أخبار عربية

الوضع في ليبيا: جدل حول الموقف التونسي وتحرّكات جزائرية حثيثة


تضارب في التصريحات بشأن الموقف التونسي من التصعيد في ليبيا يثير جدلا وانتقادا للحكومة ولرئيس الجمهورية. وزاد القلق في تونس بعد تغييب تونس عن مؤتمر برلين المقبل بينما وجّهت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دعوة رسمية للرئيس الجزائري الذي يعقد محادثات حثيثة مع أطراف معنية بالصراع في ليبيا.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم يستقبل نظيره التركيمولود تشاويش أوغلو لبحث التصعيد العسكري في ليبيا

فبعد تأخر في إعلان موقف واضح من التدخّل التركي في ليبيا أعلنت المكلّفة بالإعلام في رئاسة الجمهورية التونسية، رشيدة النيفر، أن الرئيس التونسي قيس سعيّد رفض صراحة وبشكل قاطع السماح لتركيا باستخدام الأراضي في أي عمليات ستنفّذها في لبيبا.

وقالت النيفر ردا على سؤال عن إمكانية سماح تونس لتركيا بإنزال قواتها في ليبيا عبر الحدود التونسية، إن الرئيس التونسي كان قاطعا في رفضه لهذا الأمر خلال لقائه بالرئيس التركي.

لكن رئاسة الجمهورية نشرت عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك بيانا مساء الثلاثاء تنفي فيه تطرق سعيّد وأردوغان لإمكانية استخدام المجال الجوي أو البحري لتونس في عملياتها في تركيا وقالت “لا الرئيس التركي طلب ذلك ولا الرئيس التونسي تعرض أصلا لهذا الموضوع لأنه غير مطروح ولا قابل للنقاش ولم يطرح إطلاقا”.

وقال البيان إن من روّج لهذا الخبر “غرضه ضرب مصداقية الموقف الرسمي التونسي”.

لكن المعلّقين على الأمر قالوا إن “ما يضرب مصداقية الموقف الرسمي هو تناقض البيان مع تصريحات المكلّفة بالإعلام للإذاعة”.

وعلى الرغم من أن إعلان الرئاسة التونسية مما يجري في ليبيا، وإن كان يجلي بعض الغموض عن موقف تونس من التدخّل التركي وعن ما دار في زيارة أردوغان لتونس، إلا أنه جاء متأخرا.

هذا ما يراه الذين يسألون منذ أيام عن رأي الدولة التونسية في ما يجري، وينتقدون ما وصفوها بالعزلة الدبلوماسية لتونس.

هل دعت ميركل سعيّد إلى مؤتمر برلين؟

الجدل حول “استثناء” تونس من مؤتمر برلين مستمر منذ أعلنت ألمانيا عن عقد المؤتمر قبل أشهر، رغم أنها لم تحدد له موعدا، ووجّهت دعوة لعشر دول لم تكن تونس ولا الجزائر بينها.

لكنّ دعوة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل رسميا للرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون لحضور المؤتمر، وذلك خلال اتصال هاتفي الاثنين، زادت التساؤلات حول سبب استثناء تونس.

وقد اتصلت ميركل بالرئيس التونسي قيس سعيّد هاتفيا أيضا ودعته إلى زيارة رسمية إلى ألمانيا، وفهم البعض أنها دعوة لمؤتمر برلين، لكنّها لم تكن كذلك.

وأكدّت المكلّفة بالإعلام في رئاسة الجمهورية التونسية رشيدة النيفر أن ميركل لم توجّه الدعوة للرئيس التونسي لحضور مؤتمر برلين خلال اتصالها الهاتفي به. لكنّها قالت إن ميركل وسعيّد اتفقا على مواصلة التشاور حول الوضع في ليبيا.

النيفر قالت إن الوضع في ليبيا “هاجس متواصل” لرئاسة الجمهورية التونسية وإن تونس ما زالت تتمسّك بضرورة حضورها مؤتمر برلين.

وأشاد البعض بالاتصال بين ميركل وسعيّد، باعتباره تقديرا ألمانيا لمكانة تونس في المنطقة ودورها في الأزمة الليبية.

بينما فهم البعض أن دعوة ميركل لسعيّد لزيارة رسمية هي صياغة أقل حدّة لتبليغ ألماني لتونس بأنها لن تشارك في مؤتمر برلين. ووصف البعض الأمر بالمهين لتونس، وهي أوّل المتأثرين بما يجري في ليبيا.

ولم تقدم هيئة الرئاسة حتى الآن تفسيرا لغياب تونس عن مؤتمر برلين، لكن المتابعين للوضع في البلاد يربطون بين هذا الموقف الألماني وزيارة حديثة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتونس أعلن بعدها الرئيس التركي إرسال جنود إلى ليبيا.

وفي غياب تأكيد أو نفي حول ما اتفق عليه الطرفان بشأن ليبيا، زاد الجدل واتسعت رقعة السيناريوهات المحتملة، التي افترضت وقوف تونس في صف حكومة السراج وموافقتها على التدخّل الأجنبي في تركيا.

وتلت ذلك تحذيرات من “عواقب دعم التدخل التركي في ليبيا” ومخاوف على مصير التونسيين المقيمين والعاملين في ليبيا.

ويقول البعض إن تأخر الموقف الرسمي الواضح من التحرك التركي في سوريا قد يكون السبب الرئيسي وراء إقصاء تونس من المشاركة في مفاوضات وقف التصعيد في ليبيا، بعد أن بات من الشائع أن “تونس تقف في صف السراج وتركيا” وإن كان ذلك مخالفا للموقف الرسمي المعلن لاحقا.

ويفسّر محللون للوضع في تونس غياب التصريحات الرسمية بشأن قضايا بأهمية الوضع في ليبيا بانشغال مؤسسات الدولة بإرساء حكومة جديدة، وبذلك أيضا فسّروا تأخر زيارة الرئيس التونسي قيس سعيّد للجزائر، رغم أنه قال قبل فوزه بالرئاسة إنها ستكون أول دولة يزورها.

لكنّ العامل الأوّل في تضارب التصريحات، إن وجدت، بشأن قضايا داخلية وخارجية هو غياب ناطق رسمي باسم رئاسة الجمهورية، وهو المنصب الذي قرّر الرئيس إلغاءه وتعويضه بمنصب مكلّف بالإعلام تشغله الآن رشيدة النيفر التي تجيب على أسئلة الصحفيين في وسائل إعلام تدعى إليها.

كما تجيب النيفر أحيانا على بعض الجدل المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي يراه البعض طريقة جديدة في التعاطي مع “المعلومة” أيا كان مصدرها.

بينما يقول آخرون إنه إهدار للجهد والوقت وتحويل للاهتمام عن المهم إلى ما لا يحتاج تأكيدا أو تكذيبا، وهو ما قيل عن ردّ النيفر على “إشاعة” أن خوف الرئيس من ركوب الطائرة هو السبب وراء عدم قيامه بأي زيارة خارجية حتى الآن.

الجزائر: “طرابلس خط أحمر”

قصف الكلية الحربية “يرقى إلى جريمة حرب” و”طرابلس خط أحمر ترجو ألا يتجاوزه أحد” – هذا التصريح، الذي ورد في بيان رئاسة الجمهورية الجزائرية بشأن الوضع في ليبيا بعد وفاة نحو ثلاثين شخصا في قصف للكلية الحربية في طرابلس، وإن بدا حاسما فإنه خلق تضاربا في تفسير الموقف الجزائري.

فسّر البعض إدانة الجزائر للقصف، الذي اتهمت حكومة الوفاق قوات خليفة حفتر بتنفيذه، على أنه اصطفاف مع حكومة السرّاج ضد حفتر.

لكن الجزائر أعلنت أيضا رفضها للتدخل التركي في ليبيا، في ما يبدو في ظاهره وقوفا مع قوات حفتر والداعمين له رفضا للدعم التركي الذي تستفيد منه حكومة طرابلس.

السراج وتشاويش أغلو في الجزائر

بعيدا عن الاصطفاف مع طرف دون غيره، بدأت الجزائر تلعب دورا بارزا في مفاوضات الوضع الراهن في ليبيا، إذ استقبل الرئيس الجزائري المنتخب حديثا عبد المجيد تبّون وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أغلو في العاصمة الجزائر بعد استقبال رئيس الحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا فائز السرّاج.

وأسفر اللقاءان عن إعلان الجزائر موقفها بأن “الحل في ليبيا يجب أن يكون سياسيا” ورفضها للتدخّل الأجنبي في البلد الجار.

الموقف الرسمي الجزائري، الذي استجاب لتطلّعات البعض من الحكومة، أقلق البعض الآخر مع اختلاف الأسباب.

بعض الجزائريين يرون أن على الحكومة الجديدة ورئيس الدولة التركيز على الوضع الداخلي كأولوية.

والبعض يخشون نتائج “الميل” نحو طرف من طرفي النزاع، الذي يبدو مآله مجهولا حتى الساعة.

إذ يرى فريق أن موقف الحكومة الجزائرية ليس فيه من الحياد ما يكفي للنأي بالجزائر عن الصراع.

كما تساءلوا عن سبب عدم استضافة الجزائر لخليفة حفتر كما استضافت السرّاج.

تشكّل حماية الحدود المشتركة مع ليبيا تحديّا للدول المجاورة لها: تونس والجزائر ومصر.

وأحال الوضع غير المستقر منذ سنوات ليبيا إلى ملجئ لفصائل مسلّحة وميليشات وتنظيمات مثل القاعدة والدولة الإسلامية.

لكن تداعيات أي تفاقم للحرب في ليبيا ستكون أكبر وأشد على جيرانها، الذين سيتحمّلون أعباءا أمنية واقتصادية أيضا وتحدّيات أبسطها ضمان عدم مرور إرهابيين مع اللاجئين الذين تتوقع تونس أن يهربوا إليها بالآلاف.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى