أخبار عربية

تهم فساد: لماذا تطالب الولايات المتحدة بالتحقيق في أكبر مصرف أفريقي؟


أكينومي أديسينا

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

أكينومي أديسينا

أعلن الرئيس النيجيري محمدو بخاري عن مساندة بلاده الراسخة لطلب رئيس مصرف التنمية الأفريقي الحالي النيجري أكينومي اديسينا تولي منصب رئاسة المصرف لدورة ثانية رغم تهم الفساد واستغلال المنصب المثارة ضده.

وجاءت تصريحات بخاري عقب لقائه بأديسينا في العاصمة ابوجا يوم 2 يونيو/ حزيران 2020.

ونشبت خلافات بين الولايات المتحدة ومصرف التنمية الأفريقي بسبب مزاعم فساد ضد رئيس البنك النيجيري، بحسب لاري مادوو المحرر السابق لبي بي سي أفريكا بزنس.

ويتميز أديسينا بأناقته البالغة وحلله باهظة الثمن، والقمصان ناصعة البياض، فضلا عن عدد لا نهائي من ربطات العنق الملونة.

وكان أديسينا، البالغ من العمر 60 عاما، معروفا كشخصية عامة نظيفة اليد ولكنه، قيد التحقيق حاليا عقب سلسلة من عمليات الفساد ومزاعم عن تجاوزات علنية لموظفي مكتبه. وقد أنكر أديسينا كل هذه المزاعم.

واجتمع مجلس إدارة البنك، الذي يرجع تاريخه لـ 55 عاما، مؤخراً لمناقشة ما إذا كان يجب الاستعانة بمحقق خارجي في المزاعم المتعلقة بسلوك رئيسه بعد أيام فقط من رفض الولايات المتحدة تحقيقا أوليا برأه.

وتأتي احتمالات تحقيق مستقل قبل ثلاثة أشهر فقط من إعادة انتخابه المتوقعة دون معارضة في الاجتماع السنوي العام للبنك في أغسطس/آب المقبل.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

أكينومي أديسينا

خلافات مع الولايات المتحدة

وكشفت الادعاءات، المكونة من 20 نقطة بشأن “الإفلات من العقاب وسوء الحكم” والتي قدمها موظفون مجهولون، عن خلاف بين أديسينا والموظفين العاديين.

وزعمت “مجموعة الموظفين المعنيين ببنك التنمية الأفريقي” أن أديسينا استخدم موارد البنك للترويج لنفسه وتحقيق مكاسب شخصية، وقام أيضا بدفع مكافآت نهاية خدمة ضخمة وغير مستحقة لموظفين استقالوا في ظروف غامضة، كما فضل مواطنيه النيجيريين.

ووقع وزير الخزانة الأمريكي ستيف منوشن شخصيا رسالة إلى المجلس يرفض فيها نتائج التحقيق الداخلي الذي برأ أديسينا.

وقالت باربارا بارونغي، الخبيرة الاقتصادية السابقة في البنك في نيجيريا: “إن خطوة منوشن مهمة لأنها ألقت الضوء على قضايا الحوكمة وعلى أهمية إجراء تحقيق مستقل لدعم نزاهة مصرف التنمية الأفريقي”.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

اديسينا وترامب

وإلى جانب الدول الأفريقية الأساسية البالغ عددها 54 دولة، تعد الولايات المتحدة واحدة من 27 دولة غير إقليمية مساهمة في المصرف وثاني أكبر حامل للأسهم فيه.

وقال أحد العاملين في المصرف، طالبا عدم الكشف عن هويته: “أعتقد أن مصرف التنمية الأفريقي هو أكبر مؤسسة أفريقية من حيث القيمة، ولكننا ازاء مواجهة بين الولايات المتحدة، أكبر دافع للرواتب في البنك، والدول الأفريقية، وإذا قرأت رسالة منوشن بعناية، فستجده قد وجه إنذارا للمصرف”.

وقد حصلت بي بي سي على البريد الإلكتروني الأصلي لأول شخص كشف عن الفساد منذ يناير/كانون الثاني عام 2020، وتم إرسال تلك الرسالة إلى المديرين التنفيذيين للبنك وهما الياباني يانو تاكوجي والأمريكي ستيفن دود، فضلا عن آلان باكاريزي المدير البريطاني لقسم النزاهة ومكافحة الفساد في البنك.

مصدر الصورة
M.Buhari/Twitter

Image caption

نيجيريا هي أكبر مساهم في مصرف التنمية الأفريقي

“رفض الاتهامات”

واتهم أول من كشف عن الفساد أديسينا بتضارب كبير في المصالح في تعاملاته مع الموظفين الحاليين والسابقين، والسلوك غير الأخلاقي والمحسوبية.

ولم يرد أديسينا، الحاصل على دكتوراه في الاقتصاد الزراعي من جامعة بوردو في الولايات المتحدة، على طلبات بي بي سي للتعليق، ولكنه أصدر بيانا.

وكتب قائلا في بيانه: “على الرغم من المحاولات غير المسبوقة التي قام بها البعض لتشويه سمعتي والإضرار بإجراءات حوكمة البنك، إلا أنني أصر على براءتي فيما يتعلق بالمزاعم الملفقة التي تسعى ظلما إلى الطعن في شرفي ونزاهتي”.

وأضاف قائلا: “أنا واثق أن الإجراءات العادلة والشفافة التي تحترم القواعد والإجراءات وأنظمة الحوكمة في المصرف وسيادة القانون، ستثبت في النهاية أنني لم انتهك مدونة قواعد السلوك في هذه المؤسسة غير العادية”.

ويقال إن اجتماع مجلس إدارة بنك التنمية الأفريقي وافق على إجراء تحقيق مستقل في المزاعم المتعلقة بسلوك أديسينا بعد أن دعمت الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا الموقف الأمريكي، حسبما ذكرت وكالة أنباء بلومبرغ.

ويتساءل دبيسي أرابا، صديق أديسينا، قائلا: “هل ينبغي أن يفاجئ العالم بإجراء تحقيق ثان لا تدعمه أي دولة أفريقية؟ وكيف يمكن تفسير موقف الدول التي اصطفت وراء الولايات المتحدة؟”.

وأضاف قائلا: “كان من المقرر أن يعاد انتخابه للمنصب دون معارضة، لكنك إثارة زوبعة بالحديث عن وصمة الفساد، أعتقد أنه ستتم تبرئته”.

وعمل أرابا مع أديسينا عندما كان الأخير وزيرا للزراعة في الحكومة النيجيرية، وكان أرابا أيضا متدربا في المصرف أثناء إعداده لدرجة الدكتوراه في عام 2009.

ويقول إنه طالما كانت بالمصرف ثقافة الشائعات والنميمة، والولايات المتحدة مخطئة في إضفاء الطابع الرسمي على تلك الشكوى.

وقد نفى الناطق باسم وزارة الخزانة الأمريكية أن واشنطن تسير وراء شائعات، وقال لبي بي سي: “تواصل الولايات المتحدة تقدير المصرف الأفريقي للتنمية والجهود التي يبذلها لتعزيز التنمية، والحد من الفقر، ومعالجة الآثار الصحية والاقتصادية الحالية لوباء فيروس كورونا في القارة الأفريقية”.

التحقيق والصين

ويشعر بعض المحللين السياسيين في مراكز الدراسات في العاصمة الأمريكية واشنطن بالقلق من توقيت هذه التطورات وعواقبها على المدى الطويل في إفريقيا.

وقالت نانسي بيردسال، الزميلة في مركز التنمية العالمية، لبي بي سي: “ستكون المعركة الطويلة مصدر إلهاء للمصرف بينما المقترضون في أمس الحاجة لموارده أكثر من أي وقت مضى”.

واضافت قائلة: “على وزارة الخزانة الأمريكية أن تبحث عن شكل من أشكال التسوية الهادئة التي لا يراق فيها ماء الوجه أحد”.

كما جددت بيردسال توصية قدمتها في ورقة بحثية عام 2018 لقيادة المصرف لفتح الباب أمام مساهمة للصين والدول النفطية الغنية.

ومن جانبه، يقول دانييل روند، نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن المصرف الذي يتخذ من أبيدجان مقرا له والذي يقدم القروض إلى الحكومات الإفريقية حصرا يمثل أحد الأدوات القليلة التي لا تسيطر عليها الصين ويمولها الغرب للتنمية في القارة.

وأضاف قائلا: “إذا تمت تبرئة أديسينا، فقد تحتاج الولايات المتحدة إلى مد الجسور مع الإدارة لأنه من المحتمل أن تنشط الصين كثيراً في افريقيا بعد تجاوز أزمة كورونا، وسنحتاج إلى كل أداة غير صينية للرد عليها”.

ومضى روند قائلا: “الآن بعد أن تسببت إدارة ترامب هذه البلبلة وربما سجلت نقطة لصالحها، عليها أن تحدد موقفها عندما تحين اللحظة”.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تعهد 81 مساهما في المصرف بأموال إضافية لمضاعفة رأس ماله إلى 208 مليار دولار.

وأيد عضو الكونغرس الأمريكي عن الحزب الديمقراطي إيمانويل كليفر، الذي رعى مشروع قانون يدعم زيادة رأس مال المصرف في مجلس النواب الأمريكي، التحقيق الذي دعا إليه منوشن.

وقال لبي بي سي في بيان بهذا الشأن: “إجراءات المساءلة المستقلة تعزز المؤسسات وتعزز شرعيتها، محليا ودوليا، ويسرني أن مجلس إدارة مصرف التنمية الأفريقي وافق على اتخاذ هذه الخطوة الهامة”.

ويعد أديسينا مدافعا قويا عن أفريقيا والمصرف و يجيد جمع التبرعات، لكن منتقديه يقولون إنه يعد بأكثر مما يقدم.

وقال أحد العاملين رافضا الكشف عن هويته: “لم تكن إدارته رائعة دائما وربما لم تكن الممارسات دائما كما ينبغي، والشعور السائد هو أن المجلس قد طمس التحقيق”.

حقائق عن أكينومي أديسينا

• أول نيجيري يتولى قيادة مصرف التنمية الأفريقي

• انتخب لمدة خمس سنوات في سبتمبر/أيلول عام 2015

• كان وزيرا للزراعة في نيجيريا من عام 2011 حتى انتقاله للمصرف

• حصل على لقب شخصية فوربس أفريقيا لعام 2013 عن “إصلاحاته الجريئة” في قطاع الزراعة

• قال له أكاديمي نيجيري إنه لن يدخل أبدا إلى جامعة بوردو لأن قدراته في الرياضيات سيئة

• أثبت خطأ ذلك الأكاديمي بالدخول إلى المؤسسة الأمريكية المرموقة

• ألغى قبوله في جامعة كامبريدج العريقة في بريطانيا

• حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي عام 1988

أكبر مساهمي المصرف:

نيجيريا: 9.1 في المئة، الولايات المتحدة: 6.5 في المئة، مصر: 5.5 في المئة، اليابان: 5.4 في المئة، جنوب أفريقيا: 4.9 في المئة، الجزائر: 4.1 في المئة، ألمانيا: 4 في المئة، كندا: 3.8 في المئة، ساحل العاج 3.7 في المئة، فرنسا: 3.6 في المئة.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى