مانشستر سيتي: القصة الغريبة لاعتلاء النادي الإنجليزي عرش أوروبا قبل 50 عاما
[ad_1]
بحسب الموروث الشائع، شملت احتفالات نادي مانشستر سيتي بأول – وحتى الآن آخر – انتصار له في أوروبا قبل 50 عاما بالضبط قيام مهاجمه فرانسيس لي بالرقص فوق بيانو، مرتديا ملابسه الداخلية فقط.
بعد التحدث مع لي، تبين أن هذه القصة بالذات تحمل قدرا من الحقيقة، ولكن العديد من العناصر الغريبة، التي كانت حقائق خالصة، لعبت دورا في هذا النجاح الذي حققه سيتي في المباراة النهائية من بطولة كأس الكؤوس الأوروبية في 1970.
من هذه العناصر أن تلك المباراة منحت المعلق الساحر باري ديفيز الفرصة التي كان يتوق لها للتقدم في بي بي سي، وأن زخة مطر في فيينا منعت زوجات اللاعبين وصديقاتهم من المشاركة في حفل الانتصار ولكنها لم تمنع اللاعبين أنفسهم من الاحتفال. وبالإضافة إلى هذا، السبب الذي دفع فريق الزُرق المنتصر لتهديد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بمقاطعة المباريات الأوروبية لاحقا.
ولكن الأمر الذي لا يختلف عليه إثنان هو أن النادي الذي درج مشجعو النوادي الإنجليزية الأخرى على وصفه بأنه “يفتقر إلى أي تاريخ”، ناهيك عن أي سجل للنجاحات في البطولات الأوروبية، سبق عددا من عمالقة بطولة دوري أبطال أوروبا الحاليين، وذلك في ما يتعلق بالريادة في النجاح خارج الأرض.
بالفوز 2-1 على نادي غورنيك زابجه البولندي في النمسا، ضم سيتي بطولة قارية إلى بطولاته المحلية، وذلك قبل أن تتمكن نواد أخرى من تحقيق هذا الإنجاز، مثل ليفربول (الذي فاز بكأس الاتحاد الأوروبي في عام 1973) ويوفنتوس (كأس الاتحاد الأوروبي 1977).
وحتى نادي برشلونة العظيم (الذي فاز ببطولة كأس الكؤوس عام 1979) كان عليه الانتظار 9 سنوات قبل أن يتمكن من الفوز ببطولة يعترف بها الاتحاد الأوروبي ويضيفها إلى سلسلة انتصاراته في بطولة كأس المعارض الأوروبية – وهي البطولة التي تطورت لتصبح بطولة كأس الاتحاد الأوروبي لاحقا. ولكن تلك البطولة كانت مسابقة مستقلة تنضم إليها النوادي بالدعوة، وهي بطولة هيمن عليها برشلونه لعدة سنوات في الخمسينيات والستينيات.
رباعية فراني
عرف فريق سيتي الحالي، الذي يديره بيب غوارديولا، ببراعته في حصد البطولات، إذ فاز بثماني بطولات في المواسم الثلاثة الماضية فقط، ولكن في أيام فرانسيس لي كان للفريق شهية كبيرة للفوز بالبطولات أيضا.
وتحت قيادة المدير الفني جو ميرسر، المعروف بدماثة أخلاقه، ومساعده المبدع مالكولم أليسون، تمكن فريق إنجليزي بالكامل يتبع أسلوبا هجوميا مثيرا من الفوز بكل بطولة محلية في سنتين، ولم يكن في نيته التخلي عن هذا المسعى بتاتا.
قال فرانسيس لي “أثناء حملة 1969-1970 الأوروبية كنت أحدث اللاعبين عن “رباعية فراني”، إذ كان موقفي يتلخص في أنه ينبغي علينا محاولة الفوز بكل المسابقات التي نشارك بها”.
وقال “كنا متجهين إلى لندن بالقطار لخوض مباراة من مباريات الدوري بعد إنطلاق الموسم بقليل… عندما صاح غلين باردو: أنظروا، هذا ملعب ويمبلي!”.
قلت له “يجب أن تتعود على رؤية هذا المنظر، لأن هذا هو الملعب الذي سنحقق على أرضه الفوز بالرباعية هذه السنة”.
كان لي مُحقّا بنسبة 50 في المئة، فقد كان يتوق إلى الفوز بالرباعية، ولكن كان عليه الاكتفاء بثنائية عوضا عن ذلك.
فبينما خسر سيتي أمام خصمه اللدود مانشستر يونايتد في الجولة الرابعة من بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي وتدهور ترتيبه في الدوري، تمكن مع ذلك من الوصول إلى ملعب ويمبلي في مارس/ آذار حيث فاز على نادي ويست بروميتش في المباراة النهائية لبطولة كأس الدوري (كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة حاليا).
ولكن لم يتسن للعديد من المشجعين أن يشهدوا فوز سيتي بكأس الكؤوس الأوروبية بعد ذلك بأسابيع قليلة.
النهائي المنسي الذي لم تشاهده الملايين
في الأمسية ذاتها التي واجه فيها سيتي غورنيك البولندي، كان تلفزيونا بي بي سي وآي تي في البريطانيان ينقلان المباراة النهائية لبطولة كأس الاتحاد الإنجليزي بين تشيلسي وليدز. تابع تلك المباراة نحو 28,5 مليون مشاهد، وتعد إلى الآن خامس أكثر البرامج متابعة في تاريخ التلفزيون البريطاني بعد نهائي كأس العالم 1966 وتشييع جنازة الأميرة ديانا ووثائقي عن الأسرة المالكة وهبوط أبولو 13.
لم تكن في البلاد آنذاك إلا 3 قنوات تلفزيونية – بي بي سي الأولى والثانية والقناة المستقلة آي تي في – ولذا كان على سيتي أن يكتفي بعرض الملامح المهمة من المباراة في برنامج بُث في وقت متأخر ذلك المساء. وأرسل باري ديفيز إلى فيينا للتعليق على المباراة.
وقال ديفيز لبي بي سي الرياضية “كنت أحاول هذا الأسبوع تفهم سبب إرسالي للتعليق على تلك المباراة. فقد كنت قد التحقت ببي بي سي في شهر سبتمبر السابق فقط، وفي الظروف العادية لم أكن لأحصل على فرصة التعليق على نهائي أوروبي”.
“كانت بطولة كأس الكؤوس أمرا مهما في تلك الأيام، ورغم أنها كانت أقل أهمية من الكأس الأوروبية بالطبع، إلا أنها كانت مع ذلك تعد بطولة مهمة للغاية. ما زلت مستغربا لإجراء المباراة النهائية في الأمسية نفسها التي أجريت المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي”.
بالإضافة إلى ديفيز، شد الرحال إلى فيينا 4 آلاف من أنصار سيتي على الأقل.
كان ذلك أكبر عدد من مشجعي أي ناد إنجليزي يتجشمون عناء السفر لحضور مباراة في الخارج، ولكن حجم الجمهور الكلي الذي حضر المباراة التي جرت على أرض ملعب براتر (الذي يسع 90 ألف مشاهد) كان مخيبا للآمال.
فقد كانت بولندا من دول المنظومة الاشتراكية آنذاك، ولذا لم تمنح إلا حفنة من أنصار نادي غورنيك تأشيرات تسمح لهم بحضور المباراة، كما زادت الظروف الجوية السيئة الطين بلة، حيث لم يحضر إلا المشجعون المحايدون الذين يتمتعون بقدرة على الاحتمال.
وأضاف ديفيز “الأمر الذي لابد أن يتذكره كل من حضر المباراة في تلك الأمسية كان الأحوال السيئة التي لُعبت فيها”.
“فقد هطل المطر بغزارة طيلة المباراة ولم يتوقف أبدا، كما كان الملعب يفتقر إلى أي سقوف تقي الجمهور من المطر. وفي حقيقة الأمر، كان المكان الوحيد ذو السقف هو غرفة المعلقين التي كنت فيها”.
“أتذكر جيدا أن حجم الجمهور كان صغيرا، وقد ابتلوا جميعا بمجرد بدء هطول المطر. نصفهم تقريبا كانوا من أنصار سيتي، ورغم الطقس كانت معنوياتهم عالية وسلوكهم جيد”.
“وبالطبع كانت لسيتي تشكيلة ممتازة، وكنت أعرف الكثير منهم من الفترة التي قضيتها في تلفزيون غرانادا (فرع للتلفزيون المستقل كان يبث في شمال غربي إنجلترا) في عام 1968 عندما فاز سيتي ببطولة الدوري”.
“كان مايك سامربي، الذي لم يتمكن من المشاركة في المباراة النهائية لإصابته، لاعبا رائعا، وكان كولين بيل نجما حقيقيا، كما كنت من كبار أنصار فراني”.
“النتيجة لم تعكس هيمنة سيتي”
سجّل لي ستة أهداف لصالح سيتي في أوروبا ذلك الموسم، وذلك من مجموع 22 هدفا سجلها في 54 مباراة في كافة المسابقات. وقاد خط هجوم المنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس العالم التي أجريت في المكسيك في صيف تلك السنة.
وكان لي نجم المباراة في فيينا، بدعم قوي من الجناح الأيسر نيل يونغ.
سجّل يونغ هدف سيتي الأول في الدقيقة 12 من كرة مرتدة، وذلك بعد أن صدّ حارس مرمى النادي البولندي هيوبرت كوستكا تسديدة من لي.
ثم عزز لي تقدم سيتي، حيث سجل الهدف الثاني من ضربة جزاء قبل انتهاء الشوط الأول بقليل، وذلك بعد أن أسقط كوستكا يونغ أرضا داخل منطقة الجزاء.
وقال لي “كان أداء نيل متميزا في تلك الأمسية، وكان الخطأ الذي ارتكبه حارس المرمى بحقه كافيا لطرده مرتين هذه الأيام”.
وتمكن غورنيك من تسجيل هدف واحد في الشوط الثاني، لكن سيتي تمكن من المحافظة على تقدمه والفوز بسهولة.
وقال لي “كنا واثقين من أنفسنا، فقد كنا فريقا جيدا وكنا نؤمن دائما بأننا سنفوز. كان المطر يهطل بغزارة، وتشبعت أرضية الملعب بالمياه، ولكننا تجاوزنا ذلك وخلقنا العديد من الفرص”.
“كان اللاعب الذي يتتبعني يدعى يرجي غورغون، وكان ضخما، ولكني تمكنت من الإفلات منه”.
“كانت النتيجة 2-0 لصالحنا عند نهاية الشوط الأول، ولكن كان بمقدورنا أن نسجل هدفا آخر أو هدفين. سجلوا هدفا جيدا في الشوط الثاني، ولكن النتيجة النهائية لم تعكس حقيقة المباراة”.
الاحتفالات التي لم تنته
كانت تلك ليلة لا يمكن أن تنسى بالنسبة للاعبي سيتي، ولكن ليس لزوجاتهم وصديقاتهم.
قال ديفيز “أتذكر أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أقام وليمة عقب المباراة للفريق والمسؤولين، وكانت زوجات اللاعبين هناك أيضا”.
“كان الطقس نهار ذلك اليوم لطيفا، ولذا استعددن قبل انطلاق المباراة، ولكن، أسوة بكل الحاضرين، لم يجدن مكانا في الملعب يحميهن من المطر”.
“وبنهاية المباراة كنّ في وضع رث للغاية، وشعرت بالأسى لهن عندما رأيتهن”.
ولكن ذلك لم يؤثر طويلا على احتفالات سيتي.
ويضيف لي، الذي كان يحتفل بعيد ميلاده الـ 25 ذلك اليوم، قائلا “كان الوقت متأخرا جدا عندما عدنا إلى الفندق لأن الاتحاد الأوروبي نظم الكثير من الفعاليات، كما كانت زوجاتنا معنا، وهو ما أبطأ الأمور بعض الشيء”.
“كانت شعورهن غير مصففة ورثّة بعد العشاء، ولم يشأن الخروج، ولذا خرجنا نحن الرجال بمفردنا”.
“كنت أحتفل بعيد ميلادي في تلك الليلة أيضا، ولذا كان لدي الكثير لأحتفل به. وعندما عدنا إلى مانشستر في الساعة الرابعة من عصر اليوم التالي، خرجنا لتناول الطعام مرة أخرى هناك. وتوالت الاحتفالات الواحد تلو الآخر”.
“ولم أعد إلى المنزل إلا في يوم الجمعة – أي بعد يومين من عودتنا إلى مانشستر – ولم أكن قد نمت منذ قبل المباراة”.
ولكن ماذا عن رقص لي فوق البيانو، وهي القصة التي كان يستلذ أليسون بروايتها؟
“نعم، اعتليت البيانو عندما كان كبير مستكشفينا هاري غودوين يعزف عليه. ولكن كنت جالسا وليس واقفا، وكنت أغني ولم أرقص أبدا. وكنت مرتديا ملابسي بالتأكيد، فإني لست من النوع الذي يتجول بدون سروال”.
“خطّ إسمنا عليه ولن يتمكن التاريخ من محوه أبدا”
من الواضح أن نائب رئيس مجلس إدارة سيتي آنذاك، فرانك جونسون، لم يستمتع بوقته في فيينا كما فعل لي ورفاقه.
فقد هدد جونسون بسحب النادي من المسابقات الأوروبية في الموسم التالي بسبب اختيار الاتحاد الأوروبي العاصمة النمساوية لإجراء المباراة النهائية، واشتكى أنهم خسروا الكثير من الأموال لقلة عدد المشاهدين.
ولكن لي، الذي كان عضوا في مجلس إدارة النادي قبل أن يصبح رئيسا للمجلس بين عامي 1994 و1998، قال إن “ذلك كان موقفا نمطيا لرؤية المدراء من كبيري السن”.
“لا أعتقد أن المهم هو ربح المال أو خسارته. الأمر المهم هو أننا فزنا بالبطولة، وهي بطولة مهمة في أوروبا آنذاك وعززت سمعة النادي”.
بطولة كأس الكؤوس لم تعد موجودة، ولكنها أجريت لـ 39 موسما قبل أن تدمج مع كأس الاتحاد الأوروبي – المعروف الآن بالدوري الأوروبي – في عام 1999.
تمكن سيتي من الوصول إلى الدور قبل النهائي في سعيه للاحتفاظ باللقب في موسم 1970-1971، ولكنه خسر أمام تشيلسي الذي مضى للفوز بالكأس.
ومنذ ذلك الحين، لم يتمكن سيتي من تخطي الدور قبل النهائي في أي بطولة أوروبية، حيث تمكن من الوصول إلى هذا الدور من بطولة دوري أبطال أوروبا في عام 2016. وليس من المؤكد الآن إن كان بإمكانه التقدم أكثر من ذلك.
وكان سيتي قد فاز على ريال مدريد 2-1 على أرض ملعب البيرنابو في مباراة الذهاب ضمن دور الـ 16 للبطولة هذا الموسم، قبل أن تعلق كافة المباريات بسبب انتشار وباء كورونا، ولكن الاتحاد الأوروبي منع النادي من المشاركة في كافة المسابقات الأوروبية، وما زال سيتي ينتظر نتيجة الاستئناف الذي تقدم به ضد هذا القرار.
ويقول لي إن “تحقيق النجاح على المسرح الأوروبي مهم لما يحاول سيتي تحقيقه الآن، ولكن الأمر كان مماثلا لنا أيضا”.
“أنا فخور بما أنجزناه والطريقة التي أنجزناها بها. إسمنا موجود على الكأس ولن يستطيع التاريخ محوه أبدا”.
[ad_2]
Source link