أخبار عربية

على الخطوط الأمامية: تجارب أطباء عرب في علاج مرضى كورونا

[ad_1]

روايات أطباء عرب في مواجهة كورونا

مصدر الصورة
Ismail Moneer

Image caption

روايات أطباء عرب في مواجهة كورونا

يقف الأطباء والممرضون على الخطوط الأمامية في مواجهة تفشي فيروس كورونا. يتحملون مخاطر كبيرة في سعيهم لإنقاذ المرضى، علاوة على الضغوط النفسية الهائلة وهم يرون من يفقدون حياتهم جراء المرض. تجاربهم الإنسانية فريدة وعميقة وتستحق أن تتعرف عليها. بي بي سي تحدثت إلى مجموعة منهم.

خالد سالم، طبيب كندي من أصل مصري

الصحة النفسية ووجود متنفس في ظل انتشار الفيروس أمر مهم جدا لكي لا يستهلك المرض حيزا كبيرا من حياة الإنسان، خاصة أن الأطباء يعملون ساعات طويلة. خالد استشاري ورئيس أقسام الباطنة والرعاية المركزة في إحدى المستشفيات في كندا، وأيامه مرهقة جدا حيث يعمل أحيانا 24 ساعة متواصلة. عدد الاستشارات زاد حوالي أربعة أضعاف كما يقول. أثر هذا على ساعته البيولوجية فلا يعرف ما إذا كان اليوم نهارا أم ليلا. ويقول إن الأمر يسبب قلقا وتوترا بحيث أصبح نومه خفيفا جدا وهو بانتظار المكالمات من المستشفى في أي وقت. وإذا تم استدعاؤه للمستشفى يذهب فورا حتى لو كانت الساعة الثانية فجرا. وفعلا، عند وقت إجراء المقابلة كان خالد لا زال مرتديا الزي الطبي بانتظار أي اتصال من مقر عمله. هذا علاوة على الضغوطات التي تأتي من الاجتماعات الإدارية التي يحضرها و”التجهيز للمجهول.. لأن مرض لا نعرف عنه أي شيء”.

وعلاوة على كل ما سبق فإن أحد مهام خالد هي التواصل مع عائلات المرضى لإعطائهم آخر التطورات. أحيانا يجد صعوبة في إخبار المريض أو العائلة أنه ليس هناك تقدم في الحالة، وأن الأمل بسيط. في تلك اللحظة. أسئلة كثيرة تدور في ذهن خالد فيفكر: “هل بذلت أقصى جهدي؟ لابد أن أتماسك أمامهم لأعطيهم القوة”. يقص خالد موقفا: “كان عندي مريض قد توفى، وأصعب شيء هو التواصل مع العائلة لكي يروا المريض قبل أن يموت وهو في صورة غريبة موصول بأجهزة وأنابيب. تواصل عن بعد وموت عن بعد ووداع عن بعد” حسبما يقول.

عندما سألته من الذي يقدم له الدعم النفسي، خاصة أنه منفصل عن زوجته ويقيم بعيدا عن أولاده أيضا، فقال: “لا أحد”. يرى خالد الإيجابية في كونه بعيدا عن أهله لأنه لو كان يسكن معهم سيكون الوضع مقلقا بالنسبة له نظرا لإمكانية نقل المرض إليهم. ولكن ما يميز خالد هو أن لديه ميولا ونزعة روحانية تجعله يكمل مسيرته في مساعدة الناس. “أظن أن وجود الإنسان في هذا المكان وهذا الوقت مهمة كبيرة والدافع عندي ديني”. لديه هذا الاطمئنان عندما يتحدث عن وضعه كطبيب، ويضيف: “صنعت لي متنفسا فيما أحب.” ففي وقت الفراغ، يحب خالد أن يتأمل ويرسم لوحات فنية ليذهب بذهنه لمكان هادئ. ربما الذي جعله مستقلا في دعم نفسه، خاصة في كورونا، كونه مغتربا. يقول: “كطبيب مغترب، لن تكون مثل الناس المقيمين هنا من ناحية الأصدقاء والدعم الاجتماعي. عندما تترك بلدك تصبح غريبا عن بلدك وتصبح غريبا عن البلد الآخر الذي أنت فيه. غربة في مكانين فلا تعرف أين الوطن”.

محمد أشرف خليل، 30 سنة، سوري مقيم في الإمارات

ساعات عمل محمد، كطبيب مقيم في قسم الأمراض الباطنية، طويلة وأيامه أطول. فهو يعمل حوالي ستة أيام ويتم استدعاؤه ليبقى في المستشفى خلال عطلة نهاية الأسبوع. بعد انتشار فيروس كورونا، زاد عدد المرضى التي يتابعهم محمد من عشرة إلى عشرين مريضا كل يوم. “الموضوع أصبح أكثر ارهاقا. عندما أنتهي من الاستدعاء أرجع للبيت ولا أقدر أن أفعل أي شيء من التعب.” رغم الارهاق الذي يشعر به محمد، فهو لا يستطيع أن يفصل نفسه تماما عن العمل، فتلاحقه مراجعات المرضى للبيت عبر الانترنت.

تغير صوت محمد وأصبح أكثر فرحا عندما روى لي قصة شفاء امرأة حامل أتت للمستشفى ولديها أعراض مقلقة. كانت السيدة صغيرة في السن ولديها نوبة سعال وارتفاع في درجة حرارتها. وكان أهلها وزوجها قلقين عليها كثيرا. تم التعاون بين قسم النسائية والأمراض الباطنية والأطفال، للعناية بها. بعدها تحسنت حالتها، ووضعت مولودها. حسبما يقول: “هذه الحالات تجعلني أستيقظ في الصباح متحمسا أن أذهب للعمل وأعالج الناس”.

ولكن أن تكون طبيبا ليس بالأمر السهل. فمحمد واجه أحد أكثر المواقف صعوبة وهو معالجة أحد زملائه. كانت قد ظهرت على هذا الطبيب أعراض ضيق تنفس ونقص الأوكسجين في الدم وتسارع في دقات القلب. وكان الجميع في المستشفى خائفين من أن تتدهور حالته.

الخوف عند الأطباء لا يتولد فقط من رؤية تأثير الفيروس على الآخرين ولكن خطر الإصابة به شخصيا حسبما يقول، ويضيف “الأمر الكبير الذي أخاف منه هو أن أكون أنا حاضن للمرض بدون أعراض، وأنشر المرض في المستشفى. الموضوع يسبب لي قلقا”. شعرت بخوفه عندما كان يقول لي أنه قد فحص نفسه حوالي ثلاث مرات لحد الآن، ويضيف “قبل أيام دخلت على مريض مشتبه أن يكون لديه كوفيد 19 ولم أكن مرتديا الزي الواقي، وفي اليوم التالي شعرت بحرارة. ولكن الحرارة كان سببها أمر ثان هكذا عرفت بعدها”. رغم إن نتائج فحوصات محمد سلبية ولكن لأن زوجته طبيبة أيضا يفكر أحيانا: “قد يكون أحدنا حاملا للفيروس”.

ساجدة حمودة، 28 سنة، فلسطينية

الخوف من التقاط الفيروس ونشره سبب قلقا لساجدة التي تعمل ممرضة في قسم خاص بمرضى كورونا. فهي تسكن مع أهلها في بيت واحد ولكن بسبب ظروف عملها، تحاول أن تعزل نفسها عن أهلها قدر ما تستطيع. ورغم ذلك فلديها روتين خاص للتعقيم للمحافظة على سلامة أهلها الذين يشاركونها المنزل. فعندما تنتهي من العمل الساعة السابعة مساء، تستحم في المستشفى قبل أن تصل إلى البيت لتستحم مرة أخرى، وتتناول العشاء حوالي الساعة التاسعة والنصف مساءا وقد نفدت كل طاقتها. “أشعر بعد يوم عمل بأنني منهارة جسديا. ليس لدي القدرة على فعل أي شيء حتى الكلام مع الأهل. الأمر صعب جدا.”

مع ذلك فإن مساندة المستشفى لها بتقديم الدعم المعنوي وكلمات أصدقائها المشجعة تحت صورها على مواقع التواصل الاجتماعي، يدفعها لإعطاء أكثر ما عندها. فساجدة تتعامل مع مرضى كورونا بشكل مباشر وتقضي معهم ساعات كثيرة، فتنشأ علاقة وطيدة بينها وبينهم. “أجلس داخل الغرفة أربع ساعات مع المريض. أكون بالنسبة له الإخصائية الاجتماعية والممرضة والأم التي تساعده وتهديه والأخت التي تدعمه وأنا أكون ابنتهم في حال كانوا يودون الفضفضة أو حتى إن كانوا في حاجة أن يسمعوا كلاما لطيفا. أنا مستعدة أن أجلس معهم وأخفف من قلقهم.” إن كانت هناك اختلافات، فإنها تتلاشى جميعا في المستشفى. ساجدة تتعامل مع مرضى من ديانات وقوميات مختلفة، وهناك حالات يكون المريض بحاجة لمساعدة في تأدية صلواته. تقول ساجدة: “نضع كل هذه الاختلافات على جانب ونتعامل مع كل مريض كحالة إنسانية بحاجة للمساعدة.”

ولكن مساعدة المريض وتأدية العمل في الزي الواقي ليست بالأمر السهل. كما تقول ساجدة: “هذا الزي متعب لأني أصل لمرحلة لا أستطيع معها التنفس”. وجود الكمامة على الوجه، يجعل ثاني أوكسيد الكربون يتراكم فيصبح النفس ثقيلا. تشكو أنها عندما ترتدي الجزء البلاستيكي الوقائي يصبح عليه ضباب ولا تستطيع الرؤية، وكون الزي يغطي جسدها من أعلى رأسها لأرجلها، يجعلها تشعر بالعرق وهو يتصبب كما تقول.

اقرأ ايضا:“تشبيه الحجر بحصار غزة استفزني”: نساء عربيات في مواجهة كورونا

من يحمي النساء من العنف المنزلي المتصاعد مع تفشي فيروس كورونا؟

علمي وهابي أسامة، 42 سنة، مغربي

عندما نسمع قصصا لأطباء يواجهون فيروس كورونا، فإن الصورة التي ترسم في أذهاننا هي عن الزي والكمامات والقرب الشديد من الأشخاص الحاملين للمرض. ولكننا نغفل عن جانب أهم وهو كيف تأثرت حياتهم الشخصية وعائلاتهم بالتحديد. علمي وهابي طبيب انعاش وتخدير في المغرب. انقلبت حياته رأسا على عقب عندما طلب منه الانتقال من مدينة القنيطرة التي كان يسكن فيها هو وزوجته وطفليهما إلى مدينة سلا. السبب أن المستشفى الإقليمي بسلا مكلف بمعالجة مرضى المناطق المجاورة، فكان الاحتياج للأطباء هناك كبيرا.

حدث الانتقال قبل ستة أسابيع. وبسبب عمل زوجته كصيدلانية في القنيطرة، واجه علمي مشكلة الاعتناء بالأطفال عندما يكون الزوجان في العمل. لم يكن هناك حل سوى أن يعيش الولدان عند جديهما في الرباط. فأصبح كل من علمي وزوجته وطفليهما في مدينة مختلفة عن الآخر. لعلمي بنت عمرها ست سنوات وولد عمره خمسة أشهر. في البداية، كان يتواصل علمي مع أولاده عن طريق الفيديو. ولكن من بعدها سمح له بزيارة عائلته لفترة قصيرة، وعندما التقى بهم، لم يتعرف عليه ابنه الصغير بسبب غيابه. ابنته كانت غاضبة جدا منه لأنها ترى أنه تركهم. عندما سألته عن التضحيات الكبيرة التي قدمها، وكيف يتمسك بالأمل عندما يواجه صعوبات، قال ببساطة: “هذا عملنا وهذا واجب أي طبيب”.

من أكثر الحالات التي أثرت على علمي كانت لإمرأة كبيرة في السن تبلغ حوالي 70 سنة مكثت في المستشفى لمدة ثلاثة أسابيع، وبعدها فاقت وتمكنت من أن تأكل بمفردها دون مساعدة الأطباء وكانت على وشك أن ترجع لبيتها. وفي يوم واحد حصل لها انسداد رئوي وماتت. موتها الفجائي كان صدمة لجميع الطاقم الطبي. يقول علمي: “وكأن شخص من عائلتك مات. ممكن أن تحزن عليه أكثر من عائلته نفسها”.

يارا خزاعلة، 32 سنة، أردنية مقيمة في بريطانيا

مثل علمي، تأثرت حياة يارا العائلية بشكل كبير كونها أم لبنت وولد. هي طبيبة اختصاص روماتيزم ولكن في نهاية شهر مارس طلب من الأطباء في المستشفى التي تعمل به ترك أقسامهم والالتحاق بقسم كورونا، ولهذا تعمل الآن في قسم العناية المركزة الخاص بكورونا. زوج يارا عالق في الأردن بسبب اغلاق المطارات منذ شهر ديسمبر الفائت، مما يزيد من الضغط عليها في غياب من يساعدها في العناية بالأطفال عند ذهابها للعمل. المربيات فور أن يعلموا أن من بين أفراد الأسرة من يعملون في القطاع الطبي، لا يقبلون أن يعتنوا بأطفالهم خوفا من انتقال المرض. وجدت يارا نفسها لا تملك خيارا سوى إرسال أولادها للمدرسة والاختلاط مع الآخرين، الأمر الذي تراه يزيد من خطر الإصابة بالفيروس. توصل يارا أبناءها لمدرستهم صباحا خمسة أيام في الأسبوع وعند الوصول لبوابة المدرسة تخرج المعقم لتعقم يدي ولديها ومن ثم تكمل على دراجتها الذهاب للعمل.

القيام بالأمور الاعتيادية في زمن كورونا أصبح أكثر تعقيدا، ومحاولة شرحه للأطفال أصعب. بحرقة قلب تروي يارا موقفا مؤلما “كسرني” كما تقول: “يوم من الأيام رجعت يارا من الدوام وكان ابنها محمد ذو الست سنوات يريد أن يحتضنها فلم تسمح له بالاقتراب. الموقف هذا أحزن ابنها كثيرا، فقال لأمه: “أنا أكره كورونا وأريده أن يختفي لأني لا أستطيع أن أحضن والدتي”. حتى عند شراء بعض الأطعمة من السوبرماركت، تعاني يارا كثيرا لكي تشرح لأطفالها عدم إمكانية أكل الأطعمة قبل أن تعقم وتغسل وتنظف. عملية تعقيم المنتجات تأخذ حوالي ساعتين.

يارا تعتني بطفلين وحدها. ومع ضغوط العمل، والأمر يشكل حملا كبيرا عليها. تقول يارا: “أنا في قلق.. يراودني صداع في الليل يوميا، لا أقدر أن أنام وكان يصيبني ألم في المعدة جراء القلق والتوتر وكانت تراودني أحلام غريبة. كانت الأمور سيئة.” علاوة على ذلك، يارا تعاني من التغيرات التي تحدث على الجلد من كثرة غسل يدها واستخدام المواد المعقمة والكمامات التي تترك أثارا على الوجه والأذن. ناهيك عن الجفاف في الأنف والفم والذي يصبح أصعب في شهر رمضان بسبب العطش. تقرحات وإحمرار هي ما تعاني منه يارا وغيرها من الأطباء. ولكن “كل هذه الأمور تنتسى عندما تحاولين انقاذ حياة مريض” كما تقول.

رغم الصعاب التي تمر بها يارا لكنها تحاول أن تكون قوية من أجل طفليها. فلديها الروتين الخاص بها عندما ترجع للبيت هي وأولادها ولكن أيضا تحاول عمل أنشطة مختلفة ممتعة. “عندما أرى الأطفال سعداء أكون سعيدة”. أما عنها هي، فتحاول الابتعاد عن الأخبار، ومشاهدة الكوميديا لكي لا يشغل كورونا بالها طول الوقت.

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى