أخبار عربية

مقتل جورج فلويد: هل اهتم العرب بـ “العنصرية” في أمريكا وأهملوها في بلادهم؟


مصدر الصورة
Miquel Benitez

#ألا يزال أصحاب البشرة السمراء في الولايات المتحدة يعانون من التمييز العنصري؟ ولماذا تكرر أحداث مينيابوليس؟

برزت هذه الأسئلة بقوة منذ اندلاع أحداث مينيابوليس الأخيرة في الولايات المتحدة، التي شهدت تظاهرات كبيرة احتجاجا على وفاة مواطن أمريكي من أصول إفريقية، جورج فلويد، خنقا تحت ركبة شرطي.

ورغم اعتقال الشرطي واتهامه بالقتل غير العمد، إلا أن مشهد موت فلويد لا يزال يتصدر عناوين الأخبار حول العالم.

فقد أوقد مقتله احتجاجات عارمة انطلقت من مدينته بولاية مينيسوتا، ثم امتدت إلى واشنطن ونيويورك ومدن أخرى.

وسوم عالمية وحملات تضامن

وعبر مواقع التواصل، تصدر وسم BlackLivesMatter، الداعم لحقوق ذوي البشرة السوداء، قوائم الموضوعات الأكثر تداولا على مستوى العالم.

وكان التفاعل مع تلك الأحداث من الجانب العربي، سواء على المستوى الإعلامي أو الشعبي، كبيرا أيضا.

فلم يفوت المغردون تلك الأحداث وتابعوها عن كثب، عبر مجموعة وسوم، تصدرت لوائح المواضيع الأكثر تداولا في عدد من الدول العربية لساعات طويلة.

ومن أبرزها وسم “حياة السود مهمة”، إذ شجب المغردون من خلاله ما وصفوه بـ”التمييز العنصري” الذي يتعرض له المواطنون السود في الولايات المتحدة.

وتلا ذلك وسوم عديدة تنتقد ممارسات الشرطة الأمريكية على غرار #العنصرية_في_أميركا و#أمريكا_ تنتفض .

ووصف المشاركون في تلك الوسوم سياسات السلطات الأميركية بالازدواجية، إذ تسعى برأيهم إلى “نشر المساواة في العالم، بينما تتقاعس عن تطبيقها داخل بلدها”.

وتساءل بعضهم عن الطريقة التي سيتعامل بها الإعلام الأمريكي مع مظاهرات مينيابوليس لو أنها حدثت في مكان آخر من العالم.

إلى جانب ذلك عبر معلقون عرب عن تضامنهم مع المتظاهرين الأمريكيين، ودعوا إلى التآخي ونبذ الأفكار العنصرية.

واستدل بعضهم بأحاديث دينية تبغض العنصرية والتفرقة بين الناس، واستعانوا بمشاهد تتغنى بالأمان والسلم الاجتماعي، الذي ينعمون به في بلدانهم مقارنة بما تعيشه الأقليات في الولايات المتحدة، وفق وصفهم.

انفصام وازدواجية

في المقابل رأى مغردون أن مقارنة الولايات المتحدة بالدول العربية لا تستقيم، قائلين إنها بلد “ديمقراطي يحكمه نظام مدني يحترم حرية التعبير ويكفل حق التظاهر”.

كما اغتنم فريق آخر من المغردين العرب الفرصة لتسليط الضوء على ما وصفوها بـ”مظاهر العنصرية” في دولهم، قائلين إنها ليست حكرا على الولايات المتحدة أو الغرب، كما يدعي البعض.

وانتقد مغردون هرولة البعض إلى “وصم شعوب أخرى بالعنصرية بينما يعج العالم العربي بأشكال منها من بينها التفرقة على أساس القبيلة والطائفة ولون البشرة”.

ويدعم هؤلاء كلامهم بشهادات يقولون إنها عرت النعرات الطائفية ونقلت معاناة ذوي البشرة السوداء في بعض الدول العربية.

ويقول خبراء اجتماعيون على تويتر إن بعض المغردين العرب بالغوا في الحديث عن العنصرية في الغرب وتجاهلها عندما يتعلق الأمر بالمنطقة.

ويتابعون بأن “تلك التعليقات كشفت حالة الانفصام والازدواجية في الثقافة العربية، فتجدنا نهتم بالدعوات المطالبة بالعدالة الاجتماعية والحرية عندما ترفع في دول أخرى، لكننا ندينها ونرفضها عندما يرتبط الأمر بالعرب”.

ولكن قطاعا آخر من المغردين رأى في ذلك التحليل نوعا من المبالغة.

ويقولون إن “العنصرية في العالم العربي تقتصر على الأفراد لا المؤسسات خلافا للولايات المتحدة التي لها سجل طويل وثقافة عميقة كرست الصورة السلبية لغير البيض” على حد تعبيرهم .

“لا أستطيع التنفس”: تكرر المأساة

وفي سياق متصل، يرى سياسيون ونشطاء أمريكيون أن ما حدث لفلويد هو “نتيجة للجهل التاريخي والظلم المنهجي ضد ذوي البشرة السوداء في الولايات المتحدة”.

وقد أعاد مشهد موت فلويد وصراخه “لا أستطيع التنفس”، إلى الأذهان ملابسات مقتل الشاب إيريك غارنر في نيويورك في 2014.

فقد توفي إيريك، الذي كان يعاني من الربو، مختنقا خلال قيام رجال شرطة بتوقيفه لاشتباههم بأنه يبيع سجائر مهربة.

وأدى مقتله إلى ظهور حركة “حياة السود مهمة”.

وقد أطلق آنذاك لاعب كرة الرغبي السابق كولي كيبرنيك، حملة لمقاطعة النشيد الوطني الأمريكي، تنديدا بتعامل السلطات مع إيريك غارنر.

وفي هذا الإطار، نشر نجم كرة السلة ليبرون جيمس على انستغرام صورة قديمة لكولي كيبرنيك وهو يجثو على ركبته خلال تأدية تحية العلم، وأخرى لجورج فلويد مثبتا على الأرض”.

وأرفق ليبرون تدوينته بالتعليق التالي: “هل فهمتم الموضوع الآن؟ أم أن الأمر ما زال ملتبسا؟”

ودعا المتفاعلون مع تدوينة ليبرون إلى معالجة مشكلة التمييز العرقي من جذورها حتى “لا يصبح فلويد رقما آخر ضمن إحصائيات العنف التي تمارسه الشرطة ضد المواطنين السود”، بحسب قولهم.

كما انخرط نشطاء حقوقيون ومشاهير في أمريكا في التعليق بكثافة عبر وسم “العدالة لجورج فلويد”.

كذلك، اتشح موقع تويتر بخلفية سوداء، وغير صورة الطائر الأزرق إلى آخر أسود، تنديدا بما سماها “السياسات العنصرية، التي أفضت بحسب كثرين إلى مقتل فلويد”.

تسيس للقضية

وقد تباينت قراءات الأمريكيين للمظاهرات الأخيرة وللأسباب التي أدت إلى اتساعها.

المؤيدون لترامب يرون أن الأحداث اكتسبت بعدا سياسيا لتشويه صورة دونالد ترامب قبيل الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها أواخر العام الحالي.

كما دعا مؤيدو الرئيس الأمريكي المتظاهرين إلى احترام ذكرى فلويد وعدم تلويثها عن طريق الانخراط في أعمال الشغب.

أما الرئيس الأمريكي فقد أشاد في سلسلة تغريدات بطريقة تعامل جهاز الخدمة السرية مع المتظاهرين أمام البيت الأبيض ووصفهم بأنهم “مجموعات منظمة”.

وقال: “لو اجتازوا سور البيت الأبيض لواجهوا أكثر الكلاب شراسة”.

ودافع ترامب في تغريدة أخرى عن حق الناس في التظاهر السلمي مضيفا أن مناصريه يحبون أصحاب البشرة السوداء.

وتعهد في تغريدة أخرى، اعتبرها تويتر مخالفة لسياساته، بإرسال الجيش إلى مدينة مينيابوليس، لاحتواء الاحتجاجات.

وذيل ترامب تلك التغريدة بجملة “عندما يبدأ النهب، يبدأ إطلاق النار، شكرا” .

ثورة أم حركة عابرة؟

في المقابل، يرى آخرون أن المظاهرات لا تتعلق بدوافع سياسية أو بالحملات الانتخابية الحالية.

ويشيرون إلى أن مقتل فلويد كشف مستوى الخوف وعدم الثقة اليوم بين الشرطة وأصحاب البشرة السوداء.

وحذروا من “استمرار الواقع الحالي في إفراز الغضب ما لم تعترف الحكومة الأمريكية بخطئها التاريخي في التعامل مع ذوي البشرة السمراء وتضع حدا للممارسات التي تقصيهم من الفرص التعليمية والرعاية الصحية الجيدة”.

ويعتقد مراقبون أن المظاهرات المنددة بمقتل فلويد لن تحقق أهدافها وستختفي بسرعة أسوة بالمظاهرات السابقة التي شهدتها الولايات المتحدة على مدى عقود.

إلا أن آخرين يستبعدون ذلك ويتوقعون “اندلاع ثورة كبيرة تقضي على هياكل العبودية الحديثة التي يعاني منها السود في أقسام الشرطة والسجون وحتى المستشفيات” وفق تعبيرهم.

ويرى نشطاء أمريكيون أن هناك عوامل عديدة تجعل مظاهرات مينيابوليس مختلفة عن غيرها من الاحتجاجات.

ويعزون ذلك إلى عدة أسباب أحدها متعلق بتغريدات دونالد ترامب ومواقف أنصاره التي تروج برأيهم للعنف وفكرة تفوق العرق الأبيض”.

أما السبب الآخر فيرتبط برأيهم بعقود من عدم المساواة في الحصول على الرعاية الصحية لافتين إلى أن “معدل وفيات السود في بعض الولايات جراء فيروس كورونا مرتفع مقارنة بباقي الفئات المجتمعية”.

بالعودة إلى تعليقات المغردين العرب، فقد اتخذ فريق منهم موقف المدافع عن ترامب وهاجموا منتقديه.

وذهب بعضهم إلى حد وصف المتظاهرين والمتضامنين معهم بالمخربين.

في حين أدان آخرون تلك التعليقات، واعتبروا أنها تعكس مخاوف أصحابها من قدرة المظاهرات على إحداث التغيير وتحرير الشعوب من القمع أيا كان نوعه.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى