فيروس كورونا: كيف نتعامل مع المشروبات الكحولية خلال أزمة تفشي الوباء
[ad_1]
كيف نقضي اليوم بعد إلزامنا بالبقاء في البيوت، وكيف نكافح الملل والضغط المواكب لإغلاق الحياة العامة جراء فيروس كورونا؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه أكثر من ربع سكان العالم اليوم.
بالنسبة لبعض الناس تُمثل الخمور أو المشروبات الكحولية الإجابة عن سؤال التكيف معحياة العزلة المنزلية.
وأظهرت بيانات واردة من الولايات المتحدة ارتفاعا كبيرا في مبيعات المشروبات الكحولية وصل إلى 55 في المئة في الأسبوع الذي انتهى في 21 مارس/آذار، بالمقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب شركة نيلسن لاستطلاعات الرأي.
كما أظهرت بيانات مماثلة من بريطانيا وفرنسا ارتفاعا كبيرا في مبيعات المشروبات الكحولية ما أثار مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى مشاكل صحية للناس الذين يبحثون عن التسرية عن النفس عبر شرب الخمر.
وكانت منظمة الصحة العالمية واضحة في نصيحتها بشأن التكيف مع الضغوط خلال فترة الوباء. فقد حذرت من تعاطي المشروبات الكحولية والتدخين والمخدرات للتعامل مع انفعالاتنا العاطفية خلال الأزمة.
حظر شامل
وفي الطرف الآخر من المشهد، نجد في دول من أمثال: الهند وجنوب افريقيا، تزامنا بين إغلاق المرافق العامة والحظر الشامل على مبيعات المشروبات الكحولية، كإجراء يستهدف منع الناس من ممارسة النشاطات الاجتماعية لمكافحة انتشار الفيروس.
وبالنسبة لشخص مثل راثيش سوكوماران، الذي يعيش بولاية كيرالا في جنوب الهند، فإن هذا الإجراء مثل تحديا كبيرا.
يقول راثيش، البالغ من العمر 47 عاما ويعمل كاتبا للسيناريو في صناعة الأفلام والمسلسلات:” أتناول المشروبات الكحولية بانتظام، وعدم القدرة على شرب الخمر، ومغادرة المنزل يصيبني بالإحباط”.
ولا يعتبره راثيش نفسه مدمنا على الكحول، غير أنه يقول: “ولكنني أفتقد مشروبي”.
فرصة للإقلاع
لقد دفع إغلاق المرافق العامة وتحديد حركة الناس الذي فرضته الهند لمدة 3 أسابيع راثيش للتساؤل بشأن مدى اعتماد حياته على المشروبات الكحولية، فقرر استغلال هذه الفرصة للإقلاع عن معاقرة الخمور إلى الأبد.
ويعيش راثيش في ثيروفانانثابورام، عاصمة ولاية كيرالا، حيث أغلقت المتاجر أبوابها باستثناء تلك التي تبيع الطعام والدواء، كما هي الحال في بقية أنحاء الهند.
ومثلت الحياة بدون مشروبات كحولية تجربة جديدة لراثيش الذي يتناول الخمر منذ 25 عاما.
ويقول: “خلال أيام العمل أُفضل الشرب بعد غروب الشمس، ولكن في العطلات أبداً في الإسراف في تناول الكحول بعد الظهر”.
وبسبب الأسفار الكثيرة كان راثيش يتناول المشروبات الكحولية يوميا خلال الشهور الستة الأخيرة.
ويقول:”إن ما أتناوله يتوقف على الشركة التي أكون بها، وهو في العادة يتراوح بين 5 و6 كؤوس قد يزيدون واحدا أو ينقصون واحدا”.
وزوجته مثل الكثيرات في الهند، لم تعتد الشراب ولا تدع زوجها يستضيف حفلات في المنزل. لذلك فإن أغلب الأوقات التي يشرب فيها راثيش يكون في الحانات القريبة مع أصدقائه.
اختبار الصمود
وتُباع المشروبات الكحولية في الهند عادة في متاجر محددة، ونادرا ما تراها في المتاجر العامة “السوبر ماركت”.
وعقب فرض رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، لقيود كبيرة على استهلاك المشروبات الكحولية، هرع أصدقاء راثيش إلى متاجر الخمور لتخزينها.
وعلى الجانب الآخر، قرر راثيش اختبار مدى صموده.
ويقول: “حتى بعد الإعلان الرسمي ظل بعض متاجر المشروبات الكحولية يعمل في منطقتنا، ولكنني قررت عدم الاستفادة من ذلك”.
وبعد 7 أيام فقط من الإقلاع أدرك عاشق البراندي هذا مدى قدرته على الصمود.
البحث عن مساعدة
وقال: “اتصلت بنحو 20 شخصا طالبا المساعدة، كنت مصمما على الحصول على بعض المشروب، لكن كل جهودي ذهبت هباء”.
وهذه التجربة التي مر بها راثيش مماثلة لتجارب الكثيرين في أنحاء العالم الذين حاولوا الإقلاع عن هذه العادة.
وفي بريطانيا لم تغلق الحكومة مصانع المشروبات الكحولية، بل باتت في قائمة الأعمال الرئيسية التي بوسعها الاستمرار في التشغيل خلال فترة أزمة الوباء.
وفي الوقت نفسه لم يعد بوسع الناس الراغبين في الإقلاع عن تناول المشروبات الكحولية أو السيطرة على هذه العادة إجراء اتصال مباشر وجها لوجه مع الكوادر الطبية للحصول على الاستشارة خلال فترة الإغلاق العام جراء تفشي الفيروس.
ونظمت منظمة دعم خيرية تعرف باسم Alcoholic Anonymous (مدمنون بدون الكشف عن الهوية)، اجتماعات للأشخاص الذين يُعانون من مشكلات إدمان على الانترنت بعد سريان مفعول التباعد الاجتماعي.
وتقول المنظمة إنه منذ بداية مارس/آذار زادت المكالمات على خط المساعدة الخاص بها نحو 22 في المئة، كما أن استخدام خدمة الدردشة الخاصة بها ارتفع بنحو الثلث.
قلق واضطراب
وبالنسبة لراثيش، فقد اتصل هاتفيا ببعض أصدقائه الذين أقلعوا عن شرب الخمور .
وقد أكدوا له أنه من الطبيعي أنه تكون لديه هذه الرغبة القوية. ورغم ذلك، يقول إن كلماتهم لم تفعل الكثير لتهدئته.
ويضيف : “بدا الأمر وكأن جسدي يحتاج الكحول بشدة، لم يكن بوسعي التركيز في أي شيء، حاولت مشاهدة فيلم، ولكن ذلك لم يُبعد تفكيري عن الخمر”.
وكلما حاول بقوة التقدم في طريقه، كلما ازداد الأمر صعوبة.
وقال: “لم أكن أستطيع النوم الليلة بأكملها، كنت مضطربا ذهنيا ولا يبدو أن لليلة نهاية، فقط عندما أرى أشعة شمس النهار الأولى أشعر ببعض الراحة”.
وقد نشر بعض ندماؤه في جلسات الخمر صورا لهم وهم يستمتعون بالمشروب في وسائل التواصل الاجتماعي.
فسارع في نقل مشاعره إليهم، ويقول في هذا الصدد : ” كتبت لعنة في قسم التعليقات، لقد تمنيت لهم أن تضربهم صاعقة”.
وتعد الأعراض التي ترافق انسحاب الكحول من أجسام المدمنين صعبة للغاية، ومن بينها الارتعاش والاضطراب والتشنجات. ويقول راثيش: “أتفهم تماما لماذا يصاب الناس بالإحباط، فالرغبة في الشرب حقيقية”.
الأطباء ضد الحكومة
وتحدثت وسائل الإعلام المحلية في كيرالا عن بعض الحالات المتطرفة التي انتحر فيها أشخاص بعد إغلاق المرافق العامة وتقييد الحركة جراء تفشي الفيروس، محيلين سبب ذلك إلى حرمانهم من الحصول على المشروبات الكحولية.
ويقول الطبيب جي أس فيجاياكريشنان السكرتير العام لنقابة الأطباء الحكوميين:” إن تشريح ما بعد الوفاة يحدد سببها، ولمعرفة الدافع لابد من عمل تحقيق مناسب”.
وردا على التقارير الإعلامية عن حالات الوفاة المشتبه بها، طلبت حكومة الولاية من الأطباء أن يصفوا الكحول لأولئك الذين يعانون من الأعراض حادة التي ترافق انسحاب الكحول من أجسامهم.
وقال الدكتور فيجاياكريشنان لبي بي سي: “إنه نتيجة لهذا الأمر الحكومي هرع الكثيرون للأطباء يطلبون التصريح لهم بتناول المشروبات الكحولية، بل وهدد بعضهم الأطباء بالانتحار إذا لم يصدروا لهم شهادات بذلك”.
واضاف قائلا: “إن هذا الأمر الحكومي خلق موقف صعبا في وقت يجب أن ننشط في مكافحة فيروس كورونا”.
الأخلاقيات الطبية
رفضت نقابة الأطباء إصدار تصاريح بتناول الكحول، بل واستصدرت حكما من المحكمة العليا في كيرالا بعدم الرضوخ للقرار الحكومي.
وقال الأطباء إن إدمان الكحول مرض، وتسليم شهادات تسمح بتناوله ضد أخلاقيات المهنة.
ويقول راثيش: “ليس لدي أدنى فكرة عن سبيل حل هذه المشكلة”.
ودون شك ستؤدي إعادة فتح متاجر المشروبات الكحولية لجذب أعداد ضخمة وضرب جهود السيطرة على الوباء.
ربما يكون الشراء عبر الإنترنت خيارا، ولكن يقول راثيش: “إن الكثيرين هنا ليست لديهم القدرة على الوصول للإنترنت، فهذا خيار للأغنياء فقط”.
العودة للمربع الأول
بعد استنفاد الخيارات عاد راثيش إلى هدفه الأصلي.
ويقول: “أحاول الاستفادة من فراغ هذه الأيام بشكل إيجابي. وأحاول معرفة مدى قدرتي على كبح جماح استهلاكي”.
وبحسب تقييمه للموقف، يرى أنه الآن بدأ في التكيف.
ويقول: “أصبحت أؤمن أنه بوسعي أن أحيا من دون مشروبات كحولية، حتى لو صارت متاحة”.
لكن راثيش يفتقد لقاء أصدقائه “وعمل حوارات طويلة حول كل شيء من السياسة، مرورا بالكريكت والسينما، وانتهاء بالنميمة”.
وقال: “وكلما صنعت المزيد من الصداقات كلما شربت المزيد من الخمور، أُريد أن أعرف أكثر ما افتقده، الخمور أم الأصدقاء؟”
ويأمل أن يستمر التغيير الذي طاله لفترة أطول من فترة إغلاق المرافق العامة خلال تفشي الفيروس.
وقال: “أعتزم لقاء أصدقائي ومنحهم صحبة يقظة وليس صحبة سكر، فمن الأفضل التغلب على الإغراءات والانغماس في الملذات”.
[ad_2]
Source link