الحرب في سوريا: كيف أصبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “صاحب الكلمة” في الأزمة السورية؟
[ad_1]
يحتاج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تخليص نفسه من موقف صعب في سوريا، ومن ثم فهو يتجه إلى العاصمة المعنية، ونعني بها موسكو وليس واشنطن.
كم تغيرت الظروف! فقبل زمن ليس بالبعيد كانت أمريكا هي اللاعب الخارجي المسيطر في المنطقة. لكن الأمر لم يعد كذلك.
إن استهانة الرئيس ترامب بالتفكير الاستراتيجي ورغبته في الانسحاب بواشنطن من منطقة مضطربة من العالم أسهمتا في تغييب النفوذ الأمريكي في هذه المنطقة.
وتكمن مشكلة تركيا في الحكومة السورية.
وتقدِّم الولايات المتحدة لتركيا دعمًا معنويا بلا أسلحة، وإنْ كان يمكن أنْ تمدّها ببعض الذخيرة. وهكذا وجدتْ أنقرة نفسها مضطرة إلى أن تتلمّس الطريق إلى الحليف الأساسي لسوريا (روسيا).
- الحرب في سوريا: هل تدخل تركيا وروسيا في مواجهة عسكرية “مباشرة” في إدلب؟
- لماذا تخاطر تركيا بتورط أعمق في الصراع في ليبيا؟
لماذا يحتاج أردوغان إلى بوتين؟
جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه لاعبا أساسيا في الأزمة السورية.
ومنذ وقت مبكر قرر بوتين نشر قوة جوية للحيلولة دون سقوط النظام السوري. وما أن استقر وضْع الرئيس بشار الأسد، حتى استخدمت روسيا قوتها الجوية في مساعدة هذا النظام في استعادة أراض من أيدي المعارضة المسلحة. وباتت إدلب آخر الساحات الرئيسية لهذه المعارك.
وبخلاف التدخلات الغربية في أفغانستان والعراق، كان للروس رؤية واضحة لما يريدونه في سوريا وكانوا على استعداد كاف للمضيّ قُدما في تنفيذ رؤيتهم.
وقد تسببت حملة جوية اشتركت فيها الطائرات الروسية والسورية في تهجير السكان وتدمير المستشفيات وغيرها من المرافق العامة.
ويصرّ إميل الحُكيّم، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، على أن “هذه الأزمة الإنسانية ليست ناجمة عن الاقتتال في سوريا، وأن استراتيجية الرئيس الأسد منذ البداية كانت تستهدف نزوح السكان”.
وهكذا أصبح اللجوء، بمعنى من المعاني، “سلاحا” – يُرسّخ للتشريد والارتباك داخل سوريا ويصدّر ضغوطا على كاهل تركيا ومن ورائها الاتحاد الأوروبي.
والآن وقد باتت القوات السورية والتركية في مواجهة مباشرة، إلى مَن يمكن للرئيس أردوغان أن يذهب في محاولة لإبرام اتفاق يؤمّن وقف إطلاق النار في إدلب.
وهل تستمر أي ترتيبات طويلا؟ ربما لا.
لكن تركيا، التي تسيطر على جيوب أخرى في سوريا، تعلم أنها لو تراجعت في إدلب، فإن مواقع سورية أخرى قد تتعرض (على الأقل من وجهة نظر أنقرة) لهجمات مشابهة من قوات نظام الأسد.
ولسنا نحاول هنا النظر في مشاكل تركيا، ولكننا نحاول تقييم الموقف الروسي وما يُمثله من تحديات للغرب.
لماذا تدعم روسيا الرئيس الأسد؟
سوريا حليف روسي قديم منذ زمن الاتحاد السوفيتي، وتحتفظ روسيا بقاعدة بحرية صغيرة في سوريا، وقد أصبح لها منذ تدخلها في الحرب الأهلية السورية قاعدة جوية ومنشآت أخرى.
وتمثّل سوريا أحد مواقع النفوذ الخارجية القليلة المتبقية لموسكو. على أن التحالف بين الرئيس بوتين ونظيره السوري ليس قائما على التاريخ فحسب وإنما أيضا على الجغرافيا السياسية الصعبة.
ويمكن القول إن سوريا تمثل “أنموذجا” للسياسة الروسية، ودليلا على أن موسكو تلتزم بكلمتها وأنها شريك يعوَّل عليه.
وعلاوة على ذلك فإن وجود روسيا في سوريا يعتبر نواة لتوسّع روسي في المنطقة. ولقد هيّأ هذا الوجود الفرصة أمام روسيا لمغازلة تركيا -الحليف البارز في حلف شمال الأطلسي (ناتو)- في فرصة سانحة لإضعاف جبهة التحالف الأطلنطي.
وقد أصيب أردوغان بإحباط جرّاء الغياب الغربي في أزمة سوريا، ومن ثم اتجه الرئيس التركي إلى روسيا، حتى لو أدى شراء نظام دفاع جوي روسي متطور إلى استبعاد أنقرة من برنامج المقاتلات إف-35، وهو ما يعتبر خبرا جيدا لموسكو.
كيف يرسخ بوتين للنفوذ الروسي؟
يرى بوتين في انهيار الاتحاد السوفيتي مأساة كبرى، ويرى أنه من الضروري أن تستعيد روسيا مكانتها كلاعب أساسي على الساحة العالمية، وقد وجد بوتين في سوريا إحدى الوسائل التي تمكن بلاده من استعادة تلك المكانة.
لكن المشكلة بالنسبة للغرب تتمثل في أن الأمر لا يقتصر على سوريا.
إن بشائر عودة الدّب الروسي تظهر في أكثر من مكان. ولبوتين يدٌ مؤثرة في ليبيا، حيث تدعم قوات الجنرال حفتر ضد الحكومة المعترَف بها دوليًا.
كما أن روسيا داعمٌ أساسي للنظام الفنزويلي. ولا تكفّ روسيا عن لعب دور القوة العظمى في محيطها، وتمضي بلا هوادة في تحقيق مصالحها في جورجيا وأوكرانيا.
كيف يمكن للغرب أن يتصدى لذلك الزحف الروسي؟
في مضمار عسكري ضيق النطاق، يحدث الشيء الكثير. وتشهد قوات الناتو تطويرا وتعيد ترتيب نفسها من أجل هذا العالم الجديد الذي يشهد تجددا للتنافس بين القوى الكبرى.
وتنتشر المزيد من القوات الأمريكية الآن في أوروبا وتُجرى المناورات بوتيرة ونطاق متزايد بشكل ملحوظ.
لكنّ هذه المشكلة ليست عسكرية عند التحقيق، وإنما هي دبلوماسية وسياسية.
فرنسا تنفتح على روسيا
ثمة فراغ في القيادة يعايشه الغرب. ولا يولي الرئيس ترامب اهتماما حقيقيا بالجغرافيا السياسية، ويمكن القول إن إدارته مترددة بشدة صوب روسيا.
ويتبنى العديد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية موقفا معارضا بشدة لأنشطة موسكو، بينما يبدي الرئيس ترامب قدرا ملحوظا من الثقة في الرئيس بوتين.
وفي ظل حالة عدم اليقين السياسية، لا يمكن اعتبار ألمانيا حاملةً للواء الغربي، كما لا يمكن اعتبار المملكة المتحدة حاملة لهذا اللواء في ظل انشغالها بالخروج من متاهة بريكست (الانفصال عن الاتحاد الأوروبي). مَن إذن يحمل هذا اللواء؟
لقد مهدّت فرنسا الطريق لعودة الارتباط بموسكو. وقد وضع الرئيس إيمانويل ماكرون هذه العودة إلى موسكو بين أولويات سياسته الخارجية.
وفي مؤتمر ميونيخ للأمن الشهر الماضي، قال الرئيس الفرنسي إن أوروبا بحاجة إلى استعادة نفسها كقوة استراتيجية. وأكد أن ثمة حاجة إلى “سياسة أوروبية تجاه روسيا .. لا سياسة أوروبية عابرة للأطلنطي”.
وبينما يسود شعورٌ بأن مساعي فرنسا في هذا الصدد قد تضرّ بالتماسك الغربي وتعكر أجواءه – فإن موسكو تنظر بعين الرضا إلى تلك المساعي الفرنسية.
وتحتاج تركيا بشكل عاجل وملّح إلى التحدث مع الروس.
وما لم يحدث تغيّر أساسي على صعيد موقف الرئيس بوتين من الغرب، فإنه من غير المرجح أن نشهد أي شكل من أشكال التقارب بين روسيا والغرب، على الأقل في الآونة الراهنة.
[ad_2]
Source link