فيروس كورونا: كيف يغير الوباء العلاقات بين الأزواج والأصدقاء في المجتمع؟
[ad_1]
أعاد وباء كورونا المستجد تشكيل علاقاتنا الشخصية بطرق غير مسبوقة، فبينما أرغمنا الحجر الصحي على البقاء تحت سقف واحد مع أفراد عائلاتنا وشركاء حياتنا والتواصل معهم على مدار الساعة، فإن إجراءات التباعد الاجتماعي فرّقت بيننا وبين أصدقائنا وأفراد مجتمعنا.
وقد نجحت كل من الصين، التي كانت أولى الدول التي تفرض الحجر الصحي بعد ظهور الفيروس، وهونغ كونغ، التي طبقت إغلاقا شاملا، في احتواء الوباء، وأوشكت الحياة في هذين البلدين أن تعود إلى طبيعتها. لكن الوباء خلف بعض الشروخ العميقة في العلاقات الأسرية.
وتقول سوزان تشوي، عالمة اجتماع بالجامعة الصينية في هونغ كونغ، إن هناك زيادة ملحوظة في الخلافات الزوجية بسبب ضغوط العزل المنزلي التي ترافقت مع الضغوط المالية الناجمة عن الركود الاقتصادي إثر تفشي الوباء.
والدليل على ذلك الارتفاع الكبير في معدلات الطلاق. إذ شهدت مدينة شيآن شمال غربي مقاطعة شانشي، ارتفاعا غير مسبوق في طلبات الطلاق بعد إعادة فتح مكاتب تسجيل الزواج في مارس/آذار الماضي.
ولقي عنوان: “سأنهي زواجي بمجرد انحسار الوباء”، تفاعلا كبيرا من رواد منصة”زيهو” للتواصل الاجتماعي في الصين، وقالت سيدة تدعى زويبي في تعقيبها على العنوان، إنها تؤدي مهام المرأة والرجل معا.
وتعلل ذلك بالقول إنها كانت تعمل ممرضة في إحدى مستشفيات ووهان التي اكتظت بالمرضى أثناء الوباء، بينما رفض زوجها، الذي فقد وظيفته، أن يؤدي المهام المنزلية رغم أنه كان ملازما للمنزل مع ابنهما البالغ من العمر خمس سنوات.
وكانت تعود من عملها لتؤدي بنفسها المهام المتراكمة. ولهذا قررت أن تقدم طلبا للطلاق بمجرد أن تستأنف مكاتب تسجيل الزواج العمل كالمعتاد.
وكانت الصين قد شهدت ارتفاعا في معدلات الطلاق منذ عام 2003 بعد أن أصبحت الإجراءات أكثر سهولة وسرعة. وفي عام 2019، كان هناك 4.15 مليون طلب طلاق، ولهذا صدر قانون جديد سيسري في مستهل 2021 يقضي بإمهال الزوجين 30 يوما لإعادة النظر في قرارهما قبل إنهاء زواجهما، باستثناء حالات العنف المنزلي.
وفي أعقاب الحجر الصحي، أدت الخلافات العائلية إلى ارتفاع في حالات العنف المنزلي. ففي مقاطعة خوبي زادت حالات العنف المنزلي المبلغ عنها ثلاثة أضعاف منذ تفشي الوباء.
وسجلت المنظمات الأهلية المعنية بحقوق المرأة في بكين، ارتفاعا كبيرا في البلاغات التي تتلقاها عبر خطوط المساعدة الهاتفية بسبب المشاكل ذات الصلة بالعنف المنزلي بعد فرض الحجر الصحي. وفي هونغ كونغ، زاد عدد نزلاء دار “هارموني” للتصدي للعنف المنزلي وإيواء ضحايا العنف المنزلي.
وتقول إحدى النزيلات، التي لم تفصح عن اسمها الحقيقي، إنها تعرضت للعنف المنزلي قبل بداية الجائحة. وزادت حدة الخلافات بعد أن أصبح زوجها يعمل من المنزل. إذ كانا يتشاجران حول كيفية تنظيف وتعقيم المنزل، ومدى إمكانية الخروج بصحبة طفليهما. وكان يعنفها في حال لم يعجبه الطعام، وإذا دافعت عن نفسها كان يصفعها على وجهها ويلقي بالأطباق على الأرض.
وتقول شارمين شاروف، أخصائية في علم النفس السريري في هونغ كونغ، إن العائلات والأزواج الآن يواجهون مشاكل وتساؤلات لم يسبق لهم مواجهتها من قبل، مثل كيفية تطبيق التباعد الاجتماعي. وأصبحت المسائل اليومية المعتادة، مثل إرسال الأطفال للعب مع أصدقائهم، ذات تبعات خطيرة على حياتهم وحياة أطفالهم.
وبعد فرض الحجر الصحي، تواجه الأسر مشكلة في تقسيم الأعباء المنزلية ومتابعة الأطفال أثناء التعليم المنزلي. وتتحمل النساء في الغالب العبء الأكبر من المهام المنزلية، ولا سيما في الصين التي تقضي فيها النساء وقتا أطول مرتين ونصف من الرجال في أعمال المنزل غير مدفوعة الأجر.
وتقول تشوي إن النساء كن أكثر تضررا من فقدان الوظائف ذات الصلة بوباء كورونا، لأنهن اضطررن لترك أعمالهن لرعاية أسرهن ولأنهن يمثلن النسبة الأكبر من العاملين في قطاع تجارة التجزئة، بما في ذلك المطاعم والفنادق وخطوط الطيران.
هؤلاء الأشخاص يطمحون إلى العيش بعد سن المئة فماذا يفعلون؟
وعندما تفشى الوباء، تفرغت سوزي غاو، التي كانت تعمل في مجال التجارة الإلكترونية، لرعاية ابنتها البالغة من العمر عامين بعد إغلاق دور الحضانة، ووجدت صعوبة في العثور على الوظيفة المناسبة. وتقول إن الرجال الآن يتحملون النصيب الأكبر من الأعباء المالية، بينما تقع الأعباء المنزلية على كاهل النساء.
وتقول تشوي إن الكثير من العمال المهاجرين سرحوا من وظائفهم في البر الرئيسي الصيني، إذ سافر الكثيرون إلى مسقط رأسهم لقضاء إجازة مهرجان الربيع ولم يتمكنوا من العودة إلى شركاتهم بعد تفشي الوباء.
ولا تزال شياوهونغ، التي تعمل في بكين، عالقة في مقاطعة شانشي منذ أن سافرت لقضاء الإجازة مع زوجها وطفليها الذين يعشون هناك. ورغم سعادة طفيلها بالعيش مع أمهما، إلا أنها لم تتمكن من العثور على وظيفة ذات راتب مجز في مسقط رأسها.
وفرضت إجراءات التباعد الاجتماعي على معظم الناس العزلة عن الأصدقاء والأهل الذين نلجأ إليهم عادة في أوقات الشدة. وتوقفت أنشطتنا الترفيهية المعتادة، كالذهاب للمطاعم أو صالات الألعاب الرياضية التي كانت تساعدنا في التغلب على الضغوط النفسية. وبحث الناس عن سبل أخرى للتواصل مع الآخرين، كالمحادثات المرئية والتراسل النصي عبر منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي.
واتسعت الفجوة الرقمية بين الأشخاص الذين لديهم القدرة على استخدام الأجهزة الإلكترونية وبين غيرهم ممن لا يستطيعون استخدامها، ولا سيما كبار السن، الذين عجزوا عن التواصل مع أقاربهم أثناء الحجر الصحي كونهم أقل دراية بتقنيات التواصل عبر الإنترنت.
وعلى النقيض، يعتمد الجيل الأصغر سنا الآن على الأجهزة الإلكترونية للتواصل مع الآخرين، رغم أن أبحاثا أثبتت أن الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي يزيد من الشعور بالعزلة والوحدة لدى الشباب.
وأتاح الوباء أيضا للناس الفرصة لإعادة النظر في علاقاتهم وتجديد أواصر صداقات قديمة بل وتجديد علاقتهم مع ذويهم. وتقول غاو إن الوباء ساعدها في قضاء وقت أطول مع زوجها والتواصل والاستمتاع باللعب مع ابنتهما لساعات أطول.
وبالتوازي مع زيادة طلبات الطلاق في ووهان، زادت أيضا طلبات الزواج التي تلقتها خدمة طلبات الزواج عبر الإنترنت التي تتيحها منصة “أليباي” للدفع عبر الهاتف. وشهد التطبيق زيادة 300 في المئة في طلبات الزواج في الفترة بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان.
ويرى بعض الأخصائيين النفسيين أننا قد نشهد أزمة صحية بسبب تداعيات الجائحة على الصحة النفسية. فقد أظهرت دراسة أجريت في هونغ كونغ في أعقاب تفشي متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد “سارس” أن الناجين من المرض ظلوا يعانون من الضغوط النفسية والاكتئاب بمستويات مثيرة للقلق بعد عام من الجائحة.
لكن دراسة أخرى كشفت عن تبعات إيجابية لوباء “سارس”، منها توطيد العلاقات بين أفراد العائلة والأصدقاء. وذكر 60 في المئة من المشاركين أنهم أصبحوا أكثر حرصا على مشاعر أفراد عائلاتهم وأكثر اهتماما بالصحة النفسية.
ويرى البعض أن جائحة فيروس كورونا المستجد قد تدفع الحكومة في الصين، التي لا يزال المرضى النفسيون فيها يتعرضون للوصم الاجتماعي، للاهتمام بخدمات الصحة النفسية كاهتمامها بالصحة البدنية.
وقد ظهرت صور عديدة للترابط الأسري والتضامن الاجتماعي في مختلف أنحاء الصين وهونغ كونغ أثناء تفشي الوباء، بدءا من المواطنين في ووهان الذين كانوا يصيحون في الشرفات لمؤازرة مدينتهم، ومرورا بالنشطاء ومناصري حقوق المرأة الذين تعاونوا على مواقع التواصل الاجتماعي لدعم ضحايا العنف المنزلي، ووصولا إلى المنظمات الأهلية في هونغ كونغ التي وزعت كمامات ومعقمات على المؤسسات الخيرية في المدينة.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Future
[ad_2]
Source link