حكومة صباح الخالد
هي حكومة جديدة برئيس وزراء جديد ستكون أمامها تحديات كبيرة بعد سنوات من تولي سلفه الشيج جابر المبارك المسؤولية والتي شهدت تقلبات متعددة بين جزر ومد وانتهت معها أيام المبارك برئاسة الوزراء بصورة غير متوقعة.
البدايات لحكومة صباح الخالد ستكون مختلفة تماما لأنها تأتي في ظرف زمني قصير سيحكم عمر حكومته التي تتلمس طريقها الصعب مع مجلس الأمة الحالي والذي ستنتهي دورته قبل نهاية عام ٢٠٢٠ فما الذي تستطيع تقديمه هذه الحكومة؟
في البداية كان من الواضح وبعد تكليف الخالد برئاسة الوزراء وهو الدبلوماسي المخضرم أن البحث عن وزراء لحكومته التي لن يتجاوز عمرها السنة الواحدة سيشهد تشكيلها وقتا أطول من المتوقع وهو ماحصل فعلا حيث استغرق تشكيل هذه الحكومة فترة اقتربت من الشهر قبل الإعلان عنها بشكل رسمي.
وبعد الإعلان عن تشكيل هذه الحكومة وقسمها أمام حضرة صاحب السمو أمير البلاد بدأت التكهنات تظهر حول مدي قدرة حكومة الخالد على ترجمة توجيهات سمو الأمير لمحاربة الفساد وحماية الأموال العامة وهي المسألة الأهم خلال المرحلة المقبلة، ومع ظهور أصوات نيابية بعضها استبشر خيرا بالحكومة الجديدة وآخرين أبدوا تحفظات عليها وعلى بعض الوزراء فيها وكان من ضمنهم رئيس مجلس الأمة نفسه دون الكشف عن مضمون هذه التحفظات.
وهنا تحديدا جاءت تصريحات الشيخ صباح الخالد فور توليه المسؤولية بتأكيدات لاتقبل اللبس بأنه يدرك أن حكومته ستكون في ظروف أصعب ولكن ذلك لن يعفيه من بذل أقصي الجهود لتحقيق الآمال المطلوبة وتجاوز عثرات الماضي.
ولعل ماكان لافتا أيضا بخصوص رئيس الوزراء الجديد لقائه برئيسي السلطتين التشريعية والقضائية وكذلك المسؤولين عن جهاز متابعة الأداء الحكومي للتنسيق والتعاون وللتعجيل في متابعة جهود مكافحة الفساد بصورة أكثر فاعلية وإعادة هيكلة الجهاز الحكومي الذي وصفه بـ”المترهل” ويعيق تحقيق التطور المنشود ورغبات المواطنين بحكومة إنجاز حقيقية.
لقد جاء الشيخ صباح الخالد دون شك في مرحلة حساسة جدا مليئة بالإحباطات من تعثر الجهود الحكومة في حل قضايا كثيرة وكذلك من خيبة أمل كبيرة من شرائح متعددة من الشعب لأداء مجلس الأمة الحالي الذي أثبتت السنوات الثلاث الماضية من فترته أنه فقد البوصلة بالتعاطي مع العديد من الملفات التي تهم المواطن وأخفق في إيجاد الحلول لها.
والتمنيات الآن معلقة علي حكومة عمرها قصير جدا وهو ما يدركه جيدا رئيس الوزراء الجديد الذي سيواجه ماسبق أن واجهته من قبل حكومة جابر المبارك وبالأخص مسألة الإستجوابات التي تتفاوت بين استجوابات يمكن القول عنها بأنها مستحقة وأخرى يمكن وصفها بالعبثية وكيفية الخروج من مثل هذه الاستجوابات بأقل الأضرار الحكومية.
لقد شاهدنا من قبل استجوابات كثيرة وغالبا ماكانت توجه فيها انتقادات حادة للنهج الحكومي والفساد في أحيان عديدة وكان عبور الحكومة أحيانا “سلس” جدا وفي أحيان أخرى صعب للغاية وهذا ما تجلى تماما في آخر استجوابين قدما لحكومة المبارك الراحلة لكل من وزيري الدفاع والداخلية وكشفا عن شرخ كبير إما للتضامن الحكومي أو كيفية كسب أصوات النواب خلال الاستجوابات.
والآن سيكون أول اختبار حقيقي لحكومة الخالد هو مواجهة الاستجواب المقدم من قبل النائب عادل الدمخي لوزيرة الشؤون الدكتورة غدير أسيري بسبب تغريدة قديمة لها تتعلق بأوضاع سابقة شهدتها مملكة البحرين، وهو استجواب قد يكون مشروع أزمة مبكرة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، فهل يستطيع الخالد تجاوز هذا الاستجواب بشكل يضمن لحكومته الاستمرارية ويبعدها عن تقلبات غير محمودة العواقب.
بلا شك الجواب سنشهده قريبا جدا وسيكشف حينها عن طبيعة المشهد السياسي الجديد ، فمع كل استجواب يقدم يغلف الغموض قاعة عبدالله السالم ويضع الحكومة على أعصابها وخاصة مع وجود بعض النواب ممن لاتضمن الحكومة نفسها حتى لو كانوا موالين لها حقيقة مواقفهم من مثل هذه الاستجوابات وكيفية تصويتهم وخاصة إذا ما وصل الأمر إلي طرح الثقة بالوزير؟!!
ماجد العصفور