أخبار عربية

الحرب في سوريا وخيارات تركيا المحدودة


اردوغان وبوتين

مصدر الصورة
ALEXEY NIKOLSKY

Image caption

أردوغان وبوتين

قتل العشرات من الجنود الأتراك وأصيب عدد غير معروف منهم خلال شهر فبراير/ شباط 2020. وتبادل الجانبان الروسي والتركي الاتهامات حول ما يجري في محافظة إدلب التي كانت تسيطر جماعات المعارضة السورية.

وقتل معظم الجنود الأتراك خلال المعارك بين القوات الحكومية السورية التي تدعمها روسيا وتقدم لها الغطاء الجوي ومقاتلي المعارضة الذين تدعمهم تركيا بالمال والسلاح.

لا يتهم الإعلام التركي صراحة روسيا بالمسؤولية عن قتل الجنود الأتراك بل يتهم الحكومة السورية وترد تركيا بقصف المواقع الحكومية.

وسيطرت الحكومة السورية خلال الأسابيع القليلة الماضية على عشرات القرى والبلدات التي كانت تسيطر عليها المعارضة. وتشير بعض التقديرات أنها سيطرت خلال الآونة الأخيرة على ثلث محافظة إدلب. وتسببت المعارك بنزوح نحو مليون شخص نحو الحدود التركية.

مع تقدم القوات الحكومية ينزح المزيد من المدنيين نحو الحدود التركية في ظروف بالغة السوء. وتشعر تركيا بأن العالم تخلى عنها وتركها لوحدها تواجه هذه الموجات البشرية المتلاحقة عند حدودها وتقديم المساعدات الإنسانية لها، وهو ما يحملها أعباءً إضافية، فهي تأوي حاليا نحو أربعة مليون سوري ولا تريد المزيد منهم على أراضيها.

“دعم المتطرفين”

أظهرت الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي مقاتلين سوريين موالين لتركيا وهو يستخدمون مدرعات تركية، بينما قدم الجيش التركي الدعم الناري لعمليات المعارضة السورية عبر القصف المدفعي والبري لمواقع القوات الحكومية.

واتهمت روسيا تركيا بدعم الجماعات الاسلامية المتشددة ومشاركة الجيش التركي في المعارك إلى جانب هذه الجماعات.

روسيا وتركيا وثلاثة قرون من الصراع والحروب

كما اتهمت وسائل إعلام روسية تركيا باستهداف الطائرات الروسية التي كانت تشن غارات في إدلب ومحاولة إسقاطها بواسطة صواريخ محمولة على الكتف.

واتهم مسؤول في وزارة الدفاع الروسية أنقرة بانتهاك اتفاق سوتشي حول إدلب عبر تقديمها الدعم للمسلحين الذين يقاتلون الحكومة السورية بنيران المدفعية والطائرات المسيرة.

وقال رئيس مركز المصالحة الروسية في سوريا أوليغ زورافليف: “في انتهاك لاتفاق سوتشي في منطقة خفض التصعيد في إدلب، يواصل الجانب التركي دعم الجماعات المسلحة غير الشرعية بنيران المدفعية واستخدام” الطائرات المسيرة لاستهداف القوات السورية.

تركيا: “هدفنا على الأرض في إدلب ليس روسيا”

نتيجة متواضعة

طلبت تركيا مساعدة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للضغط على الحكومة السورية وروسيا لوقف العمليات العسكرية لكن مساعيها لم تحقق نتيجة تذكر.

ترافقت هذه المساعي مع اتصالات مستمرة ومكثفة مع الجانب الروسي لعلها توقف الحملة العسكرية للحكومة السورية.

وجرت جولات عديدة من المفاوضات بين موسكو وأنقرة بهدف تهدئة الأوضاع ووقف تدفق النازحين نحو الحدود لكنها فشلت في التوصل إلى تفاهم مشترك لشروط وقف التصعيد العسكري.

كما اتصل الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين عدة مرات خلال شهر فبراير لكنهما لم يتوصلا إلى اتفاق حول سبل وقف التصعيد في ادلب.

مصدر الصورة
ABDULWAJED HAJ ESTEIFI

Image caption

تتهم روسيا تركيا بدعم المعارضة السورية عسكريا

وحذر أردوغان مراراً من أن بلاده ستطرد القوات السورية من المناطق التي سيطرت عليها في الأشهر الماضية إذا لم تنسحب بنهاية فبراير/ شباط.

تعنت

وتقول الحكومة التركية ومسؤولون في جماعات المعارضة السورية المسلحة إن من المرجح أكثر في هذه المرحلة أن يوافق أردوغان على اتفاق مع موسكو يسحب بموجبه بعض الوجود العسكري في مقابل دور تركي في تحديد مستقبل سوريا.

وأضافوا أن أردوغان “فوجئ بالموقف المتعنت لبوتين، وفقا لوجهة النظر التركية، سواء في ساحة القتال أو في المحادثات بين البلدين”.

وقال مسؤول تركي لرويترز: “لا يزال بمقدور تركيا وروسيا التوصل إلى حل وسط.. لكن إن لم يجر التوصل لاتفاق واستمرت الهجمات على جنود أتراك فسيبدأ هجوم إدلب”.

وترافق ذلك مع تعزيز تركيا لقواتها في المنطقة خلال الأسابيع القليلة الماضية إذ نشرت نحو 30 ألف جندي على الحدود مع سوريا إضافة إلى مئات المدرعات والدبابات ونحو فرقة عسكرية كاملة داخل سوريا بهدف وقف تقدم القوات الحكومية.

مصدر الصورة
BAKR ALKASEM

Image caption

قوات تركيا داخل في إدلب سوريا

خلل عسكري

لكن ذلك لم يوقف تقدم القوات الحكومية وكان الجهد العسكري التركي محدود الفاعلية بسبب سيطرة روسيا على الجو في سوريا وحرمان تركيا من إمكانية استخدام الطيران الحربي في تقديم الغطاء الجوي لقواتها المنتشرة في سوريا أو التصدي للطائرات المقاتلة التي تشن غارات مكثفة في المنطقة.

ولاتزال تركيا واردوغان يتذكران جيدا العواقب الوخيمة التي واجهتها تركيا عندما اسقطت مقاتلة تركية طائرة قاذفة روسية قرب الحدود التركية السورية عام 2015 مما اضطرها خلال أشهر قليلة الى تقديم إعتذار لروسيا سيا بل وإبرام اتفاقية لشراء نظام الدفاع الصاروخي اس- 400 منها.

أردوغان يهدد بطرد القوات الأمريكية من قاعدة إنجرليك الجوية

طلبت تركيا من الولايات المتحدة صواريخ باتريوت للمساعدة في الدفاع عن قواتها، ودعت الناتو إلى فرض منطقة حظر طيران لحماية ما يقرب من ثلاثة ملايين مدني في محافظة إدلب لكن ذلك لا يبدو متاحا في الوقت الراهن.

المسؤولون في واشنطن وحلف الناتو رفضوا حتى الآن الانخراط عسكريا في شمال غرب سوريا ولا يبدو أنهم متحمسون للدخول في مواجهة روسيا.

وفي ختام اجتماع الناتو بناء على طلب الجانب التركي لم تحصل تركيا على إي إلتزام بمساعدتها في الأزمة التي تواجهها في سوريا واكتفى الحلف بالإعراب عن تضامنه مع تركيا وإدانة الهجمات التي تشنها القوات الحكومية السورية والروسية.

تشترط الولايات المتحدة على تركيا التخلص من نظام S400 قبل الحصول على نظام باتريوت الأمريكي وهو يرفضه المسؤولون الأتراك.

مصدر الصورة
VASILY MAXIMOV

Image caption

بارجة روسية تعبر مضيق البوسفور

وتوترت علاقات تركيا بالولايات المتحدة بسبب دعم الأخيرة للمقاتلين الأكراد في سوريا في الحرب على ما كان يعرف بتنظيم الدولة الاسلامية. ومنذ القضاء على أخر جيوب الدولة شرقي سوريا ضغطت تركيا بشدة على الولايات المتحدة للتخلي عن قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد عمودها الفقري وإبعادهم عن الحدود.

انسحبت القوات الأمريكية من معظم المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا شرقي الفرات فتوغلت القوات التركية واحتلت مساحة كبيرة من المنطقة واتفقت تركيا وروسيا على إبعاد المقاتلين الأكراد عن الحدود السورية التركية وتسيير دوريات مشتركة بين البلدين على الحدود السورية التركية شرقي الفرات.

أردوغان يتحدى واشنطن بشأن منظومة أس-400 الروسية

ولا يتجاوز عدد الجنود الأمريكيين في سوريا في الوقت الراهن 500 عسكري حتى أن بعض قواعدها السابقة في سوريا باتت تحت السيطرة الروسية، ومهمة هذه القوات محصورة بمطاردة عناصر الدولة الاسلامية وحراسة آبار النفط شرق سوريا حسب قول المسؤولين الأمريكيين.

ولا يخفى على أحد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أنصار سحب القوات الأمريكية من المنطقة بأسرها وباسرع وقت ممكن وهو غير متحمس للدخول في صراع مع روسيا.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى