آخرون على الحياة لأسابيع مع شريك حياة، لم تعد تربطهم به أي عاطفة.

كما أن هناك من رأى في شهور العزلة، تجربة إيجابية وفرصة مُرحبا بها للإبطاء قليلا من إيقاع الحياة وممارسة أنشطة مثل المشي، أو لنيل قسط من الاسترخاء مع شخص يحبه، أو للاستمتاع بالوقت على أفضل وجه ممكن مع أطفاله.

وبغض النظر عن الشكل الذي اتخذته الحياة في فترة الإغلاق، فإن ثمة وجها لها يبدو أن البشر قد اشتركوا فيه جميعا، وهو أنها مثلت عرقلة مفاجئة للترتيبات المعتادة لمعيشتنا ولروتين حياتنا اليومية، على نحو لا يحدث عادة.

فهل سيترك هذا الوقت غير المألوف تأثيراته على شخصياتنا في العمق، لا على السطح فحسب؟ وهل نشعر الآن، ونحن نعود تدريجيا لممارسة حياتنا في عالم مختلف قليلا، بأن شخصياتنا تغيرت بعض الشيء؟ وإذا كان ذلك قد حدث؛ كيف ستتكيف شخصياتنا الجديدة مع الوضع الناجم عن استئناف التعامل مع الآخرين والسفر إلى الخارج مثلا؟

لعل من الواجب علينا أن نشير أولا إلى أن مفهوم الشخصية، كما حدده علماء النفس، قد تغير بعض الشيء قبل عقود. فلفترة طويلة، اعتبر العلماء أن شخصية الإنسان – التي تتمثل في مجموعة من العادات والسلوكيات والعواطف والأفكار التي تُشكِّل الهوية الفريدة له – تبقى راسخة بلا تغيير، على الأقل بعد أن يتجاوز المرء مرحلة البلوغ المبكر.

لكن الدراسات التي أُجريت على مدى العقود القليلة الماضية، قادت إلى بلورة إجماع بين العلماء، مفاده بأن الثبات النسبي للخصال الشخصية، لا يعني أنها تبقى دون تغيير طوال الوقت، إذ أنها تواصل التطور باستمرار طيلة حياة المرء، وتتفاعل كذلك مع ما تشهده حياته من أحداث مهمة.

بعبارة أخرى، يمكن القول نظريا إن ثمة احتمالا – ولو كان ضئيلا – بأن هناك منّا من تغيرت شخصياتهم بفعل فترة الإغلاق.

على أي حال، تشير الأدلة المستقاة مما يرويه الناس عن تلك الفترة، إلى صحة هذا الافتراض على ما يبدو. فبرغم إدراكي أنني كنت أكثر حظا من كثيرين غيري، فيما يتعلق بطبيعة تجربتي مع وباء كورونا وتبعاته حتى الآن، فإنني أعلم كذلك، أنني شعرت خلال فترة الإغلاق، بتغيرات من قبيل الشعور بقدر أقل من التوتر، بحكم أنني لم أكن مضطرا خلالها، للانهماك في السعي لإنجاز الكثير من المهام في وقت قصير، مثلما يحدث عادة.

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

تشير الدراسات إلى أن البشر أظهروا قدرة لافتة على التكيف ومواجهة الشدائد، رغم المخاوف التي شعر بها الكثيرون في هذا الشأن، خلال المراحل الأولى من تفشي الوباء

كما أنني أصبحت خلال تلك الفترة، أكثر انطوائية وانعزالا عن الآخرين. ويتفق أصدقائي – وهم كذلك ممن لم يتأثروا بشدة بالوباء وما ترتب عليه – على أنهم أصبحوا مختلفين عما كانوا عليه من قبل، إذ أصبحوا أكثر ولعا بالتأمل ربما، وأقل رغبة في الوقت ذاته في الاختلاط بالآخرين.

ولعلنا هنا بحاجة للتعرف على رأي ميرجام ستيغر، الباحثة في علم النفس بجامعة برانديس الأمريكية، والتي تعكف على تطوير تطبيق إلكتروني يساعد الناس على تغيير صفاتهم وخصالهم عمدا، إذ تقول: “من المرجح أن تكون هذه الفترة ذات السمات غير المسبوقة، قد شكلّت طبيعة شخصيات البشر بدرجة ما، في ضوء أنهم أُجبروا على أن يتركوا خلالها روتينهم اليومي المعتاد والمريح”.

من جهة أخرى، ربما تكون الشهور الطويلة التي غيرنا فيها عاداتنا ونمط حياتنا خلال تطبيق تدابير الإغلاق، قد أحدثت تغيرات في سلوكياتنا، ستستمر لوقت طويل، حتى بعد أن تنتهي أزمة الوباء الحالي. وتقول ويبك بليدورن، من مختبر تغيير الشخصية بجامعة كاليفورنيا–دافيز، إن الوضع الراهن “ربما يؤدي إلى ظهور معايير جديدة، قد تُشكِّل على أساسها شخصياتنا بمرور الوقت”.

وعلى الرغم من أن الكثير من الخبراء الذين تواصلت معهم، رجحوا أن يكون الوباء وما صاحبه من تدابير إغلاق، قد أديا إلى تغيير في شخصياتنا بقدر محدود على الأقل، فإنهم أشاروا في الوقت نفسه إلى أنه من العسير للغاية، أن نحدد مدى التغير الذي لحق بنا في هذا الصدد، أو نعرف يقينا الطرق التي حدث بها.

ومن بين أسباب ذلك؛ الافتقار إلى ما يُعرف بـ “البيانات الطولية”، التي تُستمد من إجراء دراسات على مدار سنوات متعاقبة للتعرف على تأثير عوامل ومتغيرات بعينها على المبحوثين أنفسهم. كما يعود ذلك أيضا، إلى أن تجارب الناس مع الإغلاق، كانت شديدة الاختلاف عن بعضها بعضا، وأنها تأثرت بصفاتهم وخصالهم، في فترة ما قبل الوباء.

وتقول روديكا داميان، الباحثة في مختبر النجاح وتطوير الشخصية بجامعة هيوستن الأمريكية، إنها لا تعتقد أنه سيكون هناك تأثير عام على شخصيات البشر تُخلّفه فترة الإغلاق، أو بعبارة أخرى؛ “اتجاه غالب، يُظهره غالبية الناس” في هذا الصدد.

وتعزز بعض البيانات الأوليّة وجهة النظر هذه، مثل ما خَلُصت إليه دراسة لم تُنشر بعد، قادتها أنجلينا سوتين، خبيرة علم النفس في جامعة فلوريدا ستيَت، واستقصت من خلالها ما إذا كانت هناك مؤشرات تفيد بحدوث تغيرات في الشخصية، خلال المراحل المبكرة للغاية من تفشي الوباء في الولايات المتحدة، أم لا. فقد أظهرت الدراسة، أنه لم تبدُ على الإطلاق أي “تغيرات من مستوى متوسط”، على غالبية صفات أفراد العينة التي شملتها.

كما كشفت عن أن مستوى “العصابية”، وهي إحدى أهم خمس صفات شخصية في دراسات علم النفس، قد تراجع بشكل طفيف، لدى من لم يعيشوا في عزلة خلال الفترة التالية لتفشي الوباء، وذلك خلافا لتوقعات البعض في هذا الشأن.

في السياق ذاته، كشفت شركة معنية بإجراء اختبارات على الشخصية، النقاب عن بيانات أوليّة جُمِعَت في الولايات المتحدة، وأشارت إلى أن نتائج الاختبارات لم تتغير في المتوسط، خلال الأسابيع الأولى من فترة الإغلاق، وصولا إلى مطلع شهر مايو/أيار.

لكن بالرغم من أن هذه البيانات، تفيد بأننا ربما لم نكتسب “شخصية جماعية” متقاربة السمات بسبب فترة الإغلاق؛ على الأقل خلال مراحلها المبكرة، فهناك دراسات سابقة يمكننا الاستفادة من نتائجها لاستنتاج جوانب الشخصية، التي يمكن أن تكون قد تغيرت لدى البعض منّا، بسبب تدابير الحجر الصحي.

فعلى سبيل المثال، ربما يكون الإغلاق قد أذكى بشكل كبير ظاهرة تعرف بـ “تأثير مايكل أنجلو”. وتتعلق هذه الظاهرة بالطريقة التي يُرجح أن تتطور بها شخصياتنا، لتصبح على الشاكلة التي نصبو لأن نكون عليها، حال انخراطنا في علاقة عاطفية، مع شريك يدعمنا ويشجعنا على أن نتصرف بالأسلوب الذي يتماشى مع طموحاتنا. ويمكن أن يشبه دور الشريك العاطفي هنا، ما يفعله النحات الذي يعمل بجد ودأب، لكي تظهر منحوتاته في أفضل صورة.

وفي هذا السياق، تشير الباحثة بليدورن إلى أن فترة الإغلاق ربما تكون قد أتاحت الفرصة لمن هم منخرطون في علاقات عاطفية، للاقتراب بشكل أكبر من شركائهم، وتعميق الروابط القائمة بينهم، فضلا عن تمكينهم من تأمل طبيعة الحياة التي يعيشونها، والنظر في أولوياتها.

وتقول في هذا الشأن: “ربما يؤدي هذا الوقت الذي كُرِس للتأمل والتفكير، إلى زيادة `وضوح مفهوم الذات` لدى الناس، إلى درجة يستطيعون فيها بلورة مفاهيم ومعتقدات متماسكة، عن أنفسهم وأهدافهم في الحياة”.

وبالنسبة للأشخاص الذين ينعمون بشركاء حياة داعمين لهم، فربما تكون فترة الإغلاق المطولة هذه، قد أتاحت لهم فرصة مُرحبا بها بشدة، لتطوير شخصياتهم بشكل إيجابي. في المقابل، من المؤكد أن تكون فترة الإغلاق قد عادت بالسلب على شخصيات من عَلِقوا خلالها – بين أربعة جدران ولعدة شهور – مع شركاء علاقات عاطفية تعيسة، أو من تعرضوا في تلك الفترة لإزعاج ومضايقة من جانب أطفالهم.

وهنا تقول بليدورن: “هناك بعض الأدلة التي تفيد، بأن كون المرء طرفا في زيجة تعيسة، يرتبط بتراجع الشعور بالسعادة والاعتداد بالنفس”، وذلك بمعزل عن فترة الإغلاق في حد ذاتها.

وتقول ريبيكا شاينر، الطبيبة النفسية في جامعة كولغيت الأمريكية، إن هذه المشكلة تحديدا، ربما تفسر السبب وراء تسجيل البعض درجات أعلى في اختبارات الكشف عن وجود صفة العصابية لديهم، نظرا لأن هذه الخصلة ترتبط بالميل للإحساس بـ “مشاعر سلبية، مثل القلق والضعف والحزن وحدة الطباع”.

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

رغم أن الطريقة التي تعامل بها المرء مع فترة الإغلاق تعتمد بشكل كبير على طبيعة شخصيته، فإن هوية من قضى معه/معها هذه الفترة يُحدث كذلك فارقا

وتضيف شاينر بالقول: “من يعانون من درجة عالية من العصابية، يكونون كذلك عرضة لأن يسببوا مزيدا من الضغوط لأنفسهم، سواء من خلال الانخراط في صراعات مع الآخرين، أو عبر تجنب مواقف، يجدون أنها تتضمن تهديدات لهم”.

لكن ماذا عمن تُرِكوا بمفردهم تماما خلال فترة الإغلاق؟ ربما سيكون بوسعنا هنا توقع أن يُخلّف ذلك تأثيرا سلبيا على صفات شخصياتهم، إذا كنت هذه العزلة الانفرادية القسرية قد جعلتهم يشعرون بوحدة شديدة، وذلك استنادا إلى نتائج دراسات سابقة أُجريت بشأن العلاقة بين الوحدة والخصال الشخصية للإنسان. ويتجسد هذا التأثير في زيادة مستوى العصابية وتراجع قدر الانبساطية في الشخصية. رغم ذلك، ترسم البيانات المتوافرة حتى الآن عن تأثيرات فترة الإغلاق، صورة تُبرز قدرة البشر على التكيف مع الظروف المعاكسة.

ويكفي للدلالة على ذلك، الإشارة إلى دراسة أُجريت في المملكة المتحدة بشأن العلاقة بين الوحدة والشعور بالاكتئاب، وشملت 800 شخص عاشوا في عزلة خلال الأسابيع الأولى من فترة الإغلاق العام. إذ لم تكشف نتائج هذه الدراسة، عن وجود أي تأثيرات سلبية لتلك العزلة على الشخصية.

وأشار القائمون على الدراسة إلى أنه ربما يكون بمقدورنا فهم هذه النتائج في ضوء “ما تعلمناه من دراساتنا السابقة بشأن تأثيرات الحياة في عزلة.. من أن ذلك قد يمنحنا فضاء إيجابيا، يسمح لنا بإعادة تنشيط عقولنا، لا باستنزافها”.

وتتعزز هذه الرؤية على ما يبدو، بفعل نتائج أوليّة أخرى، خَلُصَت إليها دراسة أجراها باحثون من جامعة كولومبيا البريطانية في كندا، حول مدى قوة الترابط الاجتماعي خلال فترة الإغلاق. فقد أشارت تلك الدراسة إلى أن ذلك خلّف تأثيرات سلبية محدودة. وقد يعود ذلك على الأرجح، إلى أن الوسائل التكنولوجية الحديثة، توفر لنا الكثير من السبل، التي تُبقينا على اتصال ببعضنا بعضا، حتى في وقت نخضع فيها لتدابير إغلاق.

وفي هذا الإطار، تقول ويبك بليدورن: “لقد بات بإمكان البشر الاختلاط الاجتماعي افتراضيا، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصالات، وغير ذلك من التطورات التقنية”. وتستطرد قائلة: “أتصور أن يكون أصحاب الشخصيات الانبساطية، هم الأكثر قدرة على اغتنام مثل هذه الفرص”.

وربما تجدر الإشارة هنا، إلى أن أي شخص كانت لديه في منزله مساحة غير مسقوفة، ظل بوسعه أن ينعم – خلال الإغلاق – بالهواء النقي وأشعة الشمس. كما أن الأمر لم يخل بالنسبة للأشخاص الآخرين، من عوامل خففت عنهم وطأة تلك الفترة، مثل اشتراكهم في خدمات البث الحي بحسب الطلب.

وربما تساعد تلك العوامل، على تفسير الأسباب، التي جعلت العزلة التي خضع الكثيرون لها خلال الشهور القليلة الماضية، لا تسفر على ما يبدو عن بعضٍ من التأثيرات النفسية السلبية، التي رصدتها دراسات سابقة، أُجريت على أشخاص عاشوا معزولين في بيئات شديدة القسوة والصرامة. فقد أثبتت بعض هذه الدراسات، وجود صلة مثلا بين قضاء المرء فترات مطولة في مراكز الأبحاث في القارة القطبية الجنوبية أو في تجارب محاكاة الرحلات الفضائية التي تقصد كوكب المريخ، وبين معاناته من تأثيرات سلبية تقلل من إحساسه بالراحة والسعادة، بما يشمل زيادة خطر إصابته بالاكتئاب.

الجدير بالذكر، أن الاتصال بالعالم الخارجي كان شديد الصعوبة، بالنسبة لأفراد عينات البحث في الدراسات التي تحدثنا عنها في السطور السابقة. كما كانت الظروف السائدة في تلك الدراسات، تنطوي على تحديات لم تكن موجودة خلال شهور الإغلاق، مثل الظلام والبرودة القارسة اللذين تشهدهما القارة القطبية الجنوبية، والقرب الشديد من أشخاص غرباء، في تجارب محاكاة السفر إلى المريخ.

على أي حال، إذا كنا نريد الحصول على فكرة أوضح حول الكيفية، التي ربما يكون الوباء قد غير شخصياتنا من خلالها، سيتعين علينا الانتظار للتعرف على نتائج الدراسات العلمية، التي ستُجرى على مدى زمني طويل في هذا الصدد. وتشارك بليدورن وداميان في دراسة من هذا القبيل تُجرى حاليا، وتتسم بضوابطها العلمية الصارمة، وتتناول التغيرات التي تطرأ على شخصية الإنسان، من خلال تعقب صفاته وخصاله وما يطرأ عليها من تغييرات، على مدار سنوات متعاقبة.

لكن إذا استندنا إلى المؤشرات الأوليّة المتوافرة لدينا الآن، فسنجد أن جانب العزلة الذي انطوت عليه فترة الإغلاق، ربما لم يؤد في حد ذاته، إلى حدوث تغييرات عميقة في شخصياتنا.

من جهة أخرى، ينبغي علينا الإقرار بأنه كان للوباء جوانب وتبعات أخرى، تتجاوز مجرد مسألة الإغلاق. وتقول الباحثة روديكا داميان في هذا الإطار، إنه ربما كان لبعض هذه التبعات، مثل فقدان الناس لوظائفهم أو إصابتهم بالمرض أو معاناتهم من وفاة أحد أحبائهم بسبب الإصابة بـ (كوفيد – 19)، ارتباط أكبر بحدوث تغيرات في الشخصية.

وتوضح داميان قائلة: “هناك ارتباط بين فقدان الوظائف وتراجع الشعور بضرورة التحلي بضمير حي في التعامل مع الأمور. كما تبين أن هناك صلة بين الإصابة بالمرض وزيادة مستوى العصابية وتدني مقدار الانبساطية في الشخصية”. لكن الباحثة استدركت بالقول إنه من الضروري توخي الحذر، في استخلاص نتائج في هذا الصدد، في ضوء أن تلك المؤشرات ستظل مجرد “تكهنات مبنية على التفكير المتعمق”، حتى تتوافر بيانات أكثر تؤكد صحتها.

لكن إذا سلمنا بأننا تغيرنا على نحو ما بفعل الإغلاق، فإن ذلك يؤدي إلى أن يطرح التخفيف الحالي للإجراءات التي اتُبِعَت في هذا الصدد، أسئلة منطقية من قبيل: هل سيكون بوسعنا أن نعود إلى ما كنا عليه في السابق؟ وكيف سيحدث ذلك؟ وهل نريد أن يحدث من الأصل بالفعل؟ بالنسبة لي مثلا، صرت بالقطع أشعر بنزعة أقل للاختلاط بالآخرين، حتى من على مسافة آمنة.

اللافت، أن النتائج المُستخلصة من الأدبيات العلمية المتعلقة بالتغيرات التي تطرأ عادة على شخصية البشر نتيجة تبدل الظروف، تبدو إيجابية. إذ تشير إلى أن البشر قادرون على التكيف، وأنهم يتحلون بضمير حي بشكل أكبر، عندما يضطلعون بأدوار تتطلب بذل الكثير من الجهد. وتفيد تلك الدراسات كذلك، بأن صفات البشر تصطبغ بطابع أكثر إيجابية، بعدما ينفضون أياديهم، من العلاقات الشائكة والسلبية التي تربطهم بمن حولهم.

غير أن شاينر تحذر من أن شخصا انطوائيا مثلي، سيواجه صعوبات، في أن يعود ليتكيف مع طبيعة الحياة، كما كانت قبل الوباء، على الأقل في البداية. وتوضح بالقول: “كان بوسع الانطوائيين خلال فترة الإغلاق تجنب الضغوط الاجتماعية التي يتعرضون لها للاختلاط بمن حولهم. وهذا ما قد يجعل استئنافهم للحياة على شاكلتها المعتادة، أمرا عسيرا عليهم”.

وتنصح الباحثة بأن يعمد الانطوائيون خلال عودتهم تدريجيا إلى الحياة العادية إلى أن “يقضوا وقتهم مع الأصدقاء الأكثر قربا إلى قلوبهم، سواء عبر لقاءات ثنائية، أو من خلال تجمعات تضم عددا محدودا للغاية من الأشخاص، وهو ما يتوافق بالتأكيد مع قاعدة التباعد الاجتماعي على أي حال”.

وتشعر داميان بالتفاؤل إزاء ما نتحلى به من قدرة جماعية، على التكيف مع طبيعة الوضع الناجم عن تواصل رفع إجراءات الإغلاق. وتقول: “لا أعتقد أن الناس بحاجة للشعور بالقلق إزاء مسألة تغير صفاتهم وعودتهم إلى ما كانت عليه قبل فترة الإغلاق. أتوقع أن يحدث هذا التغير لدى غالبية الناس، تدريجيا وبشكل طبيعي”.

غير أن نصيحتها الأساسية في هذا الشأن، تتمثل في ضرورة ألا نتعجل العودة إلى الطرق القديمة، التي اعتدنا أن نعيش حياتنا من خلالها قبل تفشي الوباء.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Future

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى