فيروس كورونا: لماذا ترتفع معدلات الإصابة بين بعض الجماعات العرقية؟
[ad_1]
رغم أن فيروس كورونا لا يعرف الحدود، إلا أن بعض الفئات كانت أكثر عرضة للإصابة بالفيروس من غيرها، ولا سيما الأقليات العرقية والإثنية.
إذ أشارت إحصاءات في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة، إلى أن 72 في المئة من ضحايا فيروس كورونا المستجد حتى مطلع أبريل/نيسان كانوا من ذوي البشرة السمراء، رغم أنهم لا يمثلون إلا ثلث سكان المدينة.
وفي ولاية جورجيا، شكل ذوو البشرة البيضاء 40 في المئة من المصابين، رغم أنهم يمثلون 58 في المئة من سكان الولاية. وفي المملكة المتحدة، كان 35 في المئة من حالات الإصابات الأولى بفيروس كورونا المستجد ينحدرون من أقليات عرقية، مع أن الأقليات العرقية لا تمثل إلا 14 في المئة فقط من سكان إنجلترا وويلز.
غير أن هذا التأثير غير المتناسب للجائحة لم يكن إلا مثالا على انعكاسات انعدام المساواة والتمييز العنصري على الصحة.
ولا تزال فرص الأشخاص الذين ينحدرون من أقليات عرقية في الكثير من البلدان ذات الأغلبية من ذوي البشرة البيضاء، أقل من فرص نظرائهم في الحصول على الموارد، سواء الوظائف ذات الدخل المرتفع أو الغذاء الذي يكفيهم. وينعكس عادة تدني المستوى الاقتصادي على الحالة الصحية.
إذ أشارت إحصاءات في جنوب أفريقيا إلى أن 91.1 في المئة من الأسر المعرضة للجوع يرأسها شخص ذو بشرة سمراء. وأشارت إحصاءات في كندا إلى أن 48 في المئة من السكان الأصليين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أي ليس لديهم من المال ما يؤمن لهم الحصول على الغذاء الكافي بانتظام.
وأشارت إحصاءات وزارة الزراعة الأمريكية في عام 2018 إلى أن أسرة من كل خمس أسر من ذوي البشرة السمراء تعاني من انعدام الأمن الغذائي.
ويؤدي نقص التغذية إلى ارتفاع مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. وبحسب وزارة الصحة والخدمات البشرية الأمريكية، فإن الأمريكيين من أصول أفريقية أكثر عرضة للإصابة بداء السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، مقارنة بذوي البشرة البيضاء. وهذه الأمراض تضعف الرئتين وجهاز المناعة، وكشفت تقارير أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات فيروس كورونا المستجد.
وتنبأ عمران فالوديا، الخبير الاقتصادي التنموي بجامعة ويتووترساند بجنوب أفريقيا، بأن تفقد الأسر الأكثر فقرا 45 في المئة من دخولها جراء الحجر الصحي، وسيكون الأكثر تضررا العمال غير النظاميين الذين ليس لديهم شبكة أمان تحسبا للأزمات.
غير أن التفاوت الاقتصادي ليس التحدي الوحيد الذي يواجهه الآسيويون وذوو البشرة السمراء وغيرهم من الأقليات العرقية، بل إنهم أكثر تضررا أيضا من التلوث البيئي بسبب تدني المستوى المعيشي.
إذ تعيش أعداد كبيرة من الأسر المنتمية للأقليات العرقية بالقرب من محارق النفايات ومكبات النفايات في أمريكا الشمالية وأوروبا، وتقع المدارس التي ينحدر غالبية طلابها من أقليات عرقية بالقرب من الطرق السريعة والمناطق الصناعية.
ومن المعروف أن السكن بالقرب من مصادر التلوث البيئي يزيد مخاطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، مثل الربو وفيروس كورونا المستجد.
وثمة تفاوت أيضا في مستوى الرعاية الصحية، إذ أن فرص السكان الأصليين وذوي الأصول اللاتينية في الولايات المتحدة في الحصول على تأمين صحي أقل من فرص نظرائهم من ذوي البشرة البيضاء والآسيويين.
وأشارت استطلاعات للرأي في الولايات المتحدة إلى أن أعضاء الفرق الطبية أقل حرصا على التواصل مع المرضى الذين ينتمون لأقليات عرقية. والأدهى من ذلك، أن دراسة أجريت في عام 2016 أثبتت أن معظم الطلاب بكليات الطب، يعتقدون أن المرضى ذوي البشرة السمراء أقل شعورا بالألم من نظرائهم ذوي البشرة البيضاء.
أضف إلى ذلك أن الأشخاص المنتمين لأقليات عرقية، أكثر تعرضا للضغوط النفسية بسبب التمييز العنصري وحرمانهم من الكثير من الفرص، وهذا يؤثر على حالتهم الصحية نتيجة إفراز كميات كبيرة من الهرمونات المرتبطة بالضغوط النفسية.
وأشارت دراسات إلى أن التعرض المتكرر للضغوط النفسية يؤدي إلى تردي الحالة الصحية وزيادة معدل الوفيات بين الأمريكيين من أصول أفريقية من أصحاب الدخل المنخفض. ولا شك أن الأطباء الذين ينتمون لأقليات عرقية ليسوا بمنأى عن هذه الآثار.
وتضطلع نسبة كبيرة من الأشخاص المنتمين لأقليات عرقية بمهن تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى. إذ ينحدر 26.4 في المئة من العاملين في هيئة النقل بلندن من أقليات عرقية. وقد يضطر الأشخاص المنتمين لأقليات عرقية لمزاولة مهن خطيرة مؤقتة أو مستقلة، مثل توصيل الطعام، لأنهم بحسب الإحصائيات، أكثر عرضة للبطالة.
ويعمل الكثير من المهاجرين غير الشرعيين من أمريكا اللاتينية في المزارع الأمريكية، حيث لا توجد رقابة على ظروف العمل الآمنة. وترتفع معدلات الإصابة بمرض السكري بين المزارعين في الولايات المتحدة، ويتعرض الكثير منهم للمبيدات الحشرية، وهذا يضعف أجهزتهم المناعية، ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية.
ويلفت وائل الأمين، أخصائي الأحياء الدقيقة بمستشفى كينغز كوليدج بدبي، إلى أن العمال المهاجرين يعيشون في وحدات سكنية مكتظة في الكثير من بلدان الشرق الأوسط.
وقد لا يلجأ المهاجرون غير الشرعيين لمراكز الرعاية الصحية الرسمية خشية الإبلاغ عنهم.
وتنزع المجتمعات العرقية منخفضة الدخل حول العالم، مثل السكان الأصليين أو عائلات الروهينغا، إلى العيش في مساكن مكتظة، وهذا يهيئ الفرص لتفشي الأوبئة.
وفي استطلاع للرأي أجري في خمس مناطق عشوائية في نيروبي، على سبيل المثال، ذكر 85 في المئة من المشاركين أنهم ليس لديهم غرفة في منازلهم لعزل المريض، وذكر 82 في المئة أنهم لا يملكون ترف البقاء في المنزل 14 يوما.
وفي استطلاع آخر للرأي في المملكة المتحدة، ذكر 26 في المئة من الأسر البريطانية ذات الأصول البنغالية و21 في المئة من الأسر ذات الأصول الأفريقية، أن عدد الأفراد في المنزل يفوق عدد الغرف. فضلا عن أن نسبة كبيرة من العائلات البريطانية من ذوي الأصول البنغالية والهندية والصينية يعيشون جميعا، أجدادا وأحفادا،تحت سقف واحد.
وتساهم ظروف السكن المحفوفة بالمخاطر في نشر الأوبئة. وتشير إحصاءات الحكومة البريطانية إلى أن 31 في المئة على الأقل من الأسر المشردة التي تتضمن أطفالا، تنتمي إلى أقليات عرقية.
وتستهدف مدينة غوانزو الصينية النيجيريين بالطرد من المنازل. علاوة على أن نسبة النساء ذوات البشرة السمراء اللائي يستأجرن منازلهن- ويُطردن منها- في مدينة ميلواكي الأمريكية أعلى من نسبة أقرانهن من ذوات البشرة البيضاء.
وفي أعقاب أزمة كورونا، طفت إلى السطح معلومات مغلوطة وتحيزات ضد طوائف بعينها. إذ ساهمت الأزمة في تعميق الخوف من المسلمين في الهند، بعد انتشار شائعات على مواقع التواصل الاجتماعي تدّعي أن المسلمين يسعلون ويعطسون عمدا في وجه الآخرين لنشر العدوى فيما سمي بجهاد الكورونا.
وانتشرت شائعات في الولايات المتحدة تزعم أن ذوي البشرة السمراء محصنون ضد الإصابة بالعدوى. وذكر بعض الرجال من ذوي البشر السمراء في الولايات المتحدة أنهم لا يرتدون الكمامات في الشوارع، خشية أن يظن الناس أنهم مجرمون أو خطيرون.
ودُشن موقع لإيقاف كراهية الآسيويين وسكان جزر المحيط الهادئ في الولايات المتحدة، من خلال جمع البلاغات عن حالات التعرض للاعتداءات والإيذاء البدني، وكان أغلب الضحايا من النساء.
ويقول سلمان وقار، الطبيب المحاضر بجامعة أكسفورد وأمين سر الجمعية الطبية الإسلامية البريطانية، إن معظم إرشادات الصحة العامة التي نشرت عن فيروس كورونا المستجد في البداية كانت باللغات المهيمنة، لكن كان من الضروري أن تدرك الهيئات الصحية من البداية أن هذه الرسائل قد لا تفهمها جميع فئات المجتمع التي لا تعرف هذه اللغات.
وتضرب إيلي كيمب، رئيسة فريق الاستجابة للأزمة التابع لجمعية مترجمين بلا حدود، مثالا على تأثير العوائق اللغوية بوباء إيبولا الذي ظهر في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2018، إذ كانت منشورات منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة تصدر إما باللغة الإنجليزية أو الفرنسية ثم تترجم إلى السواحيلية مع الحفاظ على بعض المصطلحات بلغاتها الأصلية.
لكن الكثيرين التبس عليهم الأمر، وفقدوا الثقة في المعلومات، ولم تفهم النساء الأقل تعليما لغة الأطباء وأعضاء فرق الرعاية الصحية. ولهذا امتنع الكثيرون عن الذهاب لمراكز الرعاية الصحية، وفي بعض الأحيان أدت صعوبة التواصل إلى الخطأ في تشخيص الحالات.
وتقول كيمب إن ثمة تلازم واضح بين قلة الوعي الصحي وبين الجهل باللغات العالمية.
ويقول الخبراء إن معالجة هذه الفوارق تقتضي اتخاذ خطوات عديدة، منها توفير معدات واقية للعاملين بالمهن الضرورية لتسيير الحياة، مثل عمال جمع القمامة، وتوسيع مظلة التأمين الصحي، وتوفير سكن آمن للمرضى، وزيادة الدعم المالي للأفراد والمؤسسات غير الربحية، وضمان وجود مرافق غسل اليدين في المناطق الفقيرة، مثل المناطق العشوائية ومخيمات اللاجئين.
ويُنصح بإعطاء فيتامين د للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، كما أن هناك حاجة ماسة لجمع أكبر قدر من البيانات الطبية بحسب الفئات السكانية.
وقد ساهم الوباء في تسليط الأضواء على أوجه انعدام المساواة في المجال الصحى، لكن هذه الفوارق لن تنتهي بانتهاء الأزمة. ولهذا يطالب الخبراء بضرورة مناقشة سياسات للحماية الاجتماعية ووضع نظام تأمين صحي شامل.
وينبغي إعداد دراسة عن التبعات الاقتصادية غير المتناسبة للجائحة على الأقليات العرقية. ويقول عالم الأحياء الدقيقة، وائل الأمين، إن الفقر الناتج عن الجائحة قد لا يقل ضررا عن الجائحة نفسها.
لكن البعض يأمل أن تؤدي الجائحة الحالية إلى الاهتمام بإصلاح النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أدت إلى تضرر بعض الفئات من المجتمع أكثر من غيرها، واتخاذ الخطوات للحد من آثار التمييز وانعدام المساواة على صحة الأقليات العرقية.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Future
[ad_2]
Source link