أخبار عاجلة

أزمة كورونا من صحية إلى اقتصادية

أعدتها للنشر: آلاء خليفة

أجمع المشاركون في حوار عبر منصة «حوار» الإلكترونية والتي حملت عنوان «أزمة الكورونا من صحية إلى اقتصادية»، على أن الحلول الاقتصادية التي وضعتها الحكومة مؤخرا لمواجهة جائحة أزمة ڤيروس كورونا المستجد هي حلول مؤقتة لن تحل الأزمة الاقتصادية بشكل كامل، مطالبين بضرورة عمل إصلاحات اقتصادية حقيقية.

وشدد المشاركون في الحوار على أن الكويت تحتاج إلى حركة إصلاح حقيقية في المؤسسات بما يؤدي إلى «تعقيمها» من الفساد وإيجاد تميز مؤسسي حقيقي، يعتمد على رؤية طويلة المدى ومحددة الملامح، مشيرين إلى أن الشعب الكويتي يدفع ثمن التأخر في الإصلاحات الاقتصادية.

وقد شارك في الحوار عبر المنصة خبراء في الاقتصاد هم الرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي الكويتي «المركز» م.مناف الهاجري، وأستاذ إدارة الميزانيات والمالية العامة بكلية العلوم الإدارية د.براك الغربللي، والخبير الاقتصادي عبدالعزيزالهديب، مع مداخلة من النائب أسامة الشاهين، في حيان أدارها الإعلامي خالد العبدالغفور، وفيما يلي تفاصيل الحوار:

أوضح الرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي الكويتي «المركز» م.مناف الهاجري أننا نعيش اليوم فترة صعبة للغاية بسبب أزمة كورونا والجميع يواجه تحديات حياتية ووظيفية واقتصادية، لافتا إلى أن النموذج الاقتصادي في الكويت هو نموذج نفطي ديموقراطي يقوم على تعدد التفكير والحريات ونموذج مؤسسي لكن من الناحية الأخرى، فهو نموذج ريعي يعتمد بشكل كبير على البترول كمصدر وحيد للدخل القومي ويعاني من ضعف كبير في إنتاجيته وهيكلته، وبالتالي فإن مقومات الاستدامة لهذا النموذج ضعيفة جدا.

وأفاد الهاجري بأن النموذج المالي الكويتي قوي بشهادة مؤسسات التصنيف الائتماني، وهذا التضارب بين النموذجين المالي والاقتصادي يخلق خلطا كبيرا لدى الآخرين، متابعا أنه منذ انخفاض أسعار البترول في عام 2014 اصبح هناك توجه كبير نحو إنقاذ الدخل القومي من خلال زيادة التوظيف في القطاع الحكومي بغض النظر عن إنتاجية هذا القطاع بما خلق خطابا ريعيا يقوم على الكثرة أكثر من النوعية، مشيرا إلى تراجع التنافسية وإدارة المواهب وإثابة المتفوق ومحاسبة المقصر بما يؤثر على الخطاب العام الذي يؤثر على صناعة القرار.

وذكر انه مع الأسف هناك تشويش في الخطاب، وهو ما يؤدي إلى تشويش في صناعة القرار وأصبحنا نرى أنواعا من النقد لم نكن نعلم عنها سابقا، موضحا أن النقد لابد أن يكون هادفا وبناء، ولكن مع الأسف وصلنا لمرحلة انه اصبحت هناك «شيطنة» للآخر وقمنا نشكك في القطاع الخاص وفي التاجر وفي الوافد وفي جميع الفئات ولا نعلم ما الأهداف من وراء ذلك.

وأضاف أن العنصر المالي هدفه هو مساعدة الشركات الكبيرة والصغيرة على أن تستمر وتوفر السيولة وتتجنب إجراءات قد تكون أليمة مثل تخفيض الرواتب أو الاستغناء عن موظفين، مطالبا بخلق مناخ للاستثمار موات بشكل اكثر لنمو القطاع الخاص، مشددا على أهمية أن يكون الاقتصاد الكويتي اقتصادا منتجا.

تعقيم ضد الفساد

كما شدد الهاجري على أهمية ممكنات الثقة والتي تتجلى في عدة أمور منها خلق حركة إصلاح حقيقية في المؤسسات بما يؤدي إلى «تعقيمها» من الفساد سينتج عنه تميز مؤسسي وإصلاح حقيقي، مطالبا بالعمل على تحقيق أهداف تنموية بعيدة الأمد ويكون هناك اتفاق على آلية التنفيذ.

وفيما يخص مشروع الدين العام، أوضح الهاجري أن الدين أمر مستحق، ونحن اليوم في بيئة نقدية متدنية الفائدة، لافتا إلى أن الكويت لو اقترضت اليوم ستكون تكلفة الاقتراض أقل بكثير من المرة الماضية وسيجنبنا تسييل أصول في فترة تتراجع فيها الأسواق بشكل كبير وبالتالي تحقيق خسائر محققة، ولكن لا يمكن أن ننسى أن الكويت اقترضت في 2017 ونتيجة الاقتراض لم تكن واضحة، وأصبح هناك تضخم في الجهاز الحكومي وسجل ضعيف في التنمية.

وقال الهاجري: اليوم نشهد تحولا في الخطاب الذي نسمعه من الرأي العام «من بعض الأصوات» بأن حل مشكلة الفساد هو التكويت، موضحا انه لا يعارض بأن الكويتي أولى بالوظيفة، وان هناك عمالة سائبة وهامشية في الكويت، ولكن هناك وظائف أيضا بحاجة إلى الوافد، مشيرا إلى أن النفس العنصري ضد بعض الجاليات والجنسيات يؤثر على علاقة الكويت بالدول الأخرى وهو أمر مرفوض بالنسبة له.

من ناحيته، أوضح أستاذ إدارة الميزانيات والمالية العامة بكلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت د.براك الغربللي، أنه منذ الستينيات وحتى يومنا هذا هناك مطالب بإصلاح الاقتصاد، وتحديدا تنويع مصادر الدخل وحتى الآن لم يحدث أي إصلاح حقيقي ولم نجد جدية في تنويع مصادر الدخل. وقال الغربللي: الشعب الكويتي يدفع اليوم ثمن تأخير إجراء الإصلاحات الاقتصادية ومازلنا نعتمد اعتمادا شبه كلي على النفط وأصبح مصيرنا مرتبط بقوة العرض والطلب في السوق الذي يحدد سعر برميل النفط، مشيرا إلى أن العجز المالي في ميزانية الكويت بدأ من السنة المالية 2014-2015 حيث كان هناك انخفاض حاد في سعر برميل النفط وفي السنوات التي تلت هذه السنة سجلت الكويت عجزا حقيقيا في الحساب الختامي.

وأشار إلى أن جميع دول العالم تعاني اليوم من أزمة اقتصادية ومنها النرويج التي يضرب بها المثل بحسن الإدارة المالية، وكذلك دول الخليج كوننا نعتمد على النفط فأصبحت الأزمة مضاعفة ومزدوجة من أزمة كورونا المؤلمة صحيا ونفسيا وأزمة انخفاض سعر برميل النفط المؤلمة اقتصاديا.

وأردف: أن الجزء السائل من الاحتياط العام تم استنزاف الغالبية منه بما أدى إلى حدوث مشكلة في السيولة وان الكويت بعيدة كل البعد اليوم عن تحقيق ميزانية مستدامة.

ضبابية في السياسة المالية

وتابع الغربللي: فيما يخص السياسة النقدية، قام بنك الكويت المركزي بدوره على أكمل وجه، والفائدة بلغت اليوم 1.5% وهي أقل فائدة في تاريخ الكويت، كما أن البنك المركزي اتخذ عدة قرارات منها تقليل القيود على البنوك لتسهيل استخدامهم للسيولة بهدف زيادة السيولة في السوق وهو الهدف المطلوب من ناحية التحفيز، أما فيما يخص السياسة المالية فهناك ضبابية بالتعامل فقد خرجت توصيات لكن حتى اليوم لم تطبق بشكل كامل، لافتا إلى أنه في الأزمات تعمل الدول على حماية القطاعات الحيوية وتركز على القطاعات ذات القيمة المضافة، لكن الكويت ليست لديها تعريفات واضحة عن القطاعات الحيوية والقطاعات ذات القيمة المضافة. وأوضح أن هناك غيابا للتعريفات الخاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الكويت، ولا توجد قاعدة بيانات خاصة بتلك المشروعات، مشيرا إلى أننا لدينا أزمة في الشفافية وفي ندرة المعلومات.

وأكد الغربللي أن الحديث عن الأرباح المحتجزة لا يعتبر حلا لمشكلة العجز المالي الذي تعاني منه الكويت اليوم، بل الحل بجعل الميزانية مستدامة، موضحا أن تجربة الكويت الخاصة بالاقتراض في 2017 لم تكن ناجحة كونها صرفت على «صرف جار»، موضحا أن الدين العام يعتبر حلا مؤقتا، مشددا على أن الاستدانة من دون خطة أو إصلاحات اقتصادية تعد هدرا للمال العام.

وحول الحديث عن صندوق الأجيال القادمة، قال الغربللي انه وفقا للقانون هذا الصندوق سيادي لا يمس إلا بقانون، موضحا أنه ضد فتح صندوق الأجيال القادمة، ومؤكدا أن تقييمنا الائتماني عال بسبب هذا الصندوق الذي يعد «صمام الأمان».

من ناحية أخرى، قال الغربللي: نعم هناك خلل في التركيبة السكانية بالكويت وهناك عمالة سائبة، لكن هذا ليس مبررا للنفس العنصري الذي انتشر مؤخرا في الكويت، ولا يمكن أن ننكر دور الوافدين في الكويت، فمن درسني في المدرسة بجميع المراحل هم مدرسون من الجنسية المصرية وحتى اليوم أتواصل معهم، ولا يمكن أن ننسى فضلهم وفضل الأطباء وغيرهم من إخواننا الوافدين.

إشكالية الميزانية

في مداخلة للاقتصادي عبدالعزيز الهديب، أوضح أن الحلول الاقتصادية المطروحة اليوم عبارة عن «ابر بنج»، مشيرا الى أن قيمة الأرباح المحتجزة تتراوح بين 8 و 9 مليارات دينار، وموجودة في البترول، ومن الصعب الحصول عليها خلال هذا العام، مشيرا إلى أنه لا يمكن الاعتماد على هذا الحل في توفير السيولة اللازمة لتمويل ميزانية 2020-2021.

وذكر الهديب انه لا توجد إشكالية في الدين العام، لكن الإشكالية في كيفية إدارة هذا الدين، مشددا على أنه لا يمكن أن نسحب من صندوق الأجيال القادمة «إلا بقانون» وانه يعتبر حلا مؤقتا وغير مرغوب فيه، واقتصاديا حل سيئ جدا ويحتم علينا القيام بإصلاحات اقتصادية فعلية.

الشاهين: إجراءات المعالجة الاقتصادية بطيئة

في مداخلة له أوضح النائب أسامة الشاهين أن الحكومة تتعامل مع الأعمال التجارية والاقتصادية والمالية بنظام «الري بالتنقيط» الحذر جدا، موضحا أن القطاع الاقتصادي والمالي متضرر ويدفع نفقات شهرية يتكبد فيها الكثير. وذكر الشاهين أن المعالجة الاقتصادية الحكومية متأخرة والإجراءات الحكومية بطيئة والوعود أكثر مما ينفذ على أرض الواقع.

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى