أخبار عربية

هل تتحلى بـ “الفطنة الاجتماعية” المطلوبة للنجاح في بعض المجتمعات؟

[ad_1]

مجموعة من المواطنين اليابانيين أثناء حوار جماعي

مصدر الصورة
Getty Images

عندما تضع قدمك على سلم متحرك، هل تقف على أحد جانبي السلم لتتيح للآخرين فرصة المرور؟ وعندما يقول شخص ما في الغرفة إن الجو حار، هل تفتح النافذة؟ وإذا دعوت شخصا للقاء ونظر إليك بعدم اهتمام، هل تسحب دعوتك له؟

إن كنت لا تفعل شيئا من هذا، فإليك هذا النبأ السيء: أنت لا تتحلى بـ “الفطنة الاجتماعية”.

إن الوعي بالقواعد الاجتماعية اللاشفهية تتطلب فهما شاملا للبيئة التي تعيش فيها، بغض النظر عن شكل هذه البيئة وطبيعتها، كما أنها تعد مهارة تنطوي على أهمية كبيرة في دول العالم لاسيما في اليابان، التي ترتقي فيه المهمة إلى مستوى آخر من التواصل.

وتعد “الفطنة الاجتماعية” ممارسة مستمرة، وقد يفضي سوء استخدامها إلى فشل صفقات تجارية أو تخريب علاقات.

كما تستخدم في تفسير أو حل معضلات في مجالات مختلفة، من تكنولوجيا التعرف على ملامح الوجه إلى ألعاب الفيديو، مما يظهر مدى رسوخها وتأصلها في الحياة اليومية اليابانية.

قراءة بواطن الأمور

انتشرت تغريدة في اليابان العام الماضي تتحدث عن لقاء رجل أعمال في كيوتو بعميل محتمل، وبعد فترة وجيزة أثنى العميل على ساعة يد كان يرتديها رجل الأعمال، وبناء عليه بدأ رجل الأعمال في شرح مواصفات الساعة، لكنه أدرك أن ما كان يريده العميل بالفعل هو أن يجعله ينظر إلى ساعته، ليعرف كم هو الوقت لإنهاء الحوار.

وتقول روتشيلله كوب، مديرة شركة “جابان انترناشيونال” للاستشارات المعنية بتنظيم دورات تدريبية ثقافية، إن الظاهرة أكثر بروزا في المجتمع.

وتضيف: “بعبارة أخرى، تكتسب الظاهرة في اليابان أهمية خاصة ويمكنك أن تتوقع مشكلات إن عجزت عن ممارستها، إنها توقع مجتمعي ذو أهمية كبيرة”.

مصدر الصورة
G-Mode Corporation

Image caption

لعبة “كووكيومي: كونسيدر إت (فكر مليا)” تنمي مهارات اللاعبين في الفطنة الاجتماعية خلال مواقف مختلفة

وتقول يوكو هاسيغاوا، أستاذة اللغة اليابانية في جامعة كاليفورنيا، بيركيلي، إن “الفطنة الاجتماعية” تتطلب معارف متنوعة، ثقافية وتاريخية، فضلا عن معرفة داخلية بالمشاركين في الحوار، فعندما يتعمد شخصان “تبادل الإطراء، ربما يكونان عدوان لدودان، وإن لم تكن فطن لهذه الأمور، فربما تفصح عن شيء قد يؤجج العداء بينهما”.

وتضيف: “نظرا لقصور معرفتي في كثير من الأحيان، لا أتحلى بالفطنة في التجمعات واللقاءات الاجتماعية هنا في الولايات المتحدة”.

فإن كنت في اليابان، على سبيل المثال، وتتكلم بصوت مرتفع في عربة قطار يسودها الصمت أو تتكلم مع زبون فقد اهتمامه بما تعرضه عليه، فأنت تجازف بأن توصم بأنك (كيه واي)، وهو تعبير ياباني مسيء يستخدم اختصارا لعبارة “كويوكي جا يوميناي” وتعني “عاجز عن قراءة البواطن” أو غير فطن.

ويقول شينوبو كيتاياما، الأستاذ في جامعة ميشيغان بالولايات المتحدة والمحرر في مجلة (الشخصية وعلم النفس الاجتماعي): “يوجد بعض أفراد في كل مجموعة يوصمون بـ (كيه واي). في الغالب سوف يستبعدونك أو يتجاهلوك في نقاشات مهمة في كثير من المؤسسات. وأحيانا، يمكن أن يكون ذلك جزءا من الأسباب الكامنة وراء معاملة قاسية ومسيئة يتعرض لها التلاميذ في المدرسة. إذا وجدت الفطنة الاجتماعية أمرا مرهقا أو شاقا، فهذه مشكلة حقيقية”.

إتقان التعبيرات الصغيرة

تعد عملية التقاط الإشارات اللاشفهية جزءا مهما في سياق “الفطنة الاجتماعية”.

ويعكف ديفيد ماتسوموتو، أستاذ علم النفس في جامعة سان فرانسيسكو المتخصص في التواصل اللاشفهي والعلاقة بين الثقافات، على دراسة التعبيرات الصغيرة مثل الحركات اللاإرادية للوجه، والتي يمكن أن تكشف عواطف الإنسان الحقيقية.

فعلى سبيل المثال، عندما يقول أحد العملاء إنه سعيد بما تؤديه من عمل، فإن رعشة أو حركة لاإرادية خفيفة جدا في الشفاه أو رفع الحاجب يمكن أن تعني أنه لا يقول الحقيقة.

ويأتي رصد التعبيرات الصغيرة إلى جانب أساليب التواصل اللاشفهية الأخرى من بين الأمور بالغة الأهمية في أي تواصل أو تأثير متبادل، بغض النظر عن المكان الذي تكون فيه.

ويقول ماتسوموتو: “الصمت إحدى الإشارات اللاشفهية. وتغيير طريقة الوقوف أو الجلوس إشارة لاشفهية. كل هذه الأشياء تعد جزءا من الحزمة اللاشفهية التي تساهم في تحديد سياق المعنى”.

ويدير ماتسوموتو شركة “هامنتيل”، وهي شركة تنظم ورش عمل لتحسين القدرة على فك رموز وتفسير التعبيرات الصغيرة وغيرها من الإشارات اللاشفهية.

ويوجد آخرون يقدمون مثل هذه الخدمات، ففي حي الأعمال “تورانومون” في العاصمة طوكيو، يدير الباحث كينجي شيميزو معهد العلوم والتفاعل مع المواقف.

ويؤدي شيميزو نفس مهام ماتسوموتو، من حيث تدريب أشخاص، معظمهم يعملون لدى شركات أو هيئات حكومية يابانية، كيفية إتقان التعبيرات الصغيرة.

ويستخدم شيموزو نظاما طوره عالم النفس الأمريكي، بول إكمام، الذي ابتكر المصطلح الذي يصف التغيرات الخفية أو الدقيقة التي تطرأ على الوجه بأنها “تسرب انفعالي لاإرادي”.

ويستعين شيميزو بمواد بصرية تساعده في طريقة عرض المادة العلمية التي يقدمها للمتدربين، مثل مقابلة مع لاعب فريق اليانكيز الأمريكي للبيسبول، أليكس رودريغيز، في نيويورك عام 2007 كذب فيها بخصوص تعاطيه عقاقير منشطة (راقب الرعشة على جانب فمه).

كما يستخدم شيميزو أحيانا برمجية مزودة بكاميرا لابتوب ترصد الانفعالات البشرية الأساسية لملامح وجه شخص على نحو لحظي، تساعد هذا الشخص على أن يفهم بشكل أفضل الإشارات التي تصدر منه.

ويقول شيميزو: “إذا لاحظت اشمئزاز شخص ما، من خلال تجاعيد بادية حول أنفه، أو لاحظت غضبه في خفض حواجبه وتوسيع عينيه وضغطه على شفتيه، وإخفاء (هذه التعبيرات) وراء قناع من الابتسامات، فيمكنك مجاراته وأن تسأله ماذا يريد منك أن تفعله في الواقع”.

مصدر الصورة
Bryan Lufkin

Image caption

كينجي شيميزو باحث يقيم في طوكيو ويساعد الناس على تحسين قدرتهم على قراءة لغة الجسد لالتقاط ومعرفة الرسائل الخفية

لعبة لتحسين الأداء

وعلى الرغم من ذلك فإن فك رموز لغة الجسد تعد جزءا من مهارة أكبر، هي الفطنة الاجتماعية، التي تهتم بمعرفة سياق الموقف أو الحدث.

ويكتسي ذلك أهمية خاصة في بلد مثل اليابان، حيث الرسائل ليست دائما شفهية، ولكن ضمنية ويتعين استنتاجها أو الاستدلال عليها.

وتعد الفطنة الاجتماعية راسخة ومتجذرة في الثقافة اليابانية لدرجة وجود لعبة فيديو بشأنها، ففي شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، طُرحت لعبة تحمل اسم “كووكيومي: كونسيدر إت (فكر مليا)”.

وتدور اللعبة في سياق يتناول تعرض اللاعبين لأكثر من مئة موقف حساس، ويحصلون على نقاط كلما استطاعوا التحلي بالفطنة الاجتماعية. من بين المواقف، على سبيل المثال، أن تكون جالسا في قطار وبجانبك مقعد شاغر ثم يدخل زوجان، فماذا تفعل إزاء موقف كهذا؟ إذا كنت تتحلى بفطنة اجتماعية، سوف تقف ليستطيع الزوجان الجلوس معا.

إنها فرصة لصقل مهاراتك، أو أن تثور على وضع قائم، وفي دولة مثل اليابان تعتمد على الفطنة الاجتماعية، ربما يكون ذلك بمثابة تنفيس مطلوب، كما يقول هاتا تاكيشيتا مبتكر اللعبة الذي يعلق قائلا: “يستمتع غالبية اللاعبين اليابانيين بتعمد عدم التحلى بالفطنة الاجتماعية في هذه اللعبة”.

مصدر الصورة
Bryan Lufkin

Image caption

التواصل اللاشفهي يعد جزءا من الفطنة الاجتماعية، وتوجد برمجية ترصد حركات الوجه لتحسين الأداء

إذن كيف يمكن تحسين قدراتك والتحلي بالفطنة الاجتماعية، لاسيما إن كانت تنقصك المعرفة الضرورية الداخلية أو الثقافية؟

يقول كيتامايا: “جزء من هذا هو أن تضع نفسك مكان شخص آخر وأن تفكر بناء على ذلك”.

ويضيف أنه حتى عندما تشعر أن الأمر مرهق، اطمئن “بإمكانك تنمية هذه المهارات”. وأحيانا يؤدي التدريب والممارسة إلى الإتقان.

ويوصي هاسيغاوا بـ “المحاولة والخطأ عبر التواصل الاجتماعي” و”تنمية الرغبة بالتصرف مثل الآخرين”.

وتقول كوب إنه من الصعب تدريب الناس على ذلك، لكنها “تحثهم على المحافظة على تواصلهم مع الآخرين والبيئة المحيطة التي يعيشون فيها”، فضلا عن إيلاء اهتمام بتلك الإشارات اللاشفهية، والدأب على طرح أسئلة على نحو استباقي عما يمكن توقعه في موقف معين من المواقف.

ويضيف ماتسوموتو أن امتلاك، حتى ولو نذر يسير، من المعرفة الثقافية يساعدك في استنتاج ما يمكن أن تفعله لاحقا، سواء إن كنت تنظر إلى وجه شخص أو تفهم مرامي ما يدور من أحاديث داخل الغرفة.

ويقول: “يشمل ذلك في الواقع بعض الأمور الأساسية البسيطة، من قبيل إبداء الاحترام للثقافة الأخرى. وإن كنت مهتما فسوف يساعدك ذلك على إجادة الاستماع وأن تكون مستمعا فعالا ومراقبا فعالا أيضا”.

وتقول كوب: “تلزمك الفطنة الاجتماعية بكل تأكيد باليقظة والتفكير في الإشارات التي يرسلها كل من حولك”.

وتضيف: “إنها بحق عادة جيد أن يمتلكها أي رجل أو سيدة أعمال، مهما كان الموقف الذي يمرون به”.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى