أخبار عربية

ثنائي الجنس: “قصة الاعتراف بي كرجل بعد أن ولدت بعضو أنثوي يضم عضوا ذكريا”


أيك

مصدر الصورة
Rachaphon Riansiri/BBC Thai

يقول أيك (وهذا ليس اسمه الحقيقي): “لقد عشت طوال حياتي بهوية مزيفة. وإذا عرفوا من أكون، فسأتعرض لجميع أنواع الإهانة والسخرية. هذا هاجس يلاحقني ومازلت مسكوناً به.

وقد ولد أيك بأعضاء تناسلية أنثوية ذكرية ( الذكرية غير ظاهرة خارجيا)، وعومل كفتاة منذ الولادة.

وعندما كبر، لم يكن يدرك وجود قضيب داخل المهبل لديه. فقد نشأ كفتاة منذ الصغر؛ وكان يرتدي تنورة في المدرسة، لكنه يتذكر أن بعض الأشياء التي لم تكن تروق له وقتها والتي يعتبرها “أنثوية”. كما أنه غالباً ما كان يجد نفسه يلعب مع الصبيان، ويتذكر كيف كان يتمنى أن يكون فتىً مثلهم.

كانت تلك بداية رحلة أيك الطويلة لجعل المجتمع يحترم رغباته ويتقبله.

غير مؤهل

في المدرسة الثانوية، بدأت عضلاته تنمو وجسده يتضخم، وقد أدى هذا التغيير إلى مواجهته لتجربة غيرت حياته كلياً.

كان رياضياً ناشئاً وحقق أداءً جيداً في سباق 100 متر، وكان سريعاً جدا وقد حقق رقماً قياسياً في المدرسة.

خاض المنافسات بصفته فتاة في كل البطولات في مقاطعته الأصلية، وكان على وشك تمثيل بلده تايلاند عندما أخفقت تطلعاته فجأة. فقد تم تقديم شكوى ضده لإثبات جنسه، فكشف الفحص الطبي وجود كروموسومات ذكورية لديه، فاستثنته تلك الفحوصات فعلياً من خوض المنافسة، وسرعان ما تحول الابتهاج إلى مخاوف.

مصدر الصورة
Rachaphon Riansiri/BBC Thai

Image caption

كان أيك يشعر بأنه ذكر بيد أن المجتمع اعتبره أنثى

حيرة وارتباك

يقول أيك: “عند سماعي بنتيجة الفحص، شعرت أن شخصاً ما قد سحب البساط من تحت قدمي. لقد كنت فتاة طوال حياتي وكان لدي أعضاء تناسلية أنثوية كأي فتاة أخرى”…. “من أنا؟ ما الذي أصبحت عليه الآن؟ كنت حقاً مرتبكاً ومحرجاً جداً، فتقوقعت على نفسي”.

وبعد ذلك، بات الأصدقاء ومن حوله يسخرون منه، و وصفوه بأنه “شخص ذو قضيب منقسم على نفسه”. وفي تلك الأثناء، حدث له أنه أثير جنسياً من قبل زميلته التي كان معجباً بها؛ شعر بقضيبه يبرز منتصباً من المهبل.

ويصف شعوره وقتها بقوله: “شعرت بأن مصيري ومستقبلي قد تحطم. لم أكن امرأة ولا رجل، لم أعد أعرف أين يقع تصنيفي في هذا العالم. انغلقت على نفسي، وتخليت عن حضور الفصول الدراسية لتجنب سخرية وتهكم الأصدقاء. كانت عائلتي تعرف بمحنتي لكنها لم تفعل شيئاً حيال ذلك، لقد كنت محطماً ومنهاراً تماماً”.

“اغتصباني لأنني أميل للجنسين”

فيروس كورونا: “أمسك بثديي وقال لي لستِ امرأة”

كيف تحول موت الناشطة المصرية سارة حجازي إلى سجال “فكري ديني”؟

مصدر الصورة
Rachaphon Riansiri/BBC Thai

Image caption

عانى أيك بسبب الالتباس بشأن هويته الجنسية لسنوات عديدة

حياة جديدة

قرر أيك الانتقال إلى بانكوك بحثاً عن فرصة حياة جديدة، وحصل على وظيفة هناك، حيث تقدم بطلبه للحصول عليها كامرأة. وفي تايلاند، تسبق الأسماء عادةً مصطلح خاص بالجنس، وهو شيء يشبه السيد أو السيدة أو الآنسة. هذا أمر معترف به رسمياً وعملية تغييره بشكل قانوني معقدة للغاية.

لكن زملاءه كانوا يرونه كرجل، وعندما اكتشفوا أنه حصل على وظيفة بصفته امرأة، تجنبوه. وتجنبته الزميلات اللواتي تغزلن به خشية أن تطالهن الشائعات ويتهمن بأنهن سحاقيات.

لقد عانى إيك من مراقبة الأخرين له ومن العزلة لمدة ثلاثة أشهر، حتى استطاع الحصول على وظيفة جديدة، ليجد نفسه في زاوية ضيقة مرة أخرى.

مصدر الصورة
Rachaphon Riansiri/BBC Thai

Image caption

كان على أيك السفر إلى مكتب تسجيل محلي لتغيير لقبه القانوني من سيدة إلى سيد

“هوية مزورة”

“كان كل شيء على ما يرام في البداية، لكنهم اكتشفوا أمري بعد بضع أسابيع ثانيةً. وهذه المرة كان الأمر مروعا” حقاً. قام الرجال بطرحي أرضاً وتلمسوا منطقة فخذي بدافع الفضول. لقد حطمني ذلك الموقف”.

واختار أيك إخفاء جنسه والتقدم بطلب للحصول على وظيفة باستخدام هوية مزيفة، بعد تزايد تلك المواقف الكابوسية التي باتت لا تطاق، واستبدال لقب السيدة بالسيد، وقام بتغيير وظيفته كل ثلاثة أشهر لتجنب الكشف والتدقيق من قبل السلطات.

وفعل ذلك لعدة سنوات، مما سمح له بتكوين العديد من الأصدقاء، من بينهم امرأة وصفها بأنها كانت “حب حياته”.

“اكتسبت حياتي معنى جديداً بمجرد أن تعرفت عليها. كانت دائماَ إلى جانبي وتدعمني، رغم أنني كنت أتنقل من وظيفة إلى أخرى كل ثلاثة أشهر ، لقد تقبلته المرأة كما هو”.

وفّر أيك بعض المال واشترى محل بقالة صغيرة، إلى جانب دخل إضافي كان يكسبه من عمله ككهربائي.

كانت الحياة تسير بهدوء وسلاسة لبضع سنوات. ثم تركته صديقته فجأة حتى دون أن تودعه.

أزمة

“كنت مذهولاً. ما الخطأ الذي ارتكبته بحقها؟ لماذا تركتني فجأة؟ حاولت تعقبها، لكن عائلتها قالت إنهم لا يعرفون شيئاً عن مكانها. اتصلت برقمها ولكن دون جدوى”.

“بحثت عنها لأسبوع، وفجأة شعرت برغبة ملحّة في الموت طالما لم أتمكن من العيش بكرامة”.

وقرر أيك الانتحار، ولكن خلال محاولته، شغل إنذاراً عن طريق الخطأ على جهاز صراف آلي قريب، لتنبيه الشرطة إلى مكان الحادث. فألقت الشرطة القبض عليه واتهمته بمحاولة السرقة، لأنهم لم يصدقوا قصته بشأن الانتحار. وأدانته المحكمة وسُجن لمدة ستة أشهر.

وفي السجن، تلقى فحوصات طبية مكثفة، دخل الأطباء وضباط السجن إثرها في نقاش طويل لتحديد جنسه.

وأرسل لاحقا إلى سجن السيدات خوفاً على سلامته في سجن الذكور.

ويقول أيك: “كانوا يخشون علي من الاغتصاب لأنني كنت أمتلك مهبلاً”.

مصدر الصورة
Rachaphon Riansiri/BBC Thai

Image caption

كانت عملية الاعتراف بجنسه بشكل قانوني طويلة وصعبة

حياة السجن

لكن الحياة في السجن جعلته يهتم بنفسه جيداً ، وقد دلّلته السجينات أيضاً. وشعر للمرة الأولى في حياته أنه يعيش حياة طيبة وممتعة.

ويقول أيك: “كانت حياتي في السجن سعيدة، أرادت السجينات أن يعرفن عني الكثير وتحدثن معي وبذلن ما بوسعهن لإرضائي. لم أعامل بهذه الطريقة قط في حياتي”.

وبعد قضاء مدة عقوبته في السجن، وجد أيك نفسه يواجه الوضع السابق الذي تركه وراءه. واستخدم سجله الجنائي ضده عندما تقدم بطلب للحصول على وظيفة بسبب تقارير صحفية عن اعتقاله. فقد كانت الصحافة موجودة أثناء استجوابه دون علمه.

شعر أيك برغبة العودة إلى السجن ، لذلك شرع في قطع أسلاك أجهزة الصراف الآلي، فألقي القبض عليه وحكم عليه بالسجن لمدة عامين وثلاثة أشهر.

“هذه المرة أرسلوني مباشرة إلى سجن النساء. كنت مصمماً على عدم الخروج من السجن مرة أخرى أبداً، لذلك كنت أخترق قواعد كل السجون لإرغامهم على حبسي لفترة أطول”.

بيد أن خطته فشلت وسرعان ما أطلق سراحه ثانية.

مَخرَج

في السجن، حضر أيك محاضرة لمنظمة غير حكومية عن قضايا النوع الاجتماعي (الجندر)، وسمع لأول مرة بمصطلح “ثنائي الجنس”. وبفضل نصيحتهم ومساعدتهم، اكتشف أنه بإمكانه التخلص من هويته الأنثوية بشكل قانوني ونيل الاعتراف به كرجل.

عمل أيك لاحقاً كحارس أمن لعدة أشهر، وحافظ على هدوئه وعدم لفت الانتباه إلى شخصيته بينما كان يقوم بتحضير الوثائق الرسمية لتغيير لقبه من أنثى إلى ذكر.

وللقيام بذلك، كان عليه الحصول على شهادة طبية تثبت أن لديه كروموسومات ذكرية، بالإضافة إلى دليل على سلامة صحته العقلية. وأمضى خمسة أشهر وهو يحاول الحصول على الوثائق الطبية والصحية المطلوبة.

وأخيرا، جاء اليوم الذي كان ينتظره بفارغ الصبر.

مصدر الصورة
Rachaphon Riansiri/BBC Thai

Image caption

طلب المسؤولون من صديق الطفولة أن يدلي بشهادته لتثبيت ذكورية أيك

صاعقة

في صباح يوم 24 يونيو/حزيران، راجع الوثائق مراراً للتأكد من عدم فقدان أو نسيان أي شيء. ذهب إلى مكتب تسجيل النفوس في مسقط رأسه؛ أودون تاي، لتسجيل تغيير جنسه بشكل رسمي.

كان عازماً ومصراً ولكن في نفس الوقت خائفاً من أن يتحطم حلمه في الساعة الحادية عشرة.

ولسوء الحظ، كان حدسه وتخوفه في مكانه. فقد قال الضابط المسؤول إنه لا يمتلك وثائق تؤكد هويته.

علاوة على ذلك، كان عليه إحضار والديه أو صديق طفولة له للإدلاء بشهادتهم.

كان على أيك العودة إلى بيته ومعاودة المحاولة مرة أخرى.

مصدر الصورة
Rachaphon Riansiri/BBC Thai

Image caption

أيك يحمل الوثائق الرسمية التي تعترف بجنسه كذكر

اعتراف

وفي اليوم التالي، رافقته والدته التي لم تتصالح بعد مع جنسه، وأحد المقربين منذ فترة طويلة إلى مكتب المقاطعة.

وأمضى الضابط ساعات على الهاتف وهو يتحدث مع الشخص المسؤول في بانكوك عن كيفية تنفيذ هكذا إجراء غير مألوف.

وبعد فترة، تم قبول طلبه بتغيير لقبه، ولكن ليس قبل إجباره على الخضوع لفحص طبي آخر لإثبات أن أعضائه التناسلية كانت متسقة مع حالة ثنائي الجنس الموصوفة في الشهادة الطبية.

وتمكن أيك أخيراً من تغيير لقبه واسمه ليتناسق مع صفته الذكورية الجديدة.

قال أيك: “استطيع الآن أن أحرر نفسي من البؤس؛ أكاد أطير فرحاً، أريد أن أصرخ بأعلى صوتي بأن فصلاً جديداً في حياتي قد بدأ. واستطيع التخلص من الهوية المزيفة وليس علي بعد الآن أن أتحمل نظرات الناس التي تعتبرني وتعرفني كشخص غريب”.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى