الحب والعنصرية: زوجان من المغرب والسنغال ينتصران على نظرة المجتمع لاختلاف لون البشرة
[ad_1]
“دعي هذا الرجل يذهب من هنا، إنه أسود”… هذا ما قالته سيّدة كانت تجلس بجانب فاطمة الزهراء بنجدو (29 سنة) في إحدى الحدائق في المغرب بعد أن رأت رجلًا من أصحاب البشرة السوداء يجلس بقربها، ولم يخطر ببالها أنه زوجها!
“هذا زوجي!” إن أردتِ الجلوس هنا فمرحبا بك، أو اذهبي في حالك” ردّت فاطمة الزهراء بعد أن انهالت عليها السيّدة بالأسئلة متعجّبة فور معرفتها بأنه زوجها: “كيف تزوجتيه… إنه أسود؟ وما الذي أعجبك به؟”.
رحلة مكلّلة بالحُب محفوفة بالعراقيل
كان هذا واحدًا من مواقف عديدة مرّ بها الزوجان منذ ارتباطهما السنة الماضية.
ويروي لنا أحمد بويي كامارا (30 سنة) وهو من السنغال، ما حدث له أيضا عندما طلب من جارته التي تقطن في الشقة العلوية خفض مستوى الموسيقى “الصاخبة” حتى يتسنّى له إكمال سلسلة دروسه على الإنترنت. فهو حاصل على درجة الماجستير في اللغة الإنجليزية ويعلم اللغة للطلاب عن بعد.
يقول: “ذهبت إليها وطلبت منها بلطف خفض صوت السماعات، فقالت لي: هذا بلدي وأنا أفعل ما أريد! وإذا لم يعجبك سأتصل بالشرطة وأخبرهم بأنك تريد اغتصابي”.
وصلت هذه المشكلة بالفعل لمركز للشرطة وتم حلّها لاحقا بعد أن قام أحمد بتوضيح الحقائق، ولكن مثل هذه التجربة تعكّر على الزوجين هناء العيش. فحتى عندما أراد أحمد وفاطمة الزهراء استئجار شقتهم الحالية، رفض مسؤول العمارة ذلك وقال لهما إن هذه عمارة محترمة ولا نستطيع قبول هذه الفئة. إلا أنه عاد في وقت ولاحق واعتذر بعد أن أدرك خطأه.
أحمد تعرّف على فاطمة الزهراء عند قدومه إلى المغرب من روسيا. وكان من المخطط أن ينتقل للعيش في فرنسا بعد فترة لإنهاء دراساته العليا هناك، إلا أن الحب بدّل خططه من دون سابق إنذار، وخلق له جذورا من المحبة في المغرب. “لقد تخلـّى عن بعض من أحلامه لأجلي، وأنا أردت إكمال حياتي معه رغم رفض الجميع” تقول فاطمة الزهراء.
“أولادك سيكونون سودًا!”
عانت فاطمة الزهراء من رفض الأهل القاطع ارتباطها بأحمد بسبب اختلاف لون بشرته وعادات البلدين بشكل عام. إلا أنها كانت متأكدة من أنه الشخص الذي ترغب في قضاء عمرها معه. “في البداية، تحدّثت معه لمدة ستة أشهر عبر الواتسآب فحسب بهدف مساعدته في إيجاد فرصة عمل” تقول فاطمة الزهراء، وتضيف: “تطورت علاقتنا بعد ذلك وأعجبت به، وفي أول لقاء فعليّ لنا، سألني: ما مواصفات الرجل الذين تبحثين عنه؟ قلت له: أريده مثلك تماماً، بدون أي تفكير”.
كانت المشاعر متبادلة، ولكنّ تردُّد أحمد كان نابعًا من خوفه من الرفض بسبب لون بشرته، يقول أحمد: “خفت من أن ترفض، أو أن تعتبرها جرأة مني لأنها شابة بيضاء وأنا أسود البشرة”.
وعندما راسل أحمد عائلته المقيمة في السنغال، لم يَلق الموضوع أي اعتراض من جانبهم: “قالوا لي إذا أحببتها وهي جيدة تزوجها، ولا تواعدها فترة طويلة بدون عقد شرعي”، يوضّح أحمد.
الزوجان يقضيان جلّ وقتهما معًا، “أنا سعيد بزواجي منها، نحن نتشارك ونفعل كل شيء معًا وكأننا أصحاب”، يقول أحمد، ويضيف بحماس: “نحن الثنائي الأفضل على الإطلاق”. وأما من جهة فاطمة الزهراء، فقد كان والدها الشخص الوحيد الذي دعم الثنائي في وجه التحديات منذ البداية وحتى لحظة عقد القران. ولكن الأسرة الآن جميعها متقبلّة لهما وسعيدة برؤيتهما سويا.
تقول سعدية، والدة فاطمة الزهراء: “كنت خائفة في البداية من أن ترتبط فاطمة الزهراء بأحمد، ولكن بعد أن أتى إلى المنزل وتعرفت عليه، وجدته رجلًا رائعا، لكن الخوف لازمني من كون ابنتي ستتركنا وتذهب مع زوجها”.
ومن بين مجموعة من النصائح التي قُدّمت للعروس من قبل بعض الأهل والأصدقاء، وجدت فاطمة الزهراء أن أغربها هو أن تتراجع عن فكرة الارتباط بأحمد لأن “أولادك سيكونون سود البشرة كوالدهم” على حد تعبيرهم. تؤكد فاطمة الزهراء أنها لا تهتم بمثل هذه الأمور، وأن اختلاف لون البشرة لا يعني لها شيئا، فهي “مقتنعة بشكل تام ومفتخرة” باختيارها أحمد. وعبّرت عن سعادتها لأن أطفالها سيتعلّمون لغتين وثقافتين مختلفين، تضيف: “سيكون أولادي منفتحين ومتقبلين للاختلاف لأنني أنا ووالدهم لا نعرف غير الحب على الرغم من اختلاف ألواننا”.
وقُبيل عقد القِران، أعلنت فاطمة الزهراء أنها لن تتراجع عن اختيارها لأنه مؤمنة بأن أحمد هو الرجل الأنسب لها. وكانت أجواء حفل الزفاف غنيّة بموسيقى وتراث البلدين، المغرب والسنغال. وعمّت أجواء الفرح، وحضر بعض من معارف أحمد إلّا أن عائلته لم تتمكن من الحضور بسبب بعض ظروف العمل الخاصة.
عادات وتقاليد .. وليست عنصرية
على الرغم من أنه لم يخطر ببال فاطمة الزهراء قط أنها ستتزوج بشخص غير عربي، إلّا أنها ترى أن التخوّف الموجود لدى بعض الأشخاص من الزواج المختلط هو نتيجة لتجذّر الفكر العنصري وصعوبة تقبّل الاختلاف عند بعض فئات المجتمع. فالزواج من عربي أو أفريقي غير عربي سيّان طالما أن الرجل مناسب للفتاة وذو خلق رفيع، على حد قولها.
وبحسب تقرير للنيويورك تايمز، يقدر عدد المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى والمقيمين في المغرب بنحو 700 ألف، وهو بلد يبلغ عدد سكانه حوالى 34 مليون نسمة.
ومن ناحية أخرى، يبدي أحمد تعجّبه من المواقف العنصرية التي حصلت وما زالت تحصل له على الرغم من أنه في بلد مسلم وأفريقي كذلك. “كيف يتصرفون بعنصرية ضد أخيهم الأفريقي؟ لا يوجد مبرر لما يقوله بعض الأشخاص من أن العادات والتقاليد لا تسمح لشخص مثلي الزواج من فتاة عربية” يؤكد أحمد، ويضيف: “هذا فقط عذر الناس العنصريين ولا يمت لتعاليم الإسلام بصلة”.
أحمد وفاطمة الزهراء ما زالا يتعرضان لمواقف عنصرية تضايقهم حتى الآن، وخاصة في الأماكن العامة، ويوضّح أحمد أنه يتعرض للسخرية والإساءة مثلًا عند تنقله المواصلات العامة أو وجوده في المحال. وأحيانا يرى نظرات مريبة موجّهة صوبه أو يسمع كلمات مثل: “عد إلى القرية التي أتيت منها”.
“حبنا سيعزز ثقافة تقبل الاختلاف”
في خطوة جاءت لكسر النمطية وتعزيز ثقافة تقبل الآخر، قامت فاطمة الزهراء وأحمد بإنشاء قناة على يوتيوب للحديث عن قصتهما ومشاركة الشباب المقبلين على الزواج بصرف النظر عن اختلاف لون بشرتهم. وقبل ذلك، قام الزواجان بمشاركة صور زفافهم على إحدى مجموعات التواصل المغربية على موقع فيسبوك.
وكان لذلك صدى إيجابي وتلقّيا العديد من التعليقات الجيّدة والمباركات. “ليس الجميع عنصريًا، هي فقط فئة موجودة في المجتمع” تقول فاطمة الزهراء. وبعد ذلك المنشور، تشجّع الزوجان على مشاركة تجربتهما مع العالم بشكل أكبر، وليوجّها للعالم رسالة مفادها أن اختلاف اللون لا يُفسد للحب قضية!
[ad_2]
Source link