أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالات

عن الحب والانتظار والانتصار .. بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

إيسايكو: عن الحب والانتظار والانتصار .. بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

اتكلم اليوم عن مسرحية جميلة جدا بعنوان ( اكلة التمساح ) وهي مسرحية رومانسية من الأدب المجري للكاتب ( ميكلوس هوباي) ، تتحدث عن المشاعر الصادقة التي لا تتبدل مع مرور الزمان ولا تغيرها المظاهر، ولا تبدلها الأحداث ولا تموت مهما عصفت بها الايام…..
انها قصة رجلٍ أحبَّ امرأة لمدة ثمانية وأربعين عاما، وكان الرجل أكبر من المرأة بحوالي عشرة أعوام وهو ما منع اهلها آنذاك أن يوافقوا على ارتباطه بها … ثم تزوجت هي ( رغما عنها) من رجل آخر، وأنجبت وصارت جدة، ومات زوجها وبقيت أرملة لمدة عشرين عاماً أخرى، وأفنت عمرها في تربية أولادها والاهتمام بهم وبأحفادها، وتقدم لها الكثيرين لانها كانت فاتنة الجمال لكنها رفضت باستمرار … وأما هو .. فقد بقي على مودته وحبه وعشقه لها ولم يتغير، ، ولم يتزوج اصلا.. وغاب في غربة طويلة ولم يكن هناك اي نوع من انواع التواصل لكنه كان يعيش على امل ان يلتقي بها يوما ما..
ثمّ عاد وعلم بما حصل معها .. فذهب إليها طالبا الارتباط بها،…
وهنا اجمل المشاهد.. حيث تدور الأحداث حول لقاء رائع يجمع بينهما بعد هذه السنوات الطوال، عندما جاء إليها يطلب يدها ليعيشا معًا ما تبقى من عمريهما… وهي لا تكاد تصدق وتنسى انها جدة وتتذكر فقط انها عاشقة .. وفي مشهد مؤثر عميق يمسك العاشق المتيم بيده سيخ المدفأة الاحمر الملتهب، ليقول لها: لن أفعل كبعض عشاق شكسبير الذين أكلوا التمساح من أجل من يحبون … ولكني أمسك بيدي هذا السيخ الملتهب حمرة وساحرق اي مكان في جسدي تختاريه انتي حتى تشهدي وتعلمي أني أحبك أكثر من حياتي، وان حبك اقوى من اي ألم .. وتكاد ترتجف خوفا على حبيب القلب في ذات المشهد المؤثر غتقول له: أشهد أنك تحبني أكثر من حياتك، ويكفي ان قلبك احترق عشقا وحبا لي منذ اكثر من اربعين سنة.. (( نعم ان الحب لا يعرف حدود الزمان ولا حدود المكان)) .. وفي لحظة رائعة يقرران أن يوقفا الساعة عند لحظة سعادتهما، تلك اللحظة التي أقرّ كلاهما بالمودة التي عمرت قلبيهما طوال العمر ، يريدان ان يوقفا كل التاريخ ليكون يوم لقائهما هو يوم ميلادهما.. وكما قال شاعر العرب نزار قباني (( ما زلت تسألني عن يوم ميلادي؟؟ إذن .. سجل لديك ما كنت تجهله .. تاريخ حبك لي تاريخ ميلادي…))
وفي المسرحية مشهد جميل اخر حيث كانت الابنة الكبرى للمرأة ترقب لقاءها عن كثب بطلب من والدتها، فلما عاد زوج ابنتها، قالت له : ماذا قدمت لي خلال حياتي معك؛ هل أمسكت السيخ المحمي من أجلي، هل أوقفت الزمن من أجل لحظة سعادة تجمعنا، هل أكلت تمساحًا من أجلي، هل عرفت يومًا ما هو الحبّ؟.
تتمحور كل المسرحية حول الحب واهميته في حياتنا وروعة الوفاء بين العاشقين ومدى قدرة العاشقين على الصبر والتحمل والانتظار ليعيشا لحظة حب واحدة…. نعم وما السعادة إلا لحظة فرحة يقف عندها العمر وتجثو على قدميها كلُّ أيام الحياة… وان لحظة حب صادقة تساوي عمرا بأكمله .. وإن من نعيم الجنة لحظة من راحة البال تقف عندها عقارب الزمن فلا يكدر صفوها احد .. إن لحظة لقاء الاحبة بعد طول فراق وشوق وانتظار هي لحظة تاريخية تصنع التاريخ.

الدكتور أحمد لطفي شاهين

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى