حكاية مؤلمة وراء اكتشاف حليب صحي لأطفال العالم
[ad_1]
على مر العصور، حاول الإنسان ابتكار طرق كثيرة لحفظ الطعام فترات طويلة، كي يتمكن من تخزينه واستخدامه بالأوقات والأماكن التي يغيب فيها الطعام الطازج.
وشهد العالم خلال النصف الثاني من القرن 19 ظهور واحدة من الطرق التي طالما انتظرتها البشرية لحفظ الطعام، حيث تمكن الأميركي جيل بوردن (Gail Borden) من تحقيق ابتكار أحدث ثورة في مجال حفظ الطعام ووفّر الحليب لعدد هائل من أطفال العالم.
فقبل العام 1856، كان الحليب متوفرا فقط على شكله الطازج وهو ما سبب مشكلة على متن السفن التي قطعت مسافات طويلة حيث اضطر المسؤولون لتحميل قطعان من البقر على متنها لتوفير الحليب للمسافرين وخاصة الأطفال.
في المقابل، لم تكن الأبقار قادرة على التأقلم مع البحر فكانت تصاب غالباً بأمراض جعلتها غير قادرة على إنتاج الحليب الكافي.
وقبل أن يتمكن من تحقيق ابتكاره الشهير، عمل جيل بوردن في بوظائف عديدة، حيث ساهم في رسم خريطة تكساس، وعمل كمساعد وكاتب بإحدى الصحف، كما دخل الحياة السياسية قبل أن يكرس حياته لاحقا لحفظ الطعام.
وقد كان أول ابتكاراته بسكويت اللحم الذي اقتبس طريقة إعداده انطلاقا من إحدى طرق تحضير اللحم المجفف لدى السكان الأصليين، وحصل بفضل ذلك على ميدالية ذهبية بالمعرض العالمي في لندن سنة 1851.
وفي طريق عودته من لندن إلى نيويورك في نفس العام، شاهد جيل بوردن حادثة مروعة، حيث أصيبت الأبقار على متن السفينة بدوار البحر وتعرضت لمرض معد سرعان ما انتشر بينها وتسبب في نفوقها، كما انتقل المرض لكل الأطفال الذين شربوا حليب الأبقار المريضة ففارقوا الحياة خلال أيام بعد الحادثة في ظروف قاسية.
وأمام هذه الحادثة التراجيدية، عهد بوردن بأن يجد طريقة لحفظ الحليب وتوفيره للأطفال.
ومع عودته لوطنه، انعزل المخترع في مخبره وباشر بمحاولة اكتشاف طريقة لحفظ الحليب، بادئ الأمر لجأ إلى غلي الحليب بوعاء مفتوح مدة طويلة إلا أنه فشل في ذلك عقب حصوله على رواسب كريهة وسيئة المذاق. لكن خلال زيارة قام بها الأخير لأحد مجتمعات مجموعة شايكرز (Shakers) المتدينة الأميركية، لاحظ جيل بوردن قيام أحد أفراد هذه الفرقة بإزالة الماء من الغلال عن طريق تغليتها اعتماداً على نوع من الأحواض الفراغية (vacuum pan).
ومع مشاهدته لهذا الأمر، تساءل بوردن عن إمكانية استخدام نفس الطريقة مع الحليب لتغليته بدرجة حرارة منخفضة وسط بيئة قليلة الضغط.
وداخل الأحواض الفراغية، على بوردن الحليب بدرجة حرارة قدّرت بنحو 57 درجة بدلا من 100 ليحصل بذلك على حليب ذي مذاق جيد يحفظ لمدة طويلة على الرغم من جهله حينها بوجود بكتيريا داخل الحليب.
واصل بوردن تطوير هذه الطريقة على مدار سنوات قبل أن يحصل على براءة اختراع سنة 1856.
ومع محاولته تسويق منتوجه الجديد، لقي بوردن فشلا ذريعا حيث أفلس مصنعان كان قد افتتحها لهذا الغرض بسبب الإقبال الضعيف للزبائن الذين لم يتعودوا على مذاق هذا الحليب. وبفضل شراكته مع رجل الأعمال الشهير جيريمي ميلبانك (Jeremiah Milbank)، عرف المخترع الأميركي نجاحا باهرا وافتتح مصنع نيويورك للحليب المكثف.
خلال السنوات التالية، حقق جيل بوردن أرباحا كبيرة من تسويق الحليب المكثف خاصة أثناء فترة الحرب الأهلية حيث أقبل جنود الاتحاد على علب الحليب المكثف التي أنتجها مصنعه واصطحبوها معهم إلى جبهات القتال.
فضلاً عن ذلك، تميّز مصنع جيل بوردن بسمعته الجيدة حيث أرسل الأخير العديد من المراقبين والخبراء للضيعات قبل التزود بالحليب لمراقبة صحّة الأبقار.
وبفضل ما توصّل إليه، حقق جيل بوردن ثروة ووفّر كميات هامة من الحليب الصحي للأطفال قبل عقود من بداية الأبحاث على عملية البسترة (pasteurization).
[ad_2]
Source link