محمد رمضان ليس أول من تعرض أفراد عائلته للتحيز على أساس اللون
[ad_1]
لا تنحصر السلوكيات العنصرية في التفرقة على أساس العرق أو القبيلة أو الدين بل تتدخل بحسب كثيرين في تحديد معايير الجمال وكأن هنالك بروتوكولا خاصا بالشكل الخارجي.
“أنا فخور بلوني ولون أبي وأولادي .. ومبسوط أن ولادي هيطلعوا ضد العنصرية والدليل أن أمهم وأباهم من لونين مختلفين عن بعض”.
هكذا رد الفنان المصري محمد رمضان على تعليق، على صورة جمعته بابنه الصغير، أثار ضجة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
كعادته شارك رمضان جمهوره كواليس أغنيته الجديدة، إلا أنه فوجئ بمتابعة تسخر من لون بشرة ابنه وشعره المجعد، إذ كتبت: “المصيبة أن محدش من عياله في جمال أمهم ولا لونها”.
وعلى إثرها، أعاد رمضان نشر التدوينة مع تغطية اسم صاحبتها، معربا عن فخره بلون بشرته.
نظرة جماعية للجمال
لاقى رد رمضان إعجاب الكثيرين وحظيت تدوينته بتفاعل واسع، إذ تم تداولها 15 ألف مرة، وسجلت أكثر من 30 ألف تعليق.
وجاءت التعليقات في مجملها متضامنة مع الفنان المصري ومتغنية بوسامته وجمال طفله.
واستدعى البعض أبيات شعرية ومقاطع من الأغاني لمساندة رمضان على غرار “أسمر وحلو ” و”صحيح أنا أسمر وكل البيض يحبوني و”أعشق السمر العوالي””.
غير أن آخرين رأوا في تلك “العبارات والمديح عنصرية وتنمرا من نوع آخر”.
من ناحية أخرى، شكك معلقون في صحة التدوينة المسيئة لرمضان ووصفوها بالمفتعلة.
فقد رأى البعض أنها جزء من خطة يهدف من خلالها الفنان لكسب التعاطف مستفيدا من التضامن العالمي مع الاحتجاجات ضد العنصرية التي تشهدها الولايات المتحدة.
لكن هذه ليست أول مرة يتعرض فيها رمضان لشتائم ولحملات تحط من شكله وتسخر من لون بشرته.
وقد نالت تلك الحملات من شقيقته العروس، إذ قارنها مدونون بعريسها الذي وصفوه بالوسيم. بل إن بعضهم اعتبروا أنها لا تليق به.
والملفت أن ما تعرض له رمضان وأفراد عائلته من تنمر بسبب الشكل الخارجي، يأتي بعد أيام من حادثة مشابهة تعرض لها نجم كرة القدم المصري محمود عبد الرازق الملقب بشيكابالا.
وسبق أيضا أن واجهت ملكة جمال الجزائر، الخديجة بن حمو، ومن قبلها ملكة جمال السعودية، ملاك يوسف، انتقادات قاسية طالت لون بشرتهما ومظهرهما.
فالمعترضون على اختيار الشباتين آنذاك انبروا في تقديم رؤيتهم لمقاييس الجمال الصرف. فالشابتان يناقضان بسمرتهما وملامحهما الجمال المتجذر في أذهان كثيرين.
ليست عنصرية
في المقابل، هب قطاع واسع من نشطاء فيسبوك وتويتر للدفاع عن شيكابالا ومن قبله الشابتين.
ورغم أن العديد من المعلقين العرب أدانوا تقييم الأشخاص على أساس لونهم ومظهرهم الخارجي، غير أنهم انتقدوا ما اعتبروه تهويلا للأمور.
لدرجة أن بعضهم أنكر وجود ظاهرة العنصرية أو التحيز على أساس اللون في المجتمعات العربية بحكم وجود أعراف ونصوص دينية “لا تفرق بين أبيض أو أسود أو أعجمي إلا بالتقوى”.
كما أشار آخرون إلى الموروث الشعري والغنائي الذي يتغزل بالسمر وبجمالهم.
وقد جمعت التغريدات التالية بين منطقين متناقضين، إذ ربطت العنصرية والتنمر في المجتمع العربي بـالتقليد الأعمى للغرب حتى في نظرته لذوي البشرة السوداء والسمراء.
ويستدل هؤلاء في كلامهم بمقولة العلامة ابن خلدون “المغلوب مولع بتقليد الغالب”.
فبالنسبة للمعلق السعودي بدر، المظاهر التي تبدو ذات صبغة عنصرية في المجتمع العربي تظل حالات فردية لا تغير من صفة المجتمع باعتباره من أقل مجتمعات العالم عنصرية.
التحيز اللوني
إلا أن آخرين يرون أن هناك رؤية مجتمعية للمظهر الخارجي وللألوان تربط السمار بالقبح وسوء الطالع، والبياض بالجمال والرفاه.
وتتجلى تلك الرؤية للجمال والألوان بحسب كثيرين في الشعر وفي أمثلة شعبية لا تزال تتردد على الألسن.
ويذكرون منها “البياض نصف الجمال” و”خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود”.
لذا يرى كثيرون أن ظاهرة التحيز للأبيض وصاحب الشعر الأملس والعيون الملونة موجودة بقوة في المجتمعات العربية ومغروسة في العقل الباطن الجمعي.
ومن هذا المنطلق، ذّكر مدونون بما عاشه الفنانان الراحلان أحمد زكي وعبد الحليم حافظ من مواقف قاسية بسبب ملامحهما السمراء في بداية مشوارهما.
وقد استطاع الفنانان بفضل موهبتهما تغيير المقاييس المعتمدة في صناعة فتى الشاشة منذ حقبة الستينات.
فعادة ما كان صناع الفن يختارون الشاب الوسيم على أنه أبيض اللون مفتول العضلات صاحب الشعر الناعم.
ولكن رغم موهبتهما ونجاحهما، ارتبط زكي بلقب “النمر الأسود” و”فتى الشاشة الأسمر”. وتكرر الأمر ذاته مع الفنان عبد الحليم حافظ حينما لقبه عشاقه والنقاد بـ”العندليب الأسمر”.
وتنقد الناشطة العراقية سماح عباس محاولة البعض الفصل بين الجمال والسمار أو التركيز على لون البشرة السمراء دون غيرها، إذ ترى أنها تعزز النظرة الدونية لأصحاب البشرة الداكنة.
وتقول: عبارة “سمارچ يخبل” ليست مديحا فكل ألوان البشر حلوة. لم أسمع أحدا يقول “بياضك يخبل” طبعا لأنهم يعتبرون البياض جميلا بكل حالاته”.
“سمراء لكنها لطيفة”
“لسوء الحظ لقد ولدت في مجتمع يحبذ الأشقر ويتجاهل الموروث الشعبي الذي يتغنى بالأسمر. أما أسرتي الكبيرة فكانت تتفاخر بلون بشرتها الفاتح، وكان بعض أقاربي يطلقون علي لقب “الزرقة” (نعت تحقيري بالعامية يطلق على صاحب البشرة الشديدة السمار)”.
بهذه الكلمات تسترجع لطيفة ذكريات طفولة عاشتها في قرية من قرى الجنوب التونسي جل سكانها مختلطون عرقيا.
وروت لطيفة لمدونة ترند قصصا عن تصرفات، تصفها بالرجعية، صدرت من معارفها وحتى من بعض أفراد عائلتها.
وكانت تسمع همسات النساء الموجهة لوالدتها: “هذه البنت قليلة الحظ لماذا لا تشبه أختها الشقراء كيف ستجد عريسا عندما تكبر”.
الغريب في الأمر أن معظم هؤلاء النساء كن من ذوات البشرة القمحية أو السمراء، بحسب محدثتنا.
وتضيف: “لم يشعرني والدي أبدا أنني غير جميلة لأنني سمراء. بالعكس، كانت أمي تتغنى بشعري الأسود الطويل وتناديني بالعسلة في حين كان والدي يقدمني للآخرين قائلا هذه “ابنتي اللطيفة السمراء الحلوة ذات العيون الكبيرة”.
تتشابه تجربة لطيفة مع تجارب أخرى لفتيات وشبان من دول مختلفة.
ومن بين هؤلاء المدون المصري الذي تعرض للتنمر عندما كان في المدرسة لكونه من النوبة.
أما لطيفة فقد اجتازت المرحلة الابتدائية بسلام، لكنها تفاجأت بمجتمع أكثر “ازدواجية” عندما انتقلت للعاصمة لإتمام تعليمها الجامعي.
وتروي بحرقة ما يتعرض له السمر أو المختلفون في الشكل من ألفاظ قد تبدو في ظاهرها دعابة إلا أنها تنطوي في الباطن على رواسب عنصرية لا تخلو من عقد التفوق، حسب قولها.
وتقول: “كلما كانت درجة بشرتك أفتح كنت تحظى بتقدير أكبر ويربطونك بالمدن الكبرى القريبة من مراكز صنع القرار في البلاد أو بطبقة الأغنياء في بلدنا”.
لجأت لطيفة إلى مستحضرات تفتيح البشرة لكي تصبح “مناسبة” لمعايير المجتمع إلا أنها شعرت بأنها ستنسلخ عن ذاتها وتتشبه بالآخرين.
وتكمل: “في شبابي كان الجميع يسعى للحصول على بشرة بيضاء خالية من الشوائب، تشبه بشرة مذيعات تلفزيون رايونو الإيطالي”.
وترى لطيفة أن جيل الإنترنت يختلف كثيرا عن الأجيال السابقة، وقد بات أكثر تقبلا لاختلاف اللون أو العرق.
وتردف قائلة: “لقد تغير مفهوم الجمال اليوم ولم يعد يتمحور حول بياض البشرة أو الشعر الناعم وهذا ما نلاحظه في الحملات الإلكترونية التي ترفض القوالب الجاهزة للجمال”.
“لا تزال العنصرية أو التحييز على أساس الشكل محظورات اجتماعية تخشى بعض البلدان الخوض فيها بل تعتبرها أمرا هامشيا” بحسب لطيفة التي ترى أن المناخ الديمقراطي الذي يؤسس تقبل الاختلاف يشجع على معالجة الظاهرة أيا كان حجمها”.
[ad_2]
Source link