أخبار عربية

فيروس كورونا: أساليب مبتكرة للعودة إلى الحياة الطبيعية بعد الإغلاق


كمامات

مصدر الصورة
AFP

تشرع دول شتى في أرجاء المعمورة في إجراء تجارب واختبارات كبيرة من أجل وضع حد لإجراءات الإغلاق التي فرضت جراء تفشي وباء كورونا، بينما تنظر دول أخرى إلى هذه المحاولات بحذر وتتساءل عن السبيل الأمثل للعودة إلى الحياة الطبيعية.

من نافلة القول إنه لا يوجد توافق حول الأسلوب الأمثل لتحقيق هذا الهدف، ولكننا ألقينا نظرة على التيارات المهمة التي تظهر الآن وعلى بعض من الأفكار المبتكرة الرائدة في هذا المجال.

في التأني السلامة

يبدو أن التوجه العام في كل أرجاء المعمورة هو تخفيف إجراءات الإغلاق بشكل متدرج. وستكون أنظار العالم مشدودة لما سيحصل في إيطاليا التي تضررت بشدة من الوباء. فقد وضعت الحكومة الإيطالية خطة مرحلية لفتح المصالح والمرافق من المتاجر إلى المتاحف وغيرها يبدأ العمل بها بشكل ملموس في الرابع من مايو/ أيار.

ولكن غالبية الإيطاليين، وعلى وجه الخصوص أولئك الذين يعيشون في المناطق التي شهدت معدلات عالية للإصابة بالوباء، يعرفون أنهم لن يتمكنوا من العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية قبل سبتمبر/ أيلول المقبل.

ويقول الدكتور مايكل تيلدسلي، خبير الأمراض المعدية في جامعة ووريك في إنجلترا، إن العالم يجهل تماما ما الذي سيحصل لوتيرة انتشار فيروس كورونا بعد تخفيف إجراءات الإغلاق.

وقال لإذاعة بي بي سي الرابعة “من الصعوبة بمكان التعرف على فعالية إجراءات الإغلاق المختلفة المطبقة في دول العالم للتوصل إلى تأثيراتها المتباينة، وقد لا نستطيع ذلك إلا بعد تخفيف تلك الإجراءات. قد يكون علينا تخفيف إجراء معين ومراقبة تأثير ذلك على إنتشار الوباء”.

مصدر الصورة
CATHERINE LAI

استخدام التكنولوجيا

تتلخص الخطوة الثانية، والأكثر أهمية، في طرح تطبيقات هاتفية لغرض تتبع الإصابات. وفعلا تقوم العديد من الدول، الغنية منها على الأقل، في تصميم هذه التطبيقات لشعوبها.

تقوم بعض من هذه التطبيقات، كتلك التي طرحت فعلا في أستراليا والتي تخطط لطرحها الحكومات الإيطالية والفرنسية والبريطانية، بجمع معلومات لا تكشف عن هوية صاحبها عن الهواتف الأخرى التي يقترب منها مستخدمو التطبيق. فإذا ظهرت على أحد من هؤلاء أعراض المرض، ترسل إلى كل الهواتف التي اقتربت من هاتف المصاب تحذيرات. في إسرائيل، طلبت الحكومة من جهاز مخابراتها متابعة هواتف العامة من أجل الاستدلال عن وقوع إصابات محتملة بالفيروس.

وكانت كوريا الجنوبية قد لجأت إلى استخدام الهواتف الجوالة منذ بدء انتشار الوباء، وذلك للاتصال بأي شخص كان له اتصال بآخر ثبتت إصابته بالفيروس عن طريق الاختبار. واعتمدت حكومة كوريا الجنوبية على هذه السياسة المشددة – التي تتضمن الاختبار والإنذار – من أجل تجنب فرض إغلاق شامل.

مراقبة درجة الحرارة

سيكون للكاميرات التي تستدل على درجة حرارة الجسم دور محوري قريبا، خصوصا في المطارات وغيرها من منشآت النقل العام. فخلال انتشار وباء سارس في عام 2003، كان يتعين على كل المغادرين والقادمين من وإلى مطار هونغ كونغ الوقوف في طابور لفحص درجات حرارتهم.

ويجري الآن إختبار كاميرا حديثة لقياس درجات الحرارة في مطار بورنموث في إنجلترا للتحقق من سرعة ودقة إستدلالها على الحاملين المحتملين لفيروس كورونا.

مصدر الصورة
Getty Images

مناطق عزل شخصية

تدارست بعض الدول إمكانية استخدام الأساور الإلكترونية من أجل تطبيق إجراءات الإغلاق، ولكن ميناء أنتويرب البلجيكي يبحث الآن في إمكانية استخدام هذه التقنية للسماح للناس بالعودة إلى ممارسة أعمالهم.

فالعاملون في أنتويرب يستخدمون بالفعل ومنذ مدة هذه الأساور من أجل تجنب الحوادث، فهي تهتز عند إقتراب آلية من مرتديها، وتصدر إنذارا إذ سقط في الماء. وقد حوّرت شركة روموير المنتجة لهذه الأساور الجهاز الذي يشبه ساعة اليد بحيث يصدر صوتا إذا اقترب شخص ما من مرتديها دون أن ينتبه الأخير لذلك.

فقاعات اجتماعية

نجحت نيوزيلندا في الخروج من واحدة من أشد وأقسى وأنجح إجراءات الإغلاق في العالم مستعيضة عنها بخطة وطنية “للفقاعات الإجتماعية”.

بموجب هذه الخطة، تعتبر كل أسرة “فقاعة” قائمة بذاتها، ويمكن للمواطنين توسيع هذه القفاعة بإضافة شخصين يقيمان على مقربة منهم. بعبارة أخرى، يمكن دمج فقاعتين في فقاعة واحدة. وبذا يمكن السيطرة على الاتصالات الاجتماعية ويمكن للأجداد أن يتواصلوا مع أحفادهم ويمكن للعازبين أن يتصلوا بالآخرين بدل المكوث لوحدهم في الدار.

وإذا رغب أي منهم في كوب من القهوة، توصل النيوزيلنديون إلى طرق مبتكرة لإيصالها إليهم لا تتضمن أي إتصال شخصي.

آلات البيع

بينما تخفف إجراءات الإغلاق، قد تكون إحدى أسوأ العواقب هي الطوابير الطويلة عند الصيدليات لشراء الكمامات، مما يزيد من إمكانية العدوى. ولكن لكل مشكلة حل، ففي ألمانيا وتايوان وبولندا، نصبت آلات بيع آلية لتوفير الكمامات دون الحاجة إلى الاصطفاف عند الصيدليات.

مصدر الصورة
Sean Gallup

في الهواء الطلق

أعادت المقاهي والحانات فتح أبوابها في ليتوانيا، ولكن شريطة أن يجلس الرواد في الخارج ويتقيدوا بشروط التباعد. ولكن هذه الإجراءات تعد مشكلة كبيرة في العاصمة فيلنيوس ذات الأزقة الضيقة التي تجعل من التباعد الإجتماعي أمرا مستحيلا.

ولذا قرر رئيس بلدية العاصمة تسليم 18 من المعالم التاريخية العامة في فيلنيوس للمصالح الأكثر تأثرا بالإغلاق. ولكن أجزاءا كبيرة من المدينة لجأت إلى النشاطات في الهواء الطلق، وهناك نداءات موجهة للعامة لمساعدة المقاهي والمطاعم والحانات في الحصول على الأثاث الضروري لإنجاح مشروع الخروج من الإغلاق والمحافظة على التباعد في آن.

وجاء في بيان أصدرته رئاسة البلدية “اشتروا، استعيروا وادعوا زبائنكم الأوفياء للمساعدة. ولا تطلب البلدية منكم إلا شيئا واحدا، حافظوا على المظهر ولا تستخدموا الأثاث البلاستيكي رخيص المظهر”.

مصدر الصورة
HEIKO JUNGE

تدرج أوقات دوام المدارس

يقول العديد من المدرسين إنه لا يمكن التقيد بتعليمات التباعد الاجتماعي في المدارس. ولكن النرويج قررت المضي في هذا السبيل مع ذلك. ففي النرويج يصل التلاميذ إلى المدارس في أوقات مختلفة لمنع الازدحام عند الأبواب. ويمنع أهالي التلاميذ من دخول المدارس للتحدث مع الأهالي الآخرين.

ومن ثم يصطحب المدرسون التلاميذ ويضعونهم في مجاميع صغيرة يتوجب عليهم البقاء فيها أثناء الدروس وأثناء أوقات اللعب دون استثناء.

تصنيف التجمعات السكانية بالألوان

تجرب إيران طريقة مرنة تتيح المزيد من الحرية في المناطق الأقل تأثرا بالوباء. فقد صنفت السلطات الإيرانية مناطق البلاد المختلفة إلى مناطق بيضاء وصفراء وحمراء، كل منها يعتمد على عدد الإصابات وعدد الوفيات، وتشير إلى مستوى تخفيف الإجراءات التي يجب أن يتوقعها سكان كل من هذه المناطق.

فالمناطق المصنفة على أنها بيضاء ستتمتع بقدر أكبر من الحرية.

وبينما لا تستخدم إيطاليا هذا النظام، يتوقع سكان المناطق الشمالية من البلاد أن يخضعوا للإغلاق لفترة أطول من مواطنيهم في مناطق البلاد الأخرى.

هذه الإجراءات مبنية على رقم (R) الحيوي، والذي يشير إلى سرعة إنتشار الوباء.

جواز سفر للحرية؟

أما الصين، فقد قررت تصنيف المواطنين بالألوان وليس المناطق، وبذا أصبحت أول دولة تجيز لمواطنيها التنقل بحرية.

فقبل شهر واحد، أطلقت الصين تطبيقا هاتفيا لهذا الغرض. وفي مدينة ووهان التي انطلق منها الوباء يتعين على المواطنين أن يبينوا وضعهم الصحي ليتمكنوا من استخدام وسائل النقل العام. فإذا كان وضعهم أخضرا، يعني هذا أنهم أصحاء ويمكنهم التنقل بحرية، أما إذا كان وضعهم أحمر اللون، عليهم عزل أنفسهم بوصفهم من المصابين بالوباء.

ولكن، وناهيك عن القضايا المتعلقة بالخصوصية التي تلعب دورا كبيرا في أوروبا، يقول منتقدون إنه لا يوجد أي ضمان بأن الوضع الصحي للشخص سيقرأ بشكل دقيق من قبل المسؤولين. ولعبت هذه المخاوف دورا في قيام منظمة الصحة العالمية بإصدار توصية لكل الحكومات بالامتناع عن إصدار ما يطلق عليها “جوازات سفر المناعة”.

مع ذلك، قالت تشيلي إنها بصدد إطلاق نظام “الوثائق”. وقال وزراء تشيليون إن هذه الوثائق ستؤكد ما إذا كان الشخص المعني قد أصيب بالمرض أو أنه قد تماثل بعد فترة من العزل.

الصورة الكبرى

قد يكون من شأن كل هذه الإجراءات، وكثير غيرها، إعادة الحياة إلى ما يشبه وتيرتها الطبيعية، ولكن نغاير وودز، أستاذة الحاكمية الإقتصادية الدولية في جامعة أوكسفورد في إنجلترا، تقول إن تخفيف إجراءات الإغلاق يتطلب منا جميعا إعادة التفكير في مناحي حياتنا.

وتقول “يجب علينا تطبيق إجراءات الإختبار والتقصي والعزل بشكل جيد جدا، وعلينا التفكير بجدية بإجراءات الوقاية في الأماكن العامة والمدارس. علينا التعامل بجدية قصوى مع الحالات المستوردة، بما في ذلك فرض قيود على السفر. هذه هي القائمة التي ينبغي التقيد بها عند التفكير في رفع إجراءات الإغلاق بأمان”.

وتقول وودز إن التفكير في الوقت الراهن يجب أن يتعدى أمور كإعادة فتح المصالح المغلقة، فيجب علينا تقسيم القوة العاملة على أساس العمر، فعلى سبيل المثال يجب على المدرسين من ذوي الأعمار المتقدمة أن يدرسوا تلاميذهم عبر الفيديو.

وتقول “هذه أسئلة يجب أن نوجهها، وإنها ليست بالمشاكل التي لا يمكن تجاوزها. أما البديل فهو البقاء تحت الإغلاق الشامل”.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى