أخبار عربية

فيروس كورونا: هل يمكن تبرير زيادة الشركات للأسعار وقت الأزمات؟


اضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع التكاليف وزيادة الطلب قد تغري التجار على رفع الأسعار

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

اضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع التكاليف وزيادة الطلب قد تغري التجار على رفع الأسعار

فوجئ المتسوقون حول العالم بخلو أرفف متاجر البقالة من السلع في أعقاب تفشي فيروس كورونا المستجد، ما حدا بالكثيرين إلى تغيير أنماط التسوق، سواء بالشراء من المتاجر الصغيرة أو تفادي التسوق في الأوقات التي يشتد فيها الازدحام في المتاجر أو الاستغناء عن بعض الأطعمة الأساسية، أو حتى بشراء السلع بأسعار أعلى من المعتاد.

إذ ارتفعت أسعار بعض السلع مؤخرا ارتفاعا فلكيا بعد أن اشتد الطلب عليها، إذ وصل سعر قوارير سوائل تعقيم اليدين إلى 10 يورو للقارورة الواحدة في أيرلندا، وتجاوز سعر صندوق صغير من الكمامات 200 دولار في الولايات المتحدة. وأثار ارتفاع أسعار اللحوم والعدس والأرز في المملكة المتحدة سخط المواطنين.

لكن البعض يرون أن ارتفاع الأسعار في أوقات الأزمات أحيانا يكون مبررا. لكن ثمة فارقا بين ارتفاع الأسعار الذي يعكس التكاليف المرتفعة لتشغيل المتاجر في الظروف الاستثنائية وبين التلاعب بالأسعار لجني أرباح مبالغ فيها باستغلال حاجة المستهلكين، ولا سيما بعد الصدمات أو في أوقات الأزمات.

لكن في ظل ازدهار التسوق عبر الإنترنت، بات من الصعب تمييز الارتفاع المبرر في الأسعار، والذي يعكس زيادة المخاطر والتكاليف، وتحديد المواطن الأكثر تأثرا بارتفاع الأسعار من سلاسل الإمداد.

وضع سقف لأسعار السلع

يقول ريتشارد سكستون، خبير اقتصادي زراعي بجامعة كاليفورنيا، إن متاجر التجزئة ليس من مصلحتها الاحتفاظ بمخزون من المواد الغذائية يفوق احتياجاتها، وليس لديها المساحة الكافية لاستيعاب مخزون إضافي.

وقد يرجع النقص في بعض المواد الغذائية في بداية الجائحة إلى تهافت الناس على الشراء بكميات تفوق احتياجاتهم، ويقول سكستون إن سلاسل إمداد المواد الغذائية لا يمكنها التكيف سريعا لمواكبة الزيادة الكبيرة في الطلب بسبب إقبال الزبائن على تخزين السلع، كما هو الحال قبل الكوارث الطبيعية أو أثناء جائحة كورونا المستجد.

وكثيرا ما يكون التأخير في تعويض النقص في السلع مؤقتا حتى يتمكن المصنعون والموزعون من تلبية الطلب المتزايد على سلع بعينها. ويؤثر تغير الطلب والقيود على التصدير في بعض الدول على أسعار السلع، فبينما انخفضت أسعار بعض السلع، مثل السكر، فقد ارتفعت أسعار سلع أخرى، مثل الأرز. لكن هذه التغيرات في أسعار المواد الغذائية قد لا يطبقها تجار التجزئة على الفور.

وقد يعمد تجار التجزئة إلى رفع الأسعار بسبب النقص الناتج عن تأخر الإمدادات وارتفاع الطلب، وقد يضطر المستهلك أن يشتري السلع بأسعار أعلى من سعرها الأصلي، ولهذا قد تقرر بعض الحكومات وضع حد أقصى لأسعار السلع.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

يرى البعض أن وضع سقف لأسعار السلع قد يفاقم مشكلة نقص السلع الأساسية

لكن سكستون يقول إن وضع سقف لأسعار السلع قد يفاقم مشكلة نقص السلع، لأنه يشجع المستهلك على تخزين السلع منخفضة التكلفة، وفي الوقت نفسه لن يتحمس المصنعون لإنتاج سلع ذات هامش ربح منخفض. ولهذا يفضل سكستون تحديد سقف للمشتريات.

ويقول مات زولينسكي، الباحث في الفلسفة السياسية بجامعة سان دييغو، إن ارتفاع الأسعار يحفز المصنعين على زيادة الإنتاج، ولولاه لما كلف المصنعون أنفسهم عناء تشغيل المصانع رغم المخاطر في حالات الطوارئ الصحية. ويقول إن ارتفاع الأسعار يخفض الطلب ويزيد المعروض من السلع.

ويرى أنه في أوقات الأزمات ينبغي أن تزيد أجور عمال التوصيل وتحميل المستهلك قسطا أكبر من التكلفة، وزيادة المعروض إلى حد يكفي لتلبية الطلب المتزايد على السلع.

ويرى الكثير من الخبراء الاقتصاديين أن وضع سقف لأسعار السلع في حالات الطوارئ يشجع الناس على التنافس والتزاحم في المتاجر لشراء السلع النادرة والرخيصة، وقد يؤدي إلى ظهور سوق سوداء تباع فيها السلع بأسعار أعلى.

ويقول بول كروغمان، الحائز على جائزة نوبل، إن ارتفاع أسعار السلع الأساسية في أعقاب الكوراث قد يعمق انعدام المساواة، إذ أن الفقراء الذين لا يملكون المال الكافي لشراء السلع الأساسية سيتضورون جوعا وربما يموتون، بينما لن يتأذى الأثرياء كثيرا.

وقد ضربت كوريا الجنوبية مثالا يحتذى به في توفير السلع استجابة لوباء كورونا المستجد، إذ خفضت أسعار الكمامات وفي الوقت نفسه حددت عدد الكمامات التي يسمح لكل شخص بشرائها.

وبينما قد يسهم وضع سقف لأسعار السلع في النهوض بالصحة العامة، فإن المصانع والمتاجر قد تواجه الإفلاس، ما لم تكن الحكومات مستعدة لدعمها.

قرارات صعبة تواجهها المشروعات الصغيرة

وكانت المشروعات الصغيرة هي الأكثر تأثرا باضطرابات سلاسل الإمداد وبتغير أنماط الشراء. وتقول جانين توزر، صاحبة متاجر لبيع مستلزمات الحيوانات الأليفة في إنجلترا، إن بعض السلع أصبح شراؤها من الموردين ضربا من المستحيل، وانخفضت إثر ذلك المبيعات انخفاضا كبيرا.

وترى توزر أن بعض الشركات قد تغريها زيادة الطلب على بعض السلع إلى رفع أسعارها لتحمي نفسها من التقلبات في هذه الأوضاع المحفوفة بالغموض.

وتحقق بعض المجالس المحلية وأعضاء البرلمان في المملكة المتحدة في شكاوى مواطنين حول تعمد بعض تجار البيع بالتجزئة رفع أسعار السلع إلى حد مبالغ فيه، وفضحت هذه الممارسات الاستغلالية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتجد الكثير من المتاجر، مثل متاجر بيع الأجهزة الإلكترونية في المملكة المتحدة، صعوبة في دفع مقابل البضائع المشتراة بسبب انخفاض المبيعات، وقد يمتنع المصنعون مستقبلا عن توريد المزيد من البضائع إليها.

وربما يساهم تبرير ارتفاع الأسعار في تهدئة غضب المستهلكين. وتقول توزر إنها قد تضطر لرفع الأسعار إذا رفع الموردون الأسعار دون مبرر. وتفضل توزر تحديد الكميات التي يسمح لكل مستهلك بشرائها. لكنها تقول إنها ستخبر المستهلكين بأسباب تغير الأسعار، حتى لا تفقد ثقتهم.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

تعاقب بعض متاجر البيع بالتجزئة بالغرامة إذا ثبت أنها تتلاعب بالأسعار، وقد عوقب هذا المتجر في مدينة نيويورك بسبب رفع الأسعار

وضع القواعد والسمعة

لكن الشفافية قد لا تجدي في إقناع المستهلكين القلقين على وضعهم المادي، وأشارت دراسات إلى أن المستهلكين ينفرون من المتاجر التي يعتقدون أنها تتلاعب بالأسعار.

وتقول أبسانا بيغام، عضوة في البرلمان عن دائرة بوبلار أند لايمهاوس في شرق لندن، إنها وصلتها شكاوى عديدة من مستهلكين غاضين من ارتفاع الأسعار، خاصة في المتاجر الصغيرة.

وتقول بيغام إن الكثير من التجار لا يحاولون التربح من الأزمة، إذ برر بعض الجزارين ارتفاع الأسعار بأنهم يحاولون سداد الفواتير بعد أن رفع الموردين الأسعار. وقد يضطر تجار التجزئة لرفع الأسعار أيضا بسبب التكاليف الإضافية التي يتحملونها في أوقات الطوارئ، منها بدل المخاطر للعاملين وبدل الوقت الإضافي وتعيين موظفين مؤقتين وتوفير وسائل مواصلات بديلة للعاملين، وشراء المزيد من معدات التنظيف والوقاية في المتاجر.

وطالبت بيغام الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة حيال ارتفاع الأسعار، وتحليل مدى تأثر الشركات، من موردين إلى تجار، بالأزمة، وتوجيه الموارد لهيئة المنافسة والأسواق البريطانية، التي تطالب المتاجر بعدم التلاعب بالأسعار.

وتقول نيكول كار، رئيسة قسم المنافسة في مؤسسة “لينكليترز” للاستشارات القانونية، إن التلاعب بالأسعار ليس مخالفا للقوانين في الكثير من الدول. وتحظر القوانين البريطانية الممارسات الاحتكارية أو التواطؤ بين الشركات لغرض خداع المستهلك.

ووضعت فرنسا سقفا لأسعار سوائل تعقيم اليدين، وحظرت الصين جميع الممارسات التي تنطوي على تخزين غير ضروري للسلع الغذائية ومعدات الوقاية الطبية. وحظرت أستراليا تعمد المتاجر شراء السلع وبيعها بأسعار تفوق سعرها الأصلي بأكثر من 20 في المئة.

ونص قانون ولاية كاليفورنيا لمكافحة التلاعب بالأسعار على ألا يتعدى ارتفاع الأسعار في حالات الطوارئ 10 في المئة.

وتقول كار إن هيئة المنافسة والأسواق البريطانية تكتفي بإرسال خطابات تحذيرية أو فضح التجار الذين يستغلون احتياجات الناس لزيادة الأرباح.

ويرى بعض أصحاب المتاجر أنهم من حقهم أن يجنوا أرباحا أعلى وأن يدفعوا أجورا أعلى للعاملين طالما أنهم يبذلون مجهودا شاقا لخدمة مجتمعاتهم رغم المخاطر الصحية المحتملة.

لكن إجمالا، لا يختلف اثنان على أن التلاعب بالأسعار يسيء إلى سمعة المتجر، ولهذا تحرص سلاسل المتاجر الكبرى والمتاجر الصغيرة على السواء على ضبط أسعارها خشية فقدان سمعتها. وتقول توزر، إنك إذا أردت أن تحافظ على ولاء زبائنك، فعليك أن تتفادى إثارة غضبهم.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Worklife.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى