أخبار عربية

سارة حجازي: كيف تحول موت الناشطة المصرية إلى سجال “فكري ديني”؟


مصدر الصورة
سارة حجازي

لايزال خبر انتحار الناشطة المصرية سارة حجازي يشغل حيزا هاما من تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب.

فقد أثارت وفاتها تساؤلات عديدة ودفعت كثيرين للنبش في تفاصيل حياتها وما مرت به من تحولات، ومن ثم ما يتعلق بموتها وفقد أثارت وفاتها تساؤلات عديدة ودفعت كثيرين للنبش في تفاصيل حياتها وما مرت به من تحولات، ومن ثم ما يتعلق بموتها وحتى دفنها .

وأعلن حقوقيون، الأحد 14 يونيو/حزيران، انتحار سارة المقيمة في كندا، تاركة رسالة مقتضبة تتحدث فيها عن “قسوة تجربتها الحياتية التي لم تتحمل مقاومتها”.

وانتشرت تلك الرسالة بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي.

من هي سارة؟

تنحدر سارة بحسب كلام أصدقائها من أسرة محافظة من الطبقة الوسطى، وهي الشقيقة الكبرى بين أربعة إخوة.

وبعد وفاة والدها، أستاذ العلوم، ساعدت والدتها في رعاية أشقائها الصغار، وعملت كإخصائية في تكنولوجيا المعلومات.

وفي 2013، انضمت سارة إلى “حزب العيش والحرية” الذي يتمسك بشعرات ثورية تطالب بتحقيق الديمقراطية التشاركية وبالقضاء على كافة أشكال التمييز في المجتمع.

وتشبه بذلك الكثير من أبناء وبنات جيلها، الذين آمنوا بالثورة وقيمها.

وما زاد الجدل حولها هو اعتقالها 22 سبتمبر / أيلول 2017 بعد أن لوحت بعلم قوس قزح الذي يرمز إلى المثليين في حفل غنائي لفرقة “مشروع ليلى” في القاهرة.

كما أطلقت سارة حجازي فعالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “أدعم الحب”، دعت فيها المجتمع إلى مناقشة المثلية، الأمر الذي جر عليها كثيرا من الانتقادات والأذى.

وعانت سارة كثيرا خلال فترة الاعتقال وتعرضت للتحرّش الجنسي والضرب من السجينات، بحسب ما قالته لمحاميها آنذاك.

وبعد خروجها من السجن ظلت تعاني من نظرة المجتمع الدونية، واضطرت بعدها للسفر إلى كندا.

ويبدو أن تلك التفاصيل دفعت مغردين إلى البحث أكثر في مراحل حياتها، حتى تداولوا صورا قالوا إنها ترجع إلى بدايات الألفية وتظهر سارة مرتدية حجابا وزيا “محافظا”.

ويرى مغردون أن تلك التفاصيل كانت كفيلة لتحول موتها من شأن يهم عائلتها ومعارفها والمهتمين بمجال حقوق الإنسان إلى نقاش أيديولوجي وديني واسع عبر مواقع التواصل.

رثاء ودفاع

وبمجرد إعلان خبر وفاتها حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعشرات الوسوم. بعضها نعاها والبعض الآخر انتقد ميولها الجنسية.

فالمتعاطفون معها وصفوها بـ “المناضلة الاشتراكية” وبـ “الجميلة الشجاعة”.

كما يرون أنها دفعت حياتها ثمن شجاعتها ودفاعها المستميت عن الحق والحريات السياسية والفردية.

ولم يتخلف مؤسسو حزب “العيش والحرية” عن رثاء رفيقة دربهم فوصفوها في بيان عبر فيسبوك بأنها “كانت أكثرهم جسارة وإخلاصا في الدفاع عن القضايا التي تؤمن بها مهما بلغت حساسيتها، مثل قضايا التنوع الجنسي والجندري”.

وانخرط نشطاء سياسيون من مختلف التوجهات السياسية في نعي سارة مؤكدين على جلالة الموت وحرمته ومستنكرين الانتقادات الموجهة لها.

ودعوا هؤلاء إلى الترحم عليها واستعانوا بمصطلحات مرتبطة بشعائر إسلامية لتأبين الناشطة، وهو أثار حفيظة قطاع آخر المعلقين ممن رأوا في استخدام الدعاء للناشطة والصلاة عليها تعديا على مقعداتهم الدينية والثقافية.

استنكار وتنديد

واستنكر عدد من المعلقين تعاطف البعض مع الناشطة المتوفاة، وترحمهم عليها قائلين إنها لم “تكن لا تؤمن بالله”.

وجادل عدد منهم بأن قراءة القرءان والدعاء للمتوفي له ضوابط فقهية لا تتوفر في سارة، حسب تعبيرهم.

في المقابل، يرى المتعاطفون مع سارة على أن الموقف العقائدي هو شأن خاص لا دخل لأحد به.

وهو ما لم يقبل به آخرون قائلين إن “انتحارها وميولها الجنسية تتنافى مع تعاليم الرسائل السماوية”.

وأطلق هؤلاء وسما مناهضها للمثلية الجنسية وتداولوا نصوصا وأحاديث لأئمة يحرمون فيها الانتحار ليرد عليهم آخرون بوسوم تنتصر للمثليين وتدعو إلى تقبل الاختلاف.

وتصاعد الجدل بعد أن نشرت دار الإفتاء المصرية تغريدة تشير فيها إلى أن الانتحار:” كبيرة من الكبائر” مضيفة أن المنتحر مريض نفسي وليس بكافر”.

ورأى مغردون في تلك التغريدة إشارة غير مباشرة إلى موضوع سارة، رغم أن دار الإفتاء لم تأت على ذكرها.

وفي الوقت الذي قلل فيه مغردون من أهمية نشاطات سارة السياسية والحقوقية ودعوا إلى الالتفات إلى المعتقلات السياسيات و إلى “القضايا الأساسية”، يرى آخرون أن المبادئ والحريات لا تتجزأ ويشيدون بـ “ما قدمته سارة من أجل ملف الأقليات والحريات الفردية”.

وقد أعادت قضية سارة للأذهان الجدل الذي أثير عقب وفاة الناشطة نورهان نصار. واشتهرت نورهان عام 2012 كناشطة في المجال الدعوي الإسلامي لتعلن بعدها تبنيها لما وصفته بـ “الأفكار العلمانية المتحررة”.

وقد أثارت وفاتها انقساما كبيرا بين فريقين يحاول كل واحد منهم فرض رؤيته للموت والمعايير الأخلاقية للتعامل مع هذا الحدث الجلل.

ويرفض البعض تحويل الطقوس الدينية إلى رموز علمانية يستعملها كل من هب ودب، على حد تعبيرهم.

في حين يؤكد آخرون أن المعتقدات الدينية للموتى تدخل ضمن الحيز الخاص وأن ما يهم هو إكرام الميت بدفنه واحترام اختياراته في حياته.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى