فيروس كورونا: مصريون يروون قصصهم بين الغُربة والإغلاق
[ad_1]
كان أسامة، وهو شاب مصري يعمل في السعودية، قد حجز تذكرة طيران للعودة إلى بلده وقضاء إجازته السنوية مع أسرته، وذلك على متن رحلة جوية كانت مقررة يوم 16 مارس/ آذار الماضي.
لكن فجأة ألغيت الرحلة، بسبب قرار السطات السعودية تعليق حركة الطيران في 15 مارس/ آذار، وذلك ضمن إجراءات إغلاق أخرى بهدف كبح انتشار فيروس كورونا.
كان موعد عودة الشاب، الذي يعمل سائقا لحافلة تقل تلاميذ المدارس، إلى مصر مبكرا مقارنة بكل عام، وذلك لأن السلطات السعودية قرت إغلاق المدارس والجامعات في التاسع من مارس/ آذار.
وبعد إلغاء رحلته وجد أسامة، بالبحث مع صديقه الذي كان سيرافقه في الرحلة المفترضة، رحلة استثنائية يوم 18 من مارس/ آذار، لكن بسعر مضاعف.
لم تكن مصر قد علقت حركة الطيران بعد، إذ عُلقت في 19 مارس/ آذار.
ويقول أسامة: “بينما كنت قد دفعت في التذكرة الأولى مبلغ 400 ريال سعودي، كان علي أن أدفع مبلغ 2200 ريال مقابل الحصول على التذكرة الجديدة”.
ويبلغ سعر صرف الريال نحو 4.11 جنيه مصري.
ويضيف الشاب: “لم أقبل هذا الثمن الباهظ بالنسبة لي، بينما اضطر صديقي لذلك، وغادر بالفعل. للأسف لقد كانت تلك آخر رحلة تغادر من الرياض إلى القاهرة. لم أكن أعلم الغيب”.
الآن، يسعى أسامة للعودة إلى مصر ضمن مبادرة “عودة”، التي أطلقتها السطات السعودية بالتعاون مع دول أخرى من بينها مصر، لإعادة المقيمين بالمملكة إلى بلادهم.
وتشمل المبادرة إعادة العمالة الوافدة بالمملكة، الذين كانوا قد حصلوا بالفعل على تأشيرات بالمغادرة قبل فرض إجراءات الإغلاق، إلى بلدانهم.
أما أولئك الذين لم يحصلوا على تأشيرات بالمغادرة، فلم ينظر في أمرهم بعد.
وبالفعل تقدم أسامة بطلب عبر الرابط الإلكتروني للمبادرة، لكنه تلقى صدمة أخرى.
يقول: “ردت علي القنصلية المصرية بالرياض باتصال هاتفي، وأخبرتني بأن علي أن أدفع مبلغ 23 ألف جنيه مصري أو ما يعادل ذلك، حتى أعود إلى بلدي”.
ويضيف: “وقد أبلغوني بأن ذلك المبلغ يتضمن ثمن تذكرة الطيران، وتكلفة الإقامة بالحجر الصحي لمدة 14 يوما”.
لكن أسامة واجه نفس المشكلة مجددا، وهي كيف يأتي بهذا المبلغ الضخم؟
ولا يزال الشاب المصري في العاصمة السعودية الرياض ما بين غربته عن وطنه وأسرته، وبين إجراءات الإغلاق التي قضت تماما على مصدر رزقه.
ويقول: “أعمل بالسعودية منذ 15 عاما. لم أشعر بمرارة الغربة مثلما شعرت هذه الأيام”.
ولمواجهة وباء كورونا، فرضت السلطات السعودية إغلاقا وحظرا جزئيا للتجول في كافة أنحاء المملكة، ثم أصبح إغلاقا وحظر تاما للتجول على مدار أربع وعشرين ساعة في العاصمة الرياض ومدن أخرى لأسابيع، قبل أن يتم تخفيفه ليعود جزئيا يوم الأحد الماضي.
وفرضت العديد من دول العالم إجراءات مماثلة لاحتواء الوباء.
وتنفذ الحكومة المصرية بالفعل مبادرة لإعادة العالقين المصريين بالخارج، ويشمل العالقون فئات محدودة منهم الطلاب الذين يدرسون بالخارج، والأشخاص الذين كانوا في مهمات عمل قصيرة أو زيارات سياحية أو رحلات علاج وخلافه.
لكن عدد هؤلاء ضئيل للغاية، إذا يبلغ 3378 شخصا حسب أرقام وزارة الهجرة المصرية، ومن ثم لا يقارن بملايين المغتربين المصريين بالخارج، الذين يحملون إقامات وتصاريح بالعمل، ويرغبون بالعودة في ظل حالة الإغلاق التي يعاني منها العالم.
ضوابط العودة
ومن أبرز قواعد عودة العالقين، التي أعلنتها الحكومة المصرية، تحمل العائدين نفقات رحلة الطيران وإجراءات الحجر الصحى الإلزامى لمدة 14 يوما، فى أحد فنادق مدينة مرسى علم على ساحل البحر الأحمر، بواقع 750 جنيها للفرد يوميا فى غرفة الإقامة المزدوجة، أو 1500 جنيه فى غرفة الإقامة الفردية.
ومع عودة الأفواج الأولى من العالقين، اعترض بعضهم على تلك القواعد، وثار جدل كبير على مواقع التواصل بشأنها، فقررت الحكومة الإعلان على لسان وزير الإعلام، أسامة هيكل، في الأول من أبريل/ نيسان بأن صندوق تحيا مصر – وهو صندق مالي أسس “لتنفيذ مشروعات قومية تنموية” – سوف يتحمل نفقة الحجر الصحي بالفنادق لمن عادوا بالفعل حتى ذلك الحين، لأنهم لم يكونوا يعلمون بتلك القواعد، أما من سيعودون لاحقا عليهم أن يتحملوا نفقاتهم.
وبالعودة إلى الرد الذي تلقاه الشاب أسامة من قنصلية بلاده في الرياض، يبدو أن تلك القواعد ستنطبق على كل المغتربين الراغبين في العودة.
ويقول محمود، الذي يعمل مندوبا للمبيعات بالعاصمة السعودية الرياض: “اعتدت منذ سنوات على قضاء إجازتي خلال فصل الصيف مع أسرتي في مصر، حيث يتزامن ذلك عادة مع انتهاء موسم المدارس ومن ثم اجتماع شمل الأسرة، ناهيك عن تزامنه مع عيدي الفطر والأضحى خلال السنوات الأخيرة”.
ويضيف: “ربما يمكنني تدبير المبلغ المطلوب، لكني في حيرة من أمري، لو كان الأمر مقتصرا على دفع هذا المبلغ الضخم فقط، أو البقاء في الحجر الصحي فقط، ربما هان الأمر، ولكن اجتماع هذه التكلفة مع البقاء في الحجر لهذه المدة الطويلة يجعلني مترددا كثيرا”.
وبلغ عدد المصريين المغتربين بالخارج نحو 9.5 مليون شخص، في نهاية عام 2016، ويعيش نحو 66 في المئة منهم في دول عربية، وتستحوذ السعودية على النصيب الأكبر منهم بنحو 2.9 مليون شخص، وذلك وفقا لأرقام جهاز التعبئة العامة والإحصاء المصري.
عقوبات صارمة
كان الشاب محروس المقيم في الرياض قد مل من الجلوس في مسكنه، جراء حظر التجوال الكامل، فنزل ليجري اتصالا هاتفيا بأهله أمام المنزل كما يقول، ولكي لا يزعج رفقائه في السكن، الذي يقع بأحد الشوارع الجانبية في مدينة الرياض، لكن حدث ما لا يحمد عقباه.
لقد صادفه رجل شرطة فحرر له مخالفة لانتهاكه حظر التجوال الكلي، بقيمة عشرة آلاف ريال سعودي.
ويقول محروس: “يساوي مبلغ الغرامة قيمة راتبي طيلة أربعة أشهر، حيث أتقاضى 2500 ريال شهريا. لم أتوقع أن تحرر لي مخالفة وأنا أمام منزلي”.
وتفرض السلطات السعودية عقوبات صارمة، على من ينتهك حظر التجوال.
وأعلنت وزارة الداخلية السعودية أن من يخالف قرار حظر التجوال سيغرم بـ10 آلاف ريال سعودي، وتتضاعف هذه الغرامة مع التكرار لعشرين ألفا، وفي حال تكرار المخالفة للمرة الثالثة يعاقب بالسجن، مدة لا تزيد عن 20 يوما.
أما عثمان، الذي يعمل معلما في البحرين، فيتساءل عن سبب تحديد فنادق للحجر الصحي، ولماذا لا يتم الحجر في المدن الجامعية، أو بعض المدارس، أو بيوت ومراكز الشباب؟
ويقول: “أعمل هنا برفقة أسرتي التي تضم زوجتي وطفلين، إذن سيكلفني الحجر الصحي لأربعة أفراد نحو 42 ألف جنيه مصري، هذا على اعتبار أننا سنقيم في غرف مزدوجة وليست فردية”.
ويضيف: “اليوم بحثت على مواقع شركات الطيران، فوجدت ثمن التذكرة الواحدة في رحلات الترانزيت (التي تشمل محطة توقف) 230 دينارا بحرينيا، إذن سأدفع نحو 920 دينارا، أي ما يقرب من 38 ألف جنيه مصري”.
ويبلغ سعر صرف الدينار البحريني نحو 40.93 جنيه مصري.
ويتابع: “إذن هل علي أن أدفع نحو 80 ألف جنيه، من أجل أن أعود وأسرتي إلى بلدي؟ هل هذا يعقل؟”
“في السكن الجامعي”
عمرو أحد العالقين المصريين وهو طالب يدرس الطب في العاصمة الروسية موسكو، ويفترض أن يعود إلى القاهرة في رحلة شركة مصر للطير ان، في وقت لاحق اليوم الجمعة (الأول من مايو/ أيار).
ويقول: “لقد دفع كل منا أنا وزملائي مبلغ 750 دولارا ثمن تذكرة الطيران، فضلا عن ما يعادل عشرة آلاف و500 جنيه مصري تكلفة الحجر الصحي، وذلك مسبقا قبل الرحلة”.
ولقد خير هؤلاء الطلاب بين دفع هذا المبلغ لمكتب مصر للطيران في موسكو، وبين أن يدفع أهلهم في مصر ما يعادله، وتحديدا 22 ألفا و700 جنيه مصري، لمكتب الشركة بمطار القاهرة، وذلك وفقا لعمرو.
أما مروة، فهي طالبة مصرية بالسنة الثانية بكلية طب الأسنان بجامعة بيرم في روسيا، لكنها قررت البقاء هناك بسبب “التكلفة الباهظة لرحلة العودة”.
وتقول: “نحن محبوسون فعليا في السكن الجامعي، وبينما يبلغ عددنا هنا نحو 500 مصري، لا يسمح بالخروج إلا لنحو 5 أشخاص منا، لمدة ساعتين يوميا لشراء المتطلبات الضرورية للجميع، ناهيك عن صعوبة شديدة في تلقي الأموال من أهلنا في مصر، لأن البنوك هنا في روسيا في حالة إغلاق شبه كامل، ولا تعمل سوى يومين في الأسبوع”.
تنويه: تم تغيير بعض الأسماء الواردة في التقرير بناء على طلب أصحابها.
[ad_2]
Source link