أخبار عاجلة

كيف يؤثر انهيار النفط على استدامة | جريدة الأنباء


محمود عيسى

قالت مجموعة MUFG المصرفية اليابانية ان الانخفاض الحاد في أسعار النفط جدد المخاوف المتعلقة باستدامة ربط عملات دول مجلس التعاون الخليجي بالدولار الاميركي، حيث اتسعت هوامش أسعار الفائدة بين البنوك في هذه الدول على سندات الخزانة الأميركية بشكل حاد وظلت قريبة من تلك التي سادت أوائل 2016 عندما شهدت أسعار النفط آخر تراجع لها لتلامس مستويات 30 دولارا للبرميل السائدة حاليا.

وقال مدير دائرة الأبحاث والاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في المجموعة المصرفية إحسان خومان ان أسعار صرف جميع العملات الخليجية قد تراجعت مقابل الدولار الأميركي في سوق العملات الآجلة، لاسيما الريال العماني الذي قفز مؤخرا إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، وإن كان قد تراجع منذ ذلك الحين.

وأشار الى رغبة دول التعاون واستعدادها وقدرتها على استدامة وتعزيز ربط العملات بالدولار، حيث شكلت حالات الربط اختبارا زمنيا وعاملا موثوقا بالنسبة لهذه الدول على صعيد:

1- هيكل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي: بما ان النفط والغاز يشكلان الصادرات الرئيسية لدول المجلس فإن اي تخفيض لقيمة العملة سيكون محدود التأثير على القدرة التنافسية للصادرات الخليجية، والتي ستتآكل بسرعة بسبب ارتفاع تكلفة الواردات والتي ستصاحبها معدلات تضخم أعلى.

2- مخزونات الضخمة: هناك موارد مالية كافية للدفاع عن الربط، حيث من المتوقع في نهاية 2020 ان تصل أرصدة الثروات الخليجية التي تشمل احتياطيات البنوك المركزية، حيازات صناديق الثروة السيادية والودائع المصرفية للقطاع العام الى نحو 3.3 تريليونات دولار او ما يعادل 84% من الناتج المحلي الإجمالي – أي ما يكفي لتمويل شراء السلع والخدمات ومدفوعات دخل الاصول في الخارج لمدة 68 شهرا ـ علما ان صندوق النقد الدولي يوصي 3 أشهر فقط لتغطية الاستيراد من قبل أنظمة صرف العملات المرتبطة بالدولار.

ومع ذلك، فإن منطقة مجلس التعاون الخليجي ليست متجانسة وهناك دول تعتبر جوهرية او اساسية واخرى طرفية، وتشمل الأخيرة كلا من عمان والبحرين، اللتين لديهما قدرة أقل للدفاع عن ربط عملتيهما (يمكن لمخزون ثرواتهما فقط تغطية النقص في الحساب الجاري لمدة تتراوح بين 2 و3 سنوات بحد أقصى، برغم أن الدعم الخارجي لكلا البلدين يكاد يكون حتميا.

3- الاستقرار النقدي والخارجي: ظلت أسعار الصرف الاسمية والحقيقية مستقرة في ظل الربط بالدولار مقارنة بالعملات الأخرى القائمة على السلع الأساسية كالدولار الكندي، والروبل الروسي والراند الجنوب أفريقي، كما ان استقرار سعر الصرف عزز الاستقرار الخارجي للحساب الجاري على صعيدي التصدير والاستيراد.

4- الإرادة السياسية: كانت ربط عملات دول مجلس التعاون الخليجي بالدولار قائما منذ عقود خلال فترات ارتفاع او انخفاض أسعار النفط، وكذلك خلال الظروف التي شهدت غياب اليقين السياسي.

مزايا فك ربط العملات: على الرغم من المزايا التي وفرها ربط العملات لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على مدى عقود – والتي تفوق بكثير التكاليف – فهذا لا يعني أن الربط سيبقى مثاليا في جميع الظروف، فلو حدث تحول هيكلي في توقعات أسعار النفط على المدى الطويل على نحو تصبح معه الاحتياطيات الحالية غير كافية لتغطية عرض النفط بمفهومه الضيقM1 – ومع أننا نعتقد أن دولارا اميركيا واحدا لكل وحدة عملة محلية متداولة والودائع تحت الطلب سيبقي على ربط العملات عصيا على التغيير، الا ان سعر الصرف العائم قد يصبح اكثر جدوى في تعزيز القدرة التنافسية للصادرات ودفع النمو.

ومع ذلك فإن هذا الجدل لا يستقيم بالنسبة للاقتصادات الخليجية التي تبيع النفط والغاز مقوما بالدولار الاميركي – لذلك فمن غير المحتمل أن يؤدي فك الارتباط إلى تحفيز الصادرات رغم أنه سيؤدي إلى تقليص الواردات.

اما تخفيض سعر صرف العملة فسيؤدي تعزيز عائدات النفط بالعملة المحلية، ولكن ذلك سيكون مصحوبا بارتفاع معدلات التضخم.

وإلى ان ينمو القطاع القابل للتداول في دول مجلس التعاون الخليجي إلى درجة تتيح عملية إحلال كبيرة للواردات، الأمر الذي من شأنه زيادة مرونة الطلب على الواردات وتقليل تأثيرات العملات الأجنبية – فإننا نرى أن استمرار ربط العملات بالدولار سيبقى الخيار المناسب لدول الخليج.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى