أغنية سالمونيلا تعيد الحديث حول العنف ضد النساء
[ad_1]
منذ آب/أغسطس 2018 رقص كثيرون في حفلات أعراس في مصر على أنغام أغنية سريعة الإيقاع ومؤلفة من جملة واحدة من ثلاث كلمات هي “إنتِ أي كلام”؛ يكرر الجملة ذاتها لأكثر من أربع دقائق تميم يونس، المعروف بأعماله ذات الطابع الساخر.
وفي بداية هذا العام الجديد عاد تميم وأصدر أغنية أسمها “سالمونيلا” شاهدها أكثر من 7 مليون شخص على موقع يوتيوب في أسبوع واحد، وكانت كلمات الأغنية هذه المرة أكثر عددا من الأولى وتسببت بإزعاج كثيرين.
انقسم الناس بشدة حول الأغنية وكُتبت حولها مقالات رأي كثيرة وامتلأت صفحات فيسبوك بمنشورات بخصوصها؛ إذ فرح أشخاص بشكل الأغنية ومضمونها بينما اعتبرها آخرون دعوة للعنف ضد المرأة. بدا النقاش كأنه حول الفستان الشهير؛ ينظر الناس لصورة الفستان ذاته فيراه بعضهم ذهبيا وأبيض اللون، بينما أقسم آخرون أنه أزرق وأسود – الفرق هنا أن الموضوع ليس عن تفسير علمي، بل عن مشكلة اجتماعية تؤرق المجتمع المصري ومجتمعات كثيرة أخرى.
فاطمة عبد السلام، مدوّنة مصرية لديها متابعون كثر على فيسبوك، ترى أن ردة فعل الناس هي الصادمة بالنسبة لها – وليس الأغنية ذاتها.
“كالعادة، يبالغ الناس بردة فعلهم حول أمر لا يؤدي إلى أي مكان. ما لا يمكن استيعابه هو أن ما يحدث في الواقع أصبح أقل أهمية مما يحدث في العالم الافتراضي” – في إشارة منها إلى جريمة التحرش بفتاة في مدينة المنصورة في مصر التي حدثت بنفس توقيت إصدار الأغنية.
هل تقدم السينما المصرية “دروسا” في التحرش؟
“لكل راجل مقموص”
أنتج عدد من الأغاني خلال السنوات القليلة الماضية للتوعية بانتهاكات تتعرض لها النساء في المجتمعات العربية مثل ضرب المرأة أو تعييرها بكونها مطلقة؛ إليسا، مثلا، غنت “تعبت منك” عام 2013 عن غيرة الرجل منها وعليها وتسلطه، و”يامرايتي” 2015 عن العنف الأسري وضرب الزوج لزوجته. وكارول سماحة أصدرت عام 2019 أغنية “أنا المطلقة”.
كما تعاونت مجالس المرأة في مصر ولبنان مع مغنيين لإنتاج أغان ذات رسائل مباشرة جدا لدرجة “الفجاجة” بالطرح لنشر التوعية بحقوق النساء مثل أغنية “نور” و”مش هيك الرجال بتبقى” التي يقول فيها نقولا نخلة: “تخيل حدا عم يضرب أمك، قلي كيف بيبرد دمك، وأختك عأمرها مغلوبة، وبنتك شايفها مضروبة، ومعلم لون الأزرق فيها. لا تستقوي بعضلاتك، فكر بشريكة حياتك.. عنفك عم يكسرلي حلمي..”.
أغنية تميم تبدو مختلفة نوعا ما عن الأغاني العربية التي أنتجت، وتشبه إلى حد ما أغنية “أنيمالز/ حيوانات” لمارون فايف الأمريكية (2014) التي تظهر رجلا يطارد بعنف امرأة أعجبته.
“سالمونيلا” تبدأ بأنغام وكلمات رومانسية عن شاب يرى فتاة تطلب قهوة بالحليب فيحاول الحصول على رقمها، ثم يبدأ بتهديدها ويتوعدها بكل أنواع الإساءات لها إن تجرأت ورفضت مواعدته.
تتأرجح الأغنية بين جمل تحمل وعودا حالمة يُسمعها شاب لمن يتمنى أن تكون حبيبته من قبيل أنه سيصنع لها بيتزا بالجبن في منزلهما، وبأن يقدم لها معطفه عند مغادرتهما السينما بسبب البرد، وأن يبقيا طول العمر معا، كما يعدها بشبكة وببيت من طابقين، ثم ينقلب كل شيء فجأة ويبدأ بتهديدات غاضبة تلغي كل تلك الوعود إن تجرأت ورفضته.
يظهر تميم وعلى فمه آثار دم، ووراءه الفرقة المكونة من مجموعة رجال تترك الخطوات الراقصة وتبدأ بالعراك بشكل عنيف والمغني وسطهم يحدق بطريقة مخيفة كلما جاءت فقرات التهديد والوعيد. لا وجود للمرأة التي يتحدث عنها إلا في عقول المشاهدين.
كتب تميم، وهو مخرج إعلانات شاب، رسالة أرفقها بالأغنية المصورة تقول: “لكل رجل مقموص بتظهر حقيقته لما يترفض” – لكن كثيرين اعتقدوا أن تميم أوصل رسالة للشباب مختلفة تماما عما أعلنه.
المجلس القومي يخاطب “غوغل”
طالب المجلس القومي للمرأة موقع “غوغل” بوقف الأغنية والسبب الذي قدمه هو أنها “تحمل رسالة تهين المرأة وتنتقص من حقوقها، وتدعو للتنمر وتعد تحريضاً صارخاً على الاعتداء عليها، كما تحتوي على عبارات وألفاظ خارجة على الآداب العامة وتؤسس لجريمة السب والقذف عبر مواقع التواصل الإلكتروني”.
لكن رأى مصريون أن هذه المطالبة بممارسة الرقابة على عمل فني أمر مبالغ فيه.
وضّح تميم بعد الهجوم الذي تعرض له أن المقصود من الأغنية “الاستهزاء من الشاب الذي يبقى رومانسيا ولكن ما أن تقول له الفتاة ‘لا ‘ حتى يجن ويظهر جنونه ويبدأ بشتم الفتاة والحديث عنها بكلام غير حقيقي ويعاملها بطريقة ذكورية فيها نقص”.
وقال: “أنا بهزر وبحب الهزار ومش حبطل هزار”.
صحيح أن كثيرين قالوا إنهم فهموا المغزى الذي أراده تميم من الأغنية، لكن آخرين لم يعجبهم هذا النوع من المزاح لأنه يتعلق بقضية جدية هي تعنيف النساء، ورأت كثيرات أن “نية” تميم وحدها لم تكن كافية؛ فالرجل مهما حاول أن يتكلم باسم النساء وأن يتناول جرائم الانتهاكات بحقهن فلن يتمكن من نقل تجربة تتعرض لها امرأة. وحذّرت أخريات من أن مثل هذه الأغاني قد تتحول إلى “ثقافة مقبولة” وستفهم على أنها دعوة للتطبيع مع العنف.
لم يبق النقاش – طبعا – مقتصرا على المصريين؛ فالمشكلة واحدة في البدان العربية؛ فشارك كثيرون قصصا سمعوها عن مصير فتيات قلن “لا” لرجل.
كتبت ريم محمود على صفحة نسويات سوريات على فيسبوك: “فتيات تعرضن لابتزاز وتهديد بفضح صور خاصة عند قرارهن بإلغاء علاقة عاطفية، وقبول بعضهن بالاستمرار بها تحت وطأة التهديد والفضيحة، وأخريات تعرضن للملاحقة والإساءة لسمعتهن بعد الخروج من علاقة عاطفية. نساء قتلن بعد رفضهن علاقة عاطفية مع شاب”.
ونسي كثيرون اسم الأغنية الحقيقي واستبدلوه بالجملة التي فيها كثير من الوعيد “عشان تبقي تقولي لأ” التي تتردد كثيرا في الأغنية.
كانت فاطمة عبدالسلام، ذات الـ 38 عاما، من بين الفريق الذي لم يشعر بالـ “إهانة” من سماع الأغنية، واعتبرت أن الشخصية التي قدمها تميم “كاريكاتورية بوضوح”، في حين أن هناك أغان أخرى، مثل أغاني المطرب تامر حسني، ذي الشعبية الواسعة جدا، فيها كلام مباشر يدعو إلى عنف واضح ضد المرأة مثل أغنية “سي السيد” التي يقفل فيها الباب على حبيبته بينما يذهب للاحتفال مع نساء أخريات وهو يسخر منها ويصفها بالمجنونة.
“يمكن هذه السلبية تجاه أغنية تميم سببها أنها جسد شخصية رجل غير سوي بشكل مباشر، بينما تامر حسني يغني وهو في المسبح، شبه عاري محاطا بالفتيات. لو فعلا الناس المثقفة تود لعب دور إيجابي، فالأحرى بهم توعية البنات عن ما ينتجه تامر حسني وأمثاله من أغاني حب مريضة. فعليا هذه الضجة ستنتهي بينما ستبقى الكارثة الحقيقة في ذاك النوع من الأغاني”.
“حب مريض”
تقول فاطمة إنها شخصيا وقعت أكثر من مرة في حب رجل ذي شخصية متسلطة و “نفدت منها” كما تقول ضاحكة. لذا فهي مهتمة بالحديث خاصة على صفحتها على فيسبوك عن علاقة ما يقدم في السينما والأغاني حول معنى الحب وحول طبيعة العلاقة الصحية بين الشريكين.
“أعرف أن أكثر من امرأة تنصاع لما ترى أنه مقبول في الأفلام والأغاني فتعيش حياة منقوصة. لذا أحاول على السوشال ميديا – بسعادة – أن أتحدث عن هذا النوع من العنف لتعلم النساء أنه غير مقبول”.
[ad_2]
Source link