أخبار عربيةالعلوم النفسية والتربوية والاجتماعية

فيروس كورونا: كيف تحمي نفسك من “عنف إلكتروني” و”ابتزاز جنسي” زاد في ظل الحجر المنزلي؟

منذ وضع وباء كورونا سكان أغلب الدول تحت الحجر المنزلي الإجباري، زاد الحديث عن ضحايا العنف الأسري، خاصة من الأطفال والنساء، وتضاعفت حالات “العنف الإلكتروني” طرديا مع زيادة استخدام الناس للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

مصدر الصورة
Getty Images

 

النساء ووسائل التواصل الاجتماعي

أثبتت الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي نجاعتها كوسيلة للتعبير الحر والآمن للذين لا يسمح لهم الواقع في بلدانهم أو محيطهم الاجتماعي بالتعبير عن آرائهم وميولهم ومعتقداتهم.

إذ تتيح إخفاء الهوية وإمكانية تنظيم الحملات وحشد الدعم والتواصل مع من يشاركهم المطلب أو القضية.

وقد تكون حاجة النساء في مجتمعنا إلى مثل هذه المساحات أكبر، بالنظر إلى القيود المفروضة عليهن اجتماعيا وسياسيا.

ما هو “العنف الإلكتروني”؟

تقول منظمة العفو الدولية، في تقريرها عن العنف ضد المرأة عبر الإنترنت في 2018، إن العنف الإلكتروني: “يتخذ أشكالاً متعددة، منها التهديدات المباشرة أو غير المباشرة باستخدام العنف الجسدي أو الجنسي؛ والإساءة التي تستهدف جانباً أو أكثر من جوانب هوية المرأة، من قبيل العنصرية أو رهاب التحوُّل الجنسي؛ والمضايقات المستهدفة؛ وانتهاكات الخصوصية، من قبيل نبش معلومات خاصة عن شخص ما ونشرها على الإنترنت بقصد إلحاق الأذى به؛ وتبادل صور جنسية أو حميمة لامرأة بدون موافقتها..”.

مصدر الصورة
Getty Images

 

يحمل وجود كل شخص عبر مواقع التواصل الاجتماعي خطر الاختراق ووصول معطياته الشخصية إلى أشخاص لا يعرفهم ولم يشاركهم هذه المعطيات.

وتسليط الضوء على العنف الإلكتروني المسلط على النساء لا ينفي تعرض الرجال أيضا لنفس العنف.

قصص كثيرة تخبرنا عن رجال يتعرضون لابتزاز من خلال حسابات وهمية بأسماء وصور نساء، تُستغل للحصول على محادثات أو صور وتسجيلات، ويُهددون “بالفضيحة” ويدفعون مالا كثيرا مقابل عدم نشر الصور.

لكن العدد أقل بكثير من عدد حالات العنف الإلكتروني الذي تتعرض له النساء.

في حالات كثيرة من الابتزاز، يُخترق هاتف المرأة وتؤخذ منه صور أو محادثات خاصة جدا، تضطر بعدها لدفع أموال مقابل أن لا تنشر الصور للعموم خوفا من “الفضيحة”.

لكن المُبتز لا يكون بالضرورة شخصا بعيدا أو لا نعرفه!

قرأت خلال بحثي في هذا الموضوع قصصا لنساء كثيرات تعرضن للابتزاز الجنسي من قبل أزواجهن السابقين مثلا!

وتتنوع صيغ العنف الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من التعليقات المسيئة والتنمر حتى الابتزاز والدفع نحو الانتحار أو التحريض على القتل.

ولا تنفد حيل المُبتزين.

 
 

لماذا تسكت النساء عن العنف الإلكتروني؟

كثيرات لا يعرفن أن العنف الإلكتروني جريمة تعاقب عليها قوانين أكثر الدول.

لكن السبب الأول لسكوت الفتيات والنساء عن تعرضهم للعنف الإلكتروني والابتزاز هو الخوف من “الفضيحة” و”العار” الذي توصم به حتى وهي الضحية!

بعض الحالات وصلت إلى الإعلام والناس عموما، لأن صاحباتها مشهورات، لكن أغلب الحالات لا تتجاوز نطاق المجرم والضحية.

وفي أغلب هذه الحالات تُحمل البنت مسؤولية “فضيحة” صورها الخاصة على هاتفها الشخصي الذي اخترقه شخص لا تعرفه!

حتى في حالات نشر الزوج السابق صورا أو تسجيلات، ربما لم تعرف المرأة بوجودها أصلا، تنحي العائلة والمحيط الاجتماعي بالائمة على المرأة في “فضيحتها”.

تماما مثل حالات العنف الجسدي الذي تتعرض له المرأة، تُحمل هي المسؤولية في أحيان كثيرة، لأن العنف المسلط عليها يكون “نتيجة عصيانها لزوجها أو والدها أو أخيها” حسب رأيهم.

لذا، تسكت نساء كثيرات عن العنف الذي يتعرضن له، لتأكدهن أن المحيط الاجتماعي سيعتبرهن مذنبات لا ضحايا.

التغلب على هذا الخوف هو أول الطريق للحماية من الابتزاز والعنف الإلكتروني، بالإضافة إلى الوعي بوجود قوانين تحمي الضحايا.

وهذا ما تحاول حملات مناهضة للعنف الإلكتروني فعله.

حملة ” #الشاشة_ما_بتحمي” في لبنان

من هذا المبدأ انطلقت في لبنان حملة “الشاشة ما بتحمي” للتوعية بأن “وجود المرأة خلف شاشة الحاسوب أو الهاتف لا يحميها من التعرض للعنف والابتزاز الجنسي كما أنه لا يحمي مرتكب هذه الجرائم من الملاحقة القانونية”.

وتركز الحملة على “قدسية” حق النساء في استخدام الإنترنت بسلام وأمن.

وتوثق الإحصائيات الرسمية في لبنان زيادة التبليغ عن العنف والابتزاز الجنسي الإلكتروني في فترة الحجر المنزلي بنسبة 184%، وأكثر من 41% من المبلغات فتيات بين سن 12 و 26 عاما.

وتقول حياة مرشاد، مديرة البرامج والعضوة المؤسسة لمنظمة “في مايل FE-MALE” التي أطلقت الحملة، إن أكثر من 100 امرأة شهريا يبلغن عن تعرضهن للعنف والابتزاز الجنسي الإلكتروني في لبنان.

وأضافت، أنه بزيادة الوقت الذي يمضيه الناس على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، “انتقلت حالات التحرش التي كنا نشهدها في الشارع إلى العالم الافتراضي”.

سألنا حياة مرشاد عن الخطوات العملية التي تقوم بها منظمة “في-مايل” لدعم النساء المبلغات عن تعرضهن لهذا النوع من العنف، فعددت نوعين:

الأول: هو إرشادهن لكيفية تقديم شكاوى رسمية للجهات الأمنية. وفي كثير من الأحيان تقدم الجمعية الشكاوى باسمها في حال لم تستطع المرأة التبليغ خوفا من تبعات ذلك.

الدعم الثاني: نفسي واجتماعي، إذ تحيل “في مايل” المحتاجات لنوع معين من الدعم إلى منظمات نسوية شريكة تتخصص في الدعم النفسي أو الاجتماعي والقانوني.

كما تعمل المنظمة على متابعة القضايا وضمان التعاطي الجدي مع حالات العنف الإلكتروني.

وقد لاقت الحملة دعما من سياسيين وفنانين.

العنف الإلكتروني، قضية حقوقية عربية مشتركة

تتحرك منظمات حقوقية ونسوية في بلدان عربية مختلفة في كل الاتجاهات لضمان نيل ممارسي العنف الاجتماعي العقاب الذي يستحقون، وتوعية الضحايا بوجوب التبليغ وكسر الصمت بشأن ما يتعرضون له.

ففي المغرب أطلقت “جمعية التحدي للمساواة والمواطنة” قبل أشهر حملة “# سطوب_العنف_الرقميسطوب_العنف_الرقميسطوب_العنف_الرقميسطوب_العنف_الرقمي” (لنوقف العنف الرقمي)

في الأردن أيضا أطلق برنامج السلامة الرقمية للنساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “سلامات” “الحملة الوطنية للتوعية بالسلامة الرقمية للنساء“.

ويعمل برنامج “سلامات” على توعية مستخدمي الإنترنت وتدريبهم على تطبيقات وتقنيات حماية المعطيات الشخصية، خاصة في هذه الفترة التي يقول إن “الهجمات عبر الانترنت بأنواعها تزايدت فيها”.

هل المشكل في التشريعات أم في تنفيذها؟

سن المشرعون في بلدان عربية كثيرة قوانين تجرم العنف الإلكتروني.

لكن هذه القوانين تحتاج إلى متابعات دورية وتعديلات تواكب التطور السريع لعالم التكنولوجيا، الذي يأتي دائما بوسائل جديدة للعنف وأنواع مستحدثة منه.

كما ينتقد كثيرون آليات تنفيذ هذه القوانين ومراقبة منفذيها لضمان فاعليتها.

تبنى المغرب في سبتمبر أيلول عام 2018 قانونا لمكافحة العنف ضد النساء يشدد العقوبات في بعض الحالات.

وينص لأول مرة على عقوبة السجن، لمدة تصل إلى ثلاثة أعوام، في حق من يبث صورا “تمس بالحياة الخاصة للأشخاص أو تشهر بهم”.

ويجرم “القانون 13-103” المغربي التحرش الجنسي في الفضاءات العمومية والفضاء الافتراضي على حد سواء.

في لبنان، تنص المادة 650 من قانون العقوبات علي:

“كل من هدد شخصا بفضح أمر أو إفشائه أو الإخبار عنه وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو شرفه أو من قدر أحد أقاربه أو شرفه لكي يحمله على جلب منفعة له أو لغيره غير مشروعة، عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبالغرامة حتى ستمائة ألف ليرة.

وتشدد العقوبة وفقا للمادة 257 عقوبات بحق الفاعل إذا كان الأمر الذي يهدد بفضحه قد اتصل بعمله بحكم وظيفته أو مهنته أو فنه.”

بالإضافة إلى مواد أخرى تعاقب فضح البيانات الشخصية.

وتشدد العقوبات في حال كانت الضحية قاصرا لتصل إلى السجن 10 سنوات.

وستطالب منظمة “في مايل” في المستقبل بقانون، يقره مجلس النواب اللبناني، يكون خاصا بالعنف والابتزاز الإلكتروني، وتشدد فيه العقوبات على ممارسي هذا النوع.

تقول “حياة مرشاد”: إن القوات الأمنية اللبنانية في الفترة الأخيرة تبذل جهدا كبيرا لمعاقبة في هذه الجرائم.

لكنها لا تنفي وجود حالات استهتار وتعامل غير جدي مع بعض القضايا، يعود في الأساس إلى “فكر أبوي متجذر يحمل المرأة مسؤولية الحفاظ على الشرف” كما يفهمونه.

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى