أخبار عربية

المسلسل التليفزيوني الذي تنبأ بالمستقبل بدقة عجيبة

[ad_1]

المسلسل التليفزيوني الذي تنبأ بالمستقبل بدقة عجيبة

مصدر الصورة
Kvartal 95 Studio

تحول مكتب الرئيس الأوكراني إلى مشهد هزلي، يبدأ بدخول وزير الدفاع، الذي كان صديقا سابقا للرئيس، متوترا وحائرا بعد تكليفه بتخفيض ميزانية الجيش. وحين أخذ صوته يرتفع وهو يشكو من الصعوبات التي واجهها للتفاوض مع الجنرالات، أعطاه الرئيس بهدوء جرعة من المهدئات وأمره بالانصراف.

وسرعان ما دخلت وزيرة المالية، وهي أيضا طليقته، تشتكي من انهيار أحد البنوك، وأنها لم تقرر بعد ما إن كان من الأفضل أن ترد للمودعين أموالهم. وكعادته، أعطاها الرئيس جرعة من المهدئات وأمرها بالانصراف.

وفي النهاية، دخل إلى غرفته صديقه ووزير العلاقات الدولية بعد أن أفسد مؤتمرا صحفيا بشأن المظاهرات في أوغندا بتصريحاته الرعناء، وناوله الرئيس جرعة المهدئات أيضا.

لكن عندما دخل الوزير الرابع وصديقه السابق، كان كيل الرئيس قد طفح. فبعد فوزه المفاجئ في الانتخابات الرئاسية الأوكرانية، توافد على مكتب هذا المدرس السابق، أقاربه ومعارفه وأصدقاؤه، يطلبون منه التوسط للحصول على وظائف أو لتلبية خدمات خاصة. والآن بعد أن قلّد القليل منهم أعلى المناصب في البلاد، يبدو أنهم لا يجيدون شيئا سوى الشكوى.

مصدر الصورة
Kvartal 95 Studio

Image caption

عرض مسلسل “خادم الشعب” في عام 2015، وأدى فيه فولوديمير زيلينسكي دور رجل عادي أصبح رئيسا لأوكرانيا

هذا المشهد هو جزء من الموسم الأول للمسلسل الكوميدي السياسي التليفزيوني الأوكراني “خادم الشعب”، الذي قام فيه فولوديمير زيلينسكي بدور مدرس أصبح رئيسا للبلاد بعد أن حقق مقطع فيديو ينتقد فيه الفساد الحكومي انتشارا واسعا.

ويتناول المسلسل في إطار هزلي الصراع الطويل الذي تخوضه الدولة مع حكم الأقلية أو ما يعرف بالأوليغارشية والبيروقراطيين الغارقين في الملذات منذ أن نالت استقلالها عن الاتحاد السوفيتي قبل 18 عاما.

لكن هذه المشاهد الساخرة من المسلسل، مثل المشهد السابق، اتخذت بعدا جديدا بعد أن تقلد زيلينسكي منصب رئيس أوكرانيا بفضل الشهرة الواسعة التي نالها لإتقانه دور الزعيم في المسلسل، ولا سيما بعد أن استدرج الرئيس الأوكراني إلى قلب الساحة السياسية الأمريكية في أعقاب المحادثة الهاتفية الشهيرة مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب التي أحيل بسببها دونالد ترامب للمساءلة.

وربما لا يستبعد المرء، في ضوء هذه السلسلة من حلقات المسلسل الساخرة، أن يبدأ المشهد اللاحق بصوت جرس الهاتف في مكتب الرئيس الأوكراني الذي يفاجأ بأن المتصل هو رئيس الولايات المتحدة يطلب منه أن يسدي له خدمة يسيرة أيضا.

وتسلط حلقات “خادم الشعب” الضوء على جانب آخر من المكالمة الهاتفية التي قد تطيح بالرئيس دونالد ترامب. فمنذ استقلالها في عام 1991، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ظل المناخ السياسي في أوكرانيا يشجع على هذا النوع من الضغوط على الرئيس الأوكراني، كما في حالة الرئيس ترامب، وإن كانت هذه الضغوط في الغالب يمارسها أفراد النخبة الذين يتحكمون في مفاصل الدولة.

وعُرض مسلسل “خادم الشعب” في أوكرانيا للمرة الأولى في عام 2015، وأدى فيه زيلينسكي، الذي كان ممثلا كوميديا آنذاك، دور رجل عادي وصل إلى سدة الرئاسة الأوكرانية. وعرض الموسم الثالث من المسلسل على قناة 1+1 المحلية، وشبكة نتفلكس في بعض الدول. وحققت الحلقة الأولى من المسلسل 13.7 مليون مشاهدة على موقع “يوتيوب”. وفي عام 2016، قبل أن يكون له صدى سياسي دولي، حقق تسعة ملايين مشاهدة.

وفي عام 2018، تحول خيال الكاتب إلى واقع حين تشكل حزب يحمل اسم “خادم الشعب”، وفاز مرشحه زيلينسكي، بالانتخابات الرئاسية في عام 2019.

مصدر الصورة
Kvartal 95 Studio

Image caption

استلهم حزب “خادم الشعب” السياسي اسمه من المسلسل الكوميدي السياسي، وساهم في إيصال زيلينسكي إلى سدة الرئاسة في مايو/أيار عام 2019

وتقول الصحفية كاثرين جاكوبسن، إن نجاح مسلسل خادم الشعب وفوز زيلينسكي في الانتخابات الرئاسية يكشفان عن مدى ضيق الشعب الأوكراني وحنقه من النخبة الثرية المتحكمة في مقاليد الأمور. فقد أدرك الناس أن هناك آخرين يشاركونهم مشاعر السخط. إذ تناول المسلسل بجرأة الأمور التي يظن الجميع أنها تدور خلف الكواليس لكن أحدا لا يجرؤ على إثباتها.

ويحفل المسلسل بمشاهد تصور أفراد النخبة الأوليغارشية وهم يخططون من مقاعدهم ومقراتهم الفخمة للسيطرة على الحكومة بينما يتناولون الكافيار والفاكهة والخمور. وهذه المشاهد التي تبدو خياليه للمشاهدين خارج أوكرانيا تصفها جاكوبسن بأنها تكاد تصف الواقع بمنتهى الدقة داخل أوكرانيا.

وعندما تسلم الرئيس الأوكراني الجديد مهام منصبه، دهش من مظاهر البذخ والترف في المنتجع الرئاسي، حيث كان يعيش الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش وسط سياراته الفارهة ومزرعة النعام ومهبط الطائرة المروحية، قبل هروبه في عام 2014 بعد اندلاع الثورة الأوكرانية.

وفي مشهد لافت آخر من المسلسل، حاول رئيس الوزراء، أحد الشخصيات الرئيسية في المسلسل ويجسد الأساليب البالية في الحكم، تفريق إحدى التظاهرات عن طريق نشر أخبار كاذبة عن ارتطام وشيك لنيزك بالأرض.

مصدر الصورة
Kvartal 95 Studio

Image caption

صعود زيلينسكي إلى الحكم يشبه إلى حد كبير صعود نظيره الأمريكي ترامب الذي كان يقدم أحد أشهر برامج تليفزيون الواقع، “ذا أبرنتس” أو المتدرب في الولايات المتحدة

وحقق مسلسل “خادم الشعب” شهرة واسعة وضعته في مصاف المسلسلات الكوميدية العالمية المتقنة، وأسهمت جودة المسلسل لا في الكشف عن مواطن الفساد بدقة فحسب، بل أيضا في إيصال البطل إلى سدة الرئاسة.

إذ تناول مسلسل “خادم الشعب”، بإنتاجه المتقن والسيناريو المحكم والتجسيد الرائع للأدوار، قضايا واقعية تؤرق الشعب الأوكراني، وفي الوقت نفسه أعطاهم أملا في مستقبل مشرق، دون أن يتخلى عن إطاره الهزلي.

وليس من المستغرب أن يسهم هذا المسلسل المتقن وتجسيد زيلينسكي المميز لدور الرجل العادي الذكي والمهذب، في النجاح الساحق الذي حققه زيلينسكي في الانتخابات الرئاسية، إلى حد تخطى خيال المؤلف. فقد فاز الرئيس في المسلسل بنسبة 67 في المئة من الأصوات، بينما فاز زيلينسكي في الواقع بنسبة 73.2 في المئة من الأصوات.

وكانت افتتاحية المسلسل بمثابة دعاية مثالية للمرشح الرئاسي، إذ بدا زيلينسكي مستقلا دراجته يطوف بها شوارع كييف تصحبه موسيقى جذابة يقطعها جرس الدراجة بين الحين والآخر، ثم يترك دراجته أمام المباني الحكومية ويمارس مهامه الرئاسية الشاقة كالمعتاد.

وتقول جاكوبسن إن زيلينكسي حاز على ثقة الناس لأنهم ظنوا أنهم بإمكانهم الولوج إلى عقله وقراءة أفكاره ونظرته للقضايا السياسية التي تناولها المسلسل. وهذا أعطى للناس بعض الأمل في انتخاب رئيس يتفهم مشاعرهم.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

في يوليو/تموز عام 2019، أجرى الرئيس دونالد ترامب مكالمة هاتفية مع نظيره الأوكراني زيلينسكي أحيل بسببها ترامب للمساءلة

وبعد أقل من سنة على توليه منصب رئيس الجمهورية، لم يتضح بعد ما إن كان زيلينسكي سيظل “خادما للشعب” كنظيره في المسلسل، أم أنه سيعجز عن تلبية تطلعات الشعب.

ولعل الموقف الذي اتخذته حكومته في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، للتصدي لمحاولات إيهور كولومويسكي، أحد وجوه النخبة الحاكمة في أوكرانيا، لاستعادة السيطرة على البنك الذي كان أحد المشاركين فيه قبل أن تضع الدولة يدها عليه، كان بمثابة بادرة أمل في الأفق السياسي الأوكراني. وجدير بالذكر أن كولوميسكي يمتلك القناة التليفزيونية التي بثت مسلسل خادم الشعب وساعد في إيصال زيلينسكي للحكم.

ولم تؤثر أزمة المكالمة الهاتفية على سمعة زيلينسكي، الذي حالفه الحظ حين نشرت مكالمة ترامب على الملأ قبل أن ينصاع للضغوط. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، كان زيلينسكي يدرس طلب ترامب، واضعا في الاعتبار أهمية المساعدات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا في صراعها مع القوات المدعومة من روسيا.

ولا شك أن مهارات زيلينسكي كنجم تليفزيوني أسعفته حين استدرج إلى الساحة السياسية الصاخبة في الولايات المتحدة مع نظيره الأمريكي الذي كان أيضا نجما تليفزيونيا في أحد برامج تليفزيون الواقع.

ويبدو أن الموسم الرابع من “خادم الشعب”، أو بالأحرى، العام الأول لتولي زيلينسكي الرئاسة، سيكون حافلا بأحداث لم تخطر على بال مؤلفي المسلسل قط.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Culture

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى