أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةالعلوم النفسية والتربوية والاجتماعية

انعكاسات كورونا النفسية تُهدّد أطفالنا بأمراض عضوية

إيسايكو: انعكاسات «كورونا» النفسية تُهدّد أطفالنا بأمراض عضوية

مسؤولية كبرى على الأهل في الإدارة المنزلية السليمة لآثار الجائحة

علياء عابدين: التشخيص والعلاج يعتمدان على أخذ القصة السريرية كاملة من الوالدين

ياسر القحف: الأطفال الذين يبدأون أول مشيهم معرّضون لأضرار ومشاكل عضوية أكبر

محمد العصفور: المشاعر والانفعالات والأفعال والأقوال تنتقل للأولاد تبعاً لمبدأ «تقليد القدوة»

عبدالله غلوم: توفير بيئة نشاطات بأسلوب مبتكر لسبر مخيلات الأطفال وقدرتهم على التأقلم الإيجابي

فيما أثبتت الدراسات العلمية أن استجابة الجسم للخوف في البداية، قد تنقذ حياة الشخص، وتحميه من المخاطر، إلّا أن استمرار التعرّض لظروف تخضعه لشعور متواصل بالقلق والتوتر والهلع، قد يعرّضه لأمراض نفسية وعضوية حادة.
ويخشى كثيرون من أن تخلف جائحة «كورونا» أمراضاً نفسية وعضوية، لا تستثني من ضحاياها أي فئة عمرية، سواء من كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، أو أطفالاً في عمر الورود الذين سيكونون معرّضين لآثار نفسية قد ترافقهم لوقت غير قصير، نتيجة التوتر والقلق والهلع، الذي كابدوه بسبب الفيروس، خوفاً من فقدان أحد أفراد عائلتهم بسبب إصابته بالعدوى أو عمله بالصفوف الأمامية، وكذلك بسبب التزامهم المنزل لأشهر عدة.
مجموعة من أطباء الأطفال والاختصاصيين، رأوا في تصريحات لـ«الراي»، أن الجائحة تعرّض الطفل للكثير من الضغوط النفسية، بسبب سوء إدارة أولياء الأمور للأزمة، وهذه الضغوط قد تترجم على جسد الطفل وبدنه، لتظهر على شكل أعراض وأمراض عضوية بآلامها وندوبها.عابدين
وفي هذا السياق، أشارت الأخصائية في طب الأطفال والخدج الدكتورة علياء عابدين إلى أن منظمة الصحة العالمية اعتبرت الصحة النفسية جزءاً أساسياً ومتمماً للصحة العامة، حينما عرفت الصحة، بأنها «حالة من الشعور التام بالسعادة والعافية الجسدية والنفسية والاجتماعية».
واعتبرت أنه مع تزايد الضغوطات النفسية بسبب «كورونا»، من المتوقع أن تزداد المشاكل النفسية عند الأطفال واليافعين، ويمكن أن تسبب تلك المشاكل النفسية، الكثير من الأمراض العضوية، التي قد تؤثر على الجهاز المناعي للطفل، مثل فقدان الشهية، واضطرابات معوية (إسهال أو إمساك)، وتبول لا إرادي، وصداع متكرر، وزيادة التعرق خاصة في الكفين، وارتعاش بالجفنين، وزيادة نوبات الربو، وتسرع دقات القلب، إضافة لمشاكل سلوكية مثل التأخر بالكلام، والتلعثم، والعنف.
وأوضحت أن التشخيص والعلاج يعتمدان على أخذ القصة السريرية، كاملة من الوالدين، في شأن الوضع الأسري، لاسيما الضغوط النفسية التي من الممكن أن يكون الطفل تعرّض لها، وبعدها يجب القيام بجميع التحاليل اللازمة لنفي الأمراض العضوية، ومن ثم وضع خطة علاجية مناسبة لكل حالة، والاستعانة بطبيب نفسي، إن تطلّب الأمر.القحف
من جهته، قال الاستشاري رئيس قسم الأطفال في مستشفى السيف الدكتور ياسر القحف، إن الحالة النفسية السيئة التي يعاني منها بعض الآباء، تتسبّب في إحداث خلل في نظام حياتهم، وروتين يومهم، مثل السهر لساعات طويلة، ما يؤدي إلى الإرهاق، وعدم التقيد بساعات معينة لتناول الطعام، بالتالي يؤثر ذلك بشكل مباشر على صحة أطفالهم حديثي الولادة، أو الرضع، ويؤدي لاضطراب ساعات نومهم، وعدم حصولهم على جرعات غذائية منتظمة، بسبب عدم قدرة آبائهم على القيام بالواجبات تجاههم على أكمل وجه.
واعتبر أن الأطفال الذين يبدأون أول مشيهم، معرّضون لأضرار ومشاكل عضوية أكبر، بسبب جائحة «كورونا»، مثل إصابتهم بمشاكل تنفسية، بسبب عدم خروجهم إلى الهواء الطلق، واستنشاقهم الهواء في الأماكن الداخلية فقط، وإصابتهم بمشاكل هضمية متمثلة بآلام المعدة، نتيجة عدم تناولهم وجبات متوازنة، واتباعهم لنظام غذائي غير صحي.
وأشار إلى أن الضغط النفسي يُضعف مناعة الجسم تجاه مقاومة الأمراض المختلفة، وتتمثل الآثار الجسدية للضغط النفسي في جفاف الفم والبلعوم، والتعب والانحطاط العام، ورجفة أو ارتعاش عصبي، وسرعة خفقان القلب، وإسهال أو إمساك، واضطراب المعدة والجهاز الهضمي، ونوبات دوار، وفقدان أو زيادة الشهية للطعام، وتشنج عضلات الجسم.العصفور
من ناحيته، ذكر الباحث في علم النفس التربوي المستشار والمدرب في علم أنماط الشخصية الدكتور محمد العصفور، أنه «بحسب (هرم ماسلو) فإن الأمن والغذاء والبقاء، من الحاجات الأساسية للإنسان، وإذا تم إشباعها يبدأ الإنسان بتطوير ذاته، بالمقابل إذا شعر الإنسان بأن حياته مهدّدة بالخطر، فإن ذلك يجعله ينشغل فقط بإنقاذ نفسه، وهذا ما يحدث الآن بسبب جائحة كورونا، التي تسبّبت بالشعور بالقلق والهلع والخوف من المرض أو الموت».
وأضاف أن الأطفال لا يستشعرون خطر الموت، لأنه مفهوم أكبر من مداركهم العقلية، لكنهم يشعرون بالخوف عندما يردد آباؤهم عبارات بشكل مستمر، مثل «فلان مات، أو فلان أصيب بالفيروس»، فيبدأ شعور القلق ينمو عند الأولاد من دون معرفة السبب، وقد يصبح الطفل أكثر عصبية، وغضباً إذا رأى أبويه يصرخان ويتذمران طوال الوقت، نتيجة الضغوط النفسية التي يتعرّضون لها، وإن كل تلك المشاعر، والانفعالات، والأفعال، والأقوال تنتقل للأولاد تبعاً لمبدأ «تقليد القدوة».
وقال إن الطفل يتأثر نفسياً بسبب تدهور الحالة الاقتصادية للعائلة، عندما يؤثر ذلك على الحالة النفسية للآباء، لتبدأ الضغوط النفسية بالانتقال كـ«العدوى» إلى الأطفال، ما يشير إلى ضرورة ضبط مشاعر وانفعالات الأبوين أمام أطفالهم، وإشغالهم بمهام متنوعة طول الوقت لتنمية الجانب الفكري من خلال قراءة القصص، والجانب الحركي من خلال اللعب، وممارسة الرياضة، والجانب الاجتماعي من خلال التواصل مع جميع أفراد العائلة لحماية صحتهم النفسية.غلوم
بدوره، قال الاستشاري في طب النفس الدكتور عبدالله غلوم «علينا التعامل مع جائحة كورونا بأنها واقع مفروض علينا، لخلق واقع إيجابي، بالرغم من القيود والتغييرات، ووجود ضغوط نفسية لدى الأطفال أمر طبيعي، لكن وسط هذه الظروف، علينا أن نصارح أطفالنا بذلك».
ودعا إلى توفير مساحة للأطفال للتعبير عن استيائهم، ومن ثم إعادة صياغة هذا الاستياء، من خلال تسليط الضوء على الأمور المتوافرة لديهم، والتي مازالوا يمتلكونها بالرغم من الجائحة، وتوفير بيئة تحتوي على النشاطات الصحية كافة، والقيام بها بشكل وأسلوب مبتكر، للتعرف على مخيلات الأطفال، وقدرتهم على التأقلم الإيجابي.
وأكد أن خوف الأطفال في هذه المرحلة يعتبر طبيعياً، بسبب تغير حياتهم المعتادة بشكل مفاجئ، لكن التقيد بروتين يومي منتظم يضمن لهم حياة مستقرة، ويقلل من نسبة الشعور بالقلق والخوف، مشيراً إلى أنه يجب التصدي لإصابة الأطفال بالهلع، نتيجة خوفهم من إصابتهم أو أحد أفراد عائلتهم بالفيروس، من خلال تزويدهم بمعلومات تخص الأزمة، ووقائع تتناسب مع سنهم ليشعروا بالاطمئنان والأمان.آراءالشمس حاجة يوميةلفت القحف إلى أن تعريض الطفل، أو الرضيع للشمس يعد أمراً ضرورياً لتحفيز إنتاج لفيتامين (د)، الذي يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم، وتقوية العظام والأسنان، ويحتاج جسم الإنسان إلى التعرض لأشعة الشمس يومياً لمدة 15 دقيقة على الأقل لإنتاج الكميات الكافية من الفيتامين.الجلد مرآة الجسمقال القحف إن الجلد من أكثر أعضاء الجسم تأثراً بالحالة النفسية، ويوصف بأنه مرآة الجسم، تعكس التغيّرات التي تصيب الأعضاء الداخلية المختلفة، بما فيها الجهاز العصبي، وقد تعرض الحالة النفسية السيئة للإصابة ببعض الأمراض الجلدية مثل الثعلبة، مشيراً إلى أن مبالغة الآباء بالحذر نتيجة الخوف، يدفعهم للإفراط في استعمال المطهرات التي تحتوي عادة على نسبة كحول عالية، ما يسبب مشاكل جلدية عند الأطفال، مثل الحساسية والأكزيما والجفاف، نتيجة الإفراط بالاستحمام.اللعب وظيفة الطفل للتعلّم والتطوّرأشار العصفور إلى أن الطفل مع مرور الأيام قد يعتاد الخمول، وقد يصبح ملولاً، ويفقد طاقته، في حين أنه بحاجة دائماً لوجود الأصدقاء حوله، ليتعلم منهم بعض الأشياء، وليطبق ما تعلم أو اكتسب معهم، موضحاً أن اللعب مع الآخرين يعتبر وظيفة الطفل التي من خلالها يكتسب مهارات اجتماعية، وإدارية، وقيادية، ونفسية، فإذا فقد الطفل هذه الممارسات، فقدَ قدرته على تطوير ذاته.

مريم الحكيم-الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى