فيروس كورونا: “أمسك بثديي وقال لي لستِ امرأة”
[ad_1]
فرضت السلطات في بنما الإغلاق بشكل صارم، مع تخصيص أيام معينة للرجالوأخرى للنساء للخروج من أجل التسوق. لكن البعض استخدم ذلك ذريعة لمضايقة المتحولين جنسياً.
وكانت مونيكا، وهي طباخة ممتازة، تقوم بإعداد وجبات الطعام بدقة وحرفية لتُشغل نفسها عن الساعات الطويلة التي تقضيها في منزلها، مثل كثيرين في ظل الإغلاق العام. فهي تعيش مع أفراد الأسرة الكبيرة في منزل منفصل صغير في حي بالقرب من مطار مدينة بنما.
لم يكن المال لديها وفيراً حتى في أفضل الأحوال، ولكن العمل توقف تماماً منذ فرض الإغلاق.
وبسبب طبيعة عملها، لا تستطيع مونيكا اتباع قاعدة المباعدة الاجتماعية. لذلك قررت طهي شيء ما فقامت بإعداد صلصة الطماطم الحارة والأرز، وكانت تمتلك معظم مكونات الوجبة، ما عدا الدجاج.
تمييز
توجهت مونيكا إلى متجر محلي لشراء الدجاج و بعض الاحتياجات، ومرّت بجانبها مجموعات من النساء بعضهن بصحبة أطفالهن. وكان يوماً هادئاً أكثر من المعتاد في الحي.
وكانت حكومة بنما، الواقعة في أمريكا الجنوبية، قد أصدرت في ذلك اليوم، قرارات جديدة للحد من انتشار فيروس كورونا، ومن بينها السماح للنساء بالخروج في أيام الإثنين والأربعاء والجمعة، لكن فقط لشراء الحاجات الضرورية. أما الرجال فيسمح لهم بالخروج فقط في أيام الثلاثاء والخميس والسبت.
وفي أيام الأحد، يتعين على الجميع البقاء في منازلهم.
كيف أصبحت المتحولات جنسيا نجمات عروض الأزياء؟
دخلت مونيكا أولاً إلى محل تديره أسرة صينية تعرفها وتحبها كثيراً. ولكن عندما دخلت متجراً آخر، تغير الوضع كلياً.
اقتربت بصمت من صاحب المحل الذي لم تظهر على وجهه الابتسامة التي اعتادت رؤيتها سابقاً.
وقال لها الرجل بهدوء: “لا نستطيع أن نبيعك، فالشرطة أمرت بخدمة النساء فقط اليوم، وليس المتحولين جنسياً”.
عند سماعها لمصطلح “المتحولين جنسياً” بدأت مونيكا ترتجف، وخاصة أن الشرطة استهدفتها سابقاً في حيها، لكن لم يكن ذلك غريباً عليها. فمونيكا امرأة متحولة جنسياً وعاملة جنس أيضاً.
طفولة
بدأت مونيكا بارتداء ملابس الفتيات في سن الـ 12 عاماً عندما كانت تلميذة في المدرسة، ولا تستطيع أن تتذكر أنها شعرت بأنها صبي في يوم ما، ومع بلوغها سن الثانية عشرة، كان عليها مصارحة أهلها حول هويتها الجنسية.
لم يكن لظهورها بمظهر الفتاة تأثير على حياتها ضمن أسرتها فحسب، فالأمر كان فعلاً صعباً بما يكفي.
تقول مونيكا: “كان والدي رجلاً مفتول العضلات، ولم يكن يحتاج لعذرٍ ليقوم بضربنا أنا وأخواتي ووالدتي”. كانت مونيكا على حق، فلم يتغير الضرب المبرح الذي كانت تتعرض له في المنزل.
وبدأت الفتاة تدريجياً في تسريح شعرها كالفتيات، وارتداء المزيد من الملابس المناسبة لميولها الجنسية.
وفي المدرسة، كانوا يسخرون منها بسبب مظهرها الأنثوي، فبقيت منغلقة على نفسها، وكانت تحظى فقط بصداقة شقيقتيها ودفء وحب والدتها.
“تحولت جنسيا بعد أن أصيبت زوجتي بالخرف”
العمل في البغاء
وفي سن الـ 14، مات والدها بشكل مفاجئ وفقدت الأسرة مصدر دخلها الوحيد. فشعرت مونيكا أنه يجب عليها القيام بشيء ما لإعالة أسرتها. فسمعت بوجود طلبٍ على المتحولين جنسياً من أجل العمل في البغاء، وأن المال الذي قد تجنيه سيكون جيداً. ففكرت بأن هذه أفضل طريقة لإعالة أسرتهه رغم أنها لم تتجاوز سن الـ 14.
وفي المتجر الصغير في الحي، أوضح صاحب المحل لمونيكا أن لم يكن يرغب في مطالبتها بمغادرة الدكان على الإطلاق. لكن الأمر بذلك صدر عن الشرطة.
وكانت مونيكا على معرفة جيدة بالشرطة التي كانت تراقب حيها، كانوا يعرفونها. ورغم أن العمل في البغاء قانوني في بنما، إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يوصم بالعار.
وتقول مونيكا إن الشرطة كانت تستهزأ بها لسنوات، وتعرضها للإذلال وتصرخ عليها كلما كانت في طريقها إلى العمل.
كانوا يقودون دراجاتهم بالقرب منها ويطلقون شتائم وكلمات مسيئة للمتحولين جنسياً.
وتبلغ مونيكا الآن من العمر 38 عاماً وما زالت تعمل في البغاء منذ 24 عاماً.
تقول مونيكا: “يعمل العديد من المتحولين جنسياً هنا في مجال البغاء، في المدينة، ولكن هل هذا خيارنا الأول؟ بالطبع لا، لكنه عمل قانوني، وذلك يعني أنني أستطيع رعاية أسرتي”.
ويعيش حالياً ثمانية أفراد في منزلها. منهم أربعة أطفال لشقيقتيها العازبتين، وكانت إحداهن قد خرجت من علاقة مؤذية مؤخراً، وليس لديها عمل، وكذلك والدتها.
ومع وصول مونيكا إلى المنزل، وصلتها رسالة على تطبيق واتس آب من صاحب المحل الذي رفض بيعها، يقول فيها إنه يأسف لأنه ردّها إلى منزلها خاوية اليدين، ويدعوها بألا تشعر بالقلق حيال ما فعله وإنه مستعد لتوصيل طلبها إلى منزلها بنفسه أو بإمكانها إرسال إحدى شقيقتيها لشراء الدجاج.
ابتسمت مونيكا، فوجود بعض الأشخاص الطيبين في مجتمعها يساهم نوعا في تخفيف وطأة الإغلاق. لكنها لم ترغب في الاعتماد على الصدقات خلال تفشي الوباء، بل الاستمرار في رعاية أسرتها.
رحلتي من حاخام متزمت إلى امرأة متحولة
سوء معاملة
قررت مونيكا الخروج في يوم الخميس، اليوم المخصص للرجال، أي المخصص لجنسها البيولوجي. وبهذا لن تكون قد اخترقت تعليمات السلطات، إلا أن ما واجهته في ذلك اليوم كان الأسوأ على الإطلاق.
كان طابور الانتظار طويلاً، وكان هذا سبب إضافي للشعور بالقلق، إلى جانب تحديد يوم خروج لجنسٍ معين. ففي بنما، يتم تحديد ساعتين فقط للخروج في مناطق معينة وحسب كل منطقة.
انتظرت مونيكا في طابور الرجال الذين ما إن رأوها، حتى بدت ابتسامات السخرية تظهر على وجوههم. كان الوقت يمضي سريعاً وانتهت الساعتان، المدة المسموحة للبقاء خارج المنزل.
في تلك اللحظة اقترب منها ستة من عناصر الشرطة، واختاروها لوحدها من بين الطابور الطويل.
وتقول: “قالوا لي إنني الآن خارج المدة الزمنية المسموحة لي، وبدأوا في تلمسي وتفتيشي، وضغط أحدهم ضاحكاً على ثديي أثناء البحث قائلاً ” أنتِ لستِ امرأة وكرر كلماته ونعتني بالمتحولة جنسياً”.
لم يتلفت أحد ممن كانوا ينتظرون في الطابور لمساعدتها، لم تشعر مونيكا بالوحدة قط كما شعرت في تلك اللحظة.
هيومان رايتس ووتش
ويقول كريستيان غونزاليس كابريرا من منظمة هيومن رايتس ووتش: “الأيام المخصصة لجنس معين في بنما يعني أن المتحولين جنسياً ملعونون ومنبوذون سواء فعلوا أم لم يفعلوا شيئاً”، “لقد تحدثنا إلى كثيرين مروا بتجربة مثل تجربة مونيكا، لكن للأسف هذه ليست الحادثة الوحيدة من هذا النوع”.
وتقول رابطة بنما للمتحولين جنسياً، أنه منذ أن بدأ نظام الأيام المخصصة لجنس معين، اتصل بنا أكثر من 40 شخصاً يشكون تعرضهم للمضايقات في المحال التجارية أو أثناء شرائهم للأدوية.
وفي مطلع مايو / أيار قررت السلطات في العاصمة الكولومبية بوغوتا، رفع القيود القائمة على نوع الجنس بعد أن قالت جماعات المثليين والمتحولين جنسياً، أن ذلك النظام فيه تمييز ضدهم.
وبعد رسالة مفتوحة من هيومن رايتس ووتش إلى رئاسة بنما، أشارت فيها إلى سوء معاملة المتحولين جنسياً من قبل شرطة بنما، أصدرت وزارة الأمن العام في بنما بياناً هذا الأسبوع قالت فيه أنها “أمرت قوات الأمن بتجنب أي نوع من التمييز ضد مجتمع المثليين ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين الجنسيين أثناء الإغلاق”.
ويقول كابريرا إن هذه الخطوة جديرة بالثناء، ولكن يجب تقديم توضيح دقيق حول هذه الإجراءات لمساعدة المثليين.
“نحن نتعامل مع فئة مهمشة تاريخيا في البلاد، وبالتالي البيان ليس واضحاً بما فيه الكفاية”.
هل من أمل؟
ولم تقتنع أو تثق مونيكا بتأكيدات الحكومة، فقد خرجت إلى البنك في اليوم المخصص للنساء بعد إصدار الوزارة للبيان، واقترب منها شرطي وقال لها: “لو كنت مكانك، لعدت إلى المنزل، وأقول هذا بدافع الخير، ولكن لا يفترض بك أن تكوني خارج المنزل اليوم”.
تقول مونيكا: “لا أعرف ماذا أفعل أو متى أخرج؟ فأنا لا أريد خداع أحد، أريد فقط أن أكون قادرة على رعاية عائلتي”.
واتصلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بوزارة الأمن العام في بنما للتعليق على هذا فلم تتلق ردا على ذلك.
[ad_2]
Source link