الشايع والهلال قرار التربية | جريدة الأنباء
[ad_1]
- تحصيل القسط الثالث من الرسوم الدراسية بناءً على ما يُسمى بالمنصة الإلكترونية «التعليم عن بُعد» يعد نوعاً من الإثراء بلا سبب.. وهذا التعليم لم توضع له آليات للتطبيق
- ليس منطقياً أن يحلّ ولي الأمر محلّ المعلم ويضطلع بدوره واختصاصه الوظيفي بتدريس وتعليم الأبناء والعديد من أولياء الأمور لا يتقنون مهارات التعليم والتدريس
يوسف غانم
قام المحاميان إبراهيم الشايع وطلال الهلال بإعداد دراسة قانونية في العديد من الوقفات المتعلقة بالتعليم عن بُعد وآثاره، خصوصا في هذه الفترة التي بدأ الحديث عنه يكثر والآراء تتباين بين مؤيد ومعارض، وكل من وجهة نظره واعتمادا على أسس يراها مناسبة.
وجاء في تلك الدراسة أنه عندما بدأ فيروس كورونا المستجد في الانتشار مطلع يناير 2020 وإعلان منظمة الصحة العالمية هذا الفيروس جائحة عالمية وبدأت الدول في اتخاذ التدابير والإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من سرعة انتشار هذا الفيروس، ومن أهمها منع الاختلاط والتباعد الاجتماعي ما كان يتطلب بالضرورة توقف العمل بالجهات والهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة وما استتبع ذلك من اتخاذ مجلس الوزراء قراره الحاسم بتعطيل الدراسة بجميع المدارس والمؤسسات التعليمية بداية من 28 فبراير حتى إشعار آخر، حرصا على سلامة جميع أعضاء المنظومة التعليمية سواء كانوا طلابا أو معلمين أو إداريين.
وإزاء تلك الأزمة الاستثنائية التي حلت بالعالم ودولتنا الحبيبة الكويت ومع تعالي أصوات السواد الأعظم من المجتمع، سواء النخب والقامات العلمية أو نواب مجلس الأمة وكذلك أولياء أمور وأناس عاديون آخرون متابعون، إلى ضرورة إنهاء العام الدراسي فورا وإعلان نجاح الطلبة جميعا لأن العدالة والمصلحة المجتمعية توجب ذلك، لاسيما مع انعدام الخبرات والمعرفة بأدوات التعليم الإلكتروني، وكذلك عدم وجود آليات واضحة لها في خضم التطبيق.
وفي المقابل وجدنا المدارس الأجنبية الخاصة ترفض تلك الأصوات المتجردة العقلانية وتسعى للظفر بالقسط الثالث من الرسوم الدراسية دونما أي اعتبارات أو اعتناء بمصلحة الطلبة، كما شاهدنا مع بدايات مارس 2020 نشر أوراق ومنشورات صدرت عن بعض المدارس الخاصة التي لم تصرح بأسمائها بالمنشورات وتغريدات أخرى لأصحاب بعض الحسابات على مواقع التواصل جميعها تلوح وتهدد بأن تلك المدارس لن توفي رواتب المعلمين ما دامت لم تحصل على القسط الثالث، بل انها قد روجت بأن أولياء الأمور يطالبون بتطبيق التعليم الإلكتروني عن بعد والتصوير للعامة بأن هذا النوع من التعليم قد بات مطلبا ونداء شعبيا!، ومع تزايد الضغوط أكثر فأكثر فوجئنا بصدور قرار وزارة التربية رقم 60/2020 بالاستجابة لطلب المدارس الخاصة بتطبيق التعليم الإلكتروني بالمدارس الأجنبية الخاصة فقط دون المدارس الحكومية التي عطلت الدراسة بها والكيل بمكيالين رغم أن قرار مجلس الوزراء المتخذ بجلسته المنعقدة في 1 أبريل 2020 لم يعن بالمدارس الخاصة فقط وإنما إتاحة الفرصة لجميع المدارس دون تفرقة.
وكأن الطلبة هنا غير هؤلاء وكأن المنصة الإلكترونية هنا واقع تاريخي اعتاد عليه الطلاب بالمدرسة الخاصة والمنصة الإلكترونية هناك بدعة مستحدثة لا تتناسب مع طلاب التعليم العام الحكومي.
الوقفة القانونية الأولى
حيث اتسم هذا القرار من ناحية بعدم المشروعية والإخلال بقواعد المساواة بين طلاب التعليم الخاص والتعليم الحكومي، ومن ناحية أخرى الإضرار بأولياء الأمور الذين بات عليهم سداد الرسوم جبرا، وفي المقابل لا توجد خدمة حقيقية تقدم لأبنائهم ولا مرافق تعليمية يتم تشغيلها أصلا بالمدارس فكان العبث بمبدأ التوازن الاقتصادي بين طرفي المنظومة التعليمية واضحا.
الوقفة القانونية الثانية
رغم أن هذا النوع من التعليم الإلكتروني لم تعرفه الكويت قط ولم توضع له ثمة آليات للتطبيق من قبل ولم تكن له ثمة تجارب عالمية تم حذوها، بل إن المدارس الخاصة التي وصفوها بـ «المودرن» لم تعرفه أصلا منذ أن نشأت في الكويت، بل إنها مازالت تعاني من تطبيقه الآن ويجد معلموها صعوبة كبيرة في موالاة الدراسة به وفي المقابل باتت معاناة أولياء الأمور أكبر لأنهم أصبحوا يقومون بدور المعلم ويدفعون أيضا الرسوم!
الأمر الذي بدا عليه قرار وزير التربية أنه قرار مبتسر صدر دون دراسة مستفيضة لأبعاده ولم تقدم الخطط والآليات الفعالة له وبالمخالفة لقرار مجلس الوزراء المتخذ بجلسته الاستثنائية المنعقدة بتاريخ 1/4/2020، وبالتالي فقد اتضح جليا أن المدارس الخاصة قد استصدرته لإضفاء نوع من الشرعية على السيناريو والهدف الأغلى لهم وهو تحصيل القسط الثالث من الرسوم الدراسية دون مبالاة أو اعتناء بثمة منفعة أو استفادة تعليمية للطلاب ودون الاعتناء أيضا بأولياء الأمور الذين يعانون في معظمهم من أزمات مالية كبيرة نتيجة هذا الوباء، حيث كان الشغل الشاغل هو الظفر بتلك الأموال تحت أي ظرف.
الوقفة القانونية الثالثة
هل الخدمة التي قدمت بما تمت تسميته بالتعليم عن بعد قد حققت الاستفادة المرجوة، وهل كان كافيا وكفيلا بتعويض فترة 4 أشهر من الدراسة الطبيعية؟، وهل استحقاق أصحاب المدارس الخاصة للقسط الثالث من الرسوم الدراسية في المقابل كان أمرا مشروعا أم لا؟
الإجابة تكمن في النقاط التالية:
1 – الملاحظ أن الساعات المخصصة للتعليم الإلكتروني لا تتجاوز 5 ساعات في الأسبوع أي بما يعادل تقريبا 20 ساعة طوال مدة الشهر المحدد له أي تم اختزال دراسة 4 شهور في شهر واحد بعدد 20 ساعة، وهو أمر غير منطقي، فضلا عن مخالفته القرار رقم 14550 لسنة 2020 الصادر عن إدارة التعليم الخاص بضرورة التوافق مع التقويم الدراسي المعتمد أصلا ومع ذلك ضربت المدارس الخاصة بهذا القرار عرض الحائط!
وفضلا عن أن هذه الساعات القليلة لا تتسع أبدا لتدريس الطالب أو تعليمه ولن يستفيد ولن يستوعب شيئا منها، خاصة أن نصفها تضيع في إثبات الحضور والغياب وعدد ساعات أخرى يضيع من فقد الشبكة والإرسال، كما هو معلوم للجميع ويحصل فعلا.
2 – ليس من المنطق أن يحل ولي الأمر محل المعلم ويضطلع بدوره واختصاصه الوظيفي في تدريس وتعليم الأبناء، لاسيما أن هناك العديد من أولياء الأمور لا يتقنون مهارات التعليم والتدريس بكل المواد الدراسية وإن فعل ولي الأمر في التدريس لا يدري إن كان صحيحا أم خطأ، وأيضا ما يتم تكليف أولياء الأمور بتدريسه كماً كبيرا جدا وهناك أيضا البعض من أولياء الأمور لا يجيدون التحدث باللغة الإنجليزية.
3 – لقد خلت النشرات الصادرة عن المدارس الخاصة والإيميلات الصادرة منها إلى أولياء الأمور من بيان المحتوى التعليمي وآليات هذا النوع من التعليم ومدى توافقه مع خطة الدراسة العادية، لاسيما أن إقرار الوزارة له لم تكن فيه أي إشارة إلى أنه «كورس مكثف» وخلا أيضا من بيان الخطة التي استلزمت إدارة التعليم الخاصة إقرارها واعتمادها قبل تطبيقها كما هو منصوص صراحة بقرارها رقم 14550 لسنة 2020 المذكور سابقا، والصادر تنفيذا لقرار وزارة التربية رقم 60 لسنة 2020، وبالتالي فهناك مخالفة صريحة لتلك القرارات.
4 – إن تناول هذا النوع من التعليم يجبر أولياء الأمور على ترك أعمالهم ووظائفهم للجلوس بجوار أبنائهم خلال ساعات هذه الدراسة، خاصة إذا كانوا صغارا في السن، حيث لن يستطيعوا مباشرة هذا النوع من التعليم بمفردهم ولو حدث مثلا عطل إلكترونى فلن يستطيعوا إصلاحه وبالتالي أجبرت المدارس الخاصة ولي الأمر على ترك عمله وتدريس ابنه أو بنته ودفع كامل الرسوم!، وذلك ينطوي على هدر لوقت الجميع سواء معلمون وأولياء أمور من دون تحقيق أية فائدة علمية.
5 – إن التطبيق الذي تستغله المدارس الخاصة في هذا النوع من التعليم لم يكلفها دينارا واحدا، حيث إنه قد ثبت أن الحصة لا تستغرق أكثر من 40 دقيقة وهو الحد المسموح به للتطبيق باستخدامه بشكل مجاني، فضلا عن أنه ما من مصروفات تشغيلية تتكبدها المدارس فكلها مغلقة ولا تستخدم ماء ولا كهرباء ولا تكييفات ولا أدوات قرطاسية ولا تكاليف أنشطة وخلافه من المصروفات، وبالتالي وجدنا المدارس تربح في زمن الأزمة أكثر من الأوقات العادية والطبيعية، وفي المقابل لا توجد أي استفادة تذكر للطالب وهو واقع ينافي كل الممكنات العقلية والمصالح المجتمعية، ويؤكد أن التعليم في الزمن الحالي هو مجرد أداة للكسب فقط.
6- المدارس الخاصة وضعت ولي الأمر بين خيارين كلاهما مر، فإما أن يقبل بالتعليم الإلكتروني الهابط بكل عيوبه ويضمن نجاح ابنه دون اختبار ويسدد الرسوم في مايو 2020 وتحصيلها والظفر بها مبكرا قبل أن يصدر قرار حكومي بإنهاء العام الدراسي، أو استكمال الدراسة بكورس مكثف بالمدرسة بشهر أغسطس 2020 بشرط اجتياز الاختبار وتغيير المعلم وتعقيد الأمور وللأسف أيدت وزارة التربية هذا الموقف، رغم أن المؤكد وفق ما قرره وزير الصحة أن الأزمة لن تنتهى قبل نهاية العام، وكأن المدرسة تقود ولي الأمر جبرا إلى الاختيار الأول حتى تحصد الأرباح والمغانم مبكرا.
تساؤلات.. اشتراطات وبدائل!
٭ لماذا تم اشتراط أن يكون هناك اختبار للطالب في شهر أغسطس وفي المقابل عدم اشتراط ذلك بالتعليم الإلكتروني، رغم أن قرار إدارة التعليم الخاص رقم 14550لسنة 2020 لم يشر إلى هذا الاختبار.
٭ كيف يتم اشتراط اختبار للطالب في أغسطس بعد كورس مكثف والدراسة متوقفة منذ فبراير في الوقت الذي لم يتلق فيه التدريس والتعليم سوى أسابيع قليلة جدا وهي 5 أسابيع إن حصلت أصلا في أغسطس، وهو أمر مستبعد كما تؤكد كل البيانات الصحية.
٭ لم تشر المدارس ولا حتى الوزارة إلى البدائل والحلول المطروحة في حال قررت الدولة تعطيل الدراسة في أغسطس وسبتمبر حال استمرار أزمة كورونا!
إرساء قواعد العدالة والمساواة بين طلبة التعليم العام والخاص
رأى المحاميان الشايع والهلال في ختام دراستهما القانونية أن تعاد المشروعية إلى هذا المسار من جديد وتسحب وزارة التربية قرارها وأن ترسى قواعد العدالة والمساواة بين طلاب التعليم العام والخاص وإنهاء العام الدراسي للجميع دون استثناء.
وعلى الجانب الآخر وفي خصوص ما تم تنفيذه من قبل المدارس الخاصة فعلى وزارة التربية أن تتدخل وتفرض كلمتها وأن تصدر قرارا يكفل نوعا من التوازن الاقتصادي بين المدرسة والطالب وولي أمره ومعالجة الأمر برد الالتزامات وليكن بالاكتفاء بما قبضته المدارس الخاصة من رسوم دراسية لاسيما وأن الدراسة متوقفة منذ فبراير 2020 وبالتبعية إلغاء القسط الثالث أو على الأقل تخفيض قيمته إلى حد مناسب ومعقول لا يبلغ في حده الأقصى ربع قيمة القسط، وإلا كان تحصيل تلك الرسوم هو نوع من الإثراء بلا سبب لأن الخدمة لم تتوافر أصلا، ولا داعي مطلقا للإضرار بأحد خاصة في ظل تلك الظروف الاستثنائية الصعبة التي يعيشها العالم وليس الكويت فقط وبالتالي الحفاظ على هيبة المؤسسة التعليمية ومستقبل الطلاب ومعنويات أولياء الأمور وليسود العدل الذي نشتاق إليه، وإلا كان العبث والضرر كبيرا وحينئذ ستنشغل المحاكم بالعديد والعديد من القضايا في هذا الخصوص، ويثقل كاهل القضاة بقضايا محسومة نتيجتها بالطبع.
[ad_2]
Source link