أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةالعلوم النفسية والتربوية والاجتماعية

من فنون تربية الطفل (الجزء الأول)، مقال بقلم: د.أحمد لطفي شاهين، من فلسطين المحتلة

إيسايكو: مقال بعنوان: من فنون تربية الطفل (الجزء الأول)، بقلم: د.أحمد لطفي شاهين، من فلسطين المحتلة.

نعيش جميعنا في هذا العالم الذي أصبح فيه كل شيء متوفر وسهل ولا يعرف أحدنا كم كان يعاني أجدادنا في كل أمور الحياة فلم يكن وسائل مواصلات ولا اتصالات ولا طرق حديثة وسهلة في الزراعة أو الصناعة أو حتى الكتابة ورغم كل ما نعيشه من تسهيلات حديثة الا أن كثيرا من الآباء والأمهات يدللون أطفالهم حاليا بشكل مبالغ فيه ويضر مصلحة الأطفال عن جهل و دون قصد من الوالدين والمطلوب بداية أن نتجنب التدليل الزائد لأطفالنا بمعنى أننا نمنع الطفل من القيام بمهام هو قادر على فعلها من باب الخوف عليه أو عدم رغبتنا في أن يبذل الطفل أي مجهود أورغبة الأبوين أن يقوم الطفل بهذا العمل على الوجه الكامل بالنسبة لهم دون اي تعب للطفل أو أن نمنعه من خوض تجارب اللعب مع الأطفال خوفا عليه منهم أو أن تقوم الأم بتنفيذ مهام طفلها عوضا عنه وذلك تخفيفا عنه كترتيب السرير أو تنظيف الأواني، أو الموافقة على متابعته لأفلام الكارتون ساعات كثيرة حتى لا يبكي او اللعب بالهاتف الحديث طيلة النهار تجنبا لنوبات غضبه وهذه الامور وغيرها تخلق مستقبلا في نفس الطفل نوع من أنواع التوحد او الضعف أو عدم الرغبة بالقيام بمهامه تكاسلا، أو أن يقول أنا لست قادرا حتى لا يحمل المسؤولية لأنه يدرك تماما ان هناك من يقوم بتدليله ويعمل بدلا منه ولكن علينا أن نلاحظ أن التدليل المعتدل مطلوب ويشمل هذا المفهوم التعاطف و الاحتضان والتشجيع التي تنمي في نفس الطفل القوة والثقة والشعور بالأمان والاستقلالية والقدرة على القيام بمهامه.

ولذلك يجب على الوالدين معرفة اعتقاد أطفالهم لمعرفة دوافع سلوكهم وتصرفاتهم وردات أفعالهم فيما يسمىفك الشيفرةفالمؤسف في واقعنا الحالي في ظل التطور التكنولوجي المتسارع أن العديد من الآباء لايعلمون أن وراء كل سلوك ظاهري لأطفالهم اعتقاد راسخ داخلهم و هو سبب هذا السلوك لذا يحاول الوالدين عاجزين تعديل السلوك السلبي لدى طفلهم ويفشلون في ذلك لانهم لم يعرفوا ماذا يدور داخل عقول وقلوب ابنائهم .

وهنا يأتي دور التربية الإيجابية في التركيز على تغيير المعتقدات والافكار التي تقف وراء سلوك الطفل، فلا يمكنك فك شيفرة ابنك او بنتك إلا كنت من الأساس متفرغا لتربيته و مهتما به مهما كانت ظروف عملك أو حياتك وليس مطلوبا منك ان تجلس طوال يومك بجانب طفلك ولكن يكفي الطفل جلسات يومية بسيطة مع والديه حتى يشعر بالأمان ويكون قريبا منهم لأن الشيفرة هيالمعتقد الراسخلدى الطفل وليس السلوك الظاهري، ويجب العمل من الأساس على المعتقد وتغذية الطفل بمعتقدات ومشاعر وأفكار إيجابية قبل أن نعجز عن معالجة السلوك فمثلا الطفل العدواني الذي يكون سريع الغضب ويضرب الآخرين باستمرار يكون غالبا طفلاً يشعر بالإحباط أو الغيرة وينقصه التشجيع والاهتمام، لذا فالتركيز على تشجيع هذا الطفل وفهم مشاعر الإحباط لديه والإقرار بها يساعد على تغيير سلوكه على المدى البعيد.

إن ما ينقص بيوتنا اليوم هوالجلوس العائلي الحقيقيالذي يتم فيه تخصيص وقت يومي للعائلة بعيدا عن الأجهزة الذكية بحيث تجتمع الأجساد والقلوب وتكون العقول حاضرة بعيدا عن المشوشات الإلكترونية الحديثة. أيها الأب وأيتها الأم استمعوا للاقتراحات أولادكم وشاركوا في حل مشكلاتهم وكونوا لهم قدوات و ملهمين يكونوا لكم طائعين وبكم معجبين وفخورين وبارين، وكونوا معهم حاضري الفكر متصلي البصر اظهروا لهم الحب والاهتمام. ولا تنشغلوا بهواتفكم وأنتم معهم فالحضور الذهني والاتصال البصري في المجلس مهم جدا وقدوتنا في ذلك رسولنا محمد حيث يروى أن النبي اتخذ خاتما فلبسه، فقال للحاضرين مجلسه شغلني هذا عنكم، منذ اليوم، إليه نظرة وإليكم نظرةٌ، ثم ألقاه ﷺ.

فما بالكم نحن والهواتف الحديثة والشاشات والمشوشات؟ كيف سيقتنع بك طفلك وهو لم يقرأ الاهتمام الحقيقي به في عيونك ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يجب ان تحتضن طفلك وأن تقوم بتقبيله خده وجبينه بحنان ومحبة فلا شيء يلامس قلب طفلك ويشعره بالدفء والحب مثل قبلة حنان ترسمها على خده أو جبهته، وتقبيل الطفل ينقل له رسائل تمنحه مشاعر متنوعة تختلف باختلاف مواضع التقبيل.

فهناك قبلات أربع ينبغي أن يحظى بها أولادنا، وهي:

* قبلة الفخر وتكون على الرأس.

* قبلة الرضا وتكون على الجبين.

* قبلة الشوق وتكون على الخد.

* قبلة اليد وتكون عنوانًا للمودة والحب.

ثم ما العيب بالتصريح بالحب لأبنائك وإظهارالاهتمام بهم باللفظ أمام الجميع فكلما قدمنا للولد الحنان وصرحنا له بالحب والاهتمام كلما اتسعت دائرة ثقته بنفسه وزادت المودة داخل البيت ومع وجود الثقةوالحب والاهتمام ينشأ أبناؤنا في بيئة عاطفية متكاملة وحصن اجتماعي متين لا يمكن اختراقه ولن نحتاج الى طبيب نفسي لاحقا ليساعدنا في فك شيفرة اطفالنا لعلاج سلوكهم.

ان كلامي لا يعني ان تكون صارما على الأولاد كل الصرامة  أو ان تؤذيهم بالضرب بل ان التخويف بالضرب في أكثر الأوقات أحسن من ممارسته.

فالأطفال وهم في مرحلة الطفولة يحتاجون إلى اللعب وحسن الرعاية فلا يعاملون معاملة الكبار ولا يمكن أن تفرض عليهم قوانين وقواعد لابد أن يسيروا عليها أو أن تعاقبهم عقابا شديدا إذا خالفوها.

تذكر .. أنت في بيت وليس في سجن إن من مدمرات الموهبة لدى الطفل أن تضرب طفلك على وجهة حيث أنك قد تقتل من 300 الى 400 خلية عصبية في الدماغ بينما المسح على الرأس يخلق خلايا دماغية جديدة وما لا يعلمه الوالدين ان الألعاب الإلكترونية المنتشرة حاليا .. تقتل الذكاء الاجتماعي والذكاء اللغوي و قد تسبب نزيف في الدماغ لشدة تركيز استهلاك خلايا الدماغ قبل أوانها فلا تستغرب عندما يكبر طفلك ويصبح غبيا ويفقد كثير من المهارات الفطرية ويتحول إلى عدواني عنيف ويصاب بالزهايمر المبكر ذلك لأن الألعاب الالكترونية والأفلام والكرتون تحتوي على ملايين الصور التي تشغل حيزا كبيرا بلا فائدة في ذاكرته وبالتالي لا يبقى متسع للأشياء التي من المفروض أن يتعلمها ويتطور فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى