الجالية الأرمنية المفقودة في إثيوبيا
[ad_1]
في إطار سلسلتنا “رسائل من الصحفيين الأفارقة” يقوم إسماعيل عيناشي برحلة إلى إثيوبيا بحثاً عن الجالية المفقودة
بدأتُ عملية بحثي عن آخر الأرمن في إثيوبيا في البياسا، المركز التجاري الصاخب في المنطقة القديمة في العاصمة أديس أبابا.
في زيارات سابقة للمدينة، كنت دائماً مفتوناً بالقصص التي سمعتها عن الجالية وتاريخها.
كانت هناك علاقة قديمة بين إثيوبيا وأرمينيا من خلال الكنيسة الأرثوذكسية. لكن تطورت تلك العلاقة إلى أكثر من ذلك لتشمل الدبلوماسيين والتجار.
في القرن التاسع عشر، لعب حفنة من الأرمن دوراً حيوياً في بلاط الإمبراطور منيليك الثاني.
وفي أوائل القرن العشرين، استقرت هنا جالية أرمنية كان لها تأثير اقتصادي وثقافي في البلاد.
لماذا تشتهر أرمينيا بالكرم والحفاوة بالغرباء؟
مسيرة بضوء المشاعل في يريفان في ذكرى “مذبحة” الأرمن
بعد ظهيرة أحد الأيام وقفت خارج أبواب كنيسة القديس جورج الأرمنية المذهلة، التي بنيت في ثلاثينيات القرن الماضي.
بدت الكنيسة مغلقة، وصرخت بصوت عال “سلام” باللغة الأمهرية ومرحبا باللغة الأرمنية.
خرج حارس أمن مسن بدا عليه الاضطراب، وبعد أن أوضحت له أنني هنا لألقي نظرة على المكان، ذهب لإحضار سيمون، وكيل أعمال الأرمن الإثيوبيين.
خرج رجل هادئ ووقور ليخبرني أنهم لا يستقبلون الكثير من الزوار.
تأثير هيلا سيلاسي
نادراً ما تكون الكنيسة مفتوحة، حيث لا يوجد كاهن هذه الأيام، والجالية الآن لا يزيد عدد أفرادها عن 100 شخص، معظمهم من كبار السن.
مذبح الكنيسة مزين بالزخارف في ما غطت السجادات العجمية الحمراء الأرضية.
كانت الكنيسة تمثل قلب المجتمع الصغير الذي بدأ ينمو ويكبر خلال حكم الإمبراطور هيلا سيلاسي، الذي أصبح أميراً على إثيوبيا عام 1916 فإمبراطوراً من عام 1930 إلى عام 1974.
وتحت قيادته، بدأت إثيوبيا في التحديث والإزدهار بسرعة، ولعب رجال الدين الأرمن ورجال الأعمال والتجار دوراً مهماً في تلك المرحلة.
في عام 1924، زار الكنيسة الأرمنية في القدس، والتقى بأربعين طفلا كانوا قد تيتموا بسبب مجزرة الأرمن على يد الأتراك العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى.
وسأل الأمير البطريركية الأرمنية في القدس ان كان بإمكانه أخذ أولئك الأطفال إلى إثيوبيا ورعايتهم هناك.
تم تعليم اليتامى الأربعين الموسيقى الأمهرية وشكلوا فيما بينهم فرقة الآلات النحاسية الإمبراطورية لأثيوبيا.
كان يقودهم الأرمني كيفورك نالبانديان، الذي وضع موسيقى النشيد الإمبراطوري.
وبلغ المجتمع الأرمني ذروته في الستينيات عندما وصل عدده إلى 1200 فرد.
ورغم عددهم الصغير، فقد كان لهم دور حاسم في دفع إثيوبيا للسير في طريق التحديث، من خلال المساعدة في تطوير أسلوب الجاز الإثيوبي المميز إلى العمل كخياطين وأطباء ورجال أعمال والعمل في البلاط الإمبراطوري.
إسقاط الإمبراطور
بسبب الصلة القوية بين الجالية الأرمنية والحكم تراجع عددهم بسقوط حكم سيلاسي.
جرت الإطاحة بسيلاسي في عام 1974 من قبل زمرة عسكرية بقيادة منجستو هايلا مريام وتم الاستيلاء على الأموال والمؤسسات التجارية، بما في ذلك أملاك الأرمن.
انخفض عدد الأرمن بشدة وفر كثيرون منهم إلى أمريكا الشمالية وأوروبا.
ولم يبق منهم إلا عدد قليل في إثيوبيا وتزوج بعض افراد الجالية من الاثيوبيين والاثيوبيات، مما خلق مزيجاً فريداً يجمع الثقافتين الأرمنية والإثيوبية.
ولا يزال بالامكان مشاهدة الجالية في الكنيسة في المناسبات الدينية.
وهناك أيضاً النادي الاجتماعي الأرمني، الذي يضم مطعماً يذكّر الناس بنكهة طعام الوطن الأم.
نصحني سيمون، القائم بأعمال الكنيسة بتذوق الطعام الذي يقدمه المطعم.
طعام لذيذ
كنت برفقة صديق عندما ذهبت إلى المطعم. كان هناك أيضاً ثلاث نساء من الأرمن والإثيوبيين الذين سعدوا برؤية الغرباء في المطعم.
اعترفوا بأن الجالية ليست كما كانت عليه سابقاً، لكن النادي الاجتماعي ظل وسيلة لإبقائها على قيد الحياة.
تذوقت هناك ما لذّ وطاب من المعجنات الأرمنية الفاخرة وأسياخ الكباب على الطريقة الأرمنية، شعرت بأنني كنت أتذوق تاريخ الأرمن في إثيوبيا.
[ad_2]
Source link