يعيشون على الإعانة ويتبرعون منها لمحتاجين مجهولين
[ad_1]
في ظل غياب مؤسسات الدولة عن الكثير من المناطق والمدن السورية، تواجه العائلات والاسر الفقيرة أوضاعا وظروفا صعبة خاصة مع فرض الحكومة القيود على حركة الناس بسبب تفشي فيروس كورونا.
أما الأسر المشردة والنازحة فتعيش أوضاعا أكثر مأساوية وبؤساً. إزاء هذه الاوضاع أطلق بعض النشطاء والمواطنين السوريين اللاجئين الى الدول الأوروبية مبادرة لمساعدة بعض هذه الاسر.
مبادرة
تعهد بعض اللاجئين السوريين في دول أوروبية بتقديم جزء من المساعدات التي يتلقونها من حكومات هذه الدول إلى أسر أسوء حالاً منهم بعد أن فقدت تلك الأسر معيلها أو مصدر دخلها.
يقول رامان الذي يقيم في ألمانيا منذ أربع سنوات: “قبل الإغلاق العام، كنت أعمل في نادٍ ليلي لكسب قوتي، لكنني الآن أتلقى المساعدات مثل أي عاطل عن العمل في البلاد”.
كان يخطط لإرسال زكاة الفطر إلى إحدى الأسر الفقيرة في سوريا، وعلم صدفة من أحد نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي بحال أسر وأطفال يعانون من الجوع بعد أن فقدت تلك الأسر منازلها ومعيلها ومصدر دخلها.
قرر التواصل مع واحدة من تلك الأسر لدفع قيمة الزكاة الموجبة عليه، لكنه بعد أن استمع إلى قصة المرأة وأطفالها الأربعة، قرر الاستمرار في دعم تلك العائلة التي “تعيش في حالة يرثى لها”، ريثما تعثر المرأة على عمل لها.
ويقول رامان: “قررنا أنا وزوجتي التخلي عن بعض المواد التي نستهلكها يومياً من أجل توفير مبلغ 50 يورو كل شهر من المساعدات التي نتلقاها، وإرسالها إلى تلك العائلة التي تبكي مأساتها الحجر، قمنا بتغيير عقود هواتفنا المحمولة إلى عقود أقل تكلفة، إلى جانب تخفيف كمية ونوعية المستهلكات الشخصية والمنزلية التي لن تُحدث فرقاً أو تأثيراً كبيراً على نمط حياتنا إذا تخلينا عنها”.
وتضيف زوجته آيلين: “رغم بعض القيود والضغوطات على حياتنا بسبب التغييرات التي أعتمدناها، إلا أننا سعداء لأننا استطعنا مساعدة عائلة في هذا الشهر الفضيل ودرء خطر الجوع عنها قدر المستطاع”.
وفقدت العائلة المكونة من أم وأطفالها الأربعة، رب الأسرة الذي كان المعيل الوحيد لها بعد أن اخترقت رصاصة طائشة صدره من حيث لا يعلم أثناء رحلته اليومية إلى عمله في ورشة اصلاح السيارات بشرقي حلب.
ويقول السكان إن المساعدات التي يوزعها الهلال الأحمر السوري مرة كل ثلاثة إلى خمسة أشهر، بالكاد تكفي لأسابيع معدودة. الأمر الذي دفع كثيرين إلى تشغيل أطفالهم الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاماً، في الساعات المسموح بها، في بيع الكعك والمشروبات الرمضانية الباردة أو العتالة في محلات بيع الخضروات أو حتى في جمع القمامة لسد رمقها.
الطفل سامر البالغ من العمر 13 عاماً، هو واحد من بين آلاف الأطفال الذين أصبحوا معيلي أسرهم في سن مبكرة، بعد أن فقد والده إثر سقوط قذيفة على مقربة منه أودت بحياته.
ونزح سامر مع والدته وأخواته الأربعة من خان شيخون إلى مخيمات دير حسان في إدلب، ورغم البؤس الظاهر على وجهه، إلا أنه يشعر بسعادة غامرة لأن لديه عمل يستطيع من خلاله شراء بعض الخضروات والخبز لأخواته الصغيرات.
ويقول سامر: “رغم الأجر الزهيد مقابل العمل الشاق طوال اليوم في ورشة تصليح الدراجات النارية، إلا أنني سعيد لأنني أحمي أسرتي من الجوع”.
وتقول والدة سامر الثلاثينية إنهم لا يتلقون أي مساعدات تُذكر، وإنه لولا عمل سامر لما استطاعت الأسرة البقاء في تلك الخيمة المتهالكة التي لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة.
وتعتمد أسر كثيرة في سوريا بشكل كبير من الناحية المالية على مساعدات أحد أفراد الأسرة أو الأقارب المقيمين في دول أوروبية ومعظمهم من اللاجئين الجدد الذين نزحوا عن ديارهم في السنوات القليلة الماضية.
“معجزة”
وفي إدلب كما في حلب وغيرها من المدن السورية، يلعب نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي دوراً في إيصال معاناة سكان المنطقة إلى العالم الخارجي.
وكانت مبادرة النشطاء بالنسبة لبعض الأسر التي تبنتها إحدى العائلات المقيمة في أوروبا “بمثابة معجزة” على حد تعبير الأم رجاء، وهي إحدى النساء التي استلمت مبلغ قدره 100 يورو في شهر رمضان من شخص لا تعرف عنه شيئاً سوى اسمه الأول.
وتتكون أسرة رجاء من زوج مريض ومقعد غير قادر على العمل وخمسة أطفال دون سن الـ 12.
وقالت رجاء التي كانت تعمل خياطة قبل نزوحها للمرة الثانية من دارها في عفرين إلى حلب، إن ذلك الشخص المجهول تعهد بإرسال 100 يورو لها كل شهر إلى حين انتهاء الإغلاق في البلاد أو ريثما تتحسن الأحوال.
ويعيش أكثر من 83 في المئة من سكان سوريا تحت خط الفقر بسبب الحرب التي تشهدها البلاد منذ قرابة عشر سنوات بحسب دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) مع جامعة سانت أندروز البريطانية.
تسجيل أول حالة وفاة بفيروس كورونا في سوريا
تبرع بجزء من الإعانة
أما جيانا التي لجأت إلى أمستردام قبل ثلاث سنوات، فهي أم في منتصف الأربعينات من عمرها ولديها أربعة أبناء، ولا يعمل أي منهم حاليا بسبب الإغلاق العام.
وتعيش أسرة جيانا على المساعدات الحكومية، لكن ذلك لم يمنعها من توفير بعض المال من مصاريفها اليومية والتبرع به لعائلة تصفها بأنها قد تموت جوعاً.
ورغم سوء أحوالها المادية، قررت جيانا بالاتفاق مع أبنائها الأربعة، توفير مبلغ ما بين 50 – 100 يورو كل شهر والتبرع بها لعائلة نازحة تعيش في أطراف مدينة حلب، مكونة من أم خمسينية وولدين مصابين بمرض التوحد. حيث باتت العائلة بلا معيل بعد مقتل زوجها قبل عامين بقذيفة دمرت منزلها.
وتقول جيانا: “عندما تواصلت مع تلك المرأة عبر الهاتف، لم تتوقف المرأة عن البكاء وشكري والدعاء لي بدوام الصحة، كانت المرأة تصفني بـ “هدية من الله” لشدة فرحتها بالمبلغ الذي أرسلته لها”.
قصتها ودعواتها لجيانا تركت في نفسها أثراً كبيراً وأنستها المرارة التي تشعر بها يومياً في أوروبا.
وتذكرت ما مرت به هي نفسها مع أبنائها قبل سنوات قبل وصولهم إلى أوروبا وكيف كانت وحيدة ولا يوجد من يساعدها إلى أن لجأت إلى أوروبا بمساعدة الأمم المتحدة.
وتدخر جيانا بعض المال عن طريق تقليل استهلاك كميات المواد الغذائية وتخلي أبنائها عن بعض الكماليات وارسال المبلغ الذي يوفرونه إلى تلك المرأة وولديها المريضين.
وتقول: “لا تعرف تلك المرأة أي شيء عني سوى اسمي، ولم أزودها بتفاصيل عن وضعي الاجتماعي أو عائلتي أو أي شيء قد تعرفني من خلاله، لأنني لم أساعدها لكسب سمعة حسنة أو أي سبب آخر سوى أنني أقوم بذلك بدافع إنساني والذي يشعرني بالمسؤولية تجاه من هم أسوء حالاً مني”.
[ad_2]
Source link