أخبار عربية

هل تسهم مواقع التواصل في ضعف مستوى اللغة العربية بين الشباب؟

[ad_1]

هاتف محمول يظهر تطبيقات التواصل الاجتماعي

مصدر الصورة
Getty Images

في ظل الثورة الرقمية المتسارعة التي نشهدها في هذا العصر، وشيوع استخدام منصات التواصل الاجتماعي ووسائط تبادل المحادثات المكتوبة، والصوتية، والمرئية، يرى البعض أن اللغة العربية تواجه أزمة حقيقية في ظل عزوف كثير من الشباب عن استخدام لغة عربية صحيحة للتواصل مع الآخرين.

ولو أننا تخيلنا شخصا من بدايات القرن الماضي أقدم على إجراء محادثة اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي لهاله ما تحفل به المحادثة من رموز وإشارات ربما لم ير مثلها من قبل.

وبينما يتهم البعض وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة بالتأثير سلبا على اللغة العربية وعلى مستوى فصاحتها، لا سيما على ألسنة الشباب، فإن الصحفي المصري حسام مصطفى إبراهيم، مؤسس مبادرة “اكتب صح” على مواقع التواصل الاجتماعي، يرى عكس ذلك.

ويقول إبراهيم الذي أطلق تلك المبادرة على موقع فيسبوك في عام 2013، لبي بي سي: “الشباب يكتبون باللغة العامية طوال الوقت حتى من قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لأنهم ضعفاء في اللغة العربية. كل ما فعلته تلك الوسائل هو أن جعلتنا نرى أخطاء هؤلاء الشباب اللغوية بعد أن سلطت عليها الأضواء، ودفعتنا إلى تدشين مبادرات لمعالجة تلك الأخطاء”.

ويؤكد إبراهيم أن “وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة أداة كالسكين؛ والعيب ليس فيها وإنما في طريقة استخدامنا لها”.

أزمة في التواصل مع الشباب

ويقول القاصّ والمترجم نصر عبد الرحمن لبي بي سي إن زماننا يحفل بأكثر من نسق لغوي، وإن هذه الأنساق تتداخل أحيانا وتتعايش فيما بينها، ولكنها قد تضع حواجز من شأنها أن تعرقل عملية التواصل في المجتمع.

ويقول عبد الرحمن إنه رصد نزوعا من جانب الشباب في مصر، على سبيل المثال، إلى خلْق دائرة لغوية مغلقة للتواصل الاجتماعي فيما بينهم، مما يجعل من الصعب على الأجيال الأكبر سنا التواصل معهم، في ظاهرة يمكن أن نجد لها مثالا مشابها في الولايات المتحدة فيما يعرف بـ “لغة الجامعة”، إذ يبتكر طلاب الجامعات هناك آلاف الكلمات والاختصارات سنويا داخل دوائر التواصل فيما بينهم.

لكن اللوم قد لا يقع فقط على الشباب الذين يجدون سهولة في اللجوء إلى لهجات عامية أو رموز وأحرف غربية للتواصل كتابة عبر وسائط التكنولوجيا الحديثة.

فثمة كتاب ومفكرون يستخدمون لغة معاصرة لكنها مليئة بالغموض أو المفردات التي يصعب فهم سياقها في كثير من الأحيان، بينما يجنح كتاب آخرون إلى تصعيب المهمة على الشباب من خلال استخدام مفردات وتراكيب صعبة وقديمة قد تسهم في نفور الشباب من الفصحى، وربما العزوف عن القراءة.

يقول الشاعر وأستاذ الأدب المقارن مرسي عواد، لبي بي سي: “اليوم، وفي الوقت الذي يطمح فيه كثير من الشعراء العرب إلى الدخول بقصائدهم في سباق الشعرية العالمية ومواكبة الحداثة وما بعدها، يتعثَّر القارئ التقليديّ في فهم قفزات المجاز في القصائد الحديثة، ونراه يصاحب معجما تراثيا ضخما ليقف على معاني المفردات الأوّليّة في قصائد أجدادنا، كأنّ اللغة تطاولتْ أمامه جدارًا لا يستطيع أن يتسوَّره ليقرأ القصيدة”.

ويضيف مرسي: “وإذا كانت هذه هي حال القارئ التقليدي، فإن حال غير القارئ أشدّ قتامة … ولا شكّ أن الكاتب ملوم في أمور، لكن القارئ أيضًا ملوم. واللغة بينهما في خطر ما لم ننتبه”.

اللغة والمجتمع

ويرى عبد الرحمن أن اللغة تلعب كذلك دورا في التعبير عن المستوى الاجتماعي أو ربما الإشارة إلى طبقة اجتماعية بعينها؛ إذ يحاول بعض الشباب في كل طبقة اجتماعية التعبير عن أنفسهم على نحو يضمن لهم التميز عن غيرهم، من خلال ما ينشرونه من موضوعات وتعليقات على مواقع التواصل في قوالب لغوية محددة.

مصدر الصورة
Social Media

ويضيف عبد الرحمن: “وتظل الطبقة المتوسطة هي الحامل لما يمكن أن نطلق عليه الروح اللغوية الوسيطة في كل الأحوال، ويسهم هذا التمرد اللغوي الطبقي ومحاولات التمايز في خروج اللغة عن سياقاتها وقوانينها أحيانا”.

ويعزي سلامة موسى، في كتابه اللغة العصرية، معظم أشكال الاضطراب اللغوي في مجتمع ما إلى أننا “أحيانا نستعمل كلمات وعبارات نشأت في بيئة اجتماعية غير بيئتنا ذات ثقافة ووسائل عيش تخالف ثقافتنا ووسائل عيشنا”.

ويقول إن اللغة تسير وراء الثقافة وتعبّر عنها؛ فإنْ هي عجزتْ، تكونُ عندئذ الحاجة إلى غيرها؛ فلا مفرّ من ربط اللغة بالمجتمع.

وتقول الشاعرة والقاصة نهى البلك لبي بي سي إن اختلاف لغة التخاطب ولغة التواصل الاجتماعي عن لغة الكتابة في مصر على سبيل المثال، ربما ساهم في توسيع الفجوة بين بعض الكتاب وجمهور القرّاء.

وتوضح البلك أن اللغة المستخدمة على منصّات التواصل الاجتماعي في الحياة اليومية تتسع باتجاه آخر، بل وتتبدل ألفاظها وتتخذ مدلولات جديدة.

وترى البلك أن سعي الكاتب لتقعير لغته مثلا قد يحول دون وصول رسالته الإبداعية إلى الشباب، وكل ما على الكاتب هو أن يبحث عن أقرب صورة لغوية تعكس رسالته لعامة الجمهور.

مقترحات وحلول

يرى الصحفي المصري حسام مصطفى إبراهيم أنه وعبر عدة خطوات إصلاحية يمكن أن نعيد إلى اللغة العربية رونقها.

وينبه إلى أن العلاج لابد أن يكون على مستوى مؤسسي؛ فالمبادرات الفردية محدودة الإمكانات فضلا عما يعترض طريقها من عقبات.

ويناشد مؤسس مبادرة “اكتب صح” أن تتبنى الدولة القضية وتعتبرها مسألة “أمن قومي”، لا سيما وأن الدستور ينص على أن العربية هي اللغة الرسمية للبلاد.

ويطرح إبراهيم رؤيته في هذا الصدد، قائلا إن هناك محاور كثيرة يمكن من خلالها تصحيح واقع اللغة العربية، منها: تعديل المناهج، فالنصوص المكتوبة في تلك المناهج تكون في الغالب “عديمة الشخصية”، وفقيرة لا تُظهر جمال اللغة العربية، ومن ثم ينفر منها الطلاب.

ومن تلك المحاور أيضا، إعداد معلم العربية بشكل يضمن إتقانه اللغة؛ ومنها أيضا إيجاد عائد مادي يشجع على العمل في مجالات اللغة العربية، ويطمئن مَن يقضي سنوات في دراسة اللغة إلى أنه سيجد عملا مجزيا يكفل له حياة كريمة.

ويناشد إبراهيم أيضا بتعيين مراجعين للغة العربية في المؤسسات الحكومية، وفي المجالس النيابية، وتأهيل أعضاء هذه المجالس لغويا قبل بدء وظائفهم، لا سيما وأن القوانين التي تُناقش داخل هذه المؤسسات تحتاج إلى الكتابة بلغة عربية صحيحة.

ويثمن إبراهيم جهد مجمع اللغة العربية في القاهرة، لكنه يأخذ عليه أن “طرقه كلاسيكية في التعاطي مع اللغة ومشكلاتها لا سيما مع الشباب”، ومن ثم فهو يدعو إلى إتاحة الفرصة لمشاركتنا كشباب، لا سيما وأننا وجدنا طرقا جديدة للوصول إلى الشباب ربما لا تتفق مع الطرق الكلاسيكية للمجمع لكنها تؤتي ثمارها، فلماذا لا ندمج بين القديم والحديث ونعيد صياغة طرق تدريس اللغة العربية.

ويؤكد إبراهيم على أهمية القراءة كوسيلة لإتقان العربية وترسيخ القواعد في ذهن الإنسان حتى يكتب لغة صحيحة دونما حاجة إلى مراجع أو مصحح لغوي.

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى