أخبار عربية

إحياء الذكرى الـ70 للحرب الكورية التي فتكت بـ 5 ملايين إنسان


كوريا

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

جنود أمريكيون يستخدمون قاذفة لهب ضد القوات الكورية الشمالية

أحيت كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، منفصلتين، الذكرى الـ70 لبدء الحرب الكورية، التي قتل فيها أكثر من خمسة ملايين شخص، والتي لم تنته فعليا بعد لعدم توقيع اتفاق سلام.

وكانت كوريا الشمالية قد احتلت الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة، الذي كانت تدعمه الولايات المتحدة، في 25 يونيو/حزيران عام 1950، سعيا منها لتوحيد البلاد بالقوة، بعد أن اقتسمتها واشنطن وموسكو عقب نهاية الحرب العالمية الثانية.

وانتهت المعارك بهدنة في عام 1953، لم تعقبها معاهدة سلام، مما أدى إلى تفريق ملايين الأسر في جزئي شبه الجزيرة الشمالي والجنوبي، اللذين تفصل بينهما منطقة منزوعة السلاح.

ويلتقي قدامى المحاربين في كوريا الجنوبية إحياء لذكرى الحرب، في احتفال على مستوى منخفض، يتوقع أن يشاهدوا فيه رسائل بالفيديو من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وقادة آخرين من العالم.

وأحيت الصحيفة الرسمية الرئيسية في كوريا الشمالية الذكرى مطالبة على صفحتها الأولى الشعب باتباع خطوات من قاتلوا دفاعا عن الأمة.

وقالت الصحيفة، بحسب ما نقلته وكالات الأنباء، إن “عقودا قد مرت، لكن خطر الحرب مازال ماثلا في هذه الأرض”. وأنحت باللائمة على “القوى العدوانية” التي تسعى إلى تحطيم كوريا الشمالية.

ويأتي الاحتفال بهذه الذكرى وسط تصعيد التوتر بين الكوريتين، بعد أن فجرت كوريا الشمالية مكتب الاتصال المشترك مع الجنوب الواقع في أراضيها قرب بلدة كيسونغ الحدودية، بحسب ما يقوله مسؤولون من كوريا الجنوبية.

وكان الموقع، الذي توجد في أراضي كوريا الشمالية، قد افتتح في 2018 لمساعدة الكوريتين على التواصل.

وظل مكتب الاتصال فارغا منذ شهر يناير/كانون الثاني بسبب القيود التي فرضها مرض كوفيد.19-

وقد تصاعد التوتر بين كوريا الشمالية والجنوبية منذ أسابيع، وكان السبب هو مجموعة منشقين تعيش في الجنوب واعتادت على إرسال دعايات إلى الشمال.

وأنشأت الدولتان المكتب في أعقاب المحادثات التي جرت بين زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ-أون، ونظيره الجنوبي، الرئيس مون-جي-إن.

وكانت قد بدأت قبل عامين فقط محادثات غير مسبوقة بين زعيمي الكوريتين، والصين، والولايات المتحدة، بشأن توقيع معاهدة سلام دائمة. لكن العلاقات تدهورت بينهما في الفترة الأخيرة.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

الجنرال دوغلاس ماك آرثر ورئيس كوريا الجنوبية سينغمان ري

متى اندلعت الحرب؟

اندلعت الحرب الكورية في الـ 25 من يونيو/ حزيران 1950، عندما اندفع نحو 75 ألفا من جنود جيش الشعب الكوري الشمالي عبر الحدود مع كوريا الجنوبية، التي كانت تعرف بخط العرض 38، والذي كان يمثل الحدود بين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية المدعومة من قبل الاتحاد السوفيتي إلى الشمال، وجمهورية كوريا الموالية للغرب في الجنوب.

وكان الزعيم الكوري كيم إيل سونغ قد أعلن قيام جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في عام 1948، أي بعد 3 سنوات من زوال الاستعمار الياباني لشبه الجزيرة الكورية عند انتهاء الحرب العالمية الثانية واستسلام اليابان للحلفاء.

وكان الغزو الكوري الشمالي للجنوب أول عمل عسكري في حقبة الحرب الباردة.

وتدخل الأمريكيون في الحرب في تموز / يوليو 1950 إلى جانب كوريا الجنوبية. وكان المسؤولون الأمريكيون ينظرون إلى تلك الحرب على أنها حرب مع القوى الشيوعية العالمية.

وعقب كر وفر عبر خط العرض 38، دخل القتال مرحلة جمود، وتزايدت أعداد القتلى والجرحى دون أي نتيجة.

في غضون ذلك، كان المسؤولون الأمريكيون يحاولون جاهدين التوصل إلى هدنة مع الكوريين الشماليين، إذ كانوا يخشون أن البديل سيكون حربا أوسع نطاقا تشمل الاتحاد السوفييتي والصين أو حتى اندلاع حرب عالمية ثالثة.

وأخيرا، وفي تموز / يوليو 1953، وضعت الحرب الكورية أوزارها، ولكن ليس قبل أن تفتك بأرواح حوالي 5 ملايين شخص من مدنيين وعسكريين.

وما زالت شبه الجزيرة الكورية مقسمة إلى يومنا هذا.

الكوريتان

ينسب الى وزير الخارجية الأمريكي إبان الحرب الكورية دين أتشيسون قوله “اذا حاولت افضل الأدمغة في العالم ان تجد لنا أسوأ موقع في العالم لخوض هذه الحرب الملعونة، لكانوا أجمعوا على كوريا.”

منذ بداية القرن العشرين وشبه الجزيرة الكورية جزء من الإمبراطورية اليابانية التي احتلتها عام 1910.

وأعلن الاتحاد السوفيتي الحرب على اليابان في أغسطس / آب 1945 بعد أن توصلت إلى اتفاق بهذا الشأن مع الولايات المتحدة، ونجح في تحرير كوريا إلى حد خط العرض 38.

وبعد الحرب العالمية الثانية كان على الأمريكيين والسوفيت الاتفاق على التصرف بممتلكات تلك الامبراطورية المدحورة.

وفي آب / أغسطس 1945، عمد موظفان صغيران في وزارة الخارجية الأمريكية إلى تقسيم شبه الجزيرة الكورية متخذين من خط العرض الـ 38 أساسا لذلك.

واحتل السوفييت المنطقة الواقعة الى شمال هذا الخط، بينما احتل الأمريكيون المنطقة الواقعة الى جنوبه.

وبنهاية عقد الاربعينيات، كانت دولتان قد نشأتا في شبه الجزيرة الكورية، ففي الجنوب، كان الديكتاتور المعادي للشيوعية سينغمان ري يتمتع بدعم أمريكي، بينما في الشمال كان الديكتاتور كيم إيل سونغ يحظى بمساندة السوفيت القوية.

ولكن لم يكن أي من الزعيمين راضيا بالبقاء في جانبه من خط العرض 38، إذ كانا يعتبران نفسيهما الممثل الشرعي لكامل كوريا، ولذا كثرت الاشتباكات الحدودية بين الطرفين وأصبحت أمرا دارجا.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

جنود أمريكيون يستخدمون قاذفة لهب ضد القوات الكورية الشمالية

وفي الـ 25 من يونيو/ حزيران 1950، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا اعتبر بموجبه التدخل الكوري الشمالي غزوا ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وفي الـ 27 من الشهر نفسه، أصدر مجلس الأمن قراره رقم 83 الذي قرر فيه إرسال قوات دولية إلى كوريا. هبت 21 من الدول الأعضاء في المنظمة الدولية (منها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وتركيا واستراليا وإثيوبيا والفلبين ونيوزيلندا وتايلاند واليونان وفرنسا وكولومبيا وبلجيكا وجنوب إفريقيا وهولندا ولوكسمبورغ) وساهمت في هذه القوات “الأممية”، التي شكلت القوات الأمريكية 88 في المئة من قوامها.

وقال الرئيس الأمريكي (الديمقراطي) آنذاك هاري ترومان، “إذا خذلنا كوريا، فسيواصل السوفييت تقدمهم وسيبتلعون بلدا إثر الآخر.”

كان الصراع في شبه الجزيرة الكورية بالنسبة للأمريكيين رمزا للصراع بين الشرق والغرب، وبين “الخير والشر.”

ولذا، وبينما كان الجيش الكوري الشمالي يحتل العاصمة الجنوبية سول، أعدت الولايات المتحدة قواتها لحرب على الشيوعية بحد ذاتها.

كانت الحرب الكورية في أول الأمر حربا دفاعية تهدف إلى إخراج القوات الكورية الشمالية من كوريا الجنوبية. لم يحقق الحلفاء الغربيون نتائج مرضية في المراحل الأولى. فقد كان الجيش الكوري الشمالي جيشا منضبطا ومدربا تدريبا جيدا ومزودا بما يحتاج من معدات وسلاح.

أما قوات سينغمان ري، فكانت على عكس ذلك خائفة ومضطربة وميالة إلى الفرار من ساحات المعارك في أي مناسبة.

كما دارت تلك المعارك في صيف ارتفعت فيه درجات الحرارة إلى معدلات قياسية، بحيث اضطر الجنود الأمريكيون العطشى إلى شرب الماء من مزارع الرز التي استخدمت فيها الأسمدة العضوية، ولذا أصيب الكثير منهم بالتهابات معوية وغيرها من الأمراض.

وبنهاية صيف عام 1950، كان الرئيس الأمريكي ترومان والقائد العسكري المكلف بالإشراف على القتال في الساحة الآسيوية الجنرال دوغلاس ماك آرثر قد اتفقا على أهداف محددة للحرب.

تحولت بذلك الحرب الكورية إلى حرب هجومية هدفها “تحرير الشمال من الشيوعيين.”

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

الرئيس الأمريكي هاري ترومان

ونجحت هذه الاستراتيجية مبدئيا في تحقيق أهدافها، فقد أفلح إنزال برمائي في انشيون في كوريا الجنوبية في طرد الكوريين الشماليين من سول وانسحابهم إلى شمالي خط العرض .38

ولكن، وبعد أن عمد الأمريكيون إلى اجتياز الحدود والتوجه إلى نهر يالو (الذي يمثل خط الحدود بين كوريا الشمالية والصين)، بدأ الصينيون في التعبير عن قلقهم إزاء ما وصفوه “بالعدوان المسلح على الأراضي الصينية.”

ولذا أرسل الزعيم الصيني ماو تسي تونغ قواته إلى كوريا الشمالية وحذر الولايات المتحدة بضرورة الابتعاد عن نهر يالو إلا إذا كانت تريد خوض حرب شاملة.

وبالفعل، وفي أكتوبر/ تشرين الأول 1950، عبرت قوات صينية نهر يالو وانخرطت في الحرب إلى جانب كوريا الشمالية.

وأدى التدخل الصيني إلى تقهقر “القوات الدولية”، التي انسحبت وواصلت تقهقرها إلى أواسط عام 1951.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

الزعيم الصيني ماو زيدونغ

“لا بديل للنصر”

لم يكن هذا أمرا يريده الرئيس ترومان ومستشاروه، فقد كانوا متأكدين من أن توسيع الحرب سيؤدي لا محالة إلى تحرك سوفييتي في أوروبا واستخدام أسلحة نووية وملايين الخسائر.

ولكن الجنرال ماك آرثر كان يرى أن أي حرب أضيق نطاقا من حرب شاملة تعتبر “تنازلا” للشيوعيين.

فبينما كان الرئيس ترومان يعمل كل ما في وسعه لتجنب الحرب مع الصينيين، كان ماك آرثر يبذل كل ما لديه من جهود لإذكاء حرب كهذه.

وأخيرا، وفي مارس/ آذار 1951، بعث ماك آرثر برسالة لزعيم الجمهوريين في مجلس النواب جوزيف مارتن – الذي كان يؤيد موقف ماك آرثر بإعلان الحرب على الصين – قال فيها إنه “لا يوجد بديل للنصر” في الحرب على الشيوعية العالمية.

كان ماك آرثر واثقا من أن محتويات الرسالة ستسرب إلى الصحف، ولكن بالنسبة لترومان كانت تلك الرسالة هي القشة التي قصمت ظهر البعير. وفي الـ 11 من أبريل/ نيسان 1951، طرد ترومان ماك آرثر بتهمة التمرد.

الحرب تصل الى طريق مسدود

في تموز / يوليو 1951، شرع الرئيس ترومان وقادته العسكريون الجدد في مفاوضات للسلام جرت في قرية بانمونجوم الحدودية بين الكوريتين، ولكن القتال استمر في منطقة خط العرض 38 بعد أن تعثرت المفاوضات.

وكانت عقدة الخلاف بين الجانبين تتمثل في وجوب إجبار الأسرى الكوريين الشماليين والصينيين على العودة إلى بلدانهم، إذ كان الصينيون والكوريون الشماليون يصرون على ذلك، بينما رفض الأمريكيون ذلك.

ولكن أخيرا، وبعد أكثر من سنتين من المفاوضات وقعت الأطراف المتحاربة على اتفاق للهدنة في الـ 27 من يوليو/ تموز 1953 سمح للأسرى بالتوجه إلى البلد الذي يرغبون فيه، ومنح كوريا الجنوبية مساحة أرض إضافية تبلغ 1500 ميل مربع قرب خط العرض 38 وشكّل “منطقة منزوعة السلاح” يبلغ عرضها ميلين ما زالت موجودة إلى اليوم.

الخسائر

كانت الحرب الكورية حربا قصيرة، ولكنها اتسمت بدموية استثنائية، فقد قتل فيها أكثر من 5 ملايين إنسان أكثر من نصفهم من المدنيين شكلوا 10 في المئة من مجموع سكان الكوريتين. وكانت نسبة الخسائر تلك أعلى من الخسائر المدنية في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام.

كما قتل في الحرب نحو 40 ألفا من العسكريين الأمريكيين وجرح فيها أكثر من 100 ألف منهم.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى