أخبار عاجلة

يركز «1917» بشدة على ما هو «إنساني» في هذه البيئة اللاإنسانية

[ad_1]

انطلق فيلم «1917» في دور السينما بشكل محدود في 25 ديسمبر الماضي، حيث اقتصر عرضه على المهرجانات فقط، وتم إطلاقه بدور السينما بشكل واسع في 10 يناير 2020، ويعد هذا العمل أول عمل سينمائي درامي حربي يتناول بعض الأحداث خارج نطاق الأفلام الوثائقية.

تجري أحداث «1917» المروعة على مدار أقل من 24 ساعة في الجبهة الغربية إبان الحرب العالمية الأولى، وهو فيلم ملحمي بسيط في قصته ويخطف الأنفاس في طريقة تقديمه، وهو من إخراج سام مانديز الذي يقدم لنا قصة بقاء وتشويق آسرة للغاية حول جنديين بريطانيين يافعين هما سكوفيلد (جورج ماكاي) وبلايك (دين تشالز تشابمان) اللذان ينطلقان في مهمة محفوفة المخاطر خلف خطوط العدو.

لا يتم تقديم الجنديين في هذا الفيلم على أنهما استثنائيين أو مميزين، هما مجرد اثنين من بين عدد لا يحصى من القوات العادية التي تحارب في الحرب العالمية الأولى، إلا أن تلك اللمسة من الطبيعية التي تنطبق على أي شخص هي ما أضفت نوعا من الشعور الإنساني والتواصل والتعاطف المباشر مع هذا الثنائي، ويمكن أن يكون «بلايك» و«سكوفيلد» أي شخص، لكن تم تكليفهما بالقيام بشيء استثنائي وبطولي بوجه خطر كبير، وهو توصيل رسالة خلال فترة زمنية محددة لقسم آخر لمنعه من الوقوع في فخ الألمان، ولو فشلوا في توصيلها سيموت 1600 جندي، من بينهم شقيق «بلايك» الأكبر.

يتم تصوير «1917» بمفهوم اللقطة الواحدة الطويلة لكل الفيلم وفعليا لم يتم تصويره بلقطة واحدة، لكن باستخدام خدع سينمائية ذكية ولقطات مركبة وغيرها ليبدو كما لو أنه قد تم تصويره بلا توقف، وفي حين أن هذا النهج ليس بالجديد وقد رأيناه عدة مرات من قبل أبرزها فيلمي «Rope» و«Birdman»، إلا أن الخدع هنا لا تبدو ظاهرة، بل يتركك الفيلم منغمسا بالكامل في رحلة «بلايك» و«سكوفيلد»، ستشعر بالخطر والحيرة والقلق من مهمتهما في كل خطوة شاقة على الطريق لأنك معهما هناك.

يقدم لنا المخرج سام مينديز (من خلال السيناريو الذي شارك في تأليفه مع كريستي ويلسون كايرنز) محنة مليئة بالتوتر في مشهد تلو الآخر يضع بطلينا الشابين فيها، لدرجة تشعر فيها أن الموت يمكن أن يأتيك من أي مكان وأي موقع، سواء أكان ذلك في نفق ألماني ضيق أو حقل مفتوح واسع، فلا يوجد مكان آمن، وبالإضافة إلى إخراج مينديز الرائع المليء بالتوتر، يأتي التصوير السينمائي المذهل على يد روجر ديكينز، والكتابة شديدة السلاسة على يد لي سميث، وتصميم الإنتاج الاستثنائي على يد دينيس غانسر، فيجتمع كل هذا ليساهم في جعل المشاهد يشعر بأنه هناك بالفعل في ساحة المعركة في قلب فرنسا التي تمزقها الحرب.

من الناحية البصرية، لا يتم تصوير مشاهد الفيلم فقط في الخنادق الموحلة وساحات المعارك المليئة بالأسلاك الشائكة كما قد تتوقع من فيلم من الحرب العالمية الأولى، بل يستعرض «1917» أيضا مشاهد أكشن وتشويق تجري في حقول هادئة وقرى فرنسية دمرتها الحرائق ومليئة بالأخطار الكامنة.

وكثيرا ما يتخلل الجمال البسيط للريف الأوروبي الأصيل صور الأجساد المشوهة والآلات المدمرة للمذابح التي صنعها الإنسان، إنه جمال متنافر ورائع في آن واحد.

لن يكون لكل هذه المناظر المذهلة والدقة بأسلوب التصوير كلقطة واحدة تأثير كبير على المشاهد لو لم نهتم بأمر الشخصيتين الرئيسيتين، وتأتي تفاصيل حياة «بلايك» و«سكوفيلد» قبل الحرب وخارجها بشكل متقطع، ولا يحدث ما يمكن أن نقول عنه كشف واسع النطاق إلا عندما يحصلان على مهمتهما، وبعد ذلك لا يفعلان شيئا سوى الجري، حرفيا، والمشاهد يتابعهما عن قرب، ويستخدم مينديز وويلسون كايرنز أسلوب التحفظ في الكشف ويعتمدان على سرد القصة بالأداء الجسدي للسماح لنا بفهم ما تشعر به الشخصيتان الرئيسيتان، وهذا ما يعطي الفيلم قوته.

تجري أحداث جزء كبير من النصف الثاني من دون أي حوار، وهذا دليل على قوة أداء البطلين اللذين نفهمهما تماما ويجعلاننا ننغمس بالرحلة المؤثرة والمروعة التي يقومان بها من دون الحاجة للكلام، وفي حين أن ما سيعلق بأذهاننا لفترة طويلة هو الأداء البدني المرهق الذي يتطلبه دوريهما، إلا أن تشابمان وماكاي يظهران أيضا بشكل مثير للإعجاب في لحظاتهما الأكثر هدوءا ويأسا الجانب الضعيف لشخصيتيهما والخوف والإرادة القوية التي يشعران بها، تلك هي المشاهد التي ستتركك مأسورا في الدراما الإنسانية وسط كل هذا المشهد الكئيب.

يظهر العديد من الممثلين المشاهير على طول الفيلم بمشاهد قصيرة رائعة بأدوار ضباط، من بينهم كولين فيرث، بنديكيت كامبرباتش، بالإضافة إلى مشهد معين يختطف الأضواء من قبل أندرو سكوت، لكنهم لا يصرفوا انتباهنا عن الثنائي الرئيسي، يلعب أولئك النجوم أدوار الرجال الأكبر سنا الذين يتبعهم الشباب قليلو الخبرة إلى المعارك من دون تردد، والذين على الأرجح لن يعودوا إلى منازلهم.

لدينا اعتراض واحد كبير حول أحد المشاهد التي تعتمد على عزل «بلايك» و«سكوفيلد» من أجل خلق الشعور بالخطر والتوتر الذي يهددهم، والذي يتم تقليله بعد ذلك عند الكشف عن وجود كتيبة من الجنود البريطانيين بالقرب منهما، لكن بالنظر إلى موقعهما في هذا المشهد، من المستحيل ألا يكون الثنائي قد سمعا أصوات أولئك الرجال ومركباتهم مسبقا، إنها لحظة غير منطقية في فيلم يتميز بواقعيته الوحشية الشديدة.

في حين أن هناك الكثير من الأفلام التي تستعرض الحروب على أنها جحيم، إلا أن ما يميز هذا العمل هو إعادة تصويره النابضة بالحياة للغاية للحرب العالمية الأولى والصراع المروع الذي لم يتم توثيقه على الشاشة بمقدار ما تم توثيق الحرب العالمية الثانية بتفاصيل رائعة مليئة بالتوتر والمشاعر المؤثرة.

يقدم «1917» رحلة تم تصويرها بخبرة عالية وتحمل ثقلا عاطفيا مرهقا ومليئا بالإثارة خلف خطوط العدو، كما تم تنفيذه ببراعة ويسير بوتيرة مثالية، وهو مذهل بإعادة تصويره المثالية للزمان والمكان، وما يميز الفيلم هو عدم تجاهله للعناصر الأصغر والأكثر حميمية في قصة سريعة الوتيرة مع أكشن رائع في نطاق هائل.

يركز «1917» بشدة على ما هو «إنساني» في هذه البيئة اللاإنسانية، إنه أحد أفضل الأفلام لهذا العام من دون شك.

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى