استقالة الحكومة التونسية ترفع درجة التوتر السياسي وتزيد من المخاوف الاقتصادية
[ad_1]
لم تُنه استقالة رئيس الحكومة التونسية، إلياس الفخفاخ، الأزمة السياسية في تونس بل مثّلت نقطة تحوّل جديدة. وكان الفخفاخ قد أقال الوزراء الستة المنتمين لحركة النهضة، في مؤشر على القطيعة بين الطرفين.
واستهجنت النهضة الخطوة ووصفتها بـ”ردة الفعل المتشنجة”، منبهة إلى خطورة إقدام حكومة تصريف الأعمال على إغراق مؤسسات الدولة بالتعيينات والإقالات.
ويواجه رئيس الحكومة تهما بتضارب المصالح، نفى صحّتها. ونصح رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبد الكريم الهاروني، الفخفاخ بالاستقالة الأسبوع الماضي بسبب “تلك الشبهات”.
لكنّ، الأمين العام للاتحاد العام للشغل، نور الدين الطبوبي، قال لإذاعة “شمس أف أم” المحلية الخاصة إن حركة النهضة كانت على دراية تامّة منذ البداية بالملفّات التي قد تلاحق رئيس الحكومة المستقيل.
لعبة الصلاحيات
وكانت النهضة قد قدمت لائحة لوم لسحب الثقة من رئيس الحكومة. لكنّ مصادر مطلعة قالت لبي بي سي إنّ “الرئيس، قيس سعيد، طلب من الفخفاخ الاستقالة”، وهو ما يعني بقاء ورقة التكليف بيد قصر قرطاج الرئاسي.
وقد رفض الرئيس التونسي بشكل مطلق، بداية الأسبوع الجاري، إعلان حركة النهضة تكليف زعيمها، راشد الغنوشي، بإجراء مشاورات مع سعيد وأحزاب سياسية ومنظمات وطنية لبحث بديل حكومي، واصفا الأمر بـ”الافتراء”.
الغنوشي يواجه البرلمان
وتقدمت كتل نيابية بلائحة لسحب الثقة من رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، في مؤشر إضافي على حدة التوتّر الذي بات يطبع العلاقة بين مختلف القوى السياسية في البلاد.
وقال الصحفي سعيد الزواري لبي بي سي إن “تقلبات مواقف الأحزاب السياسية في البرلمان من شأنها أن تعقّد فرص رسم الملامح الكبرى للحكومة المقبلة”.
ويحتاج الموقعون الـ٧٣ على اللائحة للحصول على دعم إضافي من ٣٦ نائبا آخرين حتى يتمكنوا من سحب الثقة من الغنوشي.
ويتهم الموقعون على اللائحة الغنوشي بسوء إدارة المجلس والتعامل مع منصبه كزعيم للنهضة.
دعوات للتعجيل بالإجازة البرلمانية
ومنعت كتلة الحزب الدستوري انعقاد جلسة عامة كانت مخصصة لاستكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية. واحتلّ نوّاب من الكتلة المنبر المخصّص لرئيس المجلس ونائبيه، وهو ما اضطر راشد الغنوشي لتعليق الجلسة.
وتضم المحكمة الدستورية ١٢ عضوا، ينقسم تعيينهم بين البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء ورئاسة الجمهورية. واندلعت مناوشات بين عدد من النوّاب وسط تبادل للاتهامات، في مشهد يعكس ارتفاع منسوب الاحتقان.
ودعا النائب عن الكتلة الديمقراطية، زهير مغزاوي، إلى تقديم الإجازة البرلمانية كخطوة تهدف إلى التهدئة والابتعاد عن التصعيد حتّي يتسنّى خوض مسار تشكيل الحكومة في أجواء أقلّ حدّة.
انطلاق مسار البحث عن بديل للفخفاخ
وطلب رئيس الدولة، قيس سعيد، من الغنوشي مده بقائمة الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية، قصد إجراء مشاورات معها، بهدف تكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة، حسب مقتضيات الدستور، في مسار قد يستغرق نحو شهر ونصف.
ويشير الزواري إلى أنه “بعد عشر سنوات من المسار الانتقالي، بات من الصعب التوصل لاتفاق بشأن حكومة تمارس مهامّها لخمس سنوات”.
وشهدت تونس منذ الإطاحة بالرئيس الراحل، زين العابدين بن علي، في أعقاب ثورة شعبية، عام ٢٠١٠، ثماني حكومات، مع تعديلات وزارية كان بعضها موسّعا.
وأفرزت نتائج الانتخابات البرلمانية، نهاية العام الماضي، مشهدا متجزئاً حمل بذور التوتّر، إذ لم تحصل حركة النهضة، حزب الأغلبية في المجلس، على أكثر من ٥٤ مقعدا من أصل ٢١٧، ممّا عقّد فرص تشكيل حكومة مستقرّة بدعم برلماني.
غياب “الوسيط المحلي”
وفشلت النهضة، في يناير/ كانون الثاني الماضي، في الحصول على ثقة البرلمان حين اقترحت حكومة بزعامة، الحبيب الجملي، ممّا منح الرئيس التونسي زمام المبادرة فكلّف الفخفاخ بتشكيل الحكومة.
ومع سخونة الأجواء السياسية، دخلت مكوّنات الائتلاف الحاكم مرحلة من الصدام بشكل هزّ الثقة في ما بينها.
ويخشى الباحث بمعهد كارنيغي للبحوث في الشرق الأوسط، حمزة المدب، أن تفشل الطبقة السياسية في تجاوز الأزمة الحالية، إذ يرى أن “الاستثناء التونسي، في المنطقة العربية، تمثّل أساسا في عدم الحاجة لوسيط أجنبي لخفض منسوب الاحتقان بين مختلف القوى السياسية”، مذكّرا بأنّ رباعيا من المنظمات الوطنية، هي الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين، قاد حوارا وطنيا، نهاية عام ٢٠١٣، أخرج البلاد من أزمة سياسية خطيرة.
ويرى المدب أنّ هذا الرباعي لم يعد بالوزن الذي كان عليه، قبل سبع سنوات، مشددا على أنّ القوى السياسية كانت أكثر براغماتية، حينها، إذا كانت مستعدّة لتقديم التنازلات تلو التنازلات لتذليل جميع العقبات”.
“شبح الإفلاس”
وتتزامن الأزمة السياسية الخانقة التي تشهدها تونس مع مخاطر اقتصادية حقيقية. ويقول رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي، عدنان منصر، في لقاء مع بي بي سي “إنّه إذا أردنا أن نسمّي الأمور بمسمّياتها، فإنّ تونس تواجه شبح الإفلاس”، موضحا أنّ البلاد “طلبت ولأوّل مرّة منذ استقلالها تأجيل سداد قروض لها، خلال العام الجاري”.
وأشارت توقعات حكومة إلياس الفخفاخ المستقيلة إلى انكماش الاقتصاد التونسي بما لا يقل عن ٦.٥٪، بينما يتهدد نحو ربع مليون تونسي خطر فقدان وظائفهم. وقبيل أزمة كورونا، كانت تونس بحاجة لثلاثة مليارات دولار لضمان الحدّ الأدنى من توازناتها المالية.
ولا يستبعد الباحث بمعهد كارنيغي للبحوث في الشرق الأوسط، حمزة المدب، اتساع رقعة انتشار التحركات الاجتماعية التي انطلقت محدودة من المناطق الجنوبية.
[ad_2]
Source link