فيروس كورونا: هل نفد صبر بوتين حيال الوباء؟
[ad_1]
يبدو أن صبر فلاديمر بوتين قد نفد تجاه فيروس كورونا. فقد أرسل، الاثنين، ملايين العمال إلى المصانع ومواقع البناء في مختلف أنحاء روسيا، معلنا أن ستة أسابيع من الإغلاق التام قد انتهت.
ومُنِحت للقادة الإقليميين صلاحيات البت في الوقت المناسب والكيفية التي يتم بها رفع ما تبقى من القيود، علما بأن معدلات الإصابة لا تزال مرتفعة جداً – ولا سيما في العاصمة موسكو.
لكن بحلول يوم الخميس، قال بوتين لحكومته إن الحياة “أخذت تستأنف وتيرتها العادية، والمعهودة”؛ و حثها على إعادة التركيز على الأولويات لمرحلة ما بعد فيروس كورونا.
الرسالة التي وردت من أعلى الهرم واضحة وتتمثل في أن الرئيس الروسي يرغب في المضي قدما وترك فيروس كورونا وراءه.
لِمَ الإسراع من أجل الخروج من الإغلاق؟
قال نيكولاي بتروف، المحلل السياسي في معهد تشاتام هاوس “اعتقد أن بوتين يواجه، لأول مرة في حياته السياسية مشكلة لا تخضع لسيطرته بشكل مطلق وأضرت بكل خططه”.
وشهد هذا الربيع تصويتا عاما على تعديل الدستور حتى يتمكن بوتين من الحكم لولايتين جديدتين.
لكن الرئيس الروسي، الذي يبلغ من العمر 67 عاما، لزم إقامته خارج موسكو في أعقاب محاولة إبقاء صورته المتمثلة في شعلة من النشاط، من خلال زيارة مستشفى مخصص لمرضى فيروس كورونا، وهو يرتدي بدلة واقية بشكل كامل حية في الأذهان.
وأُصِيب الطبيب الذي ساعد بوتين في جولته داخل المستشفى بفيروس كورونا.
وبعد التزام الرئيس بالعزل الذاتي، وهو المعروف بكثرة الزيارات الميدانية، اضطر إلى إدارة أنشطته بواسطة تقنية مؤتمرات الفيديو باستخدام شاشة عملاقة.
وبعدما كانت نسبة التأييد الشعبي التي يحظى بها تصل إلى 59% ، تراجعت إلى أدنى مستوى لها، كما أن ضيقه وحتى ملله خلال المكالمات المطولة أصبح باديا للعيان.
ويرى نيكولاي بتروف أن “بوتين حريص على استكمال خططه” المتمثلة في التصويت على التعديلات الدستورية التي لا تزال تحظى بتغطية واسعة في التلفزيون الرسمي ولوحات الإعلانات العملاقة المنصوبة في أنحاء المدينة.
ويضيف قائلا “يبدو أن الأمر يشبه أن يكون شخص ما عالقا في الهواء أثناء محاولته القفز فوق سياج. هذا ليس وضعا مريحا جدا”.
هل تمت فعلا هزيمة كوفيد-19؟
وفي اليوم الذي أعلن فيه فلاديمر بوتين إنهاء الإغلاق العام بشكل رسمي، سجلت روسيا أكبر ارتفاع في حالات الإصابة بفيروس كورونا.
ومنذ ذلك الحين، انخفضت الأرقام الرسمية بشكل طفيف كل يوم لكن مجموع الإصابات يتجاوز 250000 حالة، الأمر الذي يضع روسيا قاب قوسين من التصنيفات المرتفعة جدا على مستوى العالم.
وفضل السياسيون هنا إبراز إحصائية أخرى تتعلق بنسبة الوفيات جراء فيروس كورونا والتي تقل عن 1%.
وتفاخر رئيس البرلمان الروسي فياشيسلاف فولودين بأداء بلاده قائلا إن “هذا يظهر أن جودة نظام الرعاية الصحية عندنا أفضل بكثير من الولايات المتحدة” علما بأن روسيا أبلغت عن 2212 وفاة جراء فيروس كورونا.
ومضى قائلا وسط تصفيق عدد قليل من أعضاء البرلمان الروسي، معظمهم يرتدي كمامات “يجب أن نشكر أطباءنا ورئيسنا الذي يعمل بشكل متواصل لإنقاذ الأرواح”.
وأثارت نسبة الوفيات المنخفضة علامات استفهام، لكن المسؤولين نفوا بغضب هذا الأسبوع الإيحاء بأن روسيا لا تبلغ عن عدد الوفيات الحقيقية، قائلين إنها “أخبار مزيفة”.
بيد أن الأرقام المتعلقة بالمعدل الإجمالي للوفيات في موسكو في أبريل/نيسان تشير بشدة إلى ارتفاع عدد الوفيات بنحو ثلاث أضعاف مقارنة بالأرقام الرسمية الناجمة عن كوفيد-19، والتي تم حسابها على خلفية متوسط الوفيات المسجل خلال السنوات الخمس الماضية.
تعتبر الوفيات الزائدة مقياسا جيدا لقياس حالات الوفاة الناجمة عن كوفيد-19، لأنها تشمل الأشخاص الذين خضعوا للفحوصات وأولئك الذين يموتون خارج المستشفيات.
وفي ظل تسجيل نحو 1700 وفاة اضافية، فإن حصيلة الوفيات في موسكو خلال شهر أبريل/نيسان اعتبرت متدنية بشكل كبير مقارنة بالكثير من الأمكنة الأخرى بما فيها لندن.
وأوضحت إدارة الصحة في موسكو منذ ذلك الوقت أن نحو 60% من حالات الإصابة بفيروس كورونا المشتبه بها توفوا عمليا لاسباب أخرى، مثل السكتات الدماغية أو النوبات القلبية، وهي حقيقة تم التوصل إليها خلال عمليات الفحص ما بعد الوفاة.
وأنكرت إدارة الصحة أي تستر على الحقائق.
ما هي الدروس المستفادة؟
كان أمام روسيا وقت أطول لمواجهة تفشي وباء فيروس كورونا.
وقد تساعد عمليات الفحص على نطاق واسع، الآن أكثر من 40000 فحص يوميا في موسكو، وحالات الكشف والعلاج المبكر في المستشفيات، روسيا على تجنب المشاهد المؤلمة للمقابر الجماعية والمشارح المملوءة بالموتى التي ظهرت في أجزاء من أوروبا، بالرغم من أن الوباء هنا لا يزال أبعد ما يكون عن الاحتواء.
وقد تكون هناك أيضا اختلافات ثقافية: فبينما شارك رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في اجتماعات عن بعد مع مسؤولين رغم ارتفاع درجة حرارته والتي انتهت بإدخاله إلى العناية المركزة، عانى المتحدث باسم فلاديمر بوتين من الحمى لمدة ثلاثة أيام قبل أن يتم إدخاله إلى المستشفى وهو يعاني من التهاب رئوي مزدوج.
ووصف دمتري بيسكوف في مقابلة مع صحيفة كوميرسانت كيف أنه سقط مريضا بالرغم من اتخاذه احتياطات قصوى في العمل، حيث يلجأ موظفو الكرملين إلى تعقيم الوثائق قبل إعطائها لطرف آخر.
وقال بيسكوف إنه لم يتصل بشكل مباشر بالرئيس بوتين شخصيا لأكثر من شهر.
نقل المسؤولية
وليس من الواضح متى يعتبر الزعيم الروسي أن العودة إلى الكرملين تكون آمنة.
و لا يزال الكثير من الناس في موسكو “يعملون من منازلهم” في ظل بقاء معظم القيود المرتبطة بكوفيد-19 قيد التطبيق.
ويحق لرئيس بلدية موسكو، سيرجي سوبيانين، تقرير متى سيتم رفع القيود علما بأنه لا يزال يرفض السماح للسكان بممارسة رياضة الجري يوميا.
ووصف الخميس اتخاذ مثل هذه القرارات بأنها أصعب شيء عليه، قائلا إن الثمن هو “صحة وحياة الناس”.
أن هذه قضية لا تمس عدائين محبطين بل بعدد كبير من الناس الذين يكافحون حاليا من اجل معيشتهم.
وتضاعفت المعدلات الرسمية للبطالة منذ بدء تفشي الوباء وذهبت شركة استطلاع الرأي “ليفادا” هذا الشهر إلى أن كل شخص من بين أربعة فقد عمله أو يواجه خطر فقدان العمل.
وعانى ثلث المستطلعة آراؤهم من انخفاض رواتبهم أو تقليص ساعات عملهم.
لا يميل الروس إلى الادخار كثيرا، كما أن المساعدات التي تقدمها الدولة الروسية إلى العاملين الذين يعانون من الإغلاق العام محدودة، ولهذا فإن الضغوط المرتبطة بتخفيف القيود تتنامى.
وتقول المحللة السياسية، ليليا شيفتسوفا، “(القادة الروس) يعرفون أن سياسة لا عمل لا نقود ستدفع الناس إلى الانهيار، إلى الانفجار. ولهذا توصلوا إلى أن الوباء سيظل تحت السيطرة طالما لم يصل إلى الذروة”.
وكتبت في مدونة لإذاعة إيكهو موسكو “كانوا بحاجة إلى تحقيق نصر على فيروس كورونا، وبسرعة”.
لكن الفيروس، الذي لا يزال ينتشر في مناطق روسيا، لا يهتم بالرغبات السياسية للكرملين.
كما أن الضرر الذي تسبب به لزعيم روسيا القوي قد يكون أيضا من الصعب اصلاحه.
ويرى نيكولاي بتروف أنه “حتى لو تمت الموافقة على الدستور الذي يرغب فيه عبر الاستفتاء، فإن هذا لن يغير حقيقة أن بوتين الآن أضعف بكثير (من السابق)”.
[ad_2]
Source link