أخبار عربية

العنف الأسري: نساء يخشين الأعياد أكثر من أي وقت آخر


رسوم

مصدر الصورة
DAVID WELLER/BBC THREE

قبل عامين تعرضت راشيل للتهديد بسكين وجه إلى عنقها، ولم يكن هذا هو التهديد الأول، فكثيرا ما اعتقدت أن حياتها على وشك الانتهاء. وبدلا من أن يكون عيد الميلاد وقتا للبهجة، كانت تخشى العيد أكثر من أي وقت آخر خلال العام – وما ينطبق على راشيل ينطبق على كثيرات عرضة لاعتداءات داخل بيوتهن.

بالنسبة لها كانت فترة الأعياد هي الأكثر رعبا، إذ يكثُر احتساء المشروبات الكحولية، وهو ما يجعل من الصعب التكهن بالسلوك الذي سيقدم عليه الشخص المسيء.

تقول راشيل عن زوجها: “كان يتهمني بأنني أغازل أبيه أو أخيه أو أي شخص تحدث معي أو التقت عينه بعيني”.

وجاء عيد الميلاد وكانت راشيل حبلي في شهرها السابع وتذكر ما حدث حينها، فبعد أن أمضت اليوم في بيت أسرتها تغير مزاجه كالعادة.

تقول: “أخذ سكينا ضخما وبدأ يطعن به الهواء باتجاه بطني، قائلا إنه لا يعلم إن كان يريد أن يربطنا طفل أم لا. ارتعبت خوفا على طفلي ولم يعد خوفي على نفسي”.

وجاء اليوم الذي حاولت راشيل فيه إخراج زوجها المعتدي من البيت، فما كان منه إلا أن أشعل النار في باب المنزل، وحينها لجأت إلى جمعية خيرية باسم “ريفيودج” توفر ملاذا للنساء. وتقول راشيل هي وأسرتها إنه لولا تركها المنزل لما ظلت على قيد الحياة.

مضت بضعة أشهر وكانت راشيل تتابع ببصرها ابنتها وهي تفتح من الهدايا أكثر مما تخيلت. فبعد أن أفلتت الأم من العلاقة المسيئة، باتت وصغيرتها بمأمن من الخطر.

مصدر الصورة
DAVID WELLER/BBC THREE

وفي العام الماضي عانى ما يقدر بـ 1.7 مليون شخص في إنجلترا وويلز من اعتداءات منزلية، وكثيرا ما تزداد احتمالات التعرض لتلك الاعتداءات خلال فترة عيد الميلاد بسبب المناسبات الاجتماعية وتوافر الكحوليات بشكل أكبر، والضغوط المادية على الأسر.

يقول العاملون بجمعية “ريفيودج” إن الأطفال في دار الإيواء كثيرا ما يسألون: “هل يأتي بابا نويل إلى الملجأ؟” وكثيرا ما تصدر عنهم عبارات مثل: “بابا نويل لا يأتي لأن أبي قال إن سلوكي سيء”.

لكن العاملين بتلك الدور يقولون إن العيد يكون أكثر بهجة في ظل الملاذ الآمن المتوافر للنساء والأطفال.

تقول راشيل إن كل المقيمين في دار الإيواء التي لاذت بها شاركوا في حفل لعيد الميلاد، واكتظت شقة بالأطفال الذين لعبوا بمختلف الألعاب وغنوا حتى كادت تنسى ما هربت منه.

وفي كل عام يتحول دار إيواء النساء بمنطقة رايغيت وبانستيد خارج لندن إلى كوخ لاستقبال بابا نويل، إذ تتزين الجدران وتعم موسيقى الميلاد المكان ويصطف الأطفال للقاء بابا نويل.

مصدر الصورة
DAVID WELLER/BBC THREE

وتقول إيما، مديرة بدار رايغيت وبانستيد، لبي بي سي إن “الكثير من أسرنا لم تحظ قط بميلاد سعيد، بل لديها تجارب أليمة، لكننا هنا لنغير هذا الأمر”.

وتضيف: “كثير من الأمهات لدينا يعتمدن على الإعانات الغذائية، لذا نمنحهن ما يُمكنهن من شراء الهدايا التي يبغيها الأطفال”. وتقول إن أمهات كثيرات يبكين من شدة التأثر لأنهن لم يستطعن من قبل شراء الهدايا لأطفالهن.

وتنقل بي بي سي عن جمعية “ريفيودج” القول إن قرابة 300 طفل وطفلة سيمكثون في الدور التابعة لها خلال فترة أعياد الميلاد هذا العام. وكما هو الحال مع راشيل، هربت إيللي من الإساءات التي كانت تتعرض لها في البيت، ومعها نجلها، وهو في الثالثة من عمره الآن.

تتذكر إيللي كيف جمعها أول عيد ميلاد (كريسماس) بطليقها الآن ووليدهما، إذ خاصمها الزوج أسبوعا كاملا. كما كان يخاصمها لمدد أطول بلغت في إحدى المرات شهرا كاملا.

لم تكن إيللي تقوى على العمل خلال أغلب مدة حملها بسبب مضاعفات طبية، وبالتالي اعتمدت بالكامل في الدخل على زوجها، وتقول عن ذلك: “كنت أتوسل إليه لكي يعطيني المال لشراء الطعام”.

وتقول إن زوجها كان يتحكم فيها لأنه هو من يتكفل بنفقات المعيشة، وأحيانا كانت لا تجد الطعام ولا ما ترتديه بعد تغير وزنها بسبب الحمل والوضع. وجاء الشهر الذي لم تجد فيه نفعا من استجداء المال من زوجها لأنه قامر بما لديه وبدده.

وتقول: “لم يكن لدينا أي شيء ننفقه على احتياجاتنا خلال فترة العيد، لا شجرة عيد ميلاد ولا مشتريات. كان العيد الأول لصغيري، ونظرت إليه ولم يكن معه أي شيء ولم يشعر بالعيد”.

مصدر الصورة
David weller/BBC Three

حصلت إيللي على 20 جنيها من إحدى صديقاتها وأخفتها لكي تشتري شيئا لعيد الميلاد. وذهبت للتسوق ووجدت شجرة ميلاد أكبر قليلا من حجم اليد تباع بجنيه واحد، وحين رأى صاحب المحل ضيقها وحرصها على شراء أصغر الأشياء وأرخصها، أهداها شجرة كبيرة بالمجان.

أنفقت إيللي ما تبقى على زينة بسيطة وقميص لزوجها وملابس داخلية لصغيرها.

وتقول: “عدت للبيت وأنا سعيدة لأن شخصا لا أعرفه ولا يمت لي بصلة فعل معروفا بي وبصغيري”.

لكن سرعان ما استشاط زوجها غضبا ورفض الحديث إليها لأسبوع كامل، ولم يصدق روايتها ولاحقا قال إنها جعلته يشعر بأنه “ليس رجلا يسد حاجة أسرته”.

وتقول إيللي إن عيد الميلاد التالي معا كان أسوأ، ولا تستطيع حتى التحدث عما جرى، وحين تتذكر تغالبها الدموع وتتوقف لبرهة لتهدئ روعها.

وتصل النسوة مثل إيللي لدار الإيواء وقد تركن كل شيء ولا يملكن إلا الملابس التي عليهن. ويستقبلهن الدار بالشاي والقهوة ويوفر لهن كل طلباتهن من فراش وطعام ولعب أطفال، حتى لا يشعرن بصعوبة الانتقال لبيئة جديدة.

ويطلب الدار من متخصص مساعدة المرأة في ملء استمارات الإعانة الحكومية والحصول على الدعم القانوني والدعم النفسي للأم والطفل.

وتقول الجمعية الوطنية البريطانية لحماية الطفل إن طفلا من كل خمسة يتعرض للاعتداءات المنزلية في مرحلة ما من طفولته.

وأمضى آندرو، وهو الآن في الثامنة والعشرين من عمره، سبعة أسابيع بدار إيواء، وكان ذلك في الفترة قبل الكريسماس.

وكان آندرو في الحادية عشرة حين انتقل برفقة أمه وأختين أصغر منه إلى دار للقوات المسلحة لإيواء النساء والأطفال.

يقول آندرو: “أتذكر كيف قوبلنا بالترحاب، وكان هناك أشخاص كثيرون ولم نشعر أننا وحدنا. أذكر بوضوح جميع من شاركوني غرفة اللعب والجوائز. كان الأمر أشبه بعيد مستمر”.

ويتذكر آندرو شعوره بالأمان أكثر من أي شيء آخر، ويقول: “لم أعبأ بالهدايا أو بأي شيء خلال الكريسماس. قبل ذلك كنت أطلب الألعاب مثل البلايستيشن وغيره، أما هذا العيد فكل ما كان يعنيني هو أننا معا كأسرة بأمان”.

كما صادق آخرين ووجد أنهم مروا بتجارب شبيهة ووجد من يفهمه دون أن ينطق بشيء.

لكن هناك من الأسر الكثير ممن لا يتوافر لهم الأمان هذا العيد، إذ تقول إيما، من دار رايغيت وبانستيد، إن الطلب مرتفع جدا على هذا النوع من دور الإيواء بمختلف أنحاء بريطانيا طوال العام، وحاليا الدار مشغول بالكامل ولم يتمكن من استقبال كل الأسر فقد اضطر لعدم استقبال خمس أسر هذا الشهر.

وتقول: “كم يصعب أن تقول لا لأسرة تعلم أنها تواجه إساءة، وذلك لأن المكان لا يتسع للجميع!”

وكانت إيللي أفضل حالا من غيرها، إذ توفر لها المأوى وساعدها على أن تروي قصتها وما تعرضت له من إساءة، وهي الآن تشعر بالراحة في شقتها الجديدة التابعة لدار “ريفيودج”.

وبينما تتحدث إيللي يقاطعها ابنها بالدخول والخروج وهو يلتقط البسكويت واللعب والبالون، وقد زينت منضدتها بشجرة ميلاد مضيئة يعلوها ملاك – وهو ما تمنته دائما. وعلى أحد أفرع الشجرة تدلت دمية لفأر صغير يلبس قميصا أحمر وقد أراده ابنها واختاره بنفسه – وهي لا تتمنى أكثر من ذلك.

وتضيف: “أسودّت الدنيا في عيني قبل المجيء للدار، لم أر بارقة أمل ولا طريقا، لم أظن أنني سأرى سعادة فالإساءة تجعلك تتوقع المزيد منها. لكني الآن أعرف أن من حقنا جميعا أن نجد السعادة التي أتمتع بها الآن”.

تم تغيير الأسماء وإخفاء الأماكن حماية للنساء اللواتي شاركن قصصهن.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى