إيدير: جزائريون ينعون سفير الأغنية الأمازيغية
[ad_1]
إذا أردنا الحديث عن الموسيقى الجزائرية والأمازيغية خاصة، فسيطول الكلام فهي متنوعة وفنانوها كثر، ولكن لا بد أن نذكر على رأسهم الفنان إيدير، صاحب الأغنية الشهيرة “بابا إينوفا”.فمن هو إيدير؟ وكيف نجح في إخراج حكايات الجدات والتراث الأمازيغي من الجبال إلى أهم مسارح العالم؟
توفي الفنان الجزائري حميد شريت الشهير بإيدير، مساء السبت، بمستشفى بفرنسا، عن عمر ناهز 70 عاما بعد صراع طويل مع المرض.
وقدم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون التعزية عبر حسابه الرسمي على تويتر، قائلا: “الجزائر فقدت أحد أهراماتها”.
“سفير التراث الأمازيغي”
ولد إيدير في 25 أكتوبر/تشرين الأول في قرية آث لحسن بمنطقة القبائل، وبدأت مسيرته الفنية في مطلع سبعينات القرن الماضي.
كان شفعه بالموسيقى ظاهرا للعيان منذ نعومة أظافره، إذ كان منصتا جيدا لأهازيج جدته التي زرعت فيه التعلق بالتراث وإحياء فنه. ثم صقلت تلك الموهبة على يد مدرس العلوم في سن التاسعة، فأبهر ومتع أقرانه ومعلميه بصوته العذب طوال المرحلة الابتدائية .
ولكن إيدير الشاب لم يكترث بتلك الموهبة، فلطالما منح الأولوية لدارسته ثم عمله كمهندس للدولة في الجيولوجيا.
حملته الصدفة إلى دخول عالم الفن بعد أن ألقى قصيدة “أفافا إينوفا” أي “أبي إينوفا” على رفاقه في إحدى المؤسسات النفطية، ليقوم فيما بعد بالمشاركة في برنامج إذاعي للأطفال .
ومنذ ذلك الحين، ارتبط اسم إيدير بأغنية “أفافا إينوفا” ظلت علامة بارزة للأغنية الأمازيغية لما يقارب النصف قرن.
فقد أذيعت عام 1976 في 77 بلدا وترجمت إلى أكثر 20 لغة.
ورغم أن الفنان الراحل كان مقلا في الإنتاج، إلا أنه يعتبر سفير الأغنية الأمازيغية نظرا لإسهاماته المتواصلة في تطوير موسيقاها، وعولمتها.
فقد أدخل على الموسيقى الأمازيغية إيقاعات وآلات جديدة عصرية .
وأنتج إيدير، الذي كان يؤلف أغانيه بنفسه، 11 أغنية استوحى معظمها من التراث الشعبي الأمازيغي.
كما تعاون مع عدد من المغنين العالميين، كالفرنسي شارل أزنافور ومواطنه الشاب خالد.
وعرف الفنان الراحل بمواقفه السياسية المثيرة للجدل وبدفاعه الشديد عن الهوية الأمازيغية.
ورفض طيلة 39 عاما إحياء حفلات موسيقية في بلاده الجزائر، احتجاجا على ما اعتبره تهميشا للثقافة الأمازيغية وعلى عدم الاعتراف بها من قبل الأنظمة المتعاقبة منذ استقلال البلاد.
ولم يتراجع عن قراره إلا عام 2017 بعد الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية في دستور الجزائري.
صوت الماضي
وبكل أسى وحزن، نعى رواد مواقع التواصل في عدة دول مغاربية الفنان الراحل، وأشادوا بجهوده في نشر الموسيقى الأمازيغية حول العالم.
وصفه كثيرون بالأسطورة وبأيقونة الفن الأمازيغي.
وتشاركوا مقاطع من أغنياته، مثل “أسندو” وهي آلة تقليدية تصنع من ثمرة نبات القرع لخض اللبن.
وقد استلهم إيدير كلمات الأغنية من خلال مراقبته اليومية لوالدته.
ويرى محبو تلك الأغنية تشابها كبيرا بين “مخاضة اللبن” التقليدية والمرأة الريفية عموما، “فكل منهما يعاني في حركاتها وترنحها حتى تدر الحليب للأطفال”، حسب وصفهم.
ويعلق أحدهم: “فافا إينوفا، تعيدني هذه الأغنية للماضي الجميل، حيث قريتي القابعة بين السحب في جبال تيزي وزو الشاهقة، تتهادى لسماعي صوت جدتي بثوبها المزركش وهي تقص علينا الحكايات وتحذرنا من الغول الرابض أمام الباب … تلك الذكريات ستبقى حية بفضل إيدير رحمه الله”.
لكل مجتمع ثقافته وأساطيره الخاصة، والتراث القبائلي الأمازيغي يزخر بالعديد من القصص الخرافية، التي تحولت مع مرور الزمن إلى أغان تجذب الآلاف.
وتعد أسطورة روفا والوحش (التي استلهمت منها أغنية بابا إينوفا) من أكثر الأساطير شهرة في الموروث الشعبي الأمازيغي.
بمجرد ذكرها، ترتعد فرائص الأطفال الصغار، لينطلقوا مباشرة في الهرب.
تتحدث الأسطورة عن فتاة صغيرة تكافح من أجل لقمة تسد بها جوع إخوتها ووالدها العجوز، رغم خوفها من وحش غابة.
وفي يوم من الأيام عادت روفا إلى المنزل، لكن والدها رفض إدخالها خوفا من أن تكون وحش الغابة.
وتتوالى الأحداث لتنتهي بتمكن الوحش من التهام الأب، بينما تمكن روفا وأخواتها من الهرب.
تتشابه تفاصيل هذه الحكاية مع قصة ليلى والذئب إذ تشتركان في نفس الخط الدرامي فيما تختلف نهايتيهما.
ولئن اختلف الناس حول أهمية إعادة وإحياء تلك الأساطير، إلا أنها تبقى جزءا هاما من تراث الشعوب ومرآة لتاريخهم وأفكارهم.
[ad_2]
Source link