صرخات احلام الأردنية: انتفاضة في وجه دائرة عنف متواصل ضد المرأة
[ad_1]
لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع بحوادث عنف وقتل تتعرض لها المرأة بشكل خاص، على يد ذوي القربى، وفي مقدمتهم الأب الذي يفترض أن يكون سندا يحميها.
وخرجت يوم الأربعاء مجموعة من الأردنيات في وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب الأردني، للمطالبة بوضع حد للعنف الأسري ولإلغاء أو تعديل قوانين يرون أنها مسؤولة بشكل مباشر عن عدد كبير من حوادث قتل البنات والزوجات.
صرخات أحلام
أحدث تلك الحوادث المعلنة، قصة الشابة الأردنية أحلام التي قتلها والدها.
وكان أردنيون قد تداولوا منذ أيام مقطع فيديو صُور ليلا ويُسمع من خلاله صرخات وتوسلات فتاة يقول الناشطون إنها لأحلام.
ولم يتسن لبي بي سي الـتأكد من صحة المقطع، إلا أن بيانا مقتضبا لمديرية الأمن العام الأردنية أكد، يوم السبت، مقتل الشابة الثلاثينية بعد أن اعتدى عليها والدها بأداة حادة على مستوى الرأس.
وأفادت المديرية بأن الأب أحيل إلى القضاء منذ يومين. ولم تقدم السلطات معلومات عن طبيعة وخلفية الجريمة.
لكن قضية أحلام لم تكن الأولى، وقد لا تكون الأخيرة، في ظل انقسام مجتمعي وتأييد ضمني، وأحيانا صريح، من بعض شرائحه.
وقد نشرت صفحة مكتب الأميرة بسمة بنت طلال بيانا جاء فيه: “إن جريمة قتل هذه الشابة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في سلسلة الجرائم المحزنة المعيبة … آن الأوان أخيرًا أن نلتزم التزاماً حقيقيًا صادقاً ونتسلح بإرادة مجتمعية سياسية لتطبيق الإجراءات الرادعة وإنهاء إمكانية استغلال الأحكام المخففة للإفلات من العقوبة”.
هل تهز صرخات أحلام القوانين؟
تحولت صرخات أحلام ومناجاتها إلى وسم تصدر الصفحات والمواقع الإلكترونية في الأردن.
واستخدم مغردون وسم #صرخات_الأردنيات لمشاركة حالات وصور توثق العنف ضد المرأة، كما أدان معظم مستخدمي الوسم ما وصفوها بـ”العقلية الذكورية” في المجتمع الأردني بشكل عام.
وتقول الناشطات اللاتي نظمن الوقفة الاحتجاجية إن الهدف منها تحقيق مجموعة من المطالب منها: المطالبة بقانون رادع يخص العنف الأسري، ومنع اسقاط الحق الشخصي في حالات العنف الأسري، وتعديل مادة قانونية خاصة بجرائم ثورة الغضب.
وطالبت جمعيات حقوقية بتوقيع أقصى العقوبات على الأب، لاسيما مع انتشار معلومات بأنه جلس يرتشف الشاي بجانب جثة ابنته غير مبال بجريمته التي لاقت قبولا وإشادة من باقي أفراد العائلة، بحسب ما قاله ناشطون.
ورغم أن نبرة الاستنكار والتنديد طغت على تعليقات المتفاعلين مع القضية، إلا أن البعض لم يجد غضاضة في الدفاع عن الأب وشرعنة أفعاله.
ففي غمرة حملة التعاطف الواسعة مع أحلام، برزت ثلاثة عبارات تنضح ذكورية : “كفو عند الحق يحمي شرفه” و”أكيد الأب مختل عقلي” أو “استروا البنت ولا تشوه سمعة البلد والعائلة”.
الدعوات إلى الستر بحجة حماية سمعة الفتاة المتوفاة رأى فيها حقوقيون دعوة للتستر على جريمة العائلة، ودليلا على تقبل المتجمع للعنف المسلط ضد النساء.
لكن المدافعين عن الأب وجدوا في خبر يتحدث عن سجل أحلام الجنائي، فرصة لتسطيح القضية وتحميل المسؤولية للفتاة المغدورة.
ورغم أن السلطات لم تفصح عن ملابسات الجريمة، إلا أن البعض ربطها بالشرف وهي “الحجة والستار الذي يتوارى خلفه مرتكبو جرائم العنف ضد المرأة”، بحسب ما قلته المحامية إنعام العشا.
وتضيف العشا في حديثها مع مدونة ترند:”وصل الحال إلى أن أصبح الشرف عباءة يرتديها كل من يريد التملص من الجريمة أو إخفاء سبب جرمه الحقيقي، كخلاف على ميراث أو إرغام الفتاة على الزواج”.
#اوقفوا_قتل_النساء
ويصر حقوقيون أردنيون على أن جرائم قتل النساء، مهما كانت أسبابها، لا ينبغي أن تصبح “اعتيادية” وتمر دون عقاب.
وتلعب مواقع التواصل الاجتماعي دورا هاما لفضح حوادث العنف ضد النساء، والضغط على صناع القرار لتغيير قوانين يرى كثيرون أن تمنح “ولي أمر المرأة”، سواء كان والدها أو شقيقها أو زوجها أو حتى عشيرتها، حق قتلها تحت مسمى ذريعة “حماية شرف”.
وإثر قضية أحلام، تصدر وسم #اوقفوا_قتل_النساء مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن ودول عربية أخرى.
ومن خلاله شاركت المئات من النساء قصصا وتجارب تعنيف إما تعرضن لها شخصيا، أو رووا حكايات لنساء تعرضن للانتهاكات أو العنف الجسدي على يد رجال وأفراد عائلة.
تراجع نسبي
وقد سجل الأردن تراجعا نسبيا في جرائم القتل الأسرية بحق النساء، منذ عام 2017، بعد تعديل المادة 98 من قانون العقوبات، التي “كانت تمنح مرتكب الجريمة عذرا مخففا في حال أقدم عليها بصورة غضب أو “وقع الفعل على أنثى بداعي المحافظة على السمعة والاعتبار”.
وانخفضت جرائم القتل الأسرية بحق النساء والفتيات خلال عام 2018 بنسبة 56 بالمائة مقارنة بعام 2017.
وعلى ضوء تلك النتائج، توقع حقوقيون أن تشهد حالات العنف ضد النساء تراجعا أكبر، لكن الأمل ما لبث أن تبدد بعد ازدياد شكاوى النساء وتطور الاعتداءات بحقهن.
وترى إنعام العشا، رئيسة جمعية معهد تضامن النساء الأردني، أن القوانين وحدها لا تكفي.
وتكمل في حديثها معنا: “العديد من الأحكام في الآونة الأخيرة صدرت مغلظة بحق الرجل المعتدي لكن المشكلة الحقيقية تكمن في التطبيق العملي والبنية الفكرية المجتمعية التي لا تزال محملة بالعنف تجاه المرأة، وتستهتر من مراجعة النساء للمراكز الأمنية”.
وتختم العشا: “يجب أن تتغير مفاهيم تربية الفتاة عن الشاب وأن تترسخ مفاهيم الندية والمساواة وعلينا التحرر من ثقافة الصمت التي تسيطر على العديد من الفتيات اللاتي يتعرضن لاعتداءات متكررة من أقرب الأشخاص إليهن”.
دائرة العنف المفرغة
يبدأ العنف بطائفة من الأفعال والقواعد، لا تنفك العائلة تفرضها على الفتيات في سن صغيرة، لتحتد مع مرور الزمن مخلفة آثارا على أجسادهن وشخصياتهن
وقد يُمارس العنف من الرجل ضد المرأة ومن المرأة ضد المرأة في كثير من الأحيان.
وحتى تتحرر المرأة من تلك القيود، يرى الكاتب مصطفى حجازي في مؤلفه “سيكولوجية الإنسان المقهور” أن لا بد أن يتحرر المجتمع أولا من سلاسل العبودية، فلا يمكن أن تتحرر المرأة في مجتمع مقموع وعاجز عن تحديد مصيره في ظل وجود منظمات سلطوية وأجهزة ديكتاتورية تعمل على قهره، وتسلط عليه كافة أنواع العنف وتشجعه على ممارسته”.
في ظل هذه الدائرة المفرغة من العنف يحاول صاحب السلطة قمع الأضعف منه، وعادة ما تكون المرأة والطفل الحلقة الأضعف في هذه الدائرة.
وقد تندفع العائلة في بعض الأحيان إلى تلقين أطفالها العنف التي عايشته في مجتمعات سلطوية وثقافات أبوية تميز بين الذكر والأنثى، فتربي ابنتها على قبول ذلك التمييز وتنشئ أخاها على ممارسته ضدها.
تعيد قضية أحلام التذكير بتاريخ طويل لقضايا من ذات النوع شهدتها الساحة الأردنية والعربية.
فكلنا نتذكر قصة الفتاة الفلسطينية إسراء غريب، التي هزت قضيتها العام العربي، بعد أنباء عن “تعرضها للضرب والتعذيب المفضي إلى الموت على يد أشقائها لملاقاتها خطيبها من دون عقد قرانهما”.
ولا تزال القائمة طويلة. فرغم ارتفاع الوعي وتغليظ العقوبات لا يزال العنف المسلط ضد المرأة مستمرا.
وفقاً لـمنظمة “هيومان رايتس ووتش”، فإن ما بين 15 إلى 20 امرأة وفتاة يتعرضن للضرب أو الطعن أو الحرق حتى الموت من قبل أفراد الأسرة بسبب تجاوز هؤلاء النساء، حواجز “الشرف” الاجتماعية.
وغالباً ما تتضامن عائلة الضحية مع الجاني، وتطالب بنفسها بتخفيض العقوبة عنه.
[ad_2]
Source link