فيروس كورونا: مصر تحقق في تبادل جثتي رجل وامرأة بعد وفاتهما جراء الإصابة بـكوفيد-19
[ad_1]
قررت السلطات المصرية في محافظة الغربية بدلتا النيل فتح تحقيق في واقعة تبادل جثتي رجل وسيدة توفيا جرّاء الإصابة بفيروس كورونا الخميس، وذلك بعدما أعيد فتح مقبرة واستعادة جثمان السيدة التي دفنت فيها بالخطأ، قبل دفنها في مقابر أسرتها.
وأحالت السلطات عُمّال مشرحة مستشفى كفر الزيات إلى تحقيق إداري في الواقعة.
بدأت القصة عندما رن هاتف محمود بسيوني عصر الأربعاء، فامتقع لونه وارتعشت يداه، كأنه يتوقع ما سيحدث.
على الطرف الآخر من المكالمة، أحد مسؤولي مستشفى كفر الزيات حيث ترقد والدة محمود مصابة بفيروس كورونا: “البقاء لله في السيدة هدى عبد الحليم، والدتك، احضر سيارة إسعاف أو سيارة نقل الموتى ونعش خشبي وتعال استلم الجثة (لكي تدفنها)”.
قال محمود لبي بي سي عبر الهاتف إنه تواصل مع أقاربه الذين نصحوه بأن يرسل الإسعاف ويعطيهم بيانات والدته ولا يذهب، حتى لا يتعرض لخطر الإصابة، ولكنه رفض ذلك وأصر أن يذهب بنفسه مهما كانت المخاطر.
وتوفي في مصر خلال الأشهر الثلاثة الماضية نحو 1500 شخص متأثرين بإصابتهم بفيروس كورونا، بينما تقترب الإصابات من 40 ألفا.
وصل محمود ودخل إلى مشرحة مستشفى كفر الزيات العام، وهو أحد مستشفيات عزل مصابي فيروس كورونا في مصر ويبعد عن العاصمة القاهرة نحو 140 كيلومترا شمالا، وتحدث إلى عامل المشرحة وأثبت بالأوراق أنه نجل المتوفاة.
يقول محمود: “عندما طلبت أن أرى وجه والدتي التي قام بتغسيلها وتكفينها أخصائيو الطب الوقائي، رفض العامل المختص في البداية، ولكنه وافق بعد أن راضيته (لفظ يستخدمه المصريون عندما يدفعون مالا بشكل غير قانوني لموظف أو عامل لاسترضائه)”.
وتشترط السلطات الصحية المصرية إجراءات خاصة بتغسيل وتكفين ودفن من يموتون بكورونا أو من يشتبه في موتهم بها داخل مستشفيات العزل وخارجها لمنع انتقال العدوى بين من يقومون بهذه الإجراءات، كما تمنع إقامة سرادقات العزاء الجماعي للحد من الاختلاط بأهل المتوفى أو حدوث التجمعات.
ومن بين إجراءات الوقاية التي تتخذها السلطات أن يكون تكفين الجثامين في عدة طبقات من القماش على أن تكون الطبقة الخارجية من بلاستيك لا تنفذ منه السوائل، ويقوم بذلك مسؤولو الطب الوقائي بمستشفيات العزل التي تقع فيها الوفاة.
ويوضح محمود، وهو فني كمبيوتر يسكن في مدينة المحلة، أنه عندما كشف عامل المشرحة الكفن والغطاء البلاستيكي من على وجه والدته ليودعها، كانت المفاجأة القاسية. يقول محمود: “الجثمان ليس لوالدتي، وليس لامرأة، إنه جثمان رجل مسن”.
يشرح الشاب كيف فزع وغضب وثار على العامل الذي لم يجب على أسئلته: “أين جثمان أمي؟ ومن هذا؟ وهل ماتت أمي أصلا؟ ومن المسؤل عن هذا الموقف الآن؟”.
فرّ عامل المشرحة من أمام محمود بسيوني بسبب ثورته العارمة، وجاء مسؤولو المستشفى يحاولون تهدئته.
يقول أحد المسؤولين بمستشفى عزل كفر الزيات لبي بي سي إن خطأً فرديا وقع وتم تسيلم جثمان والدة محمود لأسرة الرجل المسن الذين قاموا بدفنه دون التحقق من الجثمان.
وتشترط الإجراءات الوقائية التي أقرتها وزارة الصحة المصرية عدم فتح أكفان موتى كورونا نهائيا من قبل ذويهم، خشية انتقال العدوى إليهم.
فيروس كورونا: ما هي الطريقة الآمنة لدفن الموتى؟
البحث عن الجثمان
يقول محمود إن قيادات أمنية حضرت فورا إلى المستشفى بعدما أبلغتهم إدارتها بما حدث، وإصراره على تسلم جثمان والدته فورا.
وفي هذه اللحظة أمر حكمدار الغربية، وهي المحافظة التي يقع في نطاقها المستشفى، بالتواصل فورا مع أهل المتوفى الذي تسلم جثمان والدة محمود وأوضح الخطأ الذي وقع.
ويستطرد محمود: “طالبتني القيادات الأمنية ومدير المستشفى بالتوجه إلى المقابر بكفر الزيات بالإسعاف لتسلم جثمان والدتي. بالفعل قمت بذلك في وقت متأخر من مساء الخميس ونزلت إلى المقابر بنفسي بعد اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة وحملت جثمان والدتي وعدت به إلى مقابر الأسرة بالمحلة لدفنه”.
ويضيف بنبرة باكية: “ربما لن يصدقني أحد إذا قلت إن وجه أمي المتوفاة تبسم ضاحكا عندما أنزلتها إلى قبر أسرتي في مدينة المحلة، بعد كل هذا مع أذان فجر الجمعة”. وفي الوقت نفسه، قامت أسرة الرجل الآخر بدفن جثمانه.
يقول محمود إن ما حدث لا اسم له سوى الإهمال الجسيم، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن مساندة القيادات الأمنية والتعامل الذي وصفه بالراقي من إدارة مستشفى عزل كفر الزيات جعله يتحمل هذا الموقف العصيب، لكن: “لا أتمنى لأحد أن يتعرض لمثل هذا. ولا يمكن لهذا الإهمال أن يستمر”.
وقرر وكيل وزارة الصحة بالغربية فتح تحقيق في واقعة تبادل الجثتين، وأحال عاملا وعاملة بمشرحة المستشفى للتحقيق بصفتيهما المسؤولين عن إجراءات تغسيل وتكفين جثامين المتوفين بكورونا، معترفا، في تصريح صحفي، “بوجود خطأ تمّ تداركه”.
“إهمال في الحياة وبعد الممات”
كرر محمود قوله إنه تسامح مع الموقف بعدما ساعدته الأجهزة الأمنية وإدارة المستشفى على أن يسترد جثمان أمه ويدفنها في مقابر أسرته. ولكن هذا الخطأ يحمل في طياته، بحسب محمود، “معنىً أكثر قسوة أنه ربما يكون هناك إهمال من نوع آخر تجاه مرضى كورونا داخل المستشفيات”.
ونبهت إدارة مستشفى كفر الزيات على عمال المشرحة بوضع لافتة بأسماء المتوفين على الكيس البلاستيكي من الخارج بعد التأكد من هوياتهم، لتلافي تكرار هذا الخطأ.
وطلب محمود من أهالي المتوفين بكورونا أن يهتموا بالتحقق من جثامين ذويهم، ولو كان ذلك بملابس واقية أو من وراء زجاج المشارح أثناء الغسل والتكفين، فيما طلب من الأطباء والممرضين الاهتمام بمرضى كورونا: “هم أمانة بين أيديكم، في غياب أحبابهم، فاستوصوا بهم خيرا”.
وناشدت فرق الطب الوقائي التابعة لوزارة الصحة من يقومون بتغسيل أي متوفين في منازلهم في هذه الفترة في عموم مصر باتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة من ملابس واقية وقفازات وأقنعة للوجه واستخدام أدوات يسهل تعقيمها أو التخلص منها بعد الدفن، واعتبار أن كل حالات الوفاة هي اشتباه وفاة بسبب الفيروس، للحد من انتشار العدوى.
[ad_2]
Source link