فيروس كورونا: كيف يستغل لصوص ومجرمو “الشبكة المظلمة” خوف الناس من الوباء؟
[ad_1]
“إنهم يستغلون الخوف والشكوك التي يشعر بها الناس خلال أزمة انتشار الوباء، ويستخدمون هذا القلق والإحباط لتشجيعهم على شراء لوازم أو النقر على روابط ما كانوا ليذهبوا إليها في الأحوال العادية”.
هذا ما قاله مورغان رايت، المستشار السابق لدى برنامج مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأمريكية.
كان رايت يشير إلى المحتالين والمجرمين الذين وجدوا في “الشبكة المظلمة” من الإنترنت مرتعا خصبا لهم، واكتشفوا مصدر رزق جديدا، ألا وهو القلق الذي يتسبب به وباء كوفيد 19.
يعمل رايت الآن مستشارا أمنيا لدى شركة “سينتينيل وان” المتخصصة بالبرمجيات الأمنية، وكان يضطلع بتدريب محللي السلوك الإنساني في وكالة الأمن الوطني الأمريكية على سبل استغلال السلوك البشري.
لكنه بدأ يلاحظ أن بعضا من الأساليب التي كان يدرّسها تستخدم في “الشبكة المظلمة” من الإنترنت، وهي عبارة عن جانب مشفّر يمكن الوصول إليه بواسطة شبكات متاحة وذات شعبية واسعة مثل “تور”.
متصفح “تور” مصمم على أساس حماية خصوصية مستخدميه، أي أنه يحجب هوياتهم والمعلومات التي يحاولون الوصول إليها. ولذا فإنه يتيح للمحتالين وذوي النوايا الخبيثة سبيلا لتنفيذ مخططاتهم دون وازع، نظرا للصعوبات التي تواجهها الجهات الأمنية في تعقبهم.
ومنذ اندلاع أزمة الوباء الحالية، شهدت مواقع البيع في “الشبكة المظلمة” زيادة كبيرة في الإقبال على منتجات وخدمات متعلقة بكوفيد 19. وتروّج هذه المواقع لسلع ومنتجات يسعى الناس لاقتنائها، مثل كمامات N95 والقفازات وعقار كلوروكوين. وفي الشهر الماضي، عثرت شركة “إنسايت” للبرمجيات الأمنية على دم، زُعم أنه يعود لمرضى شفوا من مرض كوفيد 19، وهو يباع في هذه المواقع.
ويأمل المجرمون والمحتالون أن تدفع المخاوف المحيطة بالوباء الناس إلى التدافع من أجل اقتناء هذه السلع، ولذا فهم يطالبون بأسعار مرتفعة لبيعها. فقد توصل تقرير أعده معهد أسترالي لعلم الجرائم إلى أن سعر لقاح كاذب قد يبلغ 370 دولارا أمريكيا، بينما يتراوح سعر لقاح يُقال إن مصدره الصين ما بين 10 و15 ألف دولار.
ويُعتقد أن أحد أسباب هذا الارتفاع في المبيعات هو أن العديد من المحتالين تحولوا إلى أساليب جديدة غير أساليبهم التقليدية في سرقة الأموال في “الشبكة المظلمة” – مثل بيع تذاكر رحلات جوية مزيفة – لأن مثل هذه المجالات أصبحت غير متاحة بسبب الوباء.
كما عثر الكثير من المجرمين على فرصة جديدة للاحتيال: فبما أن الكثير من الناس أخذوا بالعمل من منازلهم، تزيد احتمالات اختراق حساباتهم، نظرا لضعف إجراءات الأمن الإلكتروني المتاحة لهم.
ويقول إيتاي ماور، كبير مسؤولي الأمن في شركة إنسايتس “حصل تحول كبير (في الشبكة المظلمة)، إذ بدأ المحتالون يتحدثون عن نقاط الضعف في برامج التعاون عندما تيقنوا أن الناس بدأوا بالعمل من منازلهم”. كما شهدت جرائم الاحتيال زيادة ملحوظة، إذ ينتحل البعض هوية شخص أو مؤسسة ما بواسطة البريد الإلكتروني بأمل الحصول من مستلمي رسائلهم على معلومات شخصية تتيح لهم سرقة الأموال من حساباتهم أو انتحال شخصياتهم.
ويقول جواد مالك، المسؤول الأمني في شركة KnowBe4 المتخصصة بالتدريب “بدأت هجمات انتحال الشخصية بأشخاص يدعون أنهم يمثلون نظام التأمين الصحي، ثم طوروا عملهم بحيث أصبحوا ينتحلون هويات مؤسسات لها علاقة بكوفيد 19، مثل المصارف وهيئة الضرائب، ويطالبون بمعلومات تتعلق بالتمويل والمنح وغيرها”.
ويضيف “تتوفر الآن قوالب انتحال تتعلق بكوفيد 19 في الشبكة المظلمة، وهو ما يعني أن بإمكان المحتالين أن ينتحلوا هوية شركة آبل أو موقع لينكد إن عن طريق استخدام هذه القوالب”.
إضافة لذلك، هناك العديد من الخدمات والمنتجات – بما فيها لوازم الاحتيال – معروضة للبيع بأسعار مخفضة في ما يطلق عليه “تنزيلات فيروس كورونا”.
وتقول ليف رولي، محللة التهديدات الأمنية لدى شركة “بلوليف” المتخصصة في الأمن الإلكتروني، إن “هناك أناس متخصصون منذ سنوات في مواقع الاحتيال والعناوين الإلكترونية المشكوك بها وخدمات البريد الإلكتروني العشوائي. يقوم هؤلاء الآن ببيع هذه الخدمات بأسعار بخسة لأنهم يعتقدون أن هذا هو أفضل وقت لجني المال ونشر هذه اللوازم”.
ومن الجدير ذكره أن الشبكة المظلمة من الإنترنت صُممت من قبل مختبر البحوث التابع للبحرية الأمريكية بهدف تمكين ناشطي حقوق الإنسان والعسكريين من التواصل والتعاون بطريقة آمنة ومستترة.
وبينما استغل مجرمون استحداث العملة الإلكترونية “بيتكوين” لجني الأموال من خلال الشبكة المظلمة من الإنترنت، هناك عدد هائل من المستخدمين الذين يختارون استخدامها للأغراض التي صممت من أجلها أصلا، ألا وهي التواصل مع الغير دون الإفصاح عن هوياتهم في منتديات.
ولكن مالك يقول إن هذه المنتديات تستخدم للترويج لنظريات مؤامرة بشأن انتشار فيروس كورونا.
ويقول “تميل النظريات القائلة إن شبكات اتصال الجيل الخامس هي التي تنشر الفيروس، أو أنه (الفيروس) عبارة عن سلاح بيولوجي، أو أن (مؤسس شركة مايكروسوفت) بيل غيتس هو المسؤول عن انتشاره، إلى النشوء في الشبكة المظلمة”.
وبينما تقوم شركات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بحذف المعلومات الزائفة، قد يلجأ كثيرون إلى الشبكة المظلمة. وتعد منتديات الشبكة المظلمة بوابات لأسواق إلكترونية يحاول القائمون عليها بيع منتجاتهم إلى جمهور مستهدف بعينه. وقد تصبح هذه طريقة يجني من خلالها المحتالون المزيد من الأموال في الأشهر المقبلة.
أما الجانب الآخر لهذا الموضوع، فهو أن العديد من الصحفيين والناشطين والمواطنين العاديين يستخدمون الشبكة المظلمة من أجل التواصل في البلدان التي تفرض رقابة مشددة على ما ينشر في الأثير الإلكتروني. فعلى سبيل المثال، تستخدم مؤسسات إعلامية، ومنها بي بي سي وصحيفة نيويورك تايمز، نماذج من متصفح تور إذا تعرضت مواقعها الرسمية للحجب من جانب بعض الحكومات.
وتقول مؤسسة “نيتبلوكس” المهتمة بشؤون الحقوق الرقمية إن العديد من الدول تقطع الاتصال بالإنترنت بطرق مختلفة في سعيها للسيطرة على تدفق المعلومات المتعلقة بفيروس كورونا.
وكانت عصابتان من العصابات المتخصصة بالابتزاز الإلكتروني قد تعهدتا بالامتناع عن استهداف المستشفيات والمؤسسات الصحية أثناء أزمة فيروس كورونا، ولكن، وكما قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب في مؤتمر صحفي مؤخرا، فإن ثمة أدلة على قيام عصابات إجرامية باستهداف المؤسسات الوطنية والدولية المعنية بالتصدي للوباء، ومنها المستشفيات.
وتقول شاريتي رايت، مستشارة شؤون التهديدات الإلكترونية في شركة “إنسايتس”، إن “هذه المؤسسات تُستهدف لأنها معرضة للهجوم أكثر من غيرها ولأن احتمالات دفعها للفدى أكبر من غيرها”.
وتنشأ وتنسق العديد من هذه الهجمات في الشبكة المظلمة من الإنترنت.
ويقول إيتاي ماور، من إنسايتس “نلاحظ وجود المزيد من المعروضات في الشبكة المظلمة، وخصوصا في مجال المعلومات المتعلقة بالصحة العامة، والتي تستهدف المؤسسات الصحية والأطباء. وهناك قاعدة معلومات أعدها أحدهم ونشرها في الشبكة المظلمة تحوي معلومات شتى عن العاملين في المجال الطبي”. في الأساس، قد تكون الشبكة المظلمة من الإنترنت مازالت تستخدم للأغراض التي استحدثت من أجلها أصلا، من حيث الخصوصية والأمن، ولكن المجرمين يحاولون الاستحواذ عليها واستغلالها في خضم الأزمة الراهنة من أجل الكسب المادّي.
ويقول جواد مالك “هو سيف ذو حدين، لم نتمكن كمجتمع من حل لغزه. كيف لنا أن نحافظ على حرية التعبير وضمان الخصوصية وفي الوقت نفسه نتتبع أولئك الذين يسيئون استخدام هذه الحريات وإيقافهم عند حدهم؟”.
[ad_2]
Source link