أخبار عربية

فيروس كورونا: كيف تتجاوز محنة فقدان الوظيفة إثر تفشي الوباء؟

[ad_1]

باب موصد

مصدر الصورة
Getty Images

 

Image caption

أعداد طلبات الحصول على إعانات البطالة في الولايات المتحدة تخطّت حاجز الثلاثة ملايين، متجاوزة الرقم القياسي الذي حققته من قبل في عام 1982 حين بلغت695 ألف طلب

تخطت طلبات الحصول على إعانات البطالة، التي تقدمها الحكومة الأمريكية في حالة فقدان الوظيفة، مطلع الأسبوع الحالي، حاجز الثلاثة ملايين طلب، بما يفوق عدد الطلبات التي قدمت في ذروة الركود الاقتصادي في عام 2009؛ إذ لم تتعدّ طلبات الحصول على إعانات البطالة حينها 665 ألف طلب.

لكن هذه المرة قفز عدد الطلبات في أسبوع واحد من 282 ألف طلب إلى أكثر من 3 ملايين طلب. ولا يشمل ذلك العمال المستقلين ولا العمال المؤقتين، الذين لا يستحقون إعانات حكومية في الكثير من الولايات.

غير أن ارتفاع معدلات البطالة لا يقتصر على الولايات المتحدة وحدها؛ إذ سرحت شركات عديدة حول العالم ملايين الموظفين إثر تفشي فيروس كورونا المستجدّ. ويصف ديفيد بلوستاين، أستاذ علم النفس الإرشادي بكلية بوسطن، هذا الارتفاع بأنه “أزمة وليدة أزمة”، ويقول إننا على أعتاب جائحة عالمية من البطالة.

وقد تفاقمت هذه الأزمة بسبب السرعة التي سُرِّح بها هؤلاء الموظفون، وبعضهم طلبت منه الشركة الحصول على إجازة مفتوحة غير مدفوعة الأجر، وبعضهم فُصل تعسفيا من العمل.

ولا شك أن فقدان الوظيفة يفرض تحديات مالية على الكثيرين الذين فقدوا مصدر زرقهم فجأة، لكن ماذا عن تداعياته النفسية؟ وكيف يمكن أن تتجاوز محنة فقدان الوظيفة؟

فيروس كورونا: عمال يتحدثون عن معاناتهم بسبب فقدانهم لوظائفهم جراء الوباء

“صدمة قاسية”

يعد جيمس بيل، الذي شارف على الأربعين، واحدا من الأمريكيين الذين قدموا طلبات للحصول على إعانات مالية بعدما أُغلقت الحانة التي كان يعمل بها في مدينة “سانتا فيه” أبوابها.

وقبل أن يُسرّح من وظيفته، كان بيل يحصل على أجر أسبوعي بالإضافة إلى الإكراميات، وكان يعيل أسرته المكونة من زوجته وثلاثة أطفال، أكبرهم في السابعة من عمره.

ويقول إن قرار التسريح كان صادما رغم أنه كان يتوقع انهيار الحانة التي يعمل لحسابها، مشيرا إلى أن راتبه كان يكفيه بالكاد.

وبحث بيل أيضا في المؤسسات الخيرية التي تقدم مساعدات مالية للعاملين في الحانات، لكنه يخشى أن تعجز هذه المؤسسات عن تلبية الطلبات بسبب كثرة المتقدمين.

ويقول إنّ ما كان يهوّن عليه وقع صدمة فقدان الوظيفة، هو أنه تخلص من المخاوف التي كانت تراوده يوميا من الإصابة بفيروس كورونا. ويوضح أنه في الأسبوع السابق للفصل من العمل، كان لا يتوقف عن تعقيم المقابض بالحانة، إذ كانت المخاوف والهواجس تتناوب عليه من فقدان الوظيفة ومن الإصابة بالعدوى.

ولفت إلى أن أكثر ما يخشاه الآن هو هذه الحال من الغموض، فلا أحد يعرف إلى متى ستستمر هذه الأوضاع.

مصدر الصورة
Manyu Jiang

 

Image caption

فقدان الوظيفة، وما يترتب عليه من فقدان لمصدر الرزق والأمان والمكانة، له تداعيات نفسية شديدة

استيعاب الصدمة

قد يتعرض أي شخص لمحنة نفسية تحت وطأة فقدان الوظيفة، لكن هذا الشعور في الوقت الراهن سيتضاعف في ظل هذه الحالة من الغموض التي نعيشها.

وعن أساليب التعامل مع الضغوط النفسية يقول آدم بنسون، أخصائي نفسي في نيويورك، إن البعض سيحاول إخضاع كل شيء للسيطرة، لكن في النهاية يجب أن نعترف في قرارة أنفسنا أن بعض الأمور يجب أن تخرج عن سيطرتنا سواء رضينا أم لم نرض.

ويرى بعض علماء النفس أن فقدان الوظيفة لا يقل إيلاما عن فقدان شخص عزيز عليك. إذ يمر المرء بالمراحل الانفعالية المرتبطة بالحزن، بدءا بالصدمة والإنكار، ثم الغضب والمساومة، وفي النهاية تصل إلى تقبّل الأمر الواقع والأمل.

ويقول بنسون إنه قد يكون من الأفضل عندما تجد شخصا فقد وظيفته، أن تساعده في الاعتراف بالمشكلة، وعندها سيشفق على نفسه ولن يكبت المشاعر التي تنتابه.

وذلك لأن البعض يحاول إنكار عمق الألم الذي ينتابه بسبب الفقدان، وأكثرهم يقول لنفسه: “لماذا أشعر بالحزن، مادام الجميع قد فقدوا وظائفهم مثلي”. لكن بنسون يقول إن هؤلاء عندما يدركون أنهم فقدوا بالفعل شيئا مهما، مثل فرصة أو أمل أو علاقة، سيشعرون بألم الفقدان.

وأجريت دراسة حديثة استندت إلى بيانات من 100 لقاء مع موظفين بعد تسريحهم من العمل مباشرة ثم مرة أخرى بعد 12 أسبوعا من فقدان الوظيفة. ولاحظت المشرفة على الدراسة سارة دامسيك، الأستاذة المساعدة لعلم الاجتماع والعمالة والتوظيف بجامعة بنسلفانيا، أن الموظفين كانت تنتابهم في البداية مشاعر الغضب بعد أن أبلغوا بتسريحهم.

وتقول دامسيك إن هذا الغضب قد يكون مردُّه الشعور بأن الإدارة سرّحتهم لأنها عثرت على موظفين غيرهم يؤدون المهمة بأجر أقلّ أو أنها لم تعتبرهم جزءا حقيقيا من فريق العمل يصعب الاستغناء عنه.

غير أن هذه الأبحاث أجريت في وقت الرخاء قبل الأزمة الحالية لفيروس كورونا.

وفي الوقت الراهن قد يعلق الموظفون هذا التسريح في البداية على الأوضاع الاستثنائية في ظل تفشّي فيروس كورونا.

ويقول كاري كوبر، أستاذ علم النفس التنظيمي بجامعة مانشستر، إن الناس قد ينحون باللائمة على الوباء العالمي بدلا من أن يلوموا أنفسهم. لكن كلما طال أمد التدابير والإجراءات التي فرضها تفشّي الوباء، ستدرك المؤسسات أنها لن تحتاج لهذا العدد من الموظفين، وأن التطبيقات والأجهزة التكنولوجية قد تحلّ محل الكثيرين. وهذه هي تداعيات الوباء على المدى الطويل.

حافظ على التوازن النفسي

أشارت الدراسات التي أجريت في أعقاب الأزمة المالية العالمية إلى أن الأشخاص الذين واجهوا عثرات مالية أو صعوبات في إيجاد مسكن، كانوا أكثر عرضة للإصابة بمشاكل نفسية. فكيف يمكن أن يحافظ المرء على توازنه النفسي في هذه الأوضاع الاستثنائية؟

ينصح بنسون الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم أو فقدوا عزيزا لهم أو غير ذلك، بأن يدرسوا الوضع من جميع جوانبه، وأن يركزوا على الجوانب التي يمكنهم التحكم فيها، وليس الجوانب الخارجة عن سيطرتهم، وأن يحددوا المشاكل التي ستواجههم من أثر الفقدان، مثل ضرورة تخفيض المصاريف المنزلية لفترة من الوقت، وتعديل نمط حياتهم لمجاراة الوضع الراهن.

ويلفت بنسون إلى أهمية أن يدرك المرء أن الحياة ستكون شاقة، على المدى القصير، وأن التغييرات ستكون حتمية حتى تتحسن الأوضاع.

ورغم أن أزمة البطالة الحالية تعيد إلى الأذهان الأزمة المالية العالمية التي وقعت عام 2008، إلا أن الفارق بين الاثنتين أن هذه الأزمة مؤقتة وسيعود الناس إلى أشغالهم بمجرد كبح جماح الفيروس. ويتوقع جيمس بيل أن تزدحم الحانات والمطاعم عندما ينحسر الوباء، ويعطون إكراميات بسخاء. وهذا الأمل يهوّن عليه الوضع القاسي.

وأثارت هذه الأزمة الحالية حس التضامن بين الناس. ويضرب بنسون مثالا بأصحاب المطاعم في حي مانهاتن الذي يسكنه، إذ يواظبون على دفع الرواتب والأجور للعاملين بانتظام وبعضهم نظم حملات لجمع التبرعات للعاملين.

صحيح أن هذه المبادرات من أصحاب المطاعم لن تحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المتجذرة، إلا أنها ستخفف عن الناس مشاعر الحزن والغضب وتأنيب الذات، لأنهم لم يفقدوا وظائفهم بسبب تقصير أو خطأ ارتكبوه.

مصدر الصورة
Getty Images

 

Image caption

الأزمة الراهنة تعيد إلى الأذهان الأزمة المالية العالمية في عام 2008، التي مثلت أكبر منعطف اقتصادي في تاريخ الولايات المتحدة منذ الكساد الكبير

قد يستغرق الأمر وقتا طويلا

وتقول رائدة الأعمال دونا بيرتاتشيني، إن الحل لتجاوز الأزمة هو تقبُّل الأمر الواقع على قساوته. وقد انهارت مؤسستها التي تمتلكها منذ 35 عاما في ولاية كونيتيكت، في مجال الإنتاج السينمائي والتليفزيوني، تحت وطأة الأزمة المالية، وأنهى عملاؤها جميع التعاقدات توفيرا للنفقات، وبذلت مجهودا شاقا لإعادة بناء الشركة.

وتقول بيرتاتشيني إن الوباء الحالي سيبدّل الأوضاع تماما. ورغم تعليق جميع المشروعات في الوقت الراهن، إلا أن الأمل يحدوها في أن العمل سيُستأنف والأوضاع ستتحسن في الوقت المناسب.

ولمواجهة القلق والمخاوف، تنصح بيرتاتشيني بمتابعة أخبار المساعدات والأموال التي تقدمها الحكومة، مثل حزمة الطوارئ التي أقرها مجلس الشيوخ والبيت الأبيض بقيمة تريليوني دولار لدعم الاقتصاد في مواجهة كورونا، ومحاولة التحلي بالمشاعر الإيجابية رغم صعوبة الأوضاع.

وتقول إن هذه الأوضاع لن تتغير بين عشية وضحاها، وعليك أن تتحلى بالصبر وتحاول أن تحافظ على رباطة جأشك.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى