الجسر الجوي الطبي يعطي بارقة أمل لليمنيين
[ad_1]
تبلغ رغد من العمر 13 عاما، وهي واحدة من 30 مريضا، يستعدون للسفر من أجل العلاج خارج اليمن.
حدثني عبد الله، والد رغد، عن ابنته فقال: “كانت دائما أذكى التلاميذ في مدرستها”. كنا نجلس في حديقة أحد الفنادق بالعاصمة صنعاء، حيث كانت عائلته وعائلات العشرات من المرضى تنتظر منذ شهور وعد الأمم المتحدة بنقلهم إلى الخارج من أجل العلاج.
هذه خطوة صغيرة ولكنها غاية في الأهمية بعد ثلاث سنوات من الحظر الجوي، الذي فرضه التحالف بقيادة السعودية، في حربه على الحوثيين دعما للحكومة اليمنية.
ويقول والد رغد بصوت متقطع وقد غلبته الدموع: “لو بقيت رغد في اليمن لبترت رجلاها لأن الأطباء هنا غير قادرين على علاجها”. يشهق ثم يضيف: “سيكون ذلك أقسى عليها من الموت”.
يتنهد عبد الله ثم يقول بعبارات متقطعة: “أحبها، عندما تكبر تريد أن تكون طبيبة مختصة في طب العظام لتعالج الأطفال، مثلها”.
وتصف ليز غراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، هذه الخطوة بأنها “إنجاز عظيم”. فقد تطلب الأمر “ثلاثة أعوام من المفاوضات الشاقة للتوصل إلى اتفاق الطرفين على التدابير”.
وتضيف وهي تحدثني في مجمع شديد الحراسة للأمم المتحدة بصنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين: “هذا دليل على الناس يهتمون بما يجري لليمنيين”.
وهو أيضا دليل على أن الطبقات الضعيفة في المجتمع هي التي تحترق في أتون الحرب الطاحنة التي تدخل عامها الخامس.
وقد أقلعت الاثنين طائرة صغيرة تابعة للأمم المتحدة وعلى متنها 7 مرضى.
هناك مطاران دوليان آخران في جنوب اليمن الخاضع لسيطرة الحكومة، ولكنهما يبعدان عن العاصمة عدن بنحو 15 إلى 20 ساعة، والطرقات إليها مهترئة ومسالكها وعرة بين الجبال، كما تمر عبر نقاط تفتيش تابعة للحكومة وأخرى تابعة للحوثيين.
قبل أيام من بدء الجسر الجوي الطبي أُخذنا إلى مطار صنعاء الدولي، فوجدناه موحشا لا حركة فيه.
هناك خرج إلينا القيادي في جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، محمد علي الحوثي، على عربة مسلحة. كانت فرصة نادرة له ليتحدث إلى وفد من الصحفيين الأجانب، فقال: “جئنا بكم إلى هذا المطار لنبين لكم أنه تعرض لهجمات في السابق، وهو الآن مغلق”.
رأينا طائرة تابعة لبرناج الغذاء العالمي ( WHO)على مدرج المطار. ويسيطر التحالف، بقيادة السعودية، على الأجواء اليمنية ولا يسمح بهبوط إلا عدد قليل من الطائرات.
وعلى حافة المدرج حطام طائرة يعتقد أن غارات التحالف هي التي دمرتها في 2016.
وفي الداخل قاعة الركوب خالية إلا من القطط الضالة. وفي الطابق الأعلى مكاتب وكراسي تغطيها طبقات من الغبار تراكمت على مدار ثلاث سنوات.
خلال العام الماضي، اقترح التحالف مخرجا للأزمة بتحويل الرحلات إلى مطار بيشة، جنوب غربي السعودية، أو إلى عدن ليتسنى تفتيش الطائرات.
وكان رد الحوثي أن “هذا المطار له تدابيره الأمنية، بمعنى أن الطائرات المدنية لا تحمل أسلحة، وهناك أقمار اصطناعية كما لهم جواسيسهم على الأرض. فإذا حدث أي شيء في مطار صنعاء يمكنهم إثباته بالصور”.
فهو يرى أن مقترح التحالف يقزم مطار صنعاء ويجعله مطارا محليا. والسيادة بالنسبة له فوق كل اعتبار، حتى الأرواح البشرية.
وقال قبل أن يواصل جولته التفتيشية العسكرية: “لنا سيادتنا واستقلاليتنا ولن نكون خدما لأحد”.
ووصف المتحدث العسكري السعودي، تركي المالكي، “رحلات الرحمة” بأنها “مبادرة إنسانية”.
وترى مصادر مقربة من المفاوضات أنها أيضا تنازل سياسي من السعودية. فقد تدخل كبار المسؤولين السعوديين للوصول إلى تلك النتيجة.
ويعتقد أن الموافقة على الجسر الجوي الطبي جزء من توجه سعودي يميل إلى تهدئة التوتر، بما في ذلك الدخول في مفاوضات سرية مع الحوثيين، الذين يواجهون نزاعات داخلية.
وواجهت الأمم المتحدة صعوبات لإيجاد دول تستضيف هؤلاء المرضى، على الرغم من أن تكاليف العلاج تتحملها منظمة الصحة العالمية، لأن بعض الدول تخوفت من عدم عودة المرضى ومرافقيهم إلى بلادهم، بعد العلاج.
كل هذا الوقت والمرضى ينتظرون وحالاتهم تتفاقم، وقائمة المرضى تطول ليصل عددهم 30 ألفا.
أخبرتني إحدى المسؤولات في منظمة الصحة العالمية أنهم عندما كانوا يكلمون عائلات المرضى لإخطارهم بموعد الرحلات الجوية في فبراير/ شباط، كان بعضهم يغلق الخط بغضب بعدما يخبرنا أن قريبه لم يعد على قيد الحياة.
حتى الأطباء في مستشفى السرطان الوحيد في اليمن يئسوا من هذه الرحلات التي طال انظارها، ولم يعودوا يضعون قوائم للحالات الطارئة.
في هذا المستشفى، حتى يسهر على رعاية المريض بحاجة إلى رعاية.
يقول الدكتور عبد الله ثوابة، مدير مركز طب الأورام، “الكثير من الأطفال يموتون لأنهم لا يستطيعون السفر إلى الخارج للعلاج. نستقبل 700 طفل كل عام”.
ويضيف: “من الصعب أن تكون طبيبا هنا. نصاب بالإحباط أحيانا لأننا لا نستطيع تقديم العلاج المطلوب لمرضانا.
مطيع، يبلغ من العمر 6 سنوات، يضع ساعة سبايدر مان بلاستيكية على ذراعه النحيل، وعلى رأسه الأصلع قبعة صوفية مخططة، ولكن نظرته فارغة لا تشي بشيء من المرح أو السعادة.
والد مطيع أيضا يحمل أثقالا من الأسى والحزن وهو ينحني على سرير طفله.
يقول إن مطيع يعاني من سرطان المعدة، ولا ينام من شدة الألم.
سافر الرجل وابنه سفرا طويلا إلى صنعاء من بلدة قرب مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.
تصف سلطانة بيغوم، من المركز النرويجي للاجئين، ما يجري للمرضى اليمنيين، بأنه “حكم بالإعدام، فالحصار منع آلاف المرضى اليمنيين من مغادرة البلاد للعلاج. ومنع أيضا دخول الأدوية والمعدات الطبية”.
في مقبرة صنعاء التي أخذت تتوسع يوما بعد يوم، يرش أواب، البالغ من العمر 17 عاما، قبر والده بالماء، ويضع عليه زهورا.
يقول أواب: “والدي كان يعاني من تليف الكبد لمدة 13 عاما. ولم يجد الدواء فازدادت حالته سواء”. ويضيف بحسرة “وعدونا منذ عامين بأن يأخذوه في هذه الرحلات الأممية”.
الجسر الجوي الطبي بارقة أمل بالنسبة لأسوأ كارثة إنسانية في العالم. أمل كاد اليمنيون أن يفقدوه.
[ad_2]
Source link